أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - كلاب الحراسة الجدد















المزيد.....

كلاب الحراسة الجدد


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 5125 - 2016 / 4 / 6 - 00:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما كتب الفيلسوف والروائي الفرنسي "بول نيزان" كتابه الشهير "كلاب الحراسة" سنة 1932 لم يكن يتصور أن الأفكار التى عالجها فى كتابه ليفضح بها النُخب الانتهازية فى فرنسا يمكن أن يمتد أثرها كل هذه السنوات لتعرية قطاع لايستهان به من نخبنا السياسية والإعلامية ممن نصبوا أنفسهم أوصياء على حياتنا العامة وتوجيه الرأى العام بما يخدم مصالحهم الضيقة المنحازة للرأسمالية المتوحشة وطبقات المصالح الطفيلية فى انتهازية مكشوفة تحاول التخفى فى خندق السلطة والدفاع الشكلى عنها، بينما تنقلب عليها فى أول فرصة أو قرار ترى فيه مايهدد مصالحها وانحيازاتها. ولعل المثال الأبرز لمواقفهم التى فضحت توجهاتهم ونزعت عنهم الأقنعة تجلى حين إقالة وزير العدل أحمد الزند، وإذا بهم ينقلبون على السلطة ويعرضون بقرارها ويهاجمون الحكومة والرئيس علناً ودون تردد أو خجل اشتعلت معه قنواتهم الفضائية وأحاديثهم وتصريحاتهم وكأنهم فى صدمة يحاولون خلالها استعادة الزمن الذى لن يعود. ولقد سبق أن كاتبتك عن كلاب الحراسة الجدد فى أكثر من مقال، ولأن الأمر فى تقديرى يحمل طابعاً فلسفياً وثقافياً فنحن فى حاجة لقدر من تحرير المسألة كما يقول علماء الكلام فى الفقه الإسلامى أو نوع من التفكيك حتى نفهم كما يقول الفيلسوف الفرنسى "جاك دريدا".
لقد أشار بول نيزان في كتابه المذكور "كلاب الحراسة" إلى وجود "فلسفات ورؤى مستقيلة- أى مخاصمة للواقع وربما منكرة له" ينتجها من أطلق عليهم "كلاب الحراسة" من البرجوازيين المحافظين الذين لا يهتمون بالمسائل والقضايا التي تعني البشر في واقعهم المعيش وحياتهم العامة.
والبرجوازية طبقة اجتماعية ظهرت في القرنين الخامس والسادس عشر، تمتلك رؤوس الأموال ووسائل الإنتاج وتحاول طوال الوقت السيطرة على المجتمع ومؤسسات الدولة للمحافظة على امتيازاتها ومكانتها بحسب نظرية كارل ماركس، وهى طبقة إنتهازية بطبعها، ورغم أن تاريخ البرجوازية حفل بتقاليد محافظة، فكان من البرجوازية الصغيرة من يمثلون الطبقة الوسطى، وهى الطبقة التى يقوم عليها تقدم المجتمع ونهضته، فهم أصحاب المهن والإخصائيين والمبدعين والكتاب والمفكرين، إلا أن البرجوازية الكبيرة فى بلادنا تحررت من كل القيود وتوحشت لتبتلع المجتمع كله، وانضم إليها فرق من الإنتهازيين الذين شكلوا برجوازية صغيرة طفيلية متطلعة تتعيش على الغير ولاتبحث إلا عن مصالحها ومصالح أسيادها وأرباب نعمتها الكبار من البرجوازية المتوحشة، التى لايهمها إلا مكاسبها، وأنت تراهم وترى تصرفاتهم المغامرة فى استغلال البسطاء برفع الأسعار والمضاربة بالدولار وتأليب المجتمع وتيئيس الناس، ولايتورعون عن خدمة مصالح أسيادهم الكبار خارج الحدود ليلعبوا دور الطابور الخامس، ويحاولون احتكار وسائل الإعلام ويتصدرون الشاشات ويبثون تفاهاتهم وترهاتهم على عقول الناس والبسطاء، ولايترددون فى نهش الثورة والثوار ويخوضون فى أعراض الناس.
و بشكل أدق البورجوازية هي الطبقة المسيطرة والمتحكمة في المجتمع الرأسمالي، وهي طبقة غير منتجة لكن تعيش من فائض قيمة عمل العمال، لذلك لايهمهم إلا مغازلة السلطة والقيام بأدوار التزيين والتبرير واللعب فى عقول الناس والتأثير فى قناعاتهم، وهم بطبيعتهم محافظون تقليديون يكرهون التجديد ويعادون الثورة، ولعل هذا واضح من برامجهم التليفزيونية وجرائدهم وحواراتهم وانحيازاتهم.
عندما تحدث عنهم بول نيزان كان متاثراً بدورهم فى سرقة الثورة الفرنسية وتآمرهم على الجمهورية الفرنسية الأولى، وفرضهم نابليون بونابرت إمبراطوراً على جمهورية أسستها جماهير الثورة، ومارسوا الإستبداد والإنتهازية والطفيلية، ونصبوا المقاصل للثوار والوطنيين، واستبعدوا من دوائر التأثير والضوء كل الكفاءات والمؤهلين، واستوظفوا واستوزروا كل محدودى العلم والقدرات وأنصاف الموهوبين، وعملوا على أن يتصدر الصفوف الأولى مجاهيل الناس وأقلهم قدراً.
ولقد اعتبر نيزان كلاب الحراسة أصحاب فلسفات ورؤى مستقيلة أى مخاصمة للمجتمع ومصالح الناس، ذلك لأنهم قوى رجعية يعملون للحفاظ على استغلال الطبقات الأخرى من العمال والفلاحين والبسطاء وحتى الطبقات الوسطى من المتعلمين والمثقفين لتحقيق مصالحهم الأنانية على حساب الآخرين، ودائماً يتمسحون فى السلطة، ولعل هذا مايسئ للسلطة إذا تركتهم إلى جوارها أو محاولة التحدث باسمها أو الإيحاء للآخرين بقربهم من السلطة. ولذلك فهو لايراهم فى كتابه إلا طفيليات، وزوائد دودية، وجراثيم اجتماعية. ونراهم نحن أخطر من ذلك وأكثر ضرراً.
ولعل أكثر مايسئ إلى عبدالفتاح السيسى وتجربته الوطنية الطموحة هم كلاب الحراسة الجدد، الذين يحرسون مصالحهم ومصالح طبقتهم وأولياء نعمتهم على حساب البلد والرئيس ومصر أيضاً. ويحاولون أن يعيدوا عقارب الساعة للوراء، ويعملون بكل جد على استعادة أمجادهم حين كانوا فى الصفوف الأولى حول مبارك ورجال نظامه، ومن أسف فإن هواة حول الرئيس، أو بعض منهم يمكنون لهم ذلك، فنراهم فى رحلات الرئيس الخارجية ولقاءاته العامة ومناسباتنا الوطنية وتتحدث فضائياتهم باعتبارهم محتكرين حصريين لإذاعة أنشطة الرئيس وتحركاته وحتى مداخلاته. من هؤلاء؟ ومن يُمَكن لهم ذلك؟ هل مؤسسة الرئاسة، أم مكتب الرئيس، أم أجهزة الدولة؟ ومن يصر على دعوتهم للقاءات الرئيس وحواراته والظهور فى معيته، وكأن مصر عقمت إلا منهم، وهو أمر يشككنا فى كفاءة رجال حول الرئيس، مالم نقل تواطؤ بعضهم بما يخصم من رصيد الرئيس الذى يراهن عليه شعبه ويأمل منه الكثير مواطنوه وعارفوا دوره وأهمية وجوده رمزاً لثبات الدولة والحيلولة دون محاولات تفكيكها.
وهنا لابد وأن نشير إلى الفارق الكبير بين من نطلق عليهم دائماً "الحرس الثورى القديم" فى أدبياتنا الوطنية ممن مثلوا ضميرنا الحى للحركة الوطنية عبر مساراتها المختلفة وتاريخنا النضالى الطويل، فقد كتبت لكم هنا عن بعضهم من أمثال خالد محى الدين وحسنين هيكل وشاهندة مقلد وعبدالرحمن الأبنودى وسيد حجاب وصلاح جاهين وفؤاد حداد وأحمد فؤاد نجم وزين العابدين فؤاد وعصمت سيف الدولة وعبد الغفار شكر ورأفت نوار وحمدى مرسى وأبو العز الحريرى ود. محمود القاضى وكمال أحمد وفريد عبد الكريم وأحمد الجمال وعاصم الدسوقى وعزيز صدقى ومحمود السعدنى وأمين هويدى وسامى شرف ومحمد فايق وسعد الدين وهبة وعبدالله إمام وعبد الرحمن الشرقاوى وإبراهيم صبرى عبدالله وفؤاد مرسى وفؤاد محيى الدين وفيليب جلاب ومحمود أمين العالم وحامد سلطان وفريدة الشوباشى وعبد العظيم أبو العطا وزكى مراد، وغيرهم من رموز الحركة الوطنية الذين حرسوا مسيرتنا الوطنية، وبين تلك الزمرة التى تمثل مصيبة حطت علينا من كلاب الحراسة الجدد الذين لايحرسون إلا مصالحهم ومصالح أسيادهم ضد مصالح الناس والوطن.
جدير بالذكر أن مصطلح كلاب الحراسة يقصد به توصيف لوظيفة الصحافة والإعلام فى الغرب الأمريكى التى تحرس الديمقراطية وليس محاولة للتطاول، ولتوضيح الفارق الدلالى للمصطلح فى الأدبيات الغربية نشير إلى الكتاب الشهير "كلاب حراسة الديمقراطية "Watchdogs of Democracy" لرئيسة المراسلين الصحفيين فى البيت الأبيض "هيلين توماس" التى توفيت 2013، حيث طالبت فى كتابها الصحفيين والإعلاميين والسياسيين أن يكونوا شرسين فى الدفاع عن قيم الحرية والديمقراطية والعدالة وألا يتحولوا إلى كلاب أليفة لدى السلطة بما يهدد مصالح الدولة والناس، وهذا بالضرورة غير مايمارسه كلاب الحراسة الجدد فى بلادنا.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بشأن قواعد اللعبة: كلام للرئيس
- العم سيد حجاب: إلّاك
- مصر بين مراهقة الداخل وترصد الخارج
- لاهوت القوة وصناعة الفوضى
- مصر وإفريقيا: الصورة والإطار
- مهام الرئيس وتوجهاته لايحددها الفاشيون
- الشباب والدولة: الفيل والعميان
- د. حسين مؤنس وإدارة عموم الزير
- مجلس النواب وبيان الحكومة
- مصر فى حرب وجود فانتبهوا: كلام للشعب ونوابه
- السعودية - إيران: فخ أمريكى
- هؤلاء الإعلاميون الجهلة: أولى بهم أن يكملوا تعليمهم
- شيزوفرينيا الحرب على داعش: لعل السيسى لا يستجيب لعبدالمنعم س ...
- كارثة إختيار الأقل كفاءة
- أزمة حقيقية أم تمثيلية محكمة؟ من يلعب بالنواب والحكومة؟
- مصر والسعودية والمشهد الدولى المرتبك
- من أنشودة مالك بن نبى إلى حملة أولاند : ياجنرال لست فى الميد ...
- باريس: موهبة النور ومحنة الظلام
- هواة فى مواقع السلطة
- الكاتب المأزوم والأفكار -العميطة-


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - كلاب الحراسة الجدد