أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هرمز كوهاري - متى وكيف بدأ --- تسييس الدين في العراق 3















المزيد.....

متى وكيف بدأ --- تسييس الدين في العراق 3


هرمز كوهاري

الحوار المتمدن-العدد: 1438 - 2006 / 1 / 22 - 12:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم تكن الساحة العراقية هادئة أمنيا في العشرينات ، فكانت الحكومة منشغلة في إستدباب الامن ، وخاصة تمردات العشائر التي لم تتعود على الحياة المدنية و النظامية ، فكانت تثور عشيرة هنا بسبب رفضها تقديم الجنود ، وعشيرة تنتفض هناك بسبب رفضها دفع الضرائب ، أو أحيانا الاقتتال بين عشيرتين بسبب الثأر أو غسل العار ! أو حصص المياه ولكون الجيش والشرطة ضعيفة في تلك الفترة .
أما الاهالي فقط تضايقوا و إنزعجوا من بعض التقيدات للمحافظة على النظافة والنظام العام ، فكانوا قد تعودوا مثلا ، أن يرموا الاوساخ والنفايات و حتى التغوط ورمي القطط والكلاب الميتة في الطرق العامة والشوارع !!، كما يقول د. علي الوردي . مما تضطر الحكومة التي كان الانكليز يسيطرون عليها الى توقيفهم أو تغريمهم ، وإعتبروا ذلك تدخل الانكليز في حياتهم الخاصة !! إضافة الى نفوذ الشقاوات و عصابات السطو والسرقات ، و كان القوي يأكل المستوي !.

أما بالنسبة الى الملك فيصل الاول وبشهادة وإعتراف معاصريه الذين كانوا قريبن منه أمثال الشاعر محمد مهدي الجواهري ، الذي عمل سنوات سكرتيرا في مكتبه الخاص ، إنه ،كان رجل دولة وسياسة من الصنف الاول ، تمكن أن يكسب إحترام وثقة الشعب العراقي ، لحكمته بعدم التمييز والتفرقة بين فئاته ومكوناته القومية والدينية والطائفية والمناطقية ا، ولكونه نزيها ورعا متواضعا ، وعمل بجد لجمع شمل العراقيين في بودقة الوطن الواحد كما عمل بنشاط لانتزاع إستقلال العراق وإنضمامه الى عصبة الامم كعضو كامل في سنة 1932، ولكن بعد أن فرضت بريطانيا معاهدة 1930 عليه .و نادرا ما كان يرتدي الزي العربي ، بل الزي الافرنجي والسدارة التي كانت تسمى أحيانا بإسمه " الفيصلية " وقد فرضت علينا ونحن طلاب في الابتدائية في بداية الاربيعينيات .

طبعا كان طابع الدولة ، دولة يسيطر عليها شيوخ الاقطاع والعشائر والاغوات ، أما في مجال السياسة وإلادارة ، فكانت مجموعة الضباط القادمين معه الى العراق ويسميهم الاستاذ جرجيس فتح الله –الضباط " العثمانيين أو المتعثمنين " أي الذين تخرجوا وتدربوا في الجيش العثماني وإتصفوا بصفات ذلك الجيش بالقسوة والتعصب القومي والاستهانة والاستخفاف بالاقوام الاخرى، وهوالاسلوب الذي إتبعوه في قمع تمردات العشائر والاقليات ، كالجريمة البشعة النكراء التي إقترفوها بحق الاثوريين سنة 1933 ، حقا كانت حرب إبادة ضد الانسانية ، فقد صدر(فرمان ) أي قرار أو مرسوم بإبادة الاثوريين أينما وجدوا أو إلتجوا! ولم يستثن منهم المرسوم الشيوخ والاطفال والنساء ! مع هذا فإن زعماء الاثوريين يتحملون جزءا من المسؤولية لعدم تقديرهم وإستيعابهم دروسا في السياسة الدولية ، ولم يقراوا التاريخ جيدا ، فتلقوا ضربة عنيفة من الضعيف وكما هو معروف ضربة الضعيف تكون أعنف بغية إثبات وجوده . و بأن الاقوام الصغيرة تسحق تحت عجلات الدول الكبرى ، أو ترمى على قارعة الطريق لتفسح المجال لمرور عجلات مصالح الدول العظمى ! وأن الدول تسيّرها المصالح لا العواطف ولا الانتماء الديني أو حتى القومي ، قال أحد كتاب السوفييت في حينه " زرت الولايات المتحدة الامريكية، وشاهدت فيها ديانات كثيرة إلا أن أكثر الديانات إنتشارا هي ديانة الدولار " !! ونتيجة لتصرفات الانكليز هذه فقد فقدوا ثقة الاهالي البسطاء من النصارى والمسلمين ، وكانوا يقولون : (الانكليزي ، قيقاني .. لا مسلم ولا نصراني !! ). أي لم ينصر بني ديانته ، بل نصر بني مصلحته !!!.

جسدت هذه الجريمة البشعة التعصب القومي والديني المزدوج ، كانت وصمة عار في جبين الحكومة العراقية ، إلا أنها كانت في عهد الملك غازي الشاب المراهق الحاقد على غير العرب ، بتحريض وتشجيع من أولئك الضباط المتعثمنين ! و هم الذين شكلوا نواة الجيش العربي قبل الاستقلال وقدموا الى العراق مع الملك فيصل من سوريا بعد طرد الاخير منها من قبل الفرنسيين ، وكان يزيد عددهم على المائة والخمسين ، فمنهم بقي في السلك العسكري ومنهم إنتقلوا الى الحياة المدنية وأصبحوا رؤساء وزارات ووزراء وأعيان ونواب ومتصرفون ومدراء عامون وكانوا المتنفذين في الدولة حتى قيام ثورة 14/تموز /1958 ، .وأشهرهم - نوري السعيد ، توفيق السويدي ، رستم حيدر (سوري الاصل) طه الهاشمي ، ياسين الهاشمي ، عبد المحسن السعدون ، جعفر العسكري ، مزاحم الباجه جي ، وحمدي الباجه جي ، وجميل المدفعي ، وناجي شوكت ... إلخ.

ما يهمنا من هذا الاستعراض ،هو أنه لم تظهر أية تفرقة بين الاقوام والاديان والطوائف ، في فترة حكم فيصل الاول ولا حركات أو أحزاب دينية أو سياسية ، أما السياسية فالسبب واضح وهو ، لم تكن تلك الفترة كافية لتكوين طبقة متعلمة ،أ و طبقة عاملة تمتلك الوعي الكافي لتشكيل النقابات وحزبها القائد الحزب الشيوعي العراقي ، أما الفلاحين فكان فلاحي الجنوب أقرب الى العبيد لدى شيوخ الاقطاع من العمال الزراعين ، ولم يكن بأمكانهم التفكير بأي تنظيم مهني كالجمعيات الفلاحية لسببين ، أولهما قلة الوعي الطبقي ، وثانيهما قسوة الشيخ المدعوم من الدولة وكانت تصل العقوبة التي ينزلها الشيخ بالفلاح الى الموت دون أن يواجه الشيخ أية محاسبة قانونية ! ، حيث كانت دولة الاقطاع . ، أما الذين كانوا يمتلكون قطع أراضي زراعية وهم قلة ، يعتبرون برجوازية صغيرة ليسوا ضمن الشغيلة أو الكادحين .
أما لماذا لم تظهر حركات دينية إسلامية وخاصة لدى طائفة الشيعة ، فبإعتقادي ، أنهم كانوا زاهدون في الحكم و مطمئنون على وضع قشورالدين ، لعدم ظهور حركات وأحزاب ليبرالية ، أو كتّاب وساسة ينتقدون التعصب الديني أو العادات والتقاليد الدينية البالية ، كما لم يكن بين الشعب طائفة كبيرة غير إسلامية كما في مصر والسودان ولبنان ، إضافة الى عدم إحتكاك العراقيين بالسواح الاجانب من غير المسلمين الامر الذي جنبهم أي إستفزازا ، وسبب آخر أن الانكليز إعتمدوا على رجال الدين و شيوخ العشائر في تثبيت سلطتهم وأقدامهم ، وكانت – المس بل - السكرتيرة للسفارة البريطانية ومخططة الدولة العراقية ، تزورهم وتعقد معهم صداقات وجلسات وحفلات شاي فكسبت ودهم وتأييدهم في كل تصرفاتها السياسية !! بعكس تصرفات الفرنسيين في لبنان والجزائر .
إضافة الى كل هذا ، فالشيعة لم ينخرطوا في قوات الجيش والشرطة ، فضمن مئات الضباط الذين قدموا مع الملك فيصل الاول والذين سميناهم بالضباظ العثمانيين لم يكن بينهم من الشيعة إلا بحدود أربع أو خمسة ضباط فقط وواحد مسيحي ..

ولكن متى بدأ و من حرّض أوشجع و دعم قيام حركات دينية إسلامية في العراق ، فهذا ما سنقرأه في الحلقات اللاحقة .
[ يتبع ]



#هرمز_كوهاري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف ومتى بدأ - تسيس الدين في العراق 2
- متى وكيف بدأ -- تسيس الدين في العراق
- الحكيم يخشى على الديمقراطية في العراق !!
- النظام الديمقراطي.. والاحزاب القومية والدينية ..!
- النظام الديمقراطي.. والاحزاب القومية والدينية [2]
- النظام الديمقراطي.. والاحزاب القومية والدينية
- المساومات السياسية ...مساومات على الصمت المتبادل..‍‍
- المساومات السياسية ...خروج على الديمقراطية
- لنتعلم منهم كيف يطبقون الديمقراطية..!!
- الكيانات السياسية ... وتشكيل الحكومة الجديدة
- الاحلام في زمن صدّام...كلام في المنام
- !!يقسمون.ويعرفون....ثم ويحرفون
- وفروا الارزاق..قبل توزيع الاوراق..!!
- الصحافة في الزمن الصعب... حوار مع نكره
- هذه - الروبوتات- البشرية كيف نفككها ..!
- كسر الحاجز الصعب..!
- بين ..بيل غيتس.. والجعفري..!!
- الى عمرو موسى ومساعديه..الشبكة ممزقة والطُعم فاسد !!!..
- لولا النار والشيطان.. لما إحتل الجعفري هذا المكان..!!
- الى السيدالرئيس ..مام جلال ،..ثمّ إغسل يديك مثل ما فعل -بيلا ...


المزيد.....




- فرانسوا بورغا.. يحترم حماس ويرى الإسلاميين طليعة مجابهة الاس ...
- ماذا قال ترامب عن صورته بزي بابا الفاتيكان؟
- الإدارة الروحية لمسلمي روسيا: الهجوم على أفراد الشرطة في داغ ...
- قائد الثورة الإسلامية يعود آية الله نوري همداني
- من سيكون بابا الفاتيكان المقبل؟ ترقب قبل أيام من بدء أعمال م ...
- البابا فرانسيس أوصى بتحويل -عربته- إلى عيادة لعلاج أطفال غزة ...
- الحاج بدر أبو اسنينة.. 47 عاما في حراسة المسجد الأقصى
- مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية يدعو مجلس النواب للتصويت ب ...
- صحيفة روسية: باريس وواشنطن تخوضان صراعا في الفاتيكان
- تنزيل أحدث تردد قناة طيور الجنة 2025 DOWNLOAD TOYOUR EL-JAN ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هرمز كوهاري - متى وكيف بدأ --- تسييس الدين في العراق 3