أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - قصة قصيرة....أبي في متحف اللوفر...














المزيد.....

قصة قصيرة....أبي في متحف اللوفر...


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1427 - 2006 / 1 / 11 - 11:14
المحور: الادب والفن
    


أبي يحب لوحات ديلاراكوا وهذا شيء طبيعي ، لأنه من سكنة أور ، ويوما ما كانت أور سيدة الجهات الأربع ..
أبي يحب أن يقرأ فقط لجان جنيه وفولتير ولامارتين ، ويتمتع حد القهقهة بشاعرية جاك بريفر ، وحين يشعل غليونه الحجري أمي تعرف انه يريد كتابا لروائي من أمريكا اللاتينية ، فتجري مسرعة إلى الرف لتجلب له رواية لفارغاس ، فهو يتمتع بحبكة هذا القاص البيروني حين تغط في دخان تبغه الكردي المعتق . وليلا أبي يحب سماع فاكنر ، ومارشات حروب نابليون ، وحين ينتهي الليل من نصفه الأول يستمع أبي إلى نشرة الأخبار من المونت كارلو ويتناول قطعة جبنة بالدبس ثم يتحرك مثل آمر فيلق إلى فراشه ، يعطس عطستين ثم يغمض عينيه ، ولم اسمع مرة أبي كان يشخر في منامه .
مات أبي ذات يوم وهو غارق في متعة أخيلة إغريقية حين شحط ( شحطته الأخيرة ) وهو يعيد قراءة قصائد كافافيس بلغتها اليونانية . ولا اعرف أين تعلم والدي لغة إسبرطة وأثينا ؟ ولكنه كان يتحدث حتى بمفرداتها المنقرضة ، وتفاخر أبي ذات يوم بأنه من أنبئ كمال أتاتورك بضرورة التخلص من الأبجدية التركية بنواركيلها المشرقية وسعال ولاتها الأميون وإبدالها بأبجدية لاتينية للتقرب من أوربا ولكنها حد هذه اللحظة لم تلحق بالركب اللاتيني بسبب أزمة عبد الله أوجلان وآذان جوامع اسطنبول.
صار أبي بفضل تقادم الأزمنة ذكرى لوالد طيب مارس طقوسه بصرامة تترية داخل البيت وقرا مالم يقراه غيره .
سافر إلى مدن لا تحصى ، ومارس الغوص في أعمق الشعاب المرجانية وقيل انه تزوج فتيات من جزر القمر والكناري وهونولولو والواق واق ..ولا ادري لماذا أبي يتزوج من نساء الجزر فقط ؟
فيما كنا نعتقد إن في زياراته الباريسية كان يعاشر نساءً بالجملة ولكنه حين يعود إلى أحضان بيتنا السومري نراه ينظر إلى أمي بنظرة اشتهاء كمن لم يذق امرأة منذ ألف عام وكنا نسمع همسهُ الموسيقي على مسامع أمي منتصف الليل كمن يعزف في قيثار غجري كان لوركا قتيل الحب الأسباني يكتب على أنغامه قصائده .
ذات يوم بعد عشرين عاما على رحيل أبي . اخبرني احد الآتين من زيارة لباريس انه شاهد لوحة لأبي على جدران متحف اللوفر مرسومة بعناية فائقة وهو مستلق على أريكة ويقرا في كتاب ومن فمه يتلى غليونا حجريا قاتم السواد ..
قلت : نعم هو غليون أبي . وتساءلت من رسم اللوحة .؟
قال آلاتي من باريس : ديلاركوا نفسه .
فرحت . وذهبت صوب صورة أبي المعلقة في الجدار وكان يرتدي عقالا وبوجه الكئيب المليء بندب الكد والبحث عن الخبز حتى ولو في آخر المجرات . فجأة انتبهت وتساءلت عن أي لوحة كان يتحدث زائر باريس .
فلقد قضى أبي رحمه الله كل حياته لا يعرف حتى التوقيع أو كتابة اسمه فقد كان يبصم ، وكان كلما يشاهد كتابا كبيرا قال : أعطوني إياه لأجعله وسادة فلقد تعبت من البحث عن رزقكم . أكبروا بسرعة واصنعوا كدكم بذراعكم ....!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة...شفتا صديقتي تكتب القبلات ببراعة
- قصة قصيرة ...الشراكسة ومدحت باشا ومدينتي
- قصة قصيرة.. شارب دالي ودولة مالي وردود أفعالي .
- البصرة دمعة نخلة وتوابل قبلة خضراء
- قصة قصيرة ..البرتقال وام اولادي
- قبعة مكسيكية .. وموسيقى موزارتية .. وقصائد سريالية
- قصائد كتبتها نيابة عن أندريه بريتون
- عام مندائي آخر .. وسيغطيني النور برداءه الأبيض
- أمنيات 2006..العراق في حاضنة الورد وليس في حاضنة المفخخات
- قصة قصيرة ..الليل ومدونة القلب
- عام جديد .. رسالة حب وحبة كرز ودمعة قطة
- توصيف اللحظة الرومانسية
- الورد الكردي ..يرتدي القمر دمعة ، وطحين كيمياوي
- الكلمة ...الله ... المرأة
- عولمة .... أو لنقل الزمن الأمريكي
- أنا .. وطفولة وداعاً غوليساري
- دمع المطر يغسل أرصفة عينيك بموسيقى نحيب العشب
- شئ من موسيقى الذين ذهبوا
- في عاصفة الثلج ، جسدي يسرق معطف القمر
- موسيقى .. البيت


المزيد.....




- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - قصة قصيرة....أبي في متحف اللوفر...