أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - تونس بين ديدان الأرض و ثورتها














المزيد.....

تونس بين ديدان الأرض و ثورتها


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 5405 - 2017 / 1 / 17 - 02:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الذكرى السادسة للثورة مرت باهتة المعالم شعوريا. سارت بشكل عام في موكب من الامبالاة الشعبية. لولا الاحتـفاء الإعلامي الذي مال بشكل واضح إلى السرديات اليسارية و الذي أثث مشهد الذكرى، لكانت تعتبر دون أي اعتبار من شأنه تحفيز الاعتـناء بالتفكير في هذا التاريخ 14 جانفي..
و الحقيقة، إن القول، الذكرى السادسة للثورة، يحمل مغالطات عديدة من شأنها أن تـتـقدم بمشهد التعمية فتكـثـف السحب السوداء الحاجبة لشمس الحقيقة، مما ينـتـشل العـقـل من حالة الصواب الممكنة..
إنها ليست ثورة بمعنى الاكتمال المنجز أو الثمرة الحاصلة من النبتة. إنها مغالطة يسوق لها المستـفيدون من مسارها إلى غاية الآن. لكن بما أنها حدث تاريخي فمسار التاريخ متعرج يمنة و يسرى كسكير تعتعه السكر. و بتحليل فلسفي منطقي فالتاريخ ذو مسار ديالكتيكي فيه الانبثاق و السلب و التجاوز نحو مرحلة متـقدمة ايجابية. أي انه دائم الحركة و الروغان و ليس من الجهل فقط الاطمئنان إلى اللحظة بل انه لمن الغباء البهيمي أن تعتبر الواقع مثلما ترغـب في تأبيد لحظة من لحظاته العابرة حتما غصبا عن الجميع..
و بديهي بالنسبة للاشتغال التـفكري حتى و إن طبع بالمثالية أن ينـشغل بالواقع. انه لمن دواعي التدقيق في تحديد المفاهيم الأقرب إلى الواقع، أن تبني تصورات أقـرب إلى الحقيقة.. و بديهي أن الواقع يشدنا أكثر من السماء في اللحظات الحرجة.. ذاك انه يستحيل مستـنـقعا يخبطك خافضا رأسك الى الأسفل منـشغلا بكل كيانك في تحريك رجليك المثـقـلتين بالوحل المنزلق بك تباعا نحو الموت الرديء..
يجدر بالإنسان أن يفكر في طريقة موت كريمة ليست كريهة فيها من العزة و الكبرياء و القوة.. أما الموت غرقا في الوحل الذي يمتصك شيئا فشيئا حتى انك قد تستمتع قليلا بالبرودة إن كان الجو حارا فهذه خاتمة جحيمية تعيسة لكائن بشري تعيس عاش حياة تعيسة ملؤها البؤس و المذلة و التـقـزم و الاستصغار للكائن الإنساني المفترض أن يولد من الركام البشري المقـزز التعيس...
المؤكد أن تونس شهدت لحظة الانفجار الثوري، الذي لا يعني الثورة و إنما فوضى تخلق أكوانا و كواكب ثورية. إننا بالكاد اليوم على حدود الفوضى السياسية و الفكرية و الاجتماعية. و بدءا من صفحة القناصة الفاشلة إلى الترويكا الفاشلة إلى المرحلة الندائية الفاشلة، فانه يمكننا الاستـنـتاج أن قوى الشعب الثائر الحر، هي بصدد التجاوز النهائي لمرحلة الفوضى الناتجة عن الصراع بين القلة التي تريد الحفاظ على سلطتها بلعبة القـناصة و الإسلاميـين ثم التجمعيـين الواصلين بواسطة عربة يسارية مهترئة، و بين قوى الشعب الثائر الحر الطامح إلى كوكبة الثورة في عالم إنساني جديد.. الصراع بين ديدان الأرض و الأرواح الثورية النبيلة التي تـتوق في النهاية إلى رقصة الاهية مبتهجة على أرضه..
أما أن تهفو اليوم خفيفا صاغـرا كريشة في مهب الريح و تطلق عوائك الذئبي البائس لذئب دون مخالب و أنياب لتسحب صورة الرداءة السياسية على جميع الأحزاب السياسية، فما هي إلا حيلة دفاعية نفـسية حقيرة تمكنك بحجب نفـسك أمام نفـسك بغرور فضائحي مقيت. تريد أن تحجب إقرارك بمسئوليتك في العلامة التي وضعتها في المربع الغلط الذي اخترته أنت. و معلوم أن الغلط جائز لكنه غير مغفور إن لم تعترف به لتجاوزه التجاوز الصحيح. فتلك هي فلسفة المغفرة و ليس أن تـتـقصد الاستمرار في الخطأ الذي تعلم به خطئا و تقول أن الله غفور رحيم.
فهل تـترك المشهد كليا بغرور زائف يأبى تحمل مسئوليته التاريخية، أم الأجدى أن تبحث و تـفكر و تـناقـش و تحرك سهام الفكر لديك لترتـفع إلى الإنسان أولا، باعتبار الإنسان كائنا مفكرا و الحيوان لا يفكر؟
أليس المطلوب الآن من الجماهير أن تدفع بنفسها إلى حلبة الأفكار ؟ أليس الأجدى بها أن تبحث عن الأخلاق السياسية و النبالة الثورية الصادقة؟ أليس معلوما اليوم من الطرف الصادق وسط زحمة الكاذبين؟ أليست الأزمة السياسية برمتها بما فيها اللحظة الثورية الانفجارية ما هي إلا طلب لسلطة نـزيهة تـتصف بالمصداقية فتـشيع الثـقة في البلاد و المحبة؟ لماذا "بورقيبا" لا يزال حيا؟ أليس لأن غالبية الشعب كانت تصدقه و تـثـق فيه؟
فالمطلب الأساسي للانفراج السياسي هو السلطة الصادقة. و يبدو بوضوح أن التركيبة السلطوية الحالية هي آخر نقطة في مسار الكذب السياسي الذي أسسه النظام النوفمبري. خطاب الديمقراطية و واقع القمع البوليسي. خطاب فرحة شباب تونس و واقع بؤس شباب تونس و إلى غيرها من الأكاذيب.
نقول آخر نقطة لأنها أوضحها للجميع.. نداء تونس في حملته الانتخابية بخطاب مضاد لحركة النهضة و هذه الأخيرة بالمثل ثم يتآلفان بسرعة دونما حتى مسرحية درامية صراعية تجعل الاغلبية تـقـتـنع بوجوب هذا التآلف..
و لكن ما يتـشكل مشهديا للسلطة هو بشكل عام يلقي بضلاله على الجميع. الكذب هنا ليس مجرد كذب بل هو افتـقاد الدولة للروح. افتـقادها للأخلاق الواجبة. و ذلك يعني التـفكك و انعدام الرابط الروحي في المجتمع.
فما نشهده من تغول للفـساد و من أشكال مختلفة من الفوضى ما هو إلا تعبير عن افتـقاد الدولة للروح. من شمس تلك الروح تـنبعث إشعاعات النور الأخرى. إننا نعيش في ظلام سياسي. أجواؤنا باردة تكاد تـقـتـلنا و في الليل الأسود ترى جميع الأبقار سوداء مثلما قال "هيغل"..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة تونسية للجزائر اليوم
- مساجد لعبادة الله أم الإمبريالية ؟
- المسرح الروماني ضد الإرهاب الاسلامي
- -بشار الأسد- و الناعقون على حلب
- المثقف و الاستبداد
- الفوضى السياسية في تونس
- مارد الاستثمار في تونس
- وقف سلسلة الانتقام في تونس
- بوح معذبي الدكتاتورية في تونس
- مهزلة العراق الجحيمية
- صدمة -ترامب-
- مأزق الراهن
- الجسدي التائه
- بين العلم و الايمان
- حصان الثورة
- -جمنة- بين الثورجية و المعقولية
- تعاونية -جمنة-
- الكاتب و الزبالة
- أمريكا الداعشية
- -بورقيبة- و الثورة


المزيد.....




- بعد وقف إطلاق النار.. ترامب: تغيير النظام في إيران سيخلق فوض ...
- لماذا يعد تغيير النظام في إيران أمرًا صعبًا؟ أستاذ في جامعة ...
- لماذا اختارت إيران القاعدة الأمريكية في قطر لتوجيه رسالتها ل ...
- المستشار الألماني: -الوقت حان- لوقف إطلاق النار في غزة
- مقتل 4 أشخاص بصواريخ إيرانية أصابت مبنى سكنيا في بئر السبع ج ...
- إيران: هل من بديل سياسي؟
- دوي انفجارات في إيران رغم أمر ترامب بوقف الهجمات الإسرائيلية ...
- غزة: مقتل أكثر من 50 فلسطينيا بنيران الجيش الإسرائيلي معظمهم ...
- إسرائيل: لن نهاجم إيران مجددا بعد مكالمة ترامب ونتنياهو
- ماذا تفعل حين يقرر طفلك التوقف عن رياضته المفضلة؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - تونس بين ديدان الأرض و ثورتها