أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناجح شاهين - الأيديولوجيا والهوية














المزيد.....

الأيديولوجيا والهوية


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 5416 - 2017 / 1 / 29 - 13:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الأيديولوجيا ومبدأ الهوية
ناجح شاهين
يعد مبدأ الهوية الأرسطي أساس عمل العقل الإنساني كله. ذلك أنه يؤكد على أن للواقع هوية ثابتة يمكن التعرف إليها باستمرار، وأن الشيء هو ذاته. في هذا المعنى دعونا نقول إن الشجرة شجرة، وهذا يمنع أن تكون عفريتاً، لأن القول بذلك ينسف هوية الشجرة. مثلاً عندما قال مفيد الوحش في مسلسل "نهاية رجل شجاع" لحبيبته لبيبة إنه يريد فنجان قهوة آخر لكي يشرب البحر معه، ظنت أنه جن. لقد انتهك مفيد مبدأ الهوية، وعدم التناقض معاً. ولكن إساءة فهم المبدأ قد تؤدي إلى "هوية أسطورية" إن جاز لنا هذا القول: هوية تتعالى على الواقع والتاريخ.
وإذا كان مبدأ ارسطو قد دشن فكرة الهوية الثابتة التي لا يجوز انتهاكها، فإن هيرقليطس أولاً ثم هيغل وماركس قد أوضحوا أن الهوية ثابتة على نحو نسبي وظاهري فقط، وأنها في حالة تحول مستمر، ولذلك فإن الهوية في الواقع "سيل" من الهويات. فكأن الهوية "الأولى" "أ" تصبح مع الوقت "أ1" ثم "أ"2 ثم "أ"3 ...الخ ومهما بدا أن الشيء يظل هو هو، فإنه يتغير على نحو عميق ومستتر قد لا تدركه العيون غير المدربة.
وعندما يقول مناحيم بيغن في العام 1981 بعد تدمير المفاعل النووي العراقي: "اليوم انتقمنا من السبي البابلي،" فإنه يؤكد أن العراقيين المعاصرين ما زالوا هم هم البابليين، وأن المسبيين من القدس ونابلس والخليل هم اليهود المعاصرون ذاتهم. وهذه طريقة "مجنونة" في تطبيق مبدأ الهوية لإن العراق اليوم لا علاقة له بما جرى في الألف الأول قبل الميلاد، كما أن "إسرائيل" المعاصرة لا علاقة لها –مثلما أثبت جمهرة المؤرخين- باليهود الكنعانيين الذي تم سبيهم من جبال كنعان.
لكن لماذا نلوم بيغن المسكون بايديولوجيا مهووسة على ما ذهب إليه؟ إن جهات نافذة في صناعة الرأي العام "المقاوم" مثل قناة الميادين يمكن أن تذهب إلى ما ذهب إليه بيغن عندما تخبرنا أن واقعنا الحالي سببه ما جرى أيام بني أمية، وهو قول يجب أن يستدعي أكثر من ابتسامة ساخرة. إنه يستدعي الوقوف بحزم ضد فكر أسطوري غير عاقل ينتشر بيننا حتى في مستوى إعلام "المقاومة" وجمهورها. وبالطبع ليس لبني أمية علاقة سببية من أي نوع بما يجري اليوم. وعلى سبيل المثال يمكن أن يكون لهم علاقة بتشكل العباسية فكراً وسياسة وديناً.
"هوية" التاريخ تتغير تتدريجياً، وعند لحظة معينة تنتهي مرحلة وتبدأ مرحلة جديدة لا صلة لها بالمرحلة السابقة. وبهذا المعنى فإن الحداثة الرأسمالية هي عالم مستقل بذاته، مشروط بقوانينه الخاصة ولا علاقة له بالمسيحية الأولى أو نظام العبودية أو الإقطاع. وبهذا المعنى أيضاً فإن الاسلام المعاصر هو شكل من الإسلام الذي تم بناؤه في زماننا هذا وهو ليس متماهياً في الهوية مع أي من أشكال الإسلام التي سادت في العصر العباسي أو ما بعده من عصور. ولسنا نود الخوض في هذا الموضوع الذي نفضل تركه لمن هم أهل له. ولكننا نقول هنا بسرعة إن فكرة مثل "الإنسان مخير فيما يعلم، مسير فيما لا يعلم" هي فكرة معتزلية أساساً، لأن المعتزلة قالوا "إن الإنسان يقدر على أفعاله" بينما اعتقد الأشاعرة و"أهل السنة والجماعة" أن الله هو السبب الوحيد لكل ما يحصل. وعلى الرغم مما ينسب إلى المعتزلة من "هرطقة" فقد تم تبني فكرتهم المحورية تلك، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من فكر السنة الوهابية المعاصرة.
ولعل تتبع المسيحية أو الإسلام أو البوذية عبر التاريخ يمكن أن يكشف لأي عاقل أن فكرها كان متحولاً، وأن الثبات موجود فقط في عقول الواهمين الذين يظنون وجود نسخة خالدة من معتقدهم يمكن العودة لها في اي وقت. ولكن معاركة تاريخ الفكر والديانات تثبت لمين يريد مواجهة هذا الأمر أن القصة أكثر تعقيداً. ولو طلبنا من أي كان أن يشير إلى النسخة المسيحية أو الإسلامية "الأصل" التي يمكن العودة إليها، فإنه سيجد نفسه في متاهة لن يخرج منها أبداً.
المراحل التاريخية تنتج فكرها و "أيديولوجيتها" الخاصة بها. وعلى الرغم من احتفاظ الفكر بعنوانه القديم فإنه في الحقيقة يتحول ويصبح شيئاً آخر دون أن يدرك مجتمع المؤمنين ذلك. وذلك مفهوم بالطبع، ونستطيع أن نتسامح معه دون شك. ولكن انخراط قوى مثل "الميادين" تضع نفسها في مواجهة الظلام الاديولوجي، والاستعمار، وقوى النفط القروسطية، في السياق الآيديولوجي ذاته، هو أمر خطير، لأنه يعني أن مسلمات الفكر التي ترفض العقل، والمنطق والعلم مرجعاً لها تظل هي سيدة الموقف في بلادنا على الرغم من الاختلافات السياسية التي تصل حد الاقتتال المريع.
ولذلك نتساءل بخوف: هل نحن في مواجهة قوى قروسطية موالية للسعودية والاستعمار الأمريكي- الصهيوني تقاتل قوى قروسطية موالية لإيران ومعادية للاستعمار الأمريكي-الصهيوني؟ إذا كان الجواب بالايجاب، فإننا بالطبع لا نستطيع إلا أن ننحاز إلى الجماعة الثانية مكرهين، لكننا نظل نرتجف هلعاً من غياب القوة السياسية/التاريخية التي يمكن أن تحول واقعنا اقتصادياً وايديولوجيا وفكرياً باتجاه التحرر من عصر الأسطورة الذي كان سائداً ما قبل أرسطو. نعم إن خطاب "الميادين" ينتسب إلى الزمن الذي يسبق أرسطو، ولا بد أن الالمام بأرسطو أو شيء من قواعده المنطقية يمكن أن يجنب قناة "المقاومة" الوقوع في ترهات من قبيل "التوارة تثبت أن فلسطين ليست لليهود": إنه ليحز في أنفسنا أن الميادين لا تعرف أن علماء "إسرائيل" أنفسهم لم يعودوا يقبلون التعامل مع التوراة على أنها نص تاريخي. إنها أسطورة مثل "جلجامش" و"البعل والعناة"، لا أكثر. لكن "الميادين" تعيش هذه الأيام صحوة أسطورية مدهشة.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفكار حول الفرق بين العلم والتعليم
- لو صرت وزيراً
- التقارب الأرثوذكسي السني
- انقاذ اللغة العربية وأمة العرب
- محو التفكير في المدارس
- افيغدور ليبرمان وجرائم النظام السوري في حلب
- أردوغان وأوباما وداعش: نهاية شهر العسل؟
- المرأة في عيون الذكر العربي
- أمريكا ملاك الموت
- معركة حلب بين البطولة السورية والنفاق الأمريكي/الأوروبي
- التنمية تحت الاحتلال
- دي ميستورا السني وجورج بوش الشيعي
- الطاقة الإيجابية والشيوخ والحلول الوهمية
- أهمية مؤتمر فتح
- كنت محظوظاً: كانت امي لا تقرأ
- اراب ايدول ومسلسل الإنجازات الفلسطينية
- خطاب وزير التعليم في السلطة الفلسطينية
- ترامب يعتدل باتجاه السياسة الأمريكية المعتادة
- على هامش سيرك -ترامب/كلينتون-
- بين كلينتون وترامب


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ناجح شاهين - الأيديولوجيا والهوية