أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلال مجاهدي - على ضفاف مفهوم الديموقراطية














المزيد.....

على ضفاف مفهوم الديموقراطية


جلال مجاهدي

الحوار المتمدن-العدد: 5426 - 2017 / 2 / 8 - 15:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أصدق شيء استنتجه بعض المفكرين و الفلاسفة مشكورين و على رأسهم ليوتار , هو أن المفاهيم ليست سوى ألعابا لغوية , المفهوم ليس له وجود ذاتي و لا يعرف مدلوله إلا بنقيضه , فالرأسمالية لا نعرفها إلا بمواجهتها بالاشتراكية و الديموقراطية لا نعرفها إلا بمواجهتها بالديكتاتورية , النقيض هو من يحدد المناقض في لعبة الالعاب اللغوية , طبعا المفاهيم لا تتجسد إلا من خلال نتائجها و آثارها , لكن هذه الآثار و النتائج ليست كنه المفهوم ولا دلالته و هي لا تعرف إلا بعد التنزيل الواقعي لها , وكم من لعبة لغوية كان ينتظر منها إعطاء نتائج معينة فانقلب الأمر بفعل الواقع إلى نقيضها .

الايديولوجيات و المفاهيم كلها مجرد ألعاب لغوية , تتصارع بينها في ميدان الكلمات و كل مفهوم و كل إيديولوجية تقدم نفسها في الميدان اللغوي كأنها الحقيقة المطلقة و كآخر ما يمكن للعقل البشري أن ينتجه و تعرض علينا آليات تحليلها كأنها المفاتيح الوحيدة التي تمكن من فتح قبة السماء و خزائن الأرض , الكلمات تمارس علينا سحرها فهي تقنعنا بوجاهة ما تدعونا إليه و بعض من المفاهيم تجعلنا نعتقد بصحة الأوهام التي ترسمها في عقولنا و في بعض الأحيان لا نستطيع تصور العالم من غير وجودها .

مفهوم الديموقراطية المترسخ في أدهاننا و الذي تؤلهه عقولنا و الذي نعده المقياس الوحيد الذي نعير به أنظمة الحكم ,هو في أصله مفهوم غير واقعي ,لكن دخلت عقولنا في قفصه ولم تعد قادرة على الرؤية من دونه .

هذا المفهوم الذي كان بدأ يتمثل في حكم الشعب نفسه بنفسه , هو مفهوم لم يتحقق يوما على أرض الواقع , فلم يوجد عبر العصور شعب حكم نفسه بنفسه , الذي حدث هو أن الواقع رفض المفهوم و لم يتقبله فلم يتحقق يوما , لكن بالنظر لمرونة قواعد الالعاب اللغوية , أخدنا نفس الكلمة و أعطيناها مدلولا آخر , فصار حكم الشعب بواسطة ممثلين عنه يقوم بانتخابهم , و صدقنا القصة ببساطة و سذاجة و لا زلنا نرددها , لكن مرة اخرى نقول بأن المفهوم لم يتحقق و هو مفهوم غير واقعي و لن يتحقق يوما , فمفردة الحكم هي مفردة عامة تشمل كل من بيده سلطة , سواء قضائية أو تنفيدية أو تشريعية أو عسكرية و بما أن الحكم و السلطة ممارسة فإن أبسط موظف من موظفي السلط يتعين أن يكون منتخبا و غني عن البيان بأن الأمر غير واقعي و لا يمكن تحقيقه.

نبتعد قليلا عن دائرة الواقع و نرخي العنان شيئا ما لمخيلتنا فنفترض في عالم المثال أن الأمر تحقق في دولة ما و استطاعت هذه الدولة المحترمة جدا تحقيق الديموقراطية لدرجة مائة بالمائة و تم انتخاب كل من يمارس سلطة, و لنتمعن شيئا ما في نتائج هذه الديموقراطية المطلقة , الموظفون المنتخبون في مختلف القطاعات يجلسون على كراسيهم دون فعل أي شيء فقد أسندت لهم مهام تقنية و معقدة لا يعرفون عنها شيئا و التي تتطلب سنوات من الدراسة و التدريب الميداني و سنوات من الخبرة , قطاعات برمتها متوقفة , و القضاة المنتخبون حائرون لا علاقة لهم بالقانون و لا بالممارسة و القضايا تحكم ذات اليمين و ذات الشمال و الضباط العسكريون و المدنيون يقدمون أوامرهم كيفما تأتى ....., بعد مرور بضعة أيام , مواطني هذه الدولة المحترمة جدا وجدوا أنفسهم مضطرين للمطالبة بالبيروقراطية و بمزيد من الديكتاتورية و بإقالة المنتخبين و إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه حتى تستقيم أمور الحكم و الدولة, و المنتخبون بعضهم قبل و بعضهم أعجبه المنصب و المقابل المادي و عارض إقالته و تمسك بالمبادئ الديموقراطية التي قادته إلى منصبه و بذلك عمت الفوضى في هذه الدولة الديموقراطية جدا .

نرخي الستار على هذا المشهد المأساوي المتخيل للديموقراطية المطلقة , لنطرح السؤال على أنفسنا ما هو مفهوم الديموقراطية الذي نريده و إلى أي حد يمكن إرخاء العنان له طالما أنه على درجة أقل أصبح هذا المفهوم يقود بمجموعة من التافهين إن لم نقل المجانين إلى منصة الحكم و الدليل العالمي على قصورالمفهوم وسذاجة صيغته الحالية هو وصول الرئيس الأمريكي الحالي ترامب إلى رئاسة أعظم دولة في العالم .

مفهوم الديموقراطية حاليا هو مرادف لمفهوم عملية التصويت , و كل من يحسن قواعد لعبة التصويت سواء بخبثه أو بماله أو بعلاقاته أو غير ذلك , يمكن له الوصول لمناصب المسؤولية و هو غير مؤهل حتى للاضطلاع بأدنى الوظائف شأنا .

فهل آن الأوان لإقرار مفهوم الديموقراطية المقيدة , طالما أن المسؤوليات هي مناصب تتطلب الكفاءة الدراسية و الحنكة و التجربة و الثقافة الموسوعية , أم سنبقى في إطار وصف "هكذا حكم التافهون العالم" الذي عنون به الفيلسوف الكندي آلان دونو كتابه الأخير .




#جلال_مجاهدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاصلاح السياسي كمفهوم و كضرورة
- تشييء الانسان
- مساحة الفراغ بين الواقع و الإدراك
- العقلانية بين مفهوم العلم و مفهوم المعرفة
- ثقافة المجتمعات من التثاقف إلى التثقيف إلى ثقافة العولمة
- المذهب الوهابي منبع إرهابي سطر تاريخه بالدماء
- ما وراء التعثر المؤقت في تشكيل الحكومة المغربية
- البوليزاريو و انعدام الشرعية و الصفة لتمثيل الصحراويين
- إصلاح القضاء في المغرب و الأركان المظلمة المسكوت عنها
- الخطاب القومي الأمازيغي المغربي و ضرورة إعادة الصياغة
- استخدام و توظيف مفهوم القيمة و فائض القيمة لكارل ماركس
- توصيات الصناديق الائتمانية الدولية و عرقلة الاقلاع الاقتصادي ...
- ضوابط استعمال رجل الشرطة لسلاحه الوظيفي في مواجهة مسلحي الشو ...
- نظام الحكم المخزني المغربي في مواجهة تفاعلات الحراك الفكري ا ...
- أمازيغ المغرب و الاستعراب و إشكالية الانتماء
- الالحاد سقوط في اللاعقلانية – الجزء الثالث-
- الالحاد سقوط في اللاعقلانية – الجزء الثاني -
- الإلحاد سقوط في اللاعقلانية – الجزء الأول -
- ثقافة الثورة
- القرآن من تسامح النبي الى تعصب المسلمين


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي لـCNN: ننتظر قرار ترامب بشأن إيران
- ماكرون يحذر من -تداعيات- تغيير النظام الإيراني -عسكريا-: -سي ...
- غزة - عشرات القتلى من منتظري المساعدات وإسرائيل تحقق في الوا ...
- -نيويورك تايمز-: القوات الأمريكية في حالة تأهب قصوى في قواعد ...
- أردوغان: نتنياهو أكبر تهديد لأمن المنطقة
- صفارات الإنذار تدوي في مناطق واسعة من إسرائيل بعد رصد إطلاق ...
- زيلينسكي يطلب من الدول الغربية دعما بـ 40 مليار دولار سنويا ...
- وزير مصري سابق يفجر مفاجأة بشأن الصراع بين إسرائيل وإيران
- إعلام: مستشارو ترامب منقسمون بشأن توجيه ضربة أمريكية لإيران ...
- -سي إن إن-: ترامب رفض إرسال مسؤولين للتفاوض مع إيران وتخلى ع ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلال مجاهدي - على ضفاف مفهوم الديموقراطية