أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - أراب آيدول، والسيدة التي تلقي النفايات من سيارتها














المزيد.....

أراب آيدول، والسيدة التي تلقي النفايات من سيارتها


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 5439 - 2017 / 2 / 21 - 12:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اليوم صباحاً: سيارة تتوقف عند دوار الساعة/قلب رام الله، بجانب فلافل ميس الريم. شابة محجبة جميلة تفتح الشباك وتلقي بجريدة أو أكثر على أرض الشارع. لمحت عنوان الجريدة، إنها جريدة القدس. سارع الصغار إنليل وسومر إلى كتابة رقم السيارة 4326...الخ أكسنت لون فضي..الخ حسناً، وماذا بعد؟
لو كانت الشابة المتأنقة المتدينة على ما يبدو قد ألقت بكاسة أو محرمة ل "تفهمت" الأمر: يعني كانت تشرب شيئاً وفجأة وجدت أن عليها التخلص من بقاياه، فألقته دون أن تفكر، أو محرمة استعملتها ولا تريد أن "تلوث" سيارتها فألقت بها إلى الشارع، "ماشي الحال".
لكن الشابة إنما ألقت صحفاً موجودة في السيارة منذ الأمس على الأقل، وكان يمكن أن تظل أياماً أخرى دون أن تتعفن أو تلوث شيئاً. كان يمكن الانتظار حتى الوصول إلى حاوية ما من الحاويات التي تملأ الطرقات والزوايا. لكن الصبية تستبطن فكرة فحواها أن المكان الأفضل لإلقاء النفايات هو ساحات "الوطن" وميادينه العامة.
ترى هل لذلك صلة من نوع أو آخر بحالة عدم المبالاة التي تسم الناس إلى حد بعيد حيال إعلان ترامب/نتانياهو ولفيف السعودية والخليج عن نهاية حل الدولتين؟ عن فتح الباب على مصراعيه أمام الإبداع الصهيوني ليجترح أشكالاً أكثر واقعية لإنهاء الصراع على قاعدة دولة واحدة ثنائية القومية تحتوي على اليهود الأوروبيين واليهود الشرقيين؟
لا ضير بالطبع من بعض الأقليات التي تشبه الأقليات "الهندية الحمراء" في أمريكا والتي لا تزيد عن خمسة في المائة من السكان. يمكن أن نقوم نحن أقارب الشابة التي تلقي القاذورات من شباك السيارة بدور الأقلية العربية التي تزعج النظام وجمال الحياة الرأسمالية الراقية في الدولة البيضاء الوحيدة في الشرق الأوسط.
وطن صبيتنا وبطلة قصتنا هو جسدها على الأرجح، ونرغب في التفاؤل والقول إن غرفتها قد تكون امتداداً لذلك الوطن/الجسد. وهذا يعني أنها قد تهتم بغرفتها وتعتني بها مثلما تعتني بوجهها المزين بالألوان المختلفة على الرغم من تحجبها. لذلك يصعب علينا أن نتخيل أن صبيتنا قد سمعت أي شيء عن نهاية حل الدولتين الذي طالما رأى فيه قسم منا حلماً غالياً منذ أعلن المجلس الوطني في الجزائر في العام 1988 عن "قيام دولة فلسطين" في مستوى الرغبة والأمنية بالطبع، وبانتظار موافقة "المجتمع الدولي" على تبني الفكرة وسقايتها حتى تزهر. من نافلة القول بالطبع أن قسماً منا قد رأى الفكرة كابوساً يؤدي إلى الاستسلام التام والتنازل عن أكثر من 80 في المائة من فلسطين مقابل كيان مقطع الأوصال لا يشبه الدول في شيء. المهم سواء أكان حل الدولتين "غنيمة" أم مغرماً، فإن "الطرف الآخر" هو الذي ركله خارج الشباك مثلما ركلت الصبية الصحف خارج سيارتها.
متأكد أنا، متأكد "199 في المية" أن الصبية الحسناء المحتشمة تتابع أراب آيدول، وتعشق حسن... لا أعرف بقية اسمه. وتفرح لانتصارات فلسطين وممثليها، وتمارس الوطنية والانتماء والإحساس بقيمة التذوق الجمالي على أكمل ما يكون.
هناك أشياء عجيبة نمت منذ بعض الوقت: حلت الرياضة العالمية والمحلية وخصوصاً كرة القدم محل كل شيء بالنسبة للذكور، أما الإناث فيتركز عالمهن في أراب آيدول والأغذية المفيدة والشفط...الخ
لا مكان للسياسة، ولا حيز للصحة والتعليم والثقافة والأحلام التي تخص فلسطين ناهيك عن الأمة من المحيط إلى الخليج.
يسود المشهد تماماً جحا الذي لا يهمه إلا سلامة عنقه. ولا يهتم جحا الفلسطيني إلا بالكيف الذي يملأ رأسه عن طريق أرغيلة المعسل، وأراب آيدول، وكرة القدم وبعض الأحلام المتصلة بولائم الطعام والجنس.
سلامتكم، والوداع لكائن أرسطو الأسطوري المدعو ب "الناطق" أو "المتعقل".
الإنسان يا سيد أرسطو الآن يتحجب بغطاء الرأس إن كان أنثى، ويتجحب بغطاء العقل والقلب إن كان ذكراً، ويمارس أنشطة لا ترغب لسوء حظنا أن تعدها في مستوى ما يميز الرجال الأحرار: أنت تريد الإنسان المنغمس بالسياسة وحياة المدينة/الدولة، الإنسان الذي يتذوق الموسيقى والفلسفة ويقرأ تراجيديا سوفوكليس وشكسبير وسعد الله ونوس وعبد الوهاب البياتي، وقاسم توفيق، وغسان كنفاني، ويقرأ الغزالي وابن رشد، ويحلم بتحرر فلسطين وحريتها، وتحرر العرب ووحدتهم.
ليس لدينا ما تريد أيها العجوز المكدوني الخرف. اتركنا نعيش في المستوى الذي اعتدناه في زمن الهزائم والفكر الوهابي الطائفي المنقرض. اتركنا ننتظر أقدارنا في سلام وسكينة مثلما فعل الرجل البغدادي الذي وقف داخل دائرة مرسومة على الأرض ينتظر المقاتل التتري الذي ذهب لإحضار سكين ليذبحه وهدده بالويل والثبور إن هو غادر الدائرة المرسومة على التراب.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم: المسافة بين الوعظ والممارسة
- أوقفوا العنف والتلقين في المدارس
- معنى كلمة يتبولون
- جنون الكون في حمالة الصدر
- استشهاد جندي اماراتي في اليمن
- الأيديولوجيا والهوية
- أفكار حول الفرق بين العلم والتعليم
- لو صرت وزيراً
- التقارب الأرثوذكسي السني
- انقاذ اللغة العربية وأمة العرب
- محو التفكير في المدارس
- افيغدور ليبرمان وجرائم النظام السوري في حلب
- أردوغان وأوباما وداعش: نهاية شهر العسل؟
- المرأة في عيون الذكر العربي
- أمريكا ملاك الموت
- معركة حلب بين البطولة السورية والنفاق الأمريكي/الأوروبي
- التنمية تحت الاحتلال
- دي ميستورا السني وجورج بوش الشيعي
- الطاقة الإيجابية والشيوخ والحلول الوهمية
- أهمية مؤتمر فتح


المزيد.....




- Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
- خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت ...
- رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد ...
- مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
- عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة ...
- وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب ...
- مخاطر تقلبات الضغط الجوي
- -حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف ...
- محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته ...
- -شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - أراب آيدول، والسيدة التي تلقي النفايات من سيارتها