أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلال مجاهدي - الأحزاب الاشتراكية المغربية و التغييرات المفاهيمية















المزيد.....

الأحزاب الاشتراكية المغربية و التغييرات المفاهيمية


جلال مجاهدي

الحوار المتمدن-العدد: 5438 - 2017 / 2 / 20 - 00:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمكن اعتبار الاحزاب السياسية بكونها نتاج دينامية الصراع بين مجموعة من الفئات و الطبقات التي ظهرت في العصر الحديث ففي ظل المجتمعات الحديثة التي تتسم بوجود طبقات و مصالح متعارضة و بهدف التمكن من ادارة الصراع على نحو حضاري و متمدن ظهرت الاحزاب السياسية كوكالات و وسائط تمثيلية لفئات اجتماعية معينة بهدف حمايتها و الدفاع عن مصالحها و توسيع دائرة نفوذها و تحديد استراتيجياتها الكفيلة لوصولها الى الحكم لتطبيق تصوراتها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية .

إذن فمناط وجود حزب ما هو الطبقة أو الفئة التي يطمح لتمثيلها و في هذا الإطار , ظهرت الأحزاب الاشتراكية لحماية و الدفاع عن مصالح الطبقة العمالية في مواجهة الطبقة البورجوازية الرأسمالية الممسكة بوسائل الانتاج, هذه الاحزاب و كما هو معروف , قد اعتمدت على أدبيات الفكر الماركسي لتحقيق المشروع الاشتراكي الأصلي الذي يمكن اختزاله في نقطتين الاولى تهم التصور السياسي الذي ليس شيئا آخر سوى إقامة نظام ديكتاتورية البروليتاريا و الثانية تتمثل في احتفاظ مجموع البروليتاريا بفائض القيمة و توظيفه لتحقيق النمو الاقتصادي و التنمية الاجتماعية .

عرف المغرب بوادر الاشتراكية و الشيوعية منذ سنة 1940 إثر إنشاء مجموعة من الاوروبيين الشيوعيين لفرع للحزب الشيوعي الفرنسي بالمغرب و الذي أصبح حزبا مغربيا مستقلا بعدما تولى علي يعتة رئاسته في سنة 1946 كما عرف بداية مفهوم المشروع الاشتراكي بعد انشقاق مجموعة من التقدميين عن حزب الاستقلال خاصة بعدما أعلن علال الفاسي عن ولاءه المطلق للسلطة الملكية حيث تم تأسيس اول حزب تقدمي بمرجعية اشتراكية سنة 1959 الذي هو الاتحاد الوطني للقوات الشعبية و إثر المواجهات التي حدثت بين السلطة و المكون الاشتراكي و التي أسفرت عن آلاف الاعتقالات و التصفيات الجسدية و حل الحزب الشيوعي و الحزب المنبثق عنه لاحقا و الذي سمي بالتحرر و الاشتراكية و ما إلى ذلك من أحداث معروفة لا يتسع المجال لذكرها حيث امتدت فترة الصراع منذ بداية الاستقلال إلى غاية سنة 1973 و مع ميلاد حزب الاتحاد الاشتراكي و تبني الاختيار الديموقراطي في المؤتمر الاستثنائي لسنة 1975 تحت شعار " الديموقر اطية وسيلة و غاية " عرف اليسار المغربي بداية التحول الى فكر الاصلاح السياسي عوض فكر التغيير الجذري .

دخول الأحزاب اليسارية في مراجعات فكرية دفعتها إلى تبني سياسية التوافق الوطني حول القضايا الوطنية خاصة الصحراء الغربية وإلى تبني الخيار الديموقراطي عوض المفاهيم التي تتمحور حول ديكتاتورية البروليتاريا و كذا تبني مقاربة الاصلاح السياسي عوض التغيير الجذري ,و كانت هذه المقاربات هي عنوان المرحلة التي تلت الصراع و مع مضي الوقت انضمت لها معظم الفصائل اليسارية الاشتراكية .

تبني فكر الاشتراكية الديموقراطية من طرف الاحزاب اليسارية المغربية و العالمية كان نتيجة حتمية , فمن الطبيعي أن يتطور الفكر الاشتراكي في هذا الاتجاه , ذلك أن الطرح السياسي الاشتراكي كان يعاني من قصور المنطلق و رغم أن النظرية الاشتراكية لم توفق في التطبيق كما هي على أرض الواقع لكن تبقى النتائج الواقعية لها دلالتها , فنظرية ديكتاتورية البروليتاريا التي حاول السوفييت تطبيقها اصطدمت بالمحك الذي هو الواقع , حيث أمام الفراغ على مستوى القاعدة و عدم وجود المنافسة السياسية استفردت السلطة في الاتحاد السوفياتي بالحكم وبفعل الواقع و الاحداث, تقوت إلى أن سقطت في الديكتاتورية و نفس الملاحظة و الاستنتاج تنطبق على باقي الاشتراكيات , أمام هذا المعطى كان لا بد للفكر الاشتراكي من التطوير و تفادي هذا القصور بخصوص هذا الشق فكان لا بد من التحول من تبني فكرة ديكتاتورية البروليتاريا إلى فكرة التنافسية السياسية التي يمثل مفهوم الديموقراطية وعاء حضاريا لها .

وبخصوص تبني مقاربة الاصلاح السياسي عوض الخط الثوري الذي يروم التغيير الجذري , فإن هذا التبني كان نتيجة مراجعات فكرية عميقة ,و ما تنبه له الاشتراكيون في المغرب و عبر العالم , أن التغيير في حركته و مساره و فاعليته هو تغير شامل لا يتأتى بان يتغير الواقع السياسي فقط بل يقتضي تغيير الارضية التي هي المجتمع و وتحديثه ككل , و الدليل على ذلك أنه حينما ادعت العديد من الدول العربية كالعراق و مصر و سوريا و الجزائر بانها انتقلت إلى الاشتراكية مع احتفاظها بالنظم المجتمعية التقليدية فانها لم تقم حينذاك سوى بالكذب على نفسها ومحاولة توهيم العالم , فبدون تحديث المجتمع لا مجال للقول بإمكانية اقامة الاشتراكية .

و الاصلاح السياسي في طبيعته , هو نتيجة و ليس أداة أو وسيلة و أن يحصل الاصلاح عن طريق تراكم المكتسبات الديموقراطية و تدريجيا بموازاة مع تطور المجتمعات و الاقتصاد و الوعي السياسي , هو أمر لا نقاش بأنه أفضل و أسلم من التغيير الجذري الذي لا يحترم التراكم و التطور و التحديث و الذي في الأغلب الأعلم لا يستطع أن يصل إلى مبتغاه و إن استثناء وصل إليه فإن ذلك يتطلب وقتا طويلا , هذا دون الحديث عن الدمار و الويلات التي قد تؤدي إليها محاولات التغيير الجذري الثورية و التي يمكن أن تفشل في مساعيها في آخر المطاف .

الاحزاب اليسارية الاشتراكية و على رأسها الاتحاد الاشتراكي و التقدم و الاشتراكية و هي تحاول تجاوز أزمات الفكر الاشتراكي ودغمائية بعض مفاهيمه و النكسات التي تعرضت لها الاشتراكية بعد انهيار النموذج السوفياتي و المعسكر الشرقي و سقوط حائط برلين , سقطت في فخ دغمائية جديدة و هي الواقعية و الواقع وحاولت سلوك منطق البراغماتية السياسية , الشيء الذي أدى بها سريعا إلى الذوبان في أحضان السلطة المركزية التي تنتهج سياسية الاحتواء و بذلك فقدت مصداقيتها التاريخية و جاذبيتها للجماهير .

الأحزاب اليسارية الاشتراكية تخلت عن الجانب الإيديولوجي الذي هو كنه و جوهر جاذبيتها الجماهيرية و عوض تطويره لكونه الأساس و صياغة مشروع سياسي و اجتماعي و اقتصادي مبني على التراكم الفكري الاشتراكي , اقتضت ممارستها أن تلتجأ إلى مصطلح الواقع و الواقعية و الحال أن التماهي مع الواقع هو في حد ذاته تماهي مع السلطة القائمة التي صنعت ذلك الواقع .

بعض الاحزاب اليسارية بعدما أدركت عدم جدوى سياسة الكرسي الفارغ كحزب الطليعة و الحزب الاشتراكي الموحد شكلت فيديرالية مع حزب المؤتمر الوطني الاتحادي و قررت خوض الانتخابات التشريعية و المحلية و فك عزلتها عن المجتمع لكن بالنظر لكونها لم تبنِ أي قاعدة اجتماعية يمكن التعويل عليها انتخابياً كانت نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة مخيبة للآمال حيث لم تحصل فيديرالية اليسار سوى على مقعدين اثنين .

تبدوا أن مهمة الاحزاب الاشتراكية المغربية الأولى هي فكرية و تتمثل في إعادة صياغة تصور واضح عن مقصودها من الاشتراكية و من الاصلاح السياسي و اعداد مشروع مجتمعي متكامل بعيدا عن الاجمال .

و منه فالأحزاب اليسارية الاشتراكية بحاجة الى خلايا فكرية حقيقية تشتغل بانتظام لدراسة تصوراتها عن هويتها من جهة و لإعداد مشروعها المجتمعي و لتكوين صورة واضحة عن الاشكاليات المفاهيمية المطروحة بهدف تطوير جهازها المفاهيمي ,



#جلال_مجاهدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بعد المحاولات الفلسفية لتفسير الوجود - مقاربة خاصة -
- على ضفاف مفهوم الديموقراطية
- الاصلاح السياسي كمفهوم و كضرورة
- تشييء الانسان
- مساحة الفراغ بين الواقع و الإدراك
- العقلانية بين مفهوم العلم و مفهوم المعرفة
- ثقافة المجتمعات من التثاقف إلى التثقيف إلى ثقافة العولمة
- المذهب الوهابي منبع إرهابي سطر تاريخه بالدماء
- ما وراء التعثر المؤقت في تشكيل الحكومة المغربية
- البوليزاريو و انعدام الشرعية و الصفة لتمثيل الصحراويين
- إصلاح القضاء في المغرب و الأركان المظلمة المسكوت عنها
- الخطاب القومي الأمازيغي المغربي و ضرورة إعادة الصياغة
- استخدام و توظيف مفهوم القيمة و فائض القيمة لكارل ماركس
- توصيات الصناديق الائتمانية الدولية و عرقلة الاقلاع الاقتصادي ...
- ضوابط استعمال رجل الشرطة لسلاحه الوظيفي في مواجهة مسلحي الشو ...
- نظام الحكم المخزني المغربي في مواجهة تفاعلات الحراك الفكري ا ...
- أمازيغ المغرب و الاستعراب و إشكالية الانتماء
- الالحاد سقوط في اللاعقلانية – الجزء الثالث-
- الالحاد سقوط في اللاعقلانية – الجزء الثاني -
- الإلحاد سقوط في اللاعقلانية – الجزء الأول -


المزيد.....




- مواقف جديدة لإيران بشأن التخصيب النووي: استئناف القتال مع إس ...
- فيديو- مشاهد مؤثرة لطفل فلسطيني يركض حاملاً كيس طحين وسط واب ...
- رقم قياسي - هامبورغ تشهد أكبر مسيرة في تاريخها لدعم -مجتمع ا ...
- ويتكوف يلتقي في تل أبيب عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزي ...
- -واشنطن بوست- تنشر صورا جوية نادرة تكشف حجم الدمار الهائل ال ...
- المبعوث الأمريكي ويتكوف يلتقي في تل أبيب عائلات الرهائن الإس ...
- -ما وراء الخبر- يناقش أهداف زيارة الرئيس الإيراني لباكستان
- والد الطفل عاطف أبو خاطر: أولادنا يموتون تجويعا أو تقتيلا عن ...
- مصادر إسرائيلية: أسبوع حاسم ستتخذ فيه قرارات تغير وجه الحرب ...
- رئيسها زار باكستان.. هل بدأت إيران ترتيب الميدان لحرب جديدة؟ ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلال مجاهدي - الأحزاب الاشتراكية المغربية و التغييرات المفاهيمية