أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - غزوة الحرمان














المزيد.....

غزوة الحرمان


عبدالكريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 5482 - 2017 / 4 / 5 - 23:06
المحور: الادب والفن
    


غزوة الحرمان

في إحدى محطات الغربة رأيتك تحلم، ورأيت اللوحة المعلّقة على أحد جدرانها تحدّق في عينيك، تمسح دمعة قبل أن تحرث خدك الموشى بتجاعيد الحرمان، وعلى فوديك بياض صامت، يحكي ليلك الطويل، تطيل النظر إلى امرأة عارية، يخال إليك أنّها ذات المرأة التي راودتك في زقاق معتم في الميدان، ربما هي وسادتك الرثة، أو سريرك البائس، أو حائط فندق الباب الشرقي الذي التصقت به حدّ الجنون، وربما هي...
يدفعك طوفان رغبة لتكون جزءاً من اللوحة، أنفاسك اللاهثة تحرك خصلات شعرها، تتمايل على إيقاع أمانيك، تتسع حدقتا عينيك، يحتويك عالم آخر، تصحو على نداء سحري يشبه النغم:
- إلى أين تمضي وقد أتعب التجوال خطاك؟ أ ما تترجل من صهوة التسكع لتبلغ مجمع اللذة؟
تمدّ يدها، تلمس كتفك، تفزّ مدهوشاً، لم يكن في المحطة غيرك، تحدّق في اللوحة، تغمزك بطرف عينها، امرأة تضيء مفاتنها ظلمة الفراغ، ممهورة بالغنج، تزرّ قميصك المفتوق، تعدّل هيأتك، تنسى عوالم بؤسك، تختبئ خلف ابتسامة شاحبة، تقف بخشوع؛ لتمارس طقسك المقدّس، هي تكتم ضحكتها، تدعوك لمائدة ليلها، تجلس على عشب ندي، قرب شجرة شامخة على ضفة نهر ساكن، وأنت واقف، مبهور بفتنتها، يصفعك عطرها، دلالها، أنفاسها الساخنة تسجر تنور ميقاتك، وجيب قلبك يزداد، جبينك يتفصد عرقاً، ما زالت نظراتك معلّقة بين النهر وعشب جسدها المتوهج بالإغواء، يهزّك صهيل النهدين، ترجرج أردافها، أرى خيولك تجمح في ظلّ رغبة قديمة:
- سأروي عطشك، فأنا ينبوع متدفق.
تتعانقان بلهفة العائد من سفر طويل، تستلقيان على العشب الندي، تتوسد يمينك، تند آهة من شفتيها الطريتين، تتغطيان بالعري، أنت تغفو على تضاريس جسد ثائر، هي تفتح خزائن مملكتها، تمنحك جنونها، ارتعاد يسري في مفاصلك، تتناسل عيناك رغبة جامحة لاكتشاف خرائطها الغامضة بالتفاصيل، فحيح الجسد يقطّع أنفاسك، صرخات الأمس تمزّق رداء غرائز الليل، تسري بجيشك الغازي، تعبر أسلاك الحواس الشائكة، تدّق أوتاد خيمتك في وادٍ ضيق، يقع بين جبلين من مرمر، في الهزيع الأخير من الليل تنزلق إلى خطوط التماس، تكمن لهدفك في غور السرة، تباغته من زاوية منفرجة، تفتح مدناً تبرق بطقوس غجرية، تغرز رمحك في رحاها، تتفجر ينابيعها العميقة، وقبل أن تفكّ طلاسمها و تقيم مراسيم نصرك كما تريد، يفاجئك برق بازغ من أفق رعشتها التترية، يتفجّر أمطاراً تحت ثيابك البالية، غشاوة تحتلّ عينيك، تنعدم الرؤية، تغيب في أفق اللذة، يرتخي جسدك، ويدك لمّا تزل معلّقة بين فخذيك، تغرق في موجة هذيان في ظلّ صمت يطبق على المكان، تأخذ سبيلك إلى بحر عينيها الناعستين، تلمح دمعك المختبئ خلف كحل مراياها، تضمك بين ذراعيها؛ فتذوب كما الشمع تحت قبة حلم لم تدركه بعد.



#عبدالكريم_الساعدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عادة علنية / قصة قصيرة
- بيكادون
- صوت اللسان
- ( تكوين ) نص أدبي يتقاطع و يلامس أكثر من نظرية فلسفية و فكرة ...
- تكوين
- أمل
- القاص الذي جعل حوادث قصصه قريبة من العقل والمنطق... قراءة / ...
- تأملات في لوحة مرمرية أيديولوجيا الوجع في القص العراقي -33 أ ...
- جماليات اللغة في [ ولادة ] للقاص عبد الكريم الساعدي
- الغريب
- السفير / قصة قصيرة
- دراسة نقدية بقلم الأستاذة سامية البحري: - أحلام وذباب- ...
- بين الانتظار والاحتضار/ سامية البحري - تونس
- عيناك للعراق / الأستاذة سامية البحري / تونس
- دراسة نقدية لقصة ( طقس عبثي ) للقاص عبدالكريم الساعدي، بقلم ...
- قراءة نقدية للأستاذة/ زهرة خصخوصي لنصّ “الرّفيق ديونيسوس” لل ...
- - الكلام على الكلام صعب -
- عطب
- سيرة معطف / قصة قصيرة
- امتزاج التأريخ بالشعر والخيال في ( غبار القصائد) / دراسة نقد ...


المزيد.....




- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم الساعدي - غزوة الحرمان