أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - انطباعات اجتماعية عن حملة قتل (الأيمو) بالعراق















المزيد.....

انطباعات اجتماعية عن حملة قتل (الأيمو) بالعراق


محمد لفته محل

الحوار المتمدن-العدد: 5395 - 2017 / 1 / 7 - 21:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان (الأيمو) كحركة غربية وافده عبر الانترنيت بين بعض الشباب من الطبقات الارستقراطية التي تقطن غالبا المنصور والكرادة وشارع فلسطين الخ عديم التأثير على الرأي العام العراقي ولما بدأت الميليشيات حملات القتل بعد انتشاره نسبياً في المناطق الشعبية الفقيرة كمدينة الثورة، بدأ الرأي العام يتأثر بهذه الحركة التي لفت الانتباه لها الهاتف الذكي، فقد انتشر في الهواتف الذكية (2012/3/11) صورة لشاب مقتول مدمى الوجه ملقى في ظهر سيارة حمل، وصورة أخرى لوجهه وهو حي يظهر شاب وسيم طويل الشعر خصلاته تغطي إحدى عينيه كشعر المرأة، وكان الخبر الذي تداوله الناس أن هذا الشاب قتل ضربا بطابوقة اسمنت (بلوكه) على رأسه لأنه (إيمو) على أيدي الميليشيات الشيعية وكان يسمى (عروس الثورة) لأنه يزف كل أسبوع ليبات ليلة حمراء عند عشيق. ثم انتشر فيديوا بفترة وجيزة عن جنديان في سيطرة يوقفان شاب (ايمو) ويقومان بمص أثدائه التي كانت تشبه أثداء المرأة من تحت البلوز ويتفقان معه على المجيء ليلاً (فصلتهما وزارة الدفاع على اثر هذا الفيديو فيما بعد، كما أعلن وفي وسائل الإعلام)، وكان الناس يقولون أن (الأيمو) يكبرون أثدائهم بإبر ويلبسون الحفاضات تشبهاً بالنساء، وان الميليشيات تعاقب بعضهم بلصق اليتيهم بلاصق صيني (أميري) وإجبارهم على شرب دواء المسهل. ثم بدأت الصحف تنشر عنهم وعن معنى الكلمة (إيمو=عاطفي) وعلاماتهم الرمزية (الأرنب، والتفاحة، والبوم) المرسومة على الحقائب والخواتم والقبعات، وظهورها في الغرب، ولهم مقاهي خاصة وظهرت فيديوهات عن مراقص جماعية خاصة بهم انتشرت بالهواتف. واليوم بعد اربع سنين اكتب عن هذه الحادثة اعتماداً على الذاكرة والمصادر التي بحوزتي.
الرأي العام لم يكن مستنكرأً للجريمة ولم يترحم عليهم عند ذكر قتلهم إنما برر قتلهم بتصديقهم للأخبار التي إشاعتها عنهم الميلشيات! وحتى الزعيم الديني (مقتدى الصدر) الذي أدان قتلهم وصفهم ب(المجانين) ولم تخرج مظاهرة شعبية تضامنا معهم. الأكثر من هذا إن كلمة (بلوكه) أصبحت تورية عند البعض للسخرية والتهديد (للأيمو) حيثما مروا بالشارع! وأصبحوا يسمون (جراوي) كجمع و(جرو) كمفرد. أي أنهم بمرتبة الكلب عند المجتمع العراقي! وقتلهم هو قتل كلاب ليس إلا! وسابقاً كان المجتمع يسمي اللوطي السلبي (فرخ) كمفرد و(فروخ) كجمع وهو أيضا تشبيههم بالصيصان أي اعتبارهم حيوانات أيضاً! ثم سميُ المستخنثين (حتى وإن لم يكن شاذا جنسياً) أيضا (طنطه) كمفرد و(طنطات) كجمع، ولا اعرف أصل الكلمة التي قد تشير لطنطنة الذبابة وهنا أصبحوا بمرتبة الحشرات! من هنا تقبل هذا المجتمع الجريمة كونها تتوافق مع ثقافة العنف التي تطبع حياته من ضربه للأطفال والنساء وقتله ثأراً لخصومه، وبما أن (الأيمو) هم بمرتبة النساء والكلاب والحشرات فضربهم وقتلهم مبرر. وهكذا تمت الجريمة بموافقة اجتماعية، والميليشيات لا تتحمل وحدها وزر الجريمة إنما المجتمع بأكمله المسؤول عنها. والبعض الذي أراد إنصافهم لا يدافع عنهم إنما يدافع حق الله وحده في سلب أرواحهم، أو يقول أن الذين قتلوهم ليسوا أحسن منهم!. ولم يكن الموقف الحكومي أفضل من الموقف الاجتماعي فالسكوت الحكومي على جرائم الميليشيات التي تقتل في وضح النهار بل الأكثر إنكار المتحدث الرسمي وجود هذه الجرائم! فالخطر ليس في ظهور جماعات ترتدي أزياء خاصة إنما الخطر أن ينفلت السلاح في يد جماعات تطبق قوانينها الخاصة على الناس دون تدخل الحكومة(1).
يقول الدكتور قاسم حسين صالح (حين يمر المجتمع بأزمة حادة لابد أن تفرز ظاهرة سلبية يكون الشباب أكثر الفئات الاجتماعية تجسيدا لها)(2) والمشكلة ليست في حصول هذه الظواهر بل في طرائق التعامل معها(3) إذ صدرت فتوى بإهدار دمهم من بعض رجال الدين وتشكلت تجمعات للدفاع عنهم(4) ويرى أن هؤلاء الشباب يعيشون حالة إحباط واغتراب عن المجتمع والتطرف الديني دفع بعدد منهم إلى ممارسة تطرف سلوكي مضاد بعدما كانوا متوقعين من نظام ديمقراطي أن يجلب لهم توقعاتهم، ولان الواقع لم يعد يحتويهم لجأو إلى الانترنيت ليحتويهم كوسيلة للهروب. واللافت أن هذه الظاهرة قد بولغ بها(5) فعدد القتلى كله لم يتجاوز (14) ضحية، ويقول أن هؤلاء الشباب احتكوا بالانترنيت أوقات القتل الطائفي حين كان القتل يهدد الناس وكان البقاء في البيت خوفا من الموت فترة طويلة يقضيه الشباب على الانترنيت لسد الفراغ الكبير ما جعلهم يتأثرون بهذه المواقع والحركات الغربية.
إن أسباب الرفض لحركة (الأيمو) ليس كونها حركة غربية أو متعارضة مع الدين إنما كونها متعارضة مع ثقافتنا الرجولية المحددة بادوار اجتماعية صارمة بين الرجل والمرأة مثل مقولة البيت للمرأة والعمل للرجل، الرقة للمرأة والخشونة للرجل وما شابه، و(الأيمو) قد كسروا هذه الأدوار الاجتماعية بين الجنسين حالهم حال سابقيهم من الشاذين جنسياً سوى أنهم منظمين متميزين بأزيائهم عن سابقيهم، ولذلك يسمى اللوطي (مستخنث) أي يقلد الأنثى، ولا يجد هذا المجتمع غضاضة كبيرة في أن يكون الرجل هو اللائط لأنه يؤدي دوره الرجولي المرسوم له! ويفخر البعض منهم بهذا الدور واللقب (يدور وِلد)(6) أو (ضراّب طيا(7)ه، يدور فروخ) أما الذكر الذي يؤدي دور الأنثى بالجنس فيسمى (طِي(8)، تِناحه، صُر(9)، ﻴنيّ(10)، فرخ، جرو، يشتغل)، حتى أن شتائمنا تتمحور حول المليوط (بلاّع اﻠﻌﻴ(11)، أبو العيُو(12)ه، مَنيو(13)) بينما لا توجد شتائم اللائط! والكلمات التي تصفه هي اقرب إلى المدح.
وتاريخياً لم يكن حب الغلمان في المجتمعات العربية أمراً مستقبحاً. ولم يكن محبو الغلمان عرضة إلى القمع الأخلاقي والسياسي. كما كان بعض الخلفاء الأمويين والمتنفذين في الدولة العباسية، عُرفوا بهذا الميل وجاهروا به. والغزل بالمذكّر باب هام من أبواب الشعر والغناء ولا نجد من شنع على المتغزل بالغلمان. كما أن القرآن نفسه يَعِدُ أهل الجنة (بالولدان المخَلّدين). لا ينفي المفسرون القدامى إحالتهما (الآيتين) إلى متعة الجماع وإن أوقعهم في نوع من الحرج.(14) وفي اليونان كان اللواط يعتبر عملاً طبيعياً لاعتقادات حول نقل السائل المنوي للصفات الايجابية للذكر للمليوط، وفي بعض المجتمعات البدائية مسموح به في طقوس العبور للشبان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1_أ.م.د. حامد السهيل، الأيمو ويوميات العنف، مجلة دراسات اجتماعية، مجلة فصلية تصدر عن قسم الدراسات الاجتماعية بيت الحكمة، العدد (28) لسنة2012 بغداد، ، ص184.
2_أ.د قاسم حسين صالح، إشكالية الناس والسياسة في المجتمعات العربية، من منظور سيكولوجي، الطبعة الأولى:2013، ضفاف دراسات نفسية، ص242.
3_نفس المصدر، ص244.
4_نفس المصدر، ص245.
5_نفس المصدر، ص247.
6_(الوِلِد) تقرأ كجمع بالعامية العراقية.
7_الحرف المحذوف لأسباب أخلاقية هو حرف الزاي، وربما جميعنا سمعنا هذا اللقب في حياتنا اليومية.
8_المحذوف حرف الزاي.
9_المحذوف حرف الميم.
10_المحذوف حرك الكاف.
11_المحذوف حرف الراء.
12_المحذوف حرف الراء. وبعضهم يلفظها تورية (ابو العيون السود).
13_المحذوف حرف الكاف.
14_صوفية السحيري بن حتيرة، الجسد والمجتمع، دراسة أنتروبولوجية لبعض الإعتقادات والتصورات حول الجسد، مؤسسة الانتشار العربي، دار محمد علي الحامي، الطبعة الأولى 2008، ص148،149.



#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراقي والداروينية
- صورة صدام بين الأمس واليوم
- العراقي والزواج
- قراءة في كتاب (سوسيولوجيا النزوح)
- من منشورات الفيس بوك
- العراقي والله
- انطباعات عن تفجير الكرادة
- انطباعات عن اعتصامات الصدريين
- قراءة في ديوان (أوراق وكلمات)
- قراءة في كتاب (لمن يجرؤ على العقلانية)
- العراقي والمال
- إناسة البيت العراقي
- أمريكا وداعش والسنة والشيعة بالعراق
- العراقيون والطعام
- الحرام النوعي للحارس والسجين
- العراقي والمثقف
- رؤية اجتماعية للصعود للقمر
- العراقي والشيوعية
- التحليل الثقافي لكلمات السخرية
- ما هو الحرام النوعي؟


المزيد.....




- ماذا دار في ‎أول اتصال بين السيسي ورئيس إيران بعد الهجوم الإ ...
- احتفالات مولودية الجزائر بلقب الدوري تتحول إلى مأساة وحزن
- بزشكيان لماكرون: العدوان الإسرائيلي دليل على أن خططنا الدفاع ...
- قبرص تعتقل مشتبها به في قضايا تجسس وإرهاب
- إيران تتعهد بتطوير صناعتها النووية بوتيرة أسرع بعد الحرب
- إيران تطلق الموجة 19 من هجماتها على إسرائيل
- رئيس إيران يعلن موقف طهران من التفاوض بشأن برنامجها النووي
- سوريا: إيقاف وسيم الأسد المتهم بالضلوع في تجارة المخدرات خلا ...
- إسرائيل حاولت زعزعة إيران فساعدت في توحيدها
- بانون يعارض الانضمام للحرب على إيران ويوجه تحذيرات لترامب


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - انطباعات اجتماعية عن حملة قتل (الأيمو) بالعراق