أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - شاهين السّافي - -عفوا.. لقد نفد رصيدكم-..!














المزيد.....

-عفوا.. لقد نفد رصيدكم-..!


شاهين السّافي

الحوار المتمدن-العدد: 5386 - 2016 / 12 / 29 - 20:57
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


يثار لغط كبير هذه الأيام حول "العائدين من بؤر التوتّر"، وانقسمت القوى السياسيّة في تونس بين مؤيّد لعودتهم ومحاسبتهم وفق مقتضيات القوانين الموجودة وهي في تصورهم كافية لردعهم وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، ومفنّد لهذه العودة باعتبارهم قد أجرموا في حقّ شعبهم وشعوب أخرى وتخلوا عن تونسيّتهم وانتموا إلى فكر آخر ودولة أخرى (داعش) ومن هذا المنظور طالبوا بإسقاط الجنسيّة التونسيّة عنهم. تتصاعد وتيرة هذا الاختلاف بينهم حتى تخال أنّ ما هم بصدد الخوض فيه هو من أمهات القضايا، أو أنهم فعلا مختلفون قلبا وقالبا، ولكنّ الحقيقة هي عكس ذلك تماما.
كلّما تصاعدت وتيرة الحراك الاجتماعي، وكلّما أطلّ علينا شهر جانفي المجيد وهو يتزيّا بأروع أثواب الثورة، وكلّما أدركت حكومات ما بعد 14 جانفي 2011 المتعاقبة أنّها عاجزة عن الوفاء لهذا التاريخ المفصلي وهذه اللحظة الفارقة من تاريخ البلاد، كان لا بدّ لها أن تستنبط المخارج التي تحول دون الشّعب ومراده. ليس بخاف على أحد اليوم أنّ الحكومة الحاليّة -تماما كما صُوَيْحِباتها السّالفات- عاجزة عن تقديم أيّ حلّ جذريّ يمكن أن يهدّأ من روع أبناء شعبنا المغدورين والمذبوحين من الوريد إلى الوريد والمتقاطرة دماؤهم ودموع أمهاتهم وحبيباتهم على موائد الجشع والولع بالسلطة والسلطان. هنا تشتغل الآلة الجهنميّة لأرباب الظّلم والظّلام، فيهتف فينا هاتف من سدنة معبدهم قائلا: "حذاري من خطر الإرهاب.." ليتحوّل الأمر رويدا رويدا إلى شمّاعة يعلّق عليها الفشلة فشلهم، واللاّوطنيّون تواطؤهم مع أعداء الوطن، ومصّاصي الدّماء إمعانهم في النيل من قوت من لا قوت له.
لسنا مع الإرهاب، ولسنا من الذين نغفر لمن أجرم في حقّ الشّعوب، ولسنا نكنّ لأعداء الإنسان والإنسانيّة غير بركان من الغضب متأجّج على أهبة الاستعداد ليلقي بحممه على كلّ من سوّلت له نفسه أن ينال من إنسانيّة الإنسان. لكن، يا سادتنا يا كرام، تعالوا لنتحاسب أوّلا، من صنع هذا الإرهاب؟ من خطّط له ومن خطّ مساره؟ من هي الأيادي الآثمة التي تحرّكه؟ ومن هي القوى التي تستفيد منه؟ ومن هي القوى التي لا ترى فيه خطرا طالما أنها تبرّر وجودها بوجوده، وسوء صنيعها بالشعوب باشتداد عوده، وفشلها ولا وطنيّتها باقتراب طلقات باروده؟
إنّ "العائدين من بؤر التوتّر" -إن صحّ فعلا أنهم عائدون- ليسوا إلا ثمرة لتآمركم على شعوبكم، وأبناء لقطاء من صلبكم نتاجا لزواج المتعة بينكم وبين أعداء الأوطان، إنهم بشكل أو بآخر بعض منكم وصورة من صوركم القبيحة التي تخفونها وأنتم ترتدون أفخر ملابسكم في "بلاتوهات" التليفزيون، إنّهم أنتم ولكنّكم، إذ تعلمون، بالزّيف والبهتان تتحصّنون، ولكنّ حصون الزيف والبهتان أوهن من بيت العنكبوت.
إنّ ما أسمتموهم بـ"العائدين من بؤر التوّتر" ليسوا غير لعبة أنتم طرف فيها منذ البداية، فمن كفّر ومن دبّر ومن أجّر ومن سفّر ومن همّش الفنّ والفنّانين ونال من صورة الثقافة والمثقّفين ومن تغاضى ومن استفاد ومن اقتسم الكعكة ومن وظّف الأمر لكسب سياسيّ ومن علّق عليه فشله ولاوطنيّة خياراته، كلّهم في خندق واحد وإن أبدوا اختلافا فهو في القشرة لا في الجوهر، وكلّهم قتلة وكلّهم أياديهم ملطّخة بدماء الأبرياء، وكلّهم مسؤولون عن تحويل كلّ شبر من هذا الوطن الكبير إلى بؤرة من بؤر التوتّر، وكلّهم مذنبون في حقّ هذا الشّعب الرازح تحت نير أسيادهم، أسياد اللعبة أولا وأخيرا، الذين يحرّكونهم يمنة ويسرة كعرائس الدّمى ويفرّقونهم ثمّ يجمّعونهم تماما كما قطعات "البيزل".
يصول أسيادهم -أسياد اللعبة- ويجولون في الأوطان كيفما يحلو لهم، وقد تمكّنوا من النيل من سيادتنا الوطنيّة بشكل سافر فرزؤونا فلذة كبدنا العالم المقاوم الشهيد محمّد الزواري، فارتفع منسوب المسألة القوميّة من جديد بعد سنين عجاف، وعادت درّة العروبة فلسطين لتستوي على عرش هو عرشها، وطفا على السطح موضوع التطبيع وتعالت الأصوات هاتفة بضرورة تجريمه، ولكن هيهات أن تهدأ الآلة الجهنميّة لسدنة معبد الظلم والظلام، فطالما أنّ ورقة الإرهاب مازالت قادرة على تحريك السّواكن، فلنحرّكها قليلا ولنخطب في النّاس قائلين إنّ أمنكم مهدّد، ولنبتزّهم به. هكذا رسم أسياد اللعبة لعبتهم، وهكذا أحكموا وضع قوانينها، فصرنا نصبح ونمسي على موضوع واحد أحد لا شريك له هو "العائدون من بؤر التوتّر"، وكلّ يدلي بدلوه في هذا الموضوع، والكلّ يختلف أو يتّفق مع هذا أو ذاك، والكلّ يُوَجّهُ أوْ يوَجّهُ أو يتوجّهُ -لا فرق- إلى الدّوران في فلك واحد هو في واقع الأمر حلقة مفرغة، لتسرق منّا فلسطين مرّة أخرى.
إنّ موضوع "العائدين من بؤر التوتّر" ليس إلاّ عمليّة توجيه رخيصة يقوم بها أسياد اللعبة ومن والاهم قصد التشويش على البوصلة التي توجّهت نحو قضايا الوطن الاجتماعية والسياسيّة والقوميّة، وإنّ الموقف من هذا الموضوع رفضا أو قبولا لا يستدعي كلّ هذا اللّغط، ولكن حين تغيب الحلول الجذريّة للقضايا الاجتماعية والسياسيّة، وتغيب الشّجاعة ويحضر الجبن والجشع في التعاطي مع قضايانا القوميّة، يتمّ الاستنجاد بصنيعة أيديهم، من لم يطلقوا رصاصة واحدة لتحرير فلسطين، ويصنعون من موضوع عودتهم أو عدمها قدس الأقداس.
يا سادة اللّعبة، ويا سدنة معبدهم، رويدكم، قد تتوفّقون الآن فيما أنتم مقدمون عليه، ولكن سيأتي يوم ترفعون فيه سمّاعةً -أو شمّاعة- لتهتفوا في النّاس "حذاري من خطر الإرهاب"، فيجيبكم صوت لن تفهموا مأتاه يقول لكم: "عفوا.. لقد نفد رصيدكم".



#شاهين_السّافي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غنّي يا شاعر.. (إلى شباب أرخبيل قرقنة المنتفض من أجل الكرامة ...
- صُورةُ -أهْلُ الكَهْف-..
- لِمَ..؟/ إلى الرفيق حسن المسلمي المضرب عن الطعام من أجل الكر ...
- لل(عُزْلَةِ) صوتٌ غَاب (إلى ماركيز الغائب الحاضر أبدا..)
- -امرأة مُقَاوِمَة-: ذاكرةُ وطنٍ وكفاحٍ..
- حول -الجماهير-..
- -الغيمة- للشّاعر -شكري الميعادي-: -خيمة- كتب في مدخلها: -لن ...
- رسالة إلى ر...........فيق: خذ مكاني والعبْ! وخذْ الملعب إن ش ...
- حول -الحوار الوطني- في تونس..
- -إمّا أن أحتويك وإمّا أن أنفيك من التّاريخ-: -ماركسيّون- أم. ...
- رسالة إلى كل الرّفاق الثّوريّين الصّادقين: حول مسيرة يوم 26 ...
- قصائدُ مجرمةٌ جدّا..
- -رجل القشّ-*.. بين -مَلَكَةِ النّسيان- و-ذاكرة نَيْسَان-!!
- خواطر حول التّقدّميّة و-الرّجعيّة-..
- هذا وطني.. وصدى منفاي
- ثلاث قصائد.. لها
- قصيد: نشيد الثّائر
- -الفنّ للفنّ- و-الفنّ للتّحرّر-..
- وإنّي الآن.. أريدْ
- في ذكرى ميلاد المولدي زليلة (عمّ خميّس):


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - شاهين السّافي - -عفوا.. لقد نفد رصيدكم-..!