أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - السيد ياسين: الأفكار أبداً لاتموت















المزيد.....

السيد ياسين: الأفكار أبداً لاتموت


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 5467 - 2017 / 3 / 21 - 16:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يكاد يكون عمر الفكر من عمر الإنسان، فما تقدمت البشرية ولا صنعت حضارتها وطورت معارفها وثقافتها دون الفكر والعلم والمعرفة والاختراع. والفكر بطبيعته كما البحث العلمي عمل تراكمي يمكنك أن ترصد بداياته على أنك لامحالة غير مدرك لنهاياته، الفكر متجدد وتلك طبيعته، على أنه أبداً لا يموت. من هنا يمكننا أن نرصد بدايات مفكرنا الكبير العلامة البحاثة السيد ياسين، وليس لنا أو لغيرنا إلا أن نسلم بقضاء الله سبحانه، بأن الرجل انتقل إلى بارئه بينما ستصاحبنا وأجيالنا القادمة لا أقول ذكراه الطيبة فحسب، وإنما أفكاره وابحاثه والأهم منهجه العلمي في التحليل والاستقراء والاستنباط والقياس والاستدلال ومعالجة النتائج وتقديم الرؤى والأفكار والنظريات. مات السيد ياسين لكنه باق بيننا بأفكاره ودراساته ونهجه وإنسانيته وذكرى شخصه المتواضع الجاد الودود.
السيد ياسين مدرسة علمية عصرية ورصينة، فليس كل ما اتصف بالعصرية تضمن رصانته فكثير من المدارس الفكرية العصرية والتي رغم حداثة آلياتها ومناهجها لم تقدم في كثير من نواتجها وعطاياها ما يمكن الاحتجاج برصانته وأصالته. عرفته على الورق، وعرفته عبر اشتباك الأفكار من مقال له ومقال منى للرد على أفكاره، وعرفته ونحن نحتسى القهوة مرات قليلة سواء في مكتبه بمركز الدراسات الاستراتيجية والسياسية بجريدة الأهرام، أو بمكتبي في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا. ولا أنسى أنه كان صاحب الفضل بالمبادرة بالاتصال بى بعد أن نشرت في الأهرام أكثر من دراسة عن السياسات الأمريكية، والبريطانية، ثم مشكلات الثقافة والإدراك لدى النخبة والجماهير، وصدرت المقالات في الأهرام ممهورة بشعار مجلس الدراسات الذى كان هو مستشاره في ذلك الوقت بينما خلفه في رئاسته الدكتور عبد المنعم سعيد. كانت حفاوته بى بالغة في مكتبه، وأشار على وقتها أن أقوم بتحويل الدراسة الأخيرة إلى كتاب لما تشكله من أهمية يراها سيادته بالغة وحالة وضرورية خصوصاً فيما أسماه ساعتها علم نفس العلاقات الدولية.
كان السيد ياسين من قلائل الباحثين في العالم الذين يرون أن هناك علماً اجتماعيا واحداً وتخصصات مختلفة، ربما اخذته نحو نظرية المعرفة وتطبيقاتها أو العلوم السلوكية أو العلوم السياسية وعلم النفس العام، وهو من أول من تحدثوا ودرسوا ظاهرة البيروقراطية المصرية باعتبارها رافداً من روافد تنظيم العمل، وقدم لنا شروحاً على نماذج تطبيقية لأفكار إيميل دوركايم وقواعد المنهج في علم الاجتماع وتقسيم العمل الاجتماعي، وقد لنا مدارس فلسفية في مقاربات عربية يمكن للواقع الاجتماعي المصري والعربي الاستفادة منها. كانت رؤياه النقدية لعطالة العقل الاجتماعي العربي ليست من قبيل عصاب جلد الذات أو الدونية المعرفية وإنما كان إيمانه عميقاً بقدرتنا على التقدم والنهضة، ولقد ساعده في ذلك عمله الأسبق لمدة ثمانية عشر عاماً في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية الذى أسسه العالم الكبير دكتور أحمد محمد خليفة. انتقل بعدها إلى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية حين أسسه الأستاذ محمد حسنين هيكل 1968على غرار مركز البحوث الاستراتيجية في لندن. وكان صاحب فكرة إصدار أول تقرير استراتيجى عربى عام 1978 وظل التقرير يصدر لمدة ثلاثين عاماً كأهم إصدار عربي يشرف علية السيد يس ثم تولى رئاسة تحريره كبار الباحثين في الأهرام. بعدها أعاد تأسيس المركز العربى للبحوث والدراسات في 2012، وكان من أهم إصداراته " الدولة التنموية: رؤى نقدية للمشكلات وسياسات بديلة"، ولرقة الرجل وجمال أفكاره آثر أن يزورني ليقدمه لى بنفسه في مكتبي ويطلب من أن اكتب رؤية نقدية عن الكتاب، فقد كان رحمه الله مجاملة منه يرى أنى أملك فكراً وقاداً بتعبيره وقلماً فريداً بنص كلماته وقدرة على مخاطبة الخاصة والعامة في آن.
مع القهوة السادة الغامقة بالحبهان كما اعتاد كلانا أن يشربها دار الحوار، وبخفة ظله المعهودة، على الأقل بيننا، قال: إيه أخبار الانتلجنسيا يادكتور، لسه حائرة برضوا؟ رشفت القهوة ومحيرانا معاها سيادتك. سؤاله الذكى كان إشارة إلى مقالى في الأهرام من أكثر من عشر سنوات بعنوان " مشهد مأزوم وانتلجنسيا حائرة" يومها ابدى اعجابه بالمقال والتشريح العلمى الذى قدمته لأزمة النخب المصرية " الانتلجنسيا". وسرعان ماراح بنا الحديث إلى مشكلاتنا الحالة والطارئة وخطورة الوضع العربى بشكل عام والمصرى بوجه خاص والفجوة المتزايدة بين الشعب والحكومة وتداعياتها على منسوب الرضا العام على نظامنا السياسى وعدم كفاءة النخب جميعها حكومة ومتنفذين وأحزاب ونقابات واعلام وشبان " شبان كلمة عربية صحيحة تعنى جمع شباب وشابات، واتعجب ممن يهجرونها في الكتابة". تطرق الحديث إلى لقاءه الأخير مع الرئيس وحواره الصريح معه وإشادته بقدرة الرجل على الاستماع واحترام آراء الآخرين، وأثنى على البرنامج الرئاسي للشباب وشبهه بـ " المدرسة العليا للقيادات" التي أسسها نابليون في فرنسا وخرجت كفاءات تتولى المسئولية العامة التي وضعت فرنسا في مكانتها الأوروبية والدولية المرموقة، على خلاف مسئولينا ووزرائنا ومحافظينا الذين يمتازون في غالبيتهم بعدم الكفاءة وضحالة الخبرة والرؤية السياسية، إلا القليل منهم ممن رحمهم ربى.
تطور فكر السيد ياسين عبر سنوات خبرته الطويلة وعمره المديد من توجهات ماضوية اعتنق فيها بعض الوقت فكراً إخوانياً مأزوماً، لكن سرعان ما تباعد عنه وعافته نفسه الأبية، وكيف لايفعل وهو السيد ياسين المفكر والذى لايمكن أن يكون ضمن زمرة تعادى العقل وتجافى الفكر ولا تدين إلا بالسمع والطاعة.
قدم لنا السيد ياسين عبر مسيرته وفى كتبه ومؤلفاته ومقالاته دراسات قيمة وقيمية ونوعية رفيعة عن الشمولية والسلطوية والليبرالية، وعن أزمة النظم الديمقراطية المعاصرة عالمياً في ظل العولمة التي قدم عنها دراسات مستفيضة، وأول مرة قرأت فيها عن مصطلح " الاستجابية الاجتماعية" بديلاً أو مكملاً للتمثيل النيابى كان من السيد ساسين، ولعله أصل في دراسته تلك لحركة يقظة الضمير العالمى ضد تجاوزات العولمة في بورتوأليجيرى وسياتل وجنوا حينما خرج المواطنون الغربيون يعلنون تعاطفهم مع قضايا العالم الثالث وتجاوزات آلة الهيمنة الأمريكية والثمانية الكبار والممارسات الأسرائيلية في الأرض المحتلة. كتب كثيراً عن سوء الإدراك عند النخب السياسية الحاكمة‏.، وتداعياتها على ضعف وهشاشة الدولة التي يرى أنها لابد حتى يعتدل ميزانها أن تتحول إلى "الدولة التنموية لا السلطوية". وفى ذلك حديث آخر.
رحم الله فقيد الفكر والعلم والمعرفة وعوضنا عن غيابه ماتركه لنا من رصيد معرفى، فالفكر أبداً لايموت.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شبح أوباما يراود الخليج ويشعل المنطقة
- مصر لاعب محتمل في نظام عالمي جديد
- ترمب اختيار الدولة الأمريكية العميقة وليس ثورة عليها
- البديل السياسى والرقص مع الذئاب
- حوار الغضب والأمل مع شباب 25/30
- الإيكونوميست وأخواتها: تاريخ من الترصد والمغالطة
- اللامنتمى يحلم بالمستحيل: إحالة إلى عصام حجى
- من شبه الدولة إلى الدولة الراسخة - 2
- من شبه الدولة إلى الدولة الراسخة
- سيادة الرئيس: إعادة هندسة الدولة أو الكارثة
- فى عمق الأزمة: فارق كبير بين التسويق والتسوئ
- متى تحلق الصقور فى سمائنا ياسيادة الرئيس؟
- تيران وصنافير: توقيت خاطئ وممارسات مخجلة
- كلاب الحراسة الجدد
- بشأن قواعد اللعبة: كلام للرئيس
- العم سيد حجاب: إلّاك
- مصر بين مراهقة الداخل وترصد الخارج
- لاهوت القوة وصناعة الفوضى
- مصر وإفريقيا: الصورة والإطار
- مهام الرئيس وتوجهاته لايحددها الفاشيون


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - السيد ياسين: الأفكار أبداً لاتموت