أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود كرم - مسئولية العقل التفكيري تفكيك المقدس















المزيد.....

مسئولية العقل التفكيري تفكيك المقدس


محمود كرم

الحوار المتمدن-العدد: 1435 - 2006 / 1 / 19 - 08:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لماذا جوبهت كل محاولات الحداثة الفكرية والعلمية في العالم الغربي مع بدايات القرن السابع عشر بالرفض والمقاومة الشديدة والتسفيه وكذلك الحال بالنسبة للعالم العربي والإسلامي منذ الثلث الأول من القرن العشرين ..؟؟

من الطبيعي جدا ً أن لا تأخذ الأفكار التجديدية والتنويرية في أي مجتمع مداها الأخير في التسلل الطبيعي والسلس إلى العقليات التي استسلمت للجامد من الأفكار وخضعت كليا ً للموروثات الثقافية ذات القداسة الدينيـة ..

وأية محاولة لأختراق الانسدادات الثقافية وخلخلتها وتفكيكها يعني ذلك في عرف المجتمعات المكبلة بأصفاد الموروثات وحكم القداسات الدينية وهيمنة الفكر الأحادي هي محاولة ليست سهلة على الاطلاق وتكتنفها المخاطر والمهالك وكلنا يعرف ما حدث لغاليليو عندما خرجَ بنظريته عن دوران الأرض وكانت بمثابة اعلان تحدي السلطة الثقافية للكنيسة في تلك الأيام وكانت أقرب صورة لنا في عالمنا العربي ما حدث للسيد القمني في مصر حينما وضع التراث والدين تحت المجهر فتلقى التهديد المباشر في حياته وعائلته ومستقبله ..

ما حدث هناك في العالم الغربي قد انتهى تحديدا ً مع انبعاث أنوار الثورة الفرنسية وجهود التأثيرات الفلسفية لعصر النهضة والتنوير فكانَ أن تسيد العلم والعقل وحكم القانون وسادت مفاهيم المجتمع المدني وتصالحت الكنيسة مع الحداثة الفكرية والثقافية والعلمية ولكن الصورة في عالمنا العربي والإسلامي ما زالت قاتمة جدا ً ولم تخرج من الأطر الدوغمائية والقداسات الدينية إلى رحاب التنوير والانفتاح والتطور ..

وحينما نخضع ( الأديان ) للنقاش الحر والتساؤلات القاسية والنقد والتمحيص ويتعرض ( التراث ) لمحاولات التفكيك الفكري والبحث العلمي تحدث المصادمات والمجابهات مع أصحاب الفكر الدوغمائي الذين لا يملكون امكانيات الصمود بوجه محاولات التنوير والاختراقات الفكرية لأنه سرعان ما ينكشف فكرهم على حقيقته الهشة القائمة على جملة من الأساطير والمقولات ذات النزعة ( التبجيلية ) للتراث والدين والرافضة في مطلق الأحوال نزع القداسة عن المفاهيم الدينية وسلطة التراث ..

واتجه الفكر الديني في مفهومه ( اللاهوتي ) الصرف الاستحواذي على العقول والمفاهيم وأنظمة الحياة إلى محاربة كل المحاولات التي تعطي للمسئولية العلمية والعقلية حق التساؤل والنقد ومكاشفة الدين والتراث ..

ولذلك يقول المفكر ( محمد أركون ) في جزء من كتابه القيم ( الفكر الأصولي واستحالة التأصيل ) :

( سياق الثقافات القديمة كان يحبذ الإيمان بالعجيب المدهش أو الساحر الخلاب أو المعجزات الخارقة للعادة ، ولذلك فقد غلبت على تلك الثقافات عمليات التقديس والأسطرة وخلع التعالي والروحانية والنزعة الاطلاقية على الأشياء ، وعندما جاءت الحداثة العلمية وانتصرت راح يحصل العكس ، أي راحت التحليلات العقلية المولدة للنسبية ونزع القداسة والأسطرة الروحانية والصبغة المثالية عن وجه الأشياء تنتشر وتعم وينبغي أن نعترف بالحقيقة التاريخية التالية التي لا تدحض وهي أن الأنظمة اللاهوتية الطائفية الثلاثة قد غلبت النزعة التبجيلية والتعصبية على المسئولية الفكرية والروحية ، فكل واحد من هذه الأنظمة اللاهوتية اليهودية أو المسيحية أو الإسلامية كان يحرص كل الحرص على المحافظة على ما يدعوه بالتراث الحي وذلك عبر كل الأجيال والمنعطفات التاريخية ولم يكن همه الأول الدفاع عن الحقيقة ، وقد آن الأوان لكي نتخلص من هذه النزعة الطائفية والعصبية القروسطية ونرتفع إلى مستوى المسئولية العقلية والفكرية ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بعد إخضاع التراث الحي في كل دين من هذه الأديان الثلاثة إلى النقد القاسي ولكن المنعش للمعرفة العلمية وسوف يدفع ثمن هذا النقد دما ً ودموعا ً ، أن تاريخ الأنظمة اللاهوتية الثلاثة يشهد على مقاومتها الشديدة لتيارات الفكرة الحرة والخصبة ، وذلك باسم الاعتقاد الدوغمائي الذي يرفض الخضوع لأي تساؤل أو نقاش ) ..

ولا تزال المحاولات التي تعتمد العقل والمنطق والفكر الحر لأختراق انغلاقات الأفكار الماضوية الغارقة بالأساطير والأوهام والتقديس في عالمنا العربي تجابه بالتسفيه والقمع والإرهاب الفكري ومعرضة للاستلاب والمصادرة بحكم إنها محاولات ( تخريبية ) تهدف إلى خلخلة الدين وتشويه منابعه ومفاهيمه ومنطلقاته كما يزعمون وبالتالي يجب أن يبقى الدين بعيدا ً عن مسئولية العقل والتحليل العلمي والنقد الفكري ..

وما حدث في العالم الغربي حينما اعترض المسيحيون التقليديون الدينيون على كل المحاولات التفكيكية للدين بحجة أن الدين فوق المساءلة النقدية والتاريخية يحدث الآن عندنا وبصورة شديدة الفتك بكل المحاولات التي تهدف إلى اخضاع الدين للتساؤلات النقدية والتاريخية خوفا ً عليه من الانكشاف أمام تلك المحاولات التفكيكية والتحليلية التي تنزع عنه القداسات والهالات المثالية لأنه كما يقولون أن ( الدين ) يجب أن لا يقترب منه أحد باللمس أو النقد أو التشريح ويجب أن يبقى فوق كل محاولات الإنسان ( القاصرة ) عن ادراك مفاهيمه ومحتوياته التاريخية والقدسية والتراثية ..

ولعل واحدة من أخطر المفاهيم انتشارا ً ورواجا ً وتمكنا ً عندنا بسبب سيطرة الفكر الديني الخاضع للقداسات التاريخية والتراثية أنه يرى أن الدين يقع خارج التاريخ وفوقه ولا يتأثر بتحولات الظروف الحياتية ومؤثراتها الدائمة وتبدلاتها المستمرة وكما يقول المفكر هاشم صالح :

( ما لا يستطيع المؤمن التقليدي أن يفهمه أو أن يعترف به هو أنه يعتقد أن الإيمان أو المعتقد الديني يشكل خارج التاريخ أو فوق التاريخ ولا يمكن بالتالي أن يتأثر بضغوط الحياة اليومية أو الظروف الاجتماعية ، ولكن التجربة أثبتت أنه مهما علا وسما مشروط بالتاريخ ، وأنه ابن لحظة تاريخية معينة ) ..

لذلك متى ما تحررت العقليات من وطأة الاكراهات التاريخية والتراثية للدين ونزعت عنه القداسات والأسطرة ووضعته أمام مسئولية العقل التفكيري والنقدي ورفعت عنه هالات التعالي والمثالية والتبجيل ستصبح محاولات تفكيكه وتشريحه وتحليله مسئوليتنا الحقيقية لنخرج من سلطته المستبدة العائقة للفكر والعقل والتطور والبحث العلمي ..



#محمود_كرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانغلاقات الفكرية إحدى معضلات الفكر الديني
- ظاهرة التدين الشكلي
- حديث الأمكنة
- حركة التاريخ
- حدَثَ في لندن
- الآخر هو أنا
- أيها العابرون مهلا ً
- ثقافة التلقين الديني
- اشتهاءات الحلم
- الانتماء للوطن وليس للأوهام
- استبداد الصورة
- الطغاة .. ذاكرة الماضي القبيح
- جبران تويني في دروب الضوء والنهار
- الشتاء وصديقتي والحزن
- اللاعنفيون رومانسيون حقيقيون
- ثقافة الأمنيات
- الهويات القاتلة
- الفكر الحر


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود كرم - مسئولية العقل التفكيري تفكيك المقدس