أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال حمد - كلهم وحوش وأن اختلفت الطرق















المزيد.....

كلهم وحوش وأن اختلفت الطرق


نضال حمد

الحوار المتمدن-العدد: 396 - 2003 / 2 / 13 - 02:27
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


http://home.chello.no/~hnidalm
 

 
"نيوغي" إنسان مسالم وبسيط من أتباع شعب " بيغمي " الذي يقيم في شمال شرق البلاد، وقد كان خارجا للصيد في الغابة المجاورة، المكتظة بالأشجار في منطقة " أيتوري" في الكونغو، عندما جاءت الوحوش الآدمية، أكلي لحم البشر إلى بلدته النائية المجاورة للغابة المكتظة، حيث يقيم هو عائلته، مع أمه وشقيقته الأصغر منه سنا. يقول نيوغمي أن الحظ وحده فقط أنقذه من الموت بأيدي الوحوش البشرية، يتابع قصته فيقول:
للوهلة الأولى وقفت متجمدا في مكاني ولم أستطع استيعاب ما أشاهده بأم عيني، لقد سمعت صراخا عاليا فقررت أن اعرف مصدره وتقدمت إلى الأمام لاستطلاع الأمر، عرفت أن مصدر الصوت أمي وشقيقتي لكن عندما اقتربت أكثر كان الصوت قد هدأ واختفى، لكنني شاهدت أشياء مرعبة، شاهدت بشرا يقومون بشواء بشر آخرين ويضعون الملح لتطييب لحم ضحاياهم قبل اقتسامهم فيما بينهم والتهامهم.. عندها أخذت أركض بعيدا وبقيت أركض طوال النهار وصورة أمي وشقيقتي المشويتان لا تفارق مخيلتي، لقد قتلهم الوحوش وأكلوهم..
هذه القصة أشبه بالحكايات الأسطورية أو قصص الخيال وما في أفلام الرعب الهوليودية من فنتازيا رعب وبشاعة إنسانية، ففي عصرنا الحالي حيث وصل الإنسان لمراحل متقدمة ومتطورة جدا من العلم والمعرفة والتقدم، نجد أنه في مناطق فقيرة ومهملة من عالمنا الذي تفعل به السياسة العمياء والقوة البلهاء ما تريد فعله، أنه لازال هناك بشر يتعاملون مع البشر الأضعف تعامل الكواسر الضارية مع ضحاياها الحيوانية أو الآدمية. وهل يعقل أن هؤلاء البشر لازالوا جياع ولا يوجد عندهم ما يأكلونه سوى ضحاياهم أم لتلك الأعمال علاقة ببعض العادات القبلية الأفريقية والشعائر الدينية أو الشيطانية الوثنية التي لازالت بعض شعوب وقبائل القارة السمراء تؤمن بها وتمارسها عمليا. لست أدري لكني لازلت أعيش صدمة نيوغي، مع أننا ومنذ أن وطأت أقدام الغزاة اللمم من دعاة التبعية اليهودية والأحلام الصهيونية بإعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض الصخرة والأقصى أرض بلادنا التي سرقوها واغتصبوها وحولوها بقوة السلاح والمؤامرة والتخاذل الدولي لدولة إسرائيل بدلا من دولة فلسطين، ونحن بكل صراحة نعيش حالة نيغومي يوميا، بينما الضحية تموت افتراسا بحراب الغزاة أو بطيورهم المعدنية ووحوشهم الفولاذية المستوردة من أمريكا وأوروبا أو المصنعة محليا. كما يبقى أن نذكر بأن الفرق الوحيد بين أفراد القبيلة التي قتلت وشوت والتهمت عائلة نيوغي وبين الذين قتلوا وشووا بنيرانهم أبناء بلادنا فلسطين، أن القبليين أكلوا ضحاياهم بعد تمليحهم بينما اليهود الإسرائيليين لبسوا ثوب الضحية بعد قتلها وحولوا أنفسهم لضحايا بينما الضحية الحقيقية حولت وحشا وصورت مسخا أو بعبعا يشبه أفراد القبيلة المتوحشة برأي أمريكا وكافة جوقة المزيكا التي تعزف على إيقاع أمريكي خالص. هذه هي اللحظة التي تسمرنا وتجمدنا مكاننا كما كانت سمرت وجمدت نيوغي ابن الضحية بالقرب من غابات شعب بيغمي في شمال شرق الكونغو الأفريقية.
كل ما فعلته قبائل الغاب في تلك المنطقة يهون أمام شريعة الغاب التي تحاكم أمريكا البشر على أساسها، فتلك الأعمال القبلية أعمالا شاذة لحالات عالمية هي كذلك شاذة، لكن أعمال أمريكا مدروسة ومنظمة ومرسومة بعناية ومع سبق الإصرار، فيها استهتار وتحقير واستهانة بالآخرين ومحاولة استعباد العالم كله بعدما كانت أمريكا في الماضي استعبدت الزنوج وأبادت الهنود، فتاريخها بهذا الصدد أسود وقاتم ولا تبيضه أية أفعال أخرى، بل الذي نراه اليوم يزيده سوداوية وقتامة وظلاما. هذه السياسة الأمريكية المتمنطقة بلسان هولاكو هي محاولة أمريكية مطعمة ببعض الكلاب المدربة أمريكيا لتكريس منطق هولاكو العصر الجديد القابع في البيت الأبيض الأمريكي العتيد، حيث طاقم الفوضى والغباء السياسي والدبلوماسي الأمريكي الذي يتحكم بالقرار اليانكي لناحية الحرب أو ألا حرب في زمن أراده الأمريكان أن يكون زمنهم وحدهم، لكن في هذه الأيام لا توجد أزمنة لأنظمة ووحدات ظالمة واحدة، بل توجد حالات ظالمة وأخرى مظلومة، وما العراق وفلسطين ألاَ الجزء الأهم و الأوضح من كل تلك الحالات العديدة التي تعيش ظلم أمريكا وإسرائيل والنظام العالمي الجديد، نظام الموسوعة الأمريكية لتدجين الدول العالمية، والظاهر أن موسوعة بوش الابن ستسبق كافة الموسوعات العالمية الأخرى من ناحية سرعة تدجين الدول وتحويلها لكلاب صيد أو كلاب أثر، فكافة دول شرق أوروبا أصبحت تقريبا دولا سلاقية أو "كلبوأمريكية" تتبع الإدارة الأمريكية ظالمة أو مظلومة.
 ومن الملفت للانتباه ما جاء على لسان رئيس الوزراء الأسترالي هاوارد في المؤتمر الصحفي المشترك في البنغاتون مع وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد بحيث كانت اللغة العوائية المشتركة عدائية واضحة فيما يخص الذين يرفضون حرب أمريكا على العراق. ولوحظ أيضا أن هاوارد كان بكلامه متشددا وعلى يمين رامسفيلد، وهنا يتأكد حرص الكلب على نيل حظوة سيده الذي يقوده حسب رغبته وأهواءه..
 وهنا لا داعي للحديث عن الدول العربية لأنها عوائية منذ نشأتها ولم يتغير أسلوب عواءها على مدى كل تلك الحقبة من تاريخها الحديث والمعاصر المظلم والكئيب، بحيث أنها ومنذ استقلت في الأربعينات و الخمسينات والسيتينات أصبحت تابعة بشكل أو بآخر للاستعمار. وهذه الدول لن تستطع حماية نفسها من الاندثار والانقراض فكيف ستساعد العراق أو الفلسطينيين على حماية أنفسهم؟
واقع حالنا يشبه حالة نيوغي فليس هو وحده من تعرض لبشاعة الإنسان المتوحش ومن فقد أهلا وأرضا وموطنا بفعل الوحوش، فنحن أيضا فقدنا الوطن والأرض والبيت والأهل وكل هذا بفعل التوحش الأمريكي الصهيوني الذي بدأ عندنا مع ولادة كيان إسرائيل والتهامه للضحية "فلسطين" ولازال عشاؤه الأول والأخير الطويل مستمرا، وأخذ يمتد حتى وصل إلى العراق المحاصر بالموت و طبول الحرب والوحوش المختلفة.

 
  



#نضال_حمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صبرا وشاتيلا وجنين.. أقرب من أوشفيتس بكثير
- سقوط هوارد سيتبعه سقوط أسياده
- نائم بن نعسان..
- صلينا الجمعة يوم الثلاثاء..
- أخبار من هنا وهناك
- كتاب فلسطين مع الشعب العراقي وضد أمريكا
- الحاجة رشيدة العاجوري
- هل انفجار المكوك كولومبيا بمثابة رسالة ربانية؟
- متفرقات من هنا وهناك
- المجتمع الإسرائيلي وخيار الطلقة الأخيرة
- الفساد بين هذه وتلك البلاد
- من وحي المخيم ..
- الحرب على العراق تبدأ من غزة
- الحرب خيار أمريكا وليست خيارا عالميا..
- سلطات تل أبيب تبعد وفد شبيبة حزب العمل النرويجي - الديمقراطي ...
- صرخة مزدوجة و صفعة قوية..
- المبادرة المصرية والمصلحة الوطنية..
- السلام المفقود والحل المنشود..
- دولة شارون- الفلسطينية -
- قصة حقيقية من مخيم عين الحلوة..


المزيد.....




- مسؤول: إسرائيل لم تتلق ردا من حماس بعد على اقتراح مصر لوقف إ ...
- أوستن: لا مؤشرات على أن حماس تخطط لمهاجمة قوات أمريكية في غ ...
- الشرطة تفض اعتصاما مؤيدا للفلسطينيين بجامعة في باريس.. والحك ...
- احتفالية في روسيا الاتحادية بالذكرى التسعين لتأسيس الحزب
- دراسة ألمانية: الأثرياء يعيشون حياة أطول !
- إسرائيل ودول الوساطة بانتظار رد حماس على مقترح الهدنة المصري ...
- منح جائزة DW لحرية الرأي والتعبير لأرملة المعارض الروسي نافا ...
- بايدن يعين مستشارا جديدا لمعالجة مستويات الهجرة
- دعما لغزة.. اتساع رقعة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات العال ...
- السويد.. وضع أطلس شامل للتطور الوراثي المبكر للدماغ


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال حمد - كلهم وحوش وأن اختلفت الطرق