أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - قصة قصيرة ....كلبة فوق سطح القمر ....














المزيد.....

قصة قصيرة ....كلبة فوق سطح القمر ....


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1439 - 2006 / 1 / 23 - 03:46
المحور: الادب والفن
    


يوم سمع أبي أن الروس أرسلوا كلبة لتهبط فوق القمر ، تملكه الغضب والخوف والأسى وقال : لا حاجة لنا إذن باستذكار أحلامنا مع البيت الشهير لعمر بن ربيعة والقائل :
قالت الصغرى وقد تيمتها قد عرفناه وهل يخفى القمر
وأردف يقول ، هذا تجاوز على مشاعر البشر وعباداتهم .
ولا أدري إن كان أبي يربط الأمر بهاجس ميتافيزيقي ويعتبر الخطوة بإرسال الكلبة ( ناتشا ) لتتجول بأنوثتها الفضائية ومشيتها الموسيقية على أرض القمر ، تجاوزا للحدود الدنيوية التي ينبغي على الإنسان أن يقف عندها ، ففي قريتنا إعتقاد . أن القمر هو البوابة الأولى لنعوش الموتى ليدلفوا منها أما إلى الفردوس أو إلى الجحيم .
ليلتها ظل أبي يصلي حتى الفجر . وربما اعتقد كما همهم بذلك لوالدتي التي لاتفقه بالأمر شيئا : إن القيامة اقتربت وعليها أن تتحضر لذلك وان تكون زوجة مطيعة لما يريد .
أمي عدت الأمر خدعة لغواية مثل الذي يحدث بين الديك والدجاجة ، فقالت : لقد كبرنا يا رجل وأبناؤنا صاروا بطول النخل . أما تمل؟
قال أبي ــ كيف أمل والكلاب وصلت إلى القمر ، وربما حانت النهاية ، ولن نلتقي هناك .
مرت أعوام . نسي أبي الأمر . وربما شعرت أنا انه نساه . ولكنه عاد إلى ذات المشاعر مرة أخرى وبقوة ، وتصاعد غضب شيخوخته حين تناهى إلى سمعه الضعيف إن المركبة الفضائية أبولو ــ 9 . نزلت على القمر وأنزلت إنسانا ليمشي عليه هو نيل ارمسترونغ .
أبي هذه المرة لم سكت . كان يقول : الكلاب علينا ارحم لتتجول فوق القمر . أما أن يمشي عليه أمريكي فهذا أمر لا اقبله .
كنت كبيرا حين داعبته بابتسامتي المثقفة وقلت : وهل أنت برجنيف يا والدي .
قال : من هذا الذي لفظت اسمه ، هل هو ثالث منكر ونكير؟
قلت : انه الرئيس الروسي وربما مثلك غاضب ، لأن الأمريكان سبقوه إلى القمر رغم انه أرسل كلبا قبلهم .
أبي . صمت للحظة . فكر بالأمر بعد أن أعجبته تبريراتي . وبفطرته الغريبة وبجديته الصارمة قال :
أذن هل بامكانك أن تصلني برئيس روسيا لأطلب منه أن يطالب العالم بإنزال الأمريكان من القمر ، لأن كلبتهم أولى به ، وهي أكثر وفاء لتحافظ عليه . فربما الأمريكان يمنعون نعوشنا من العبور عبر بوابتها إلى محشرنا الأزلي .؟
ابتسمت . دفعت بحبة الدواء إلى والدي . أخذها وأغمض عينيه . وبعد يوم واحد بالضبط مات أبي وفوق سريره صورة ناتشا . الكلبة الروسية رائدة الفضاء .
كبرت . ودلفت خمسينيات عمري . ونسيت قصة ناتشا كلها . لأن الصورة اختفت حين رزقتنا الحياة واعدنا تجديد غرفة الطين التي كان ينام بها والدي .
لم أتذكر حكاية ناتشا ونيل ارمسترونغ إلا بعد عشرات الأعوام . حين دخل الأمريكان العراق . وحدثت خلال حكم بريمر مواجهات في النجف الشرف بين الجيش الأمريكي وجيش المهدي.
في تلك الأيام توفيت والدتي وكان علينا أن ننقل جثمانها إلى مقبرة وادي السلام في النجف الأشرف. وحين وصلنا بالجثمان إلى هناك ، وجدنا مفرزة أمريكية منعتنا من إجراء مراسم الدفن بسبب القتال .
عدت مع جثمان أمي وأنا استعيد حزن أبي وغضبه يوم علم إن الإنسان وصل القمر ومسك بوابة العبور إلى أزل الحساب .
وأنا أتذكر هذه الحكاية وأعيد جثمان أمي إلى مكان أمين حتى يهدا القتال . لفت نظري كلب يمشي وراء ظل صاحبه ، ويشمم أطراف ثوبه ، ويقفز أمامه بتحد ربما ليحميه من رصاصة طائشة من القتال المستعر في شوارع المدينة .



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ِيوم في حياة وزير الموارد المائية العراقي
- خواطر كونكريتية
- قصائد معتقة كخبز وجدوه في كهف أثري
- قصة قصيرة ..الحرب وذاكرة موزارت
- قصة قصيرة...الخرافة ..هي أن لاتكون قبل أن تكون
- قصة قصيرة ......لماذا يموت البلبل ؟...................
- قصة قصيرة ...كلب القرية لا ينبح بل يغني .
- من يضيف إلى عينيك الكحل غير أصابعي
- قصة قصيرة....أبي في متحف اللوفر...
- قصة قصيرة...شفتا صديقتي تكتب القبلات ببراعة
- قصة قصيرة ...الشراكسة ومدحت باشا ومدينتي
- قصة قصيرة.. شارب دالي ودولة مالي وردود أفعالي .
- البصرة دمعة نخلة وتوابل قبلة خضراء
- قصة قصيرة ..البرتقال وام اولادي
- قبعة مكسيكية .. وموسيقى موزارتية .. وقصائد سريالية
- قصائد كتبتها نيابة عن أندريه بريتون
- عام مندائي آخر .. وسيغطيني النور برداءه الأبيض
- أمنيات 2006..العراق في حاضنة الورد وليس في حاضنة المفخخات
- قصة قصيرة ..الليل ومدونة القلب
- عام جديد .. رسالة حب وحبة كرز ودمعة قطة


المزيد.....




- حضور فلسطيني قوي في النسخة الـ46 من مهرجان القاهرة السينمائي ...
- للمرة الثانية خلال شهور.. تعرض الفنان محمد صبحي لأزمة صحية
- -كان فظيعًا-.. سيسي سبيسك تتذكر كواليس مشهد -أسطوري- في فيلم ...
- اشتهر بدوره في -محارب الظل-.. وفاة الممثل الياباني تاتسويا ن ...
- عرف النجومية متأخرا وشارك في أعمال عالمية.. وفاة الممثل الإي ...
- السيسي يوجّه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي
- الفنان المصري إسماعيل الليثي يرحل بعد عام على وفاة ابنه
- الشاهنامة.. ملحمة الفردوسي التي ما زالت تلهم الأفغان
- من الفراعنة إلى الذكاء الاصطناعي، كيف تطورت الكوميكس المصرية ...
- -حرب المعلومات-.. كيف أصبح المحتوى أقوى من القنبلة؟


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - قصة قصيرة ....كلبة فوق سطح القمر ....