أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - السعودية - إيران: فخ أمريكى















المزيد.....

السعودية - إيران: فخ أمريكى


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 5035 - 2016 / 1 / 5 - 23:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ياالله ماأشبه الليلة بالبارحة، ورغمها لانتعلم الدرس أبداً، فكلما بدل الشيطان سمته أوقعنا فى حبائله من جديد وأسلمنا له القياد، ووقعنا فى نفس الفخ المنصوب. نعم التاريخ لايعيد نفسه، إلا أنه اعتاد مراوغة العقل العربى ومشاغلته مادام أسلم وعيه لمن يستهلكه ويتلاعب به، فالتاريخ لايعبأ إلا بالأذكياء ولايحسب حساباً إلا لمن يعرف مصلحته ويراكم خبراته ويتعلم ويتدبر ويفكر.
ذات يوم سألنى المثقف الكبير د. حسن ندير خير الله رئيس جامعة الإسكندرية الأسبق والتالى لرئيس الجامعة التاريخى الفذ د. محمد عبد اللاه، إذ كنت محظوظاً بالعمل إلى جوارهما وتمتعت بصداقة فكرية مع كليهما حين كانت جامعة الإسكندرية تنعم بقادة تاريخيين مثلهما. سألنى ندير: ياسعدنى فى تصورك من هو الذكى؟ قلت مباشرة: هو من يتعلم من أخطائه، وبادرنى بضحكته المجلجلة: ياعمنا هذا هو الغبى بعينه، إذ الذكى فى عرف حسن ندير هو من يتعلم من أخطاء الآخرين، ولا ينتظر أن يتعلم من أخطائه، ولعل إشكالنا العربى الكبير ومحنتنا أننا لانتعلم لا من أخطاء الآخرين ولا حتى من أخطائنا. نعرف بيننا وبين أنفسنا فى نظامنا العربى أن اليانكى الأمريكى المغامر بطبعه لم يخلص لنا أبداً قولاً أو فعلاً، بل كلما طرأ طارئ وجدناه فى صف العدو مخاتلاً مراوغاً ينوى الفجيعة دائماً، ورغمها نصدقه فى كل مرة يبدل فيها سمته فنبتلع الطعم ونسلمه قيادنا، يوقعنا فى مصيدته ويتلاعب بنا ويضرب مصالحنا ولا نتعلم الدرس مهما كانت كلفته باهظة على أوطاننا وشعوبنا ومصالحنا.
أقول هذا وأمامى مساحة عالمنا العربى المستباحة وقد حولها الأمريكان إلى صفيح ساخن، وآثر شيطانهم أن يبقى المنطقة ساخنة مشحونة مأزومة يتهددها الخطر تلو الآخر وتتلاعب بها المصائب من كل حدب وصوب، وتحيط بها المكائد من الرأس للسفح، فبعد أن أجهد العالم العربى سنوات طويلة واستهلك طاقتنا فى الصراع العربى الإسرائيلى، وأمات قضيتنا المركزية فى فلسطين المحتلة، راح يدمر العراق ويعيدها للعصور الوسطى، ولايتركها إلا بعد أن دمر جيشها وضرب فيها مخزون القوة العربية لصالح إسرائيل، وتركها فريسة لحرب طائفية بين سنة وشيعة وأكراد وعرضة للتقسيم، راح يلعب نفس اللعبة مع سوريا، وليبيا والسودان واليمن ولبنان، واستقر مخططه الصهيو أمريكى على إعادة رسم خرائط المنطقة فى سايكس بيكو جديدة، وشرق أوسط كبير تتحول فيه دول المنطقة إلى كنتونات صغيرة تتناوشها الحروب الإقليمية والطائفية والمذهبية، يدمر جيوشها ويستهلك طاقاتها ويسيطر على بترولها ويتلاعب بأرصدتها ويضرب إقتصادها، ويستنزف أموالها فى صفقات أسلحة لتحمى نفسها بعشرات المليارات تصب بسخاء فى آلة إقتصاده ولصالح صقور المجمع الصناعى العسكرى الأمريكى الذى يثرى على حساب إفقارنا. ساعده فى ذلك كله اليمين الإسرائيلى المغامر مثله، وانساقت وراءه أوروبا وحلف شمال الأطلنطى طمعاً فى جزء من التورتة، وغذى الأطماع الإمبراطورية الفارسية الإيرانية وترك لها الباب مفتوحاً لتلعب كيفما شاءت فى العراق وسوريا واليمن ولبنان، وعقد معها صلحاً تاريخياً يغريها به، ثم يوقعها فى حرب طائفية مذهبية بين السنة والشيعة، لتخلوا الساحة لقوى إقليمية تدور فى فلكه ويملك مفاتيحها، إسرائيل وتركيا، واستغل ضعف الذاكرة العربية، وطموح دويلة مارقة مثل قطر لتكون عراب الخراب والدمار فى المنطقة، ولعب كل أوراق حقيرة محتملة بداية من القاعدة، والنصرة وفجر الإسلام وتنظيمات بيت المقدس وغيرها وصولاً إلى داعش التى استخدمها حصان طروادة الجديد يهدد به العالم العربى ودوله خصوصاً بعد أن أحبطت مصر 30 يونيو مخططاته ومآمراته وأنهت على حلمه فى سايكس بيكو الجديدة، فراح يشعل المنطقة بالحروب، ويغذى الفرقة العربية، والوقيعة بين مصر والسعودية ودول الخليج الشقيقة وأجهض مشروع مصر العربى الاستراتيجى فى القوة العربية المشتركة لحماية أمننا القومى، ولعب على إصطناع تناقضات فى المواقف العربية العربية بشأن سوريا، واستطاع استقطاب على عبدالله صالح والحوثيين بمساعدة إيران للعب دور قذر فى تهديد الحدود السعودية فى جيزان ونجران، ولعب على التناقض الشيعى السنى فى البحرين ودق أسافين الفرقة بين الإمارات وقطر، وانزلقت أقدام السعودية فى حرب عاصفة الحزم فى اليمن، وغذى طموح القيادات الشابة فى السعودية للعب دور القيادة فى العالم العربى، وهو طموح مشروع، إلا أن القيادة الإقليمية لاتعطى ببيعة ولاتطلب بتحريك الجيوش والطائرات ولا تشترى بالأموال، القيادة الإقليمية نموذج تقدمه دولة حداثية، وهى دور له معطياته ومؤهلاته الجيواستراتيجية، وهى تراكم تاريخى تدعمه عناصر قوة بشرية وعسكرية وتنموية شاملة، لايصلح معها اللعب على التناقضات وتغذية النعرات الشوفونية وانتهاز الفرص التكتيكية بغض النظر عن ضعف معطياتها الإستراتيجية.
ولنعترف أن الأمريكان لعبوا أوراقهم باحتراف وغواية ونجحوا فى الوقيعة حد اللعب بالنار بين السعودية وإيران وتحولت المنطقة نيراناً مابين السنة والشيعة والأكراد والتركمان والإيزيديين والمسيحيين والموارنة والدروز وكل فصائل الإرهاب وتنظيماته، وهو أمر ليس فى صالح أحد من الفرقاء المحتملين، إنما هو على حسابنا جميعاً ولصالح مخططات صهيوأمريكية تركية وضد مصالح أشقائنا فى الخليج، وتستهدف جر مصر وإيقاعها فى الفخ المنصوب.
ومالم تنتبه مصر وتحسب لمواقفها حساباتها الدقيقة سنغرق جميعاً لا السعودية ولا الخليج وحدهم، والشاهد على ذلك إستنزاف الخزانة السعودية لتخرج موازنتها الأخيرة بعجز مقداره 87 مليار دولار، وسواء كان ذلك بسبب تكلفة الحرب أو تلاعب الأمريكيين بسعر البترول، إلا أنها سابقة لأول مرة تنذر بالخطر إذا ماتخطى العجز حدوده الخارجية إلى الداخل السعودى ومستوى معيشته وخدماته ومشاريع التنمية.
وفى تقديرى وبأى حسابات ممكنة لايمكن لمصر أن تتخلى عن السعودية، كما لايمكنها فى مثل ظروفنا الضاغطة المعقدة أن تنجرف وراء أصوات مغامرة حتى من الداخل المصرى تطالب فى الإعلام وتلوح باستخدام القوة العسكرية المصرية ضد إيران، هذا كلام غير مسئول غير أنه عاطفى، إذ على مصر أن تبادر بدور قوى فى احتواء الأزمة قبل تفاقمها، وأن تقوم بدور دبلوماسى فاعل فى تطويق الأخطار والتداعيات، وتفتح بكل شفافية وبلا أية حساسيات قناة دبلوماسية واستخباراتية مباشرة مع إيران وتضغط مصر بكل أوراقها لتهدئة الأمور، مصر دولة إقليمية كبرى وماتملكه بالدبلوماسية لايقل أهمية عما تملكه بالقوة العسكرية، وهى محام مؤتمن على مصالح السعودية والخليج التى هى فى ذات الوقت عنصر أساس فى دعائم أمننا القومى. وفى تقديرى أن إيران يمكن أن تستجيب للوساطة المصرية أكثر مما تستجيب لغيرها، ولعل تكامل الدور المصرى – الروسى يكون أكثر فاعلية لإحتواء الأزمة التى هى فى أساسها فخ أمريكى، فوق كونها مصيدة لمصر والسعودية والنظام العربى.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هؤلاء الإعلاميون الجهلة: أولى بهم أن يكملوا تعليمهم
- شيزوفرينيا الحرب على داعش: لعل السيسى لا يستجيب لعبدالمنعم س ...
- كارثة إختيار الأقل كفاءة
- أزمة حقيقية أم تمثيلية محكمة؟ من يلعب بالنواب والحكومة؟
- مصر والسعودية والمشهد الدولى المرتبك
- من أنشودة مالك بن نبى إلى حملة أولاند : ياجنرال لست فى الميد ...
- باريس: موهبة النور ومحنة الظلام
- هواة فى مواقع السلطة
- الكاتب المأزوم والأفكار -العميطة-
- روسيا تحت قصف البروباجندا الأمريكية
- فلا تكونوا شوكة فى خاصرة الوطن
- السيسى والسفر عبر الزمن
- الإتحاف والإنباء عن الحكومة والوزراء- السيسى فى اجتماع الجمع ...
- البرادعى يقود الهوسبتاليين الجدد وينعق من جديد
- نخبتنا العاجزة: الدولة لاتصنع السياسة
- التفكير: فريضتنا السياسية الغائبة
- لا أخلاقية السياسة الأمريكية
- إشكاليات الثقافة والإدراك فى العلاقات المصرية الأمريكية
- فى كامب ديفيد .. الشيطان يعظ ويصلح الساعات
- عن الحمقى والمغفلين


المزيد.....




- هل يثير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران زخما لوقف ح ...
- أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طالت ا ...
- مصادر إسرائيلية تتحدث عن قتال صعب وإجلاء جنود جرحى بخان يونس ...
- هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟ ...
- تزايد اختطاف الأطفال على يد جماعات مسلحة بموزمبيق
- فتح الحدود بين إريتريا وإثيوبيا دون إعلان رسمي.. ما القصة؟
- دينيس فيلنوف يقود أولى مغامرات جيمس بوند تحت راية أمازون
- لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
- انقسام في الكونغرس بعد أول إفادة بشأن ضرب إيران
- البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد السعدنى - السعودية - إيران: فخ أمريكى