|
بدون مؤاخذة-الاستهبال الدّيني والحروب
جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)
الحوار المتمدن-العدد: 5410 - 2017 / 1 / 23 - 11:44
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
جميل السلحوت: بدون مؤاخذة-الاستهبال الدّيني والحروب يبدو واضحا أنّ الطّغاة يتستّرون خلف الدّين فيبطشون ويقتلون ويدمّرون، ويخدعون الشّعوب التي تصدّقهم ظنّا منها أنّها ستفوز بالآخرة. فالرّئيس الأمريكيّ الأسبق جورج دبليو بوش احتلّ أفغانستان عام 2001 والعراق عام 2003ودمّرهما، وقتل وشرّد الملايين فيهما، وهو يصرّح دون أن يرفّ له جفن بأنّه يتلقّى تعليماته من الرّبّ يوميّا، وإذا استطاع خداع شعبه بهذا الإيمان الزّائف، فإنّ المحزن أنّ "كنوزه الاستراتيجيّة في منطقتنا" لم يكتفوا بالمشاركة معه، بل قاموا بتمويل هذه الحرب الكارثيّة التي لا تزال تستبيح دماء الشّعب العراقيّ، وتدمّر هذا البلد العظيم، كما تبرّع أصحاب العمائم واللحى بإصدار الفتاوي والتّحريض لمواصلة القتل والتّدمير حتّى يومنا هذا، برغم اعتراف الأمريكيّين بأنّ حربهم على العراق بنيت على أكاذيب، واعتبرها بعضهم خطأ كبيرا. أمّا أصحاب العمائم السّوداء فقد وجدوها ولا يزالون فرصتهم للثّأر من وطنهم وشعبهم لحرب نظام صدّام حسين مع إيران، فتركوا العراق نهبا لإيران، ويطلقون مليشياتهم تنهب وتدمّر وتقتل وهم يهتفون:"لبّيك يا حسين"! وكأنّ آل البيت لهم وحدهم دون غيرهم من المسلمين، وتوّلت أمور العراق بعد ذلك حكومات من الطّائفيّين والسّرّاق، فنهبوا ثروات البلاد، وزادوا عذابات شعبهم عذابات أخرى لا يبشّر المستقبل المنظور بنهاية قريبة لها. والوضع لا يختلف كثيرا في سوريا، ليبيا، اليمن، سيناء المصريّة. "فمشايخ السّلاطين" فتاويهم جاهزة لإباحة القتل والتّدمير، وتتوقّف بعيدا عن حدود الأعداء الحقيقيّين للأمّة، بينما "مشايخ المتأسلمين الجدد" يواصلون الفتاوي بتحليل "جهاد النّكاح" و"الجهاد" لتدمير بلدانهم، وقتل شعوبهم، واستنزاف جيوش وتحطيم اقتصاد بلدانهم، ، ويبدو أنّها لن تتوقّف قبل تنفيذ مشروع "الشّرق الأوسخ الجديد" الأمريكيّ، والذي يهدف إلى إعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة. ولاستمرار الجريمة فإنّ تغذية الطّائفيّة بين مسلم وشيعيّ، والتّحريض على أبناء شعوبهم من غير المسلمين تتصاعد يوميّا، ويغذّي هذه الجرائم فتاوي وتحريض من "مشايخ" لا يخافون الله في استهبال واضح لعقليّة الرّعاع، واستغلال محكم للجهل السّائد في أمور الدّين والدّنيا، وتتعالى الجرائم بالتّحريض على غير المسلمين في بلدانهم، ومنهم مسيحيّو الأقطار العربيّة، وهم مواطنون أصيلون لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم. ومن جانب آخر فإنّ قادة الحركة الصّهيونيّة أوّل ما فكّروا "بجمع شتات وإقامة وطن قومي لليهود" رشّحوا أوغندة في افريقيا، والأرجنتين في أمريكا الجنوبيّة، فخافوا أن لا يستجيب اليهود لدعواتهم، فرفعوا شعارا دينيّا "العودة إلى أرض الميعاد" ونجحوا في دعوتهم بدعم من قوى الامبرياليّة العالميّة؛ لتقوم اسرائيل بقوّة السّلاح كقاعدة عسكريّة متقدّمة في منطقة الشّرق الأوسط؛ لحماية مصالح الدّول الدّاعمة، على حساب الشّعب الفلسطينيّ بشكل خاصّ، وشعوب المنطقة بشكل عامّ. وبعد حرب حزيران عام 1967، واصلت الحكومات الاسرائيليّة المتعاقبة الاستيطان في الأراضي المحتلّة، لتصل ذروتها في عهد حكومة بنيامين نتنياهو، التي تفضّل الاستيطان والتّوسّع على السّلام العادل، ومن منطلقات دينيّة تحت شعار "أرض اسرائيل الكاملة" تطلق على المستوطنات أسماء توراتيّة، مستهبلة شعبها وشعوب المنطقة، ومستهبلة الرّأي العام العالميّ بدعاية مضلّلة، تساندها في ذلك المسيحيّة المتصهينة في أمريكا وأوروبا، وليس بعيدا ذلك اليوم الذي سيجري فيه تقسيم المسجد الأقصى إن لم يهدم كاملا، ومن منطلقات دينيّة يهوديّة لبناء الهيكل اليهودي على أنقاضه، وسيجد العرب والمسلمون من يفتي لهم بأنّ ما جرى ويجري قدر وقضاء الله، وهذا قمّة استهبال الشّعوب. واستهبال الشّعوب دينيّا، واستغلال جهلهم بدينهم ودنياهم معروف تاريخيّا، وقد حذّر منه المفكّر الاسلامي ابن خلدون (1332 - 1406م) في "المقدّمة"، ولعلّ في إعادة قراءة حملة "الشّيخ" نابليون على مصر، وهولاكو على بغداد ما يفيد بهذا الخصوص لمن يتّعظون من التّاريخ. 23-1-2017
#جميل_السلحوت (هاشتاغ)
Jamil_Salhut#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدون مؤاخذة- الاستهبال وتعطيل العقل
-
بدون مؤاخذة: الاستهبال الدّيني مرّة ثالثة
-
بدون مؤاخذة: الاستهبال باسم الدّين مرّة أخرى
-
بدون مؤاخذة- الهبل والاستهبال باسم الدّين
-
بدون مؤاخذة-هبل الفيبسبوك Face Book
-
بدون مؤاخذة- فضائيات الهبل العربي
-
بدون مؤاخذة-القدس ونقل السفارة الأمريكية
-
بدون مؤاخذة-إذا عرف السّبب...
-
تحضير الأرواح ورواية -سبيريتزما-
-
مشاعر خارجة عن القانون والحبّ المتعثّر
-
بدون مؤاخذة- فلسطين الفدرالية
-
بدون مؤاخذة- لعلّ وعسى
-
كانت القدس وستبقى كذلك
-
موسوعة المفاهيم اللغوية لطارق المهلوس
-
بدون مؤاخذة- أمّي الرّاهبة
-
بدون مؤاخذة-نائب القدس المسيحي
-
بدون مؤاخذة- أخي المسيحيّ
-
بدون مؤاخذة- أعياد الميلاد المجيدة
-
بدون مؤاخذة-جريمة الكرك ليست عفوية
-
محمود شقير وصديقه والحمار
المزيد.....
-
استقبل دلوقتي.. تردد قناة طيور الجنة 2024 علي نايل سات وعرب
...
-
شاهد.. تكريم 600 محجبة في المسجد الأقصى
-
عقب اعتبار خطيب المسجد النبوي أن ذلك -بدعة-.. دار الإفتاء ال
...
-
بابا الفاتيكان يرد..من هو الأقل شراً بين ترامب وهاريس؟
-
اناشيد اطفال مستمرة على مدار اليوم عند استقبال تردد قناة طيو
...
-
السيد الحوثي: امتنا الاسلامية مستهدفة بكل الاشكال وتواجه مخا
...
-
السيد الحوثي:الأمة الإسلامية مستهدفة من جانب أعدائها بكل الأ
...
-
السيد الحوثي: المسلمون في موقف مخز تجاه ما يرتكبه الاحتلال م
...
-
السيد الحوثي: سمعنا سابقا عن مخطط ومؤامرة لبناء كنيس يهودي ث
...
-
السيد الحوثي: اليهود يدركون ان جريمة تدمير الاقصى خطيرة وتست
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|