أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد الخميسي - عرفانا ومحبة في عيد المرأة














المزيد.....

عرفانا ومحبة في عيد المرأة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5456 - 2017 / 3 / 10 - 21:25
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


أتأمل في عيد المرأة صور النساء التي تفوح في القلب كالزهرة : طوابير النساء المصريات المجهدات من العمل وشغل البيت، متعبات من قلة المال وتحرش الرجال. طوابير مؤنثة من واهبات الحنان والحب والأمل – امتدت مثل سلاسل من نور في كل أزمة وثورة، طوابير مؤنثة طالما هدهدتنا ، وأطعمتنا، وسقتنا، وعلمتنا. طوابير من قلوب الأمهات والعاشقات والثائرات والأخوات دفقت دماءها فينا. أتذكر نساء من حياتي، ماما هانم، والدة أخي الأكبر، التي كانت تضع الكتاب على ركبتيها وتراجع معنا الدروس أنا وأخي قائلة " سمعوني القصيدة" فنردد معا " بلادي جنة الدنيا وروض ربيعها الأخضر.. تعالى الله باركها وأجرى تحتها الكوثر". تنصت وعيناها تتابعان سطور الكتاب باهتمام، ثم تقاطعنا فجأة " غلط . سمعوني من الأول". فقط في المرحلة الإعدادية عرفنا أنها لم تكن تجيد لا القراءة ولا الكتابة وأنها كانت تخدعنا لتعلمنا! ولم أحب امرأة في حياتي كما أحببت تلك السيدة الجميلة الفلاحة التي غمرتني بحنانها وعطفها ودعمها. أتذكر جدتي وصبرها على حماقات جدي وكسله وعجرفته كما تصبر الأم على الطفل الأرعن. أتذكر أمي التي كانت لقلة المال تجمع ما يتبقى من طعام كل يوم ثم تعيد طبخه خليطا عجيب الطعم قائلة " تورللي يا أولاد" ! وكان يوم ذلك " التورللي" يوم حزن ونكد. الآن أحاول أن أتخيل كيف تدبرت أمي حياة ستة أطفال براتبها الزهيد؟ أتذكر البنات اللواتي شغلن قلبي وطيرن في أجوائه أوهام المحبة العذبة وعطرها وجعلن له حياة ولو من الخيال. ما من لحظة في وجودنا خلت أو تخلو من المرأة ولا معنى يستقيم بدونها. واهبات الحياة، صانعات المستقبل، ولطالما شعرت بالعرفان لكل النساء الرائعات، الجميلات، حفيدات صفية زغلول، وهدى شعراوي، ونساء ثورة 19 اللاتي ألهمن حافظ إبراهيم قصيدته الجميلة وهو يصف مشاركتهن في المظاهرات قائلا :
خرج الغواني يحتججن ورحت أرقب جمعنه
فإذا بهن تخذن من سود الثياب شعارهـــنه
وأخذن يجتزن الطريق ودار(سعد) قصدهنه
يمشين في كنف الوقار وقد أبـن شعورهنـه
طوابير النساء اللواتي وصفهن صلاح جاهين فيما بعد بأنهن " ألطف الكائنات"، حفيدات شفيقة محمد شهيدة مظاهرات ثورة 19، نساء انخرطن قبل ثورة يوليو في العمل السياسي، ينظمن الاحتجاجات ويخفين المطابع السرية ويندفعن إلي التطوع لحمل السلاح دفاعا عن الوطن ويتعرضن للسجن في التصدى للملك والاستعمار. نساء صورت لطيفة الزيات نموذجا منهن في روايتها المعروفة"الباب المفتوح"حيث لا حرية للمرأة من دون حرية الوطن. نساء نمت صدورهن بآمال الوطن قبل أن تنمو بأحلام الغرام. ثريا شاكر، وانجي أفلاطون، وغيرهما من أخوات فاطمة زكي التي التحقت بكلية العلوم عام 1941، واجتذبتها فكرة العدالة وهي شابة في مقتبل العمر، وكانت تقود الطلاب في المظاهرات ضد الملك والانجليز في العباسية والمناطق المجاورة،وحين رشحها زملاؤها لدخول الاتحاد العلمي لكلية العلوم،حل عليها الذهول وتساءلت"أنا بنت وأرشح نفسي ضد الأخوان المسلمين؟". فأصر زملاؤها. ورشحت نفسها ونجحت في مواجهة الظلامية حينذاك. وكانت أول فتاة تفوز بمقعد داخل الاتحاد في تاريخ الكلية. حفيدات كل النساء الثائرات في العالم، جميلة بوحريد، والكاتبة العظيمة هارييت بيتشر سو التي كتبت رواية " كوخ العم توم " دفاعا عن حرية ملايين العبيد من الزنوج، والتي ما إن نشرت روايتها عام 1852 حتى اشتعلت حرب تحرير العبيد. وعندما التقى بها الرئيس الأمريكي لينكولن قال لها:"أنت إذن المرأة الصغيرة التي أشعلت حربا كبيرة ؟!". نساؤنا هن أيضا حفيدات" لاريسا رايسنر" التي أعطت إشارة انتصار الثورة الروسية عام 1917، عندما وقفت على سطح المدرعة " أفرورا " وأعطت الأمر للمدافع لتسقط " القصر الشتوي" قلعة القيصر الأخيرة. وكانوا يطلقون عليها المرأة الأسطورة. وصفها الروائي فاديم أندرييف بقوله :" لم يكن هناك رجل واحد يمر بها دون أن يتجمد في الأرض مكانه يتابعها بنظراته حتى تختفي، ولم يكن أحد ليجرؤ على الاقتراب منها أبدا، فالكبرياء التي تشبعت بها كل حركة من حركاتها كانت تحميها بجدار صخري لا يدمر". وعندما توفيت كتب الشاعر الكبير باسترناك قصيدته" ذكرى لاريسا " يقول فيها:"ها أنا أقف عاجزا أمام الموت ، بدون أن أعلم كيف تماسكت الرواية الحية – بدون صمغ – على قصاصات الأيام". البنات والنساء المصريات طوابير المحبة والحنان والصلابة التي امتدت بالتضحيات حتى 28 يناير 2011: رحمة محسن ، وزكية محمد ، ومريم مكرم ، ومهير خليل زكي، وهدى صابر، وسالى مجدي زهران، والطفلة هدير سليمان، وأميرة اسماعيل، ورشا جنيدي. يغرم المرء بامرأة واحدة ، لكنني مغرم بكل بنات ونساء وطني الجميلات. لهن في العام الجديد العرفان والمحبة وأطيب الأمنيات.
***
د. أحمد الخميسي. كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طاهر البرنبالي .. انتصار المستحيل
- هل نطالب الأزهر بتكفير داعش؟
- على ربوة - قصة قصيرة
- أماني الخياط دعوة إلي إبادة الشعب !
- أبو المعاطي أبو النجا .. كل كلمات الوداع مرة
- أبو المعاطي أبو النجا .. سلامتك !
- محمود عبد العزيز .. ألفة النجوم
- وداعا دكتور محمد محروس
- في البحرين أزمة من الطبل والزمر !
- من الذي لم يبصق في وجه الشعب المصري؟
- لوقا وأحمد .. خانة الوطن لا الديانة
- لا تنس أن تتذكر !
- مطر الرصيف قصة قصيرة
- الشباب والأدب والشهرة
- مساعدات أمريكية للارهاب الإسرائيلي
- ماعزة من موسكو إلي كييف
- ذكرى ميلاد العبقري ليف تولستوى
- الختان .. انتهاك كرامة البشر
- رياض أفندي والخواجة - بيلا - .. الصورة الأكبر !
- عزيزي جلال الرومي .. كلمني على الماسنجر !


المزيد.....




- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أحمد الخميسي - عرفانا ومحبة في عيد المرأة