أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمود كرم - أمة مريضة بثقافة الموت














المزيد.....

أمة مريضة بثقافة الموت


محمود كرم

الحوار المتمدن-العدد: 1439 - 2006 / 1 / 23 - 03:50
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


تقول الأخبار أن ( انتحاريا ً ) تم القبض عليه حين عودته من العراق وعندما سُئل عن سبب عودته أجاب أن رفاقه أعطوه موعدا ً بعد ستة أشهر لعملية انتحارية نظرا ً لوجود أعداد كثيرة من ( الانتحاريين ) ..

يعني زحمة شديدة في عدد الانتحاريين وعليه أن ينتظر دوره ..!!

يبدو الأمر ( بطوليا ً ) كثرة الانتحاريين في المفهوم ( الجهادي ) الذي تتناوله مجاميع التشدد الديني وجماعات الإرهاب الأصولي وفضائيات التحريض العنفي وشرذمة من المثقفين الإسلاميين والقوميين ..

فلا تزال أمة الإسلام والعروبة تطلق على الانتحاري الذي يفجر نفسه في جموع من الأبرياء أو في أي عملية انتحارية لقب ( الشهيد ) وتسبغ عليه هالات الشهادة وألقاب المقاومة الباسلة ..

فليس غريبا ً أنهم أطلقوا في وقتٍ سابق ولا زالوا على ( عدي وقصي ) نجلي الطاغية صدام لقب ( الشهداء ) والبعض منهم رفعوهما إلى منزلة ( سيدا شباب أهل الجنة ) لأنهما استشهدا في معركة جهادية ضد قوات ( العلوج ) الأمريكية ..

وفي ذات لقاء تلفزيوني علق أحد الاعلاميين العراقيين بتندر ٍ بالغ على مشهدية التبجيل الأصولي والقومي وأيتام صدام والقنوات الفضائية لشهيديهما عدي وقصي قائلا ً :

يقولون أن عدي وقصي ماتا شهيدين ، يعني تريدون أن تقولوا أنه يوم القيامة سيدخل الحسين بن علي الجنة وعلى يمينه عدي بن صدام وعلى يساره قصي ..!!

وكما يقول المفكر ( خالص جلبي ) :

( ولا يوجد كلمة أسيء استخدامها مثل كلمة الشهيد ولا يوجد كلمة غامضة مثل الشهيد ولا يوجد كلمة مضللة مثل الشهيد ) ..

وفي إحدى عواصم الدول العربية أقاموا سرادق العزاء لانتحاري فجر نفسه في مكان لتجمع الناس في بغداد وأطلقوا عليه اسم الشهيد ..

وفي عملية انتحارية واحدة تدافع أكثر من ( 13 ) انتحاريا ً في يوم واحد لتفجير أماكن تجمّع الناس والقوات العراقية في العراق وكلهم ( شهداء ) بإذن الله ..

وكنا نفهم أن يفجر انتحاري واحد نفسه في جمع من الحشود ولكن ما لا نستطيع أن نفهمه هو أن تقوم جماعة من الانتحاريين دفعة واحدة في تفجير أنفسهم لقتل شخص واحد أو اثنين كما رأينا في عمليات الانتحار الجماعية التي حدثت وتحدث ضد القوات الأمريكية ومراكز الشرطة في العراق وأصبح هذا الأسلوب منتهجا ً الآن في عقلية الإرهابيين ..

وكنا نفهم أن يذهب الانتحاري إلى حتفه ( مغيّبا ً ) عن وعيه ومتشوقا ً للقاء حور العين ولكن أن يقوم الآخرون بتفجيره عن بُعد دون أن يعلم كما حدث في تفجيرات لندن في السابع من يوليو فهذا أمر لا نستطيع أن نفهمه ..!!

أين تسير هذه الأمة التي تدفع بهذا الكم الهائل من الانتحاريين إلى جحيم الموت والقتل والتفجير ..؟!!

الأمم التي تحترم قداسة الحياة الإنسانية وتحب الحياة تنجب المخترعين والأطباء والمهندسين والفلاسفة والمفكرين لذلك فهي أمم تستحق أن تعيش وتستحق الحياة ..

أما الأمة التي تنجب وتفرخ الانتحاريين فهي أمة خائبة لا تؤمن بالمستقبل ولا تستحق الحياة وهي مشبعة بثقافات الموت والقتل والتدميـر ..

كيف نفسر مَن يدفع بأطفال وشباب أمته الغض إلى الموت فأقل ما يمكن القول عنها إنها أمة لا تؤمن بالمستقبل ولا تؤمن بأحقية الإنسان في العيش والحياة ..

والسؤال الأكثر غموضا ً والذي لا تزال تطرحه الأوساط الغربية عن أن كيف تتملك الانتحاري رغبة جامحة في الموت ؟؟!!

وماذا علينا أن نفعل مع شخص لا يرغب إلا في الموت ؟؟

وقد تبدو هذه الظاهرة عصية على الفهم في ظل الخلط المتعمد بين المفاهيم والأفكار ..

ولكن هل أخضعنا هذه الظاهرة للدراسة العميقة وفهم أسبابها ودوافعها ؟؟

وهل فتشنا عن أحد أكثر الأسباب انتاجا ً لهذه الظاهرة وهي تجذر ثقافة الموت وفقه الموت في تلافيف العقلية الإسلامية بدلا ً من ثقافة تمجيد الحياة وحبها ..

في واقع الأمر أن شيئا ً من ذلك القبيل لم يحدث فلم نزل نرى أمتنا مفتونة بعمل الانتحاريين والتصفيق لهم لا زال حارا ً وخطابات التحريض لا تزال تدفع بهم إلى اعتلاء منصة ( الشهادة ) ..

الأمة التي تفرخ الانتحاريين أمة مهووسة بقتل الحياة وأمة مريضة بثقافتها ومريضة بالانتحاريين ..



#محمود_كرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسئولية العقل التفكيري تفكيك المقدس
- الانغلاقات الفكرية إحدى معضلات الفكر الديني
- ظاهرة التدين الشكلي
- حديث الأمكنة
- حركة التاريخ
- حدَثَ في لندن
- الآخر هو أنا
- أيها العابرون مهلا ً
- ثقافة التلقين الديني
- اشتهاءات الحلم
- الانتماء للوطن وليس للأوهام
- استبداد الصورة
- الطغاة .. ذاكرة الماضي القبيح
- جبران تويني في دروب الضوء والنهار
- الشتاء وصديقتي والحزن
- اللاعنفيون رومانسيون حقيقيون
- ثقافة الأمنيات
- الهويات القاتلة
- الفكر الحر


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمود كرم - أمة مريضة بثقافة الموت