أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - قصة قصيرة...شفتا صديقتي تكتب القبلات ببراعة














المزيد.....

قصة قصيرة...شفتا صديقتي تكتب القبلات ببراعة


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 1426 - 2006 / 1 / 10 - 10:02
المحور: الادب والفن
    


الحب . تعرفون . انه رعشة بدن وخفقة قلب مضطرب وارتباك في المشاعر . وهو عدم اتزان حواسنا اتجاه الطارئ الذي نشعر به حين يخترقنا لحظ عين أو همس كلام وبعد ذلك نشعر بأن ما يسكنا يمتلك فينا الرغبة لجعل الآخر من نضمن ما نود أن نملك .
ومثل كل البشر تعرضت إلى هكذا مناخات وأحسست بأن أمطار زرق بدأت تسقط فوق رأسي ولأني لا املك مظلة فقد غرقت ، والغارق في العشق مثل الغارق في الطين سيتحول في نهاية الأمر إلى تمثال يقرا في عينيه الزائرون صمت أن تغادره المرأة التي يهواها إلى عالم الآخر والسبب في كل الأوقات هو الفقر .
المجنونة التي تعلقت( بدباديبي ) كما يقول المصريون غادرت زمن الأرض إلى أزل السماء .
لقد دهستها عربة مسرعة وهي تهم العبور من رصيف إلى آخر لتشتري لذكرى حبنا الأولى قنينة عطر قالت عنها إنها برائحة الروز وستجلب لي الحظ وأنا أفكر في الحصول على عمل يعيل رغبتي بالاقتران بها .
مر ثلاثون عاما على أفول نجمها الماسي ، هي الآن في فردوس الصمت تحتضن قدرية النفي الوجودي وتبعث من سكنها الصغير أطياف ذكريات عاما مشعا من الحب عندما كان الليل يهبط على أمنياتنا بمظلة من القبلات وكانت شفتاها الممتلئتان جمرا وفستقا اخضراً تمطران بغزارة على لساني فأحس بأن شلال من القصائد يغمرني بعاطفة من سعادة غامضة ينهض على أثرها كل شيء في وكأنني ملكت ما لقارون من كنوز .
أن تقبل امرأة في خلسة الليل وتحت شجرة بمبر كبيرة وفي حديقة عامة خَفت على مماشيها أقدام العاشقين هذا يعني إنك في هذه اللحظة بطل لفيلم رومانسي كالذي تفعله شفتا نادية لطفي بشفتي عبد الحليم في فيلمي الخطايا وأبي فوق الشجرة .
قبلات حارة ودسمة مثل وجبة دجاج محمص برغبة جائع لشتاء البرد كي تمتلئ بطنه دفئاً وأمالا وأمنيات .
شفتاها اللتان تتكلمان بهدوء وتقبلان بعنف وكأنهما جنودا في ساحة المعركة يتشوقان لغرز السيف في خاصرة عدو .
لحظتها ، ومن تلك الليلة المسكونة بامتصاص رحيق العسل عرفت لغة أخرى يمكنني بها أن أدون هواجسي وخواطري ونتاجاتي . فلقد فتحت قبلاتها الساحرة نوافذ لتدوين مالم تكتشفه لغة حية بعد وكأن حركة لسانها الفائرة وهي تبحث بين أسناني عن تواريخ مدن وأساطير تحاول أن تؤسس حضارة من اللهفة والجنس الوردي ، ذلك الذي يشعرك بقمة البلوغ وامتلاك تاج السعادة .
نعم لقد . كانت قبلاتها معنى . والآن المعنى راقد في قبر !
غير أني لازلت أتذكر بهجة تلك الليلة وبردها الذي أسس في ذاكرتي فلسفة لما يأتي من القادم . أن تفكر بالحياة وتتعامل معها على أساس ما منحتك تلك القبلات من أجوبة وخطوات وقرارات وتساؤلات . ولازلت اذكر إن قبلات تلك الراحلة المسكينة كانت تميمتي في الحروب القديمة وكان طيفها يبعد مسار الرصاص عن صدري وطالما رأيتها وأنا على قمة جبل أو في ملجئ رملي تضئ في الإفق البعيد نجمة تمتلئ بشعاع الرحمة والأمان وكانت تقطر دموعا كلما تذكرتها بقصيدة أو تحدثت لأحد الجنود عن لهفتي إليها وحادث موتها الفاجع .
اليوم ... أنا في عصر العمر الخمسيني . الحب لم يعد الركض وراء زهرة ملونة . ولم تعد الحدائق المكان المثالي لمن يريد منا أن يبتهج بقلب امرأة في مثل عمره الطويل ولكن بالرغم من ذلك فالحب للذي جعلته القبلات يبتكر الحلم برمشة عين هو مجرد اشتياق روحي أو حس صوفي يأتي ليسكن البدن برعشة الكلمة وتذكر سكر اللسان الذي كان يدور داخل جوفي كما يدور قرص الشمس طيلة انتظار النهار الذي يأتي بليل لقاءي معها .
لقد ماتت منذ ثلاثين عاماً ولازالت صورتها معلقة على جدار أجفاني كلما رمشت تتحرك ابتسامتها بفضول وهي تقول لا ترمش لواحدة غيري .
لا احد غيرك أيتها القبلة الفائرة كمياه بركان قام من خموده الأبدي ليبعث إلى جسدي نار شوق قديم .
كنت واحدة من أعذب من يتحدث بأبجدية القبلات ولازلت أتذكر همس شفتيك وهم يصنعان من ضوء القبلة لغة لتبرير هذا العنف وهذا الشهيق وتلك الموسيقى المغمسة بلهاث أنفاسك المتقطعة كأوصال الوردة في يد ترتعش بغضب .
كنت شفتاك تهمسان بقبلة الكلام وهي تفسر وجود اللحظة بموجود الغرام . وموجود الغرام ، بصمت الكلام ، وصمت الكلام ، بما تريدين أن تعمليه معي .
فقط تلك الليلة ثم ركبت عربة الفردوس وتلاشت في فضاء من الحسرة وشيب الرأس وملفات الوظيفة ، كلماتك التي هي حد هذه اللحظة سيمفونية عاشرة في دفاتر بتهوفن ولكي لاانسى سأعيد عليكم كلام قبلات حبيبتي البارعة :
أقبلكَ لأشعلَ فيكَ نارا خامدة . لأجعلك طائرا من دون أجنحة ولأغذي فيك جوعك القدري ولأملئ قلمك المرتعش بحبر اللهفة إلى الكلام كي تكتب إلي أحلى رسائل الحب .
أقبلكَ لكي أقفَ معكَ قرب لحظة الخلق وأتنفس في رئتيك هواء الغابات والصدق والبراءة وكل ما يجعلنا بشر غير عابئين بكل هذا الزيف الذي يلف وجودنا بسبب خرافة الحرب والفلسفات والقيم التي تصنع من الأنثى دمية أو نقابا يمشي دون عيون .
أقبلكَ كي اكتشف فيك قيمة أن تكون المرأة حواءً حقيقةً لا حواء مصنوعة من البرونز أو الطين أو صفعات قسوة القلوب الغليضة ، فأنا بفضلك اكتشفت لعبة القبلات وهي تلمع فيك مثل كوؤس حفل سامر ومن ثمالتنا معا نصنع الحياة ولتمضي المدافع والبنادق وخوذ الحرب والتيجان إلى الجحيم . كن أبديا مع قبلتي وسيكون جسدي لك وسادة أينما حللت حتى لو فكرت أن يكون وطنك زحل .
الآن ... وطني أيتها الرائعة هي صورة بالأسود والأبيض لمراة تضئ بحدس زمن مضى . زمن لم يتحقق فيه كلام القبلات . بل الذي تحقق إننا نذهب إلى شيخوختنا ولا ندري ما الذي يحدث بالضبط ................!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة ...الشراكسة ومدحت باشا ومدينتي
- قصة قصيرة.. شارب دالي ودولة مالي وردود أفعالي .
- البصرة دمعة نخلة وتوابل قبلة خضراء
- قصة قصيرة ..البرتقال وام اولادي
- قبعة مكسيكية .. وموسيقى موزارتية .. وقصائد سريالية
- قصائد كتبتها نيابة عن أندريه بريتون
- عام مندائي آخر .. وسيغطيني النور برداءه الأبيض
- أمنيات 2006..العراق في حاضنة الورد وليس في حاضنة المفخخات
- قصة قصيرة ..الليل ومدونة القلب
- عام جديد .. رسالة حب وحبة كرز ودمعة قطة
- توصيف اللحظة الرومانسية
- الورد الكردي ..يرتدي القمر دمعة ، وطحين كيمياوي
- الكلمة ...الله ... المرأة
- عولمة .... أو لنقل الزمن الأمريكي
- أنا .. وطفولة وداعاً غوليساري
- دمع المطر يغسل أرصفة عينيك بموسيقى نحيب العشب
- شئ من موسيقى الذين ذهبوا
- في عاصفة الثلج ، جسدي يسرق معطف القمر
- موسيقى .. البيت
- جسد من نعناع .. يصنع الشهوة والشعر معا


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعيم عبد مهلهل - قصة قصيرة...شفتا صديقتي تكتب القبلات ببراعة