أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد كعيد الجبوري - ( أنت كالكلب ، وإياك أعني )















المزيد.....

( أنت كالكلب ، وإياك أعني )


حامد كعيد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 5386 - 2016 / 12 / 29 - 04:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


( أنت كالكلب ، وإياك أعني )
حامد كعيد الجبوري / العراق / بابل
دخل علي بن الجهم 188 - 249 هـ الشاعر البدوي بملابسه الخشنة الرثة ، وشكله المتجهم مدينة بغداد وهي حاضرة الخلافة العباسية ، سمع الشاعر الجهم الناس يقولون أن الخليفة المتوكل يغدق على الشعراء والمداحين ، فدخل لقصر الخلافة مبتغيا مدح الخليفة لكسب المال ، أصغى بن الجهم لشعراء البلاط وهم يمتدحون المال عند خليفتهم فنهض من مكانه وقال يا أمير المؤمنين أسمح لي بالقراءة ، وقرأ ( أنت كالكلب في حفاظك للود / وكالتيس في مقارعة الخطوب / أنت كالدلو لا عدمناك دلواً / من كبار الدلا كثير الذنوب ) ، والدلو هو ما يشبه الصاع الكبير ينتهي بقاع البئر ويربط بحبل لسحب الماء ، وكثير الذنوب تعني كثرة ما تحويه من الماء ، وبرواية أخرى ( من كثير العطايا كريم وهوب ) ، والرواية الأولى أدق مصدرا ، شاط الخليفة غضبا ولحظ الحراس وسياف القصر ذلك فاستلوا سيوفهم وأحضروا النطع – فراشٌ من الجلد يوضع لمن يقطع رأسه كي لا يلوث السجاد الدماء - ورموه أرضا وكُتِّفَ الشاعر بالقيد ليذبح علنا أمام الأشهاد ، سأل الخليفة المتوكل العباسي الشاعر وأجاب ، بعد الإجابة عرف الخليفة أن الشاعر بدوي ، ولا أقرب للبدوي من الكلب والبئر والدلاء فقال أتركوه ، وأمر إدخاله الحمام ، ومنحه كسوة مناسبة ، وبيت على نهر دجلة ، شرب الشاعر عذب ماء دجلة ، وخالط الناس ، وشرب المدامة فتغير طبعه ومنطقه ، وصح حدس الخليفة بهذا البدوي الشاعر ، وما هي إلا شهورا قليلة فكتب ( عيون المها بين الرصافة والجسر / جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري / أعدن لي الشوق القديم ولم أكن / سلوت ولكن زدن جمرا على جمر ) ، ولأننا عرَّجنا على الكلب الذي مُثل به المتوكل العباسي فيقال أن للكلب عشر صفات من المؤمنين أوردها الحسن البصري والأصمعي وغيرهم الكثير ، وأعطى سبب تحبب الصفة عند الكلاب ، وصفات الكلب كما أوردوها أولها : ليس له مقدار بين الخلق وهو حال المساكين ، وثانيها : أن يكون فقيرا ليس له مال ويكون صفة المجردين ، وثالثها : ليس له مأوى معلوم والأرض كلها بساط له وهو من آداب المتوكلين ، ورابعها : أكثر أوقاته جائعا وهو من آداب الصالحين ، وخامسها : إن ضربه صاحبه لا يترك بابه وهو من علامات المريدين ، وسادسها : لا ينام من الليل إلا اليسير وذالك من صفات الخاشعين، وسابعها : أن يطرد ويجفى ثم يدعى فيجيب ولا يحقد وذلك من علامات العاشقين ، وثامنها : أكثر عمله السكوت وذلك من علامات المرتاضين ، وتاسعها : يرضى بما يدفع إليه صاحبه وهو حال القانعين ، وعاشرها : إذا مات لم يبق له شيء من الميراث وهو من مناقب الزاهدين .
ومما رويّ لي عن عزة النفس والكبر وحفظ الود عن الكلاب من بعض الأصدقاء ثلاثة حالات استوقفتني كثيرا تختزنها ذاكرتي ، 1 : أحد التجار المترفين يسكن في بيت منيف كبير في كرخ بغداد ، وكان له كلب يحرس داره ، ومن عادات التجار تعطيل محلات تجارتهم أيام الجمع ، وعصر كل جمعة يخرج التاجر من بيته وبيده مسبحة ثمينة ليجلس مع أصدقائه في مقهى لا تبعد كثيرا عن بيته وتطل على دجلة الخير ، حين يخرج يتبعه الكلب ويقرفص قبالة المقهى التي يؤمها صاحبه ، هرم الكلب وأصبحت ساعات نومه أكثر من ساعات يقظته ، طرده صاحبه من البيت ورماه للشارع وأغلق باب داره ، لم يبرح الكلب بيت التاجر وكان يذهب ليجد قوته في المزابل القريبة ويعود الى حيث دار صاحبه ، ولم يترك مرافقة صاحبه وهو يجلس أيام الجمع مع أصدقائه ، الظاهر أن أحد اللصوص كان يخطط لسرقة المسبحة الثمينة من يد التاجر ، وفعلا ركب اللص دراجة هوائية وخطف المسبحة من يد التاجر وهرب مسرعا ، صرخ التاجر بأعلى صوته ( حرامي – حرامي ) ولم يستطع اللحاق باللص لبدانة التاجر ، ركض الكلب خلف دراجة اللص ، وعضه من رجله ، وأسقطه أرضا وهم بالهجوم على اللص ، واللص المتابع يعرف أن هذا الكلب يملكه التاجر ، وخاف من وصول التاجر له ، وربما يمسك ويسلم للشرطة ، فما كان من اللص إلا أن يرمي المسبحة ، ألتقط الكلب المسبحة وعاد لصاحبه وبين أسنانه المسبحة وأخذها التاجر من فم الكلب ، لم يذهب التاجر بعد الحادثة الى المقهى وعاد لبيته ، حين وصل لباب الدار مع الكلب الوفي ، وفتح الباب وقال لكلبه تعال وعد لمنزلك ، نظر الكلب للتاجر نظرة احتقار واشمئزاز وهز بذيله وغادر المكان ولم يعد للجلوس أمام باب الدار ثانية ولم يعد نهائيا .
الحالة 2 : صديق شيخ عشيرة يقول كان عندي كلب شجاع وأمين وذكي جدا ، يقول كنت أميز نباحه ولماذا ينبح ، أن كان ينبح لضيف أو للص أو لخطر يدهم القرية ، يقول صديقي شاخ الكلب عندنا وأصبح كثير النوم ، والأكثر أن أولاد الكلب وذريته كانوا يقسون على الكلب الكبير ويحرمونه حتى من الطعام ، وكنت أنهره وربما أفرد له طعامه فيسرقونه منه أيضا ، يقول بعد أيام افتقدت وجوده وسألت عنه أولادي وقالوا لا ندري ، اختفى الكلب يوم ، يومين ، أسبوع ، شهر ، فقلت لنفسي ربما مات بمكان ما ، يقول كان بستان أختي المتزوجة يبعد بحدود 2كم عن بيتنا ، قلت اليوم سأزور أختي وأتناول طعام العشاء معها ، حين وصلت لدار أختي فاجئني كلبنا الكبير عندها ، ولاعبته وقلت له سألت عنك كثيرا حتى ظننتك مت ، والكلب المسكين يرمي بنفسه على أقدام صديقي الشيخ ويعبث بأطراف إزاره ويحمحم له ويهز ذيله فرحا لرؤية مربيه ، يقول بعد تناول طعام العشاء عدت ماشيا لبيتي ، ورافقني الكلب بمسيري ، وكنت فرحا بعودته ، قبل خمسين مترا عن بيتي وقف الكلب عن المسير ، قلت له تعال لا تخف فسأفرد لك مكانا خاصا لا يصل فيه إليك بقية الكلاب ، لم يتحرك من مكانه ، وأعدت عليه الحديث ولم يستجيب ، ضربته بعصاي ضربات خفيفة على ظهره ولم يستجيب ، يقول قلت للكلب ( أذهب فإنك لا تستحي وتترك بيتك ، وتخاف من ولدك ، والأكثر تذهب دخيلا لبيت غريب لا تعرفه ) ، يقول عدت لبيتي ونمت ليلتي ، وخرجت لقضاء أعمالي ونسيت الكلب ، بعد أيام تذكر الشيخ كلبه وقال ابحثوا عنه ولم يجدوا ، طلب من أحد أولاده الذهاب لبيت عمته ليسأل عن الكلب وعاد وقال لوالده لم أجد الكلب عند عمتي ، يقول خرجت للمكان الذي توقف عنده الكلب ورفض الدخول معي للبيت فلم أجده ، يقول شممت رائحة كريهة فتوجهت نحوها ، ووجدت الكلب مختفيا بين فسائل نخلة وهو ميت ، يقول عدت للدار حزينا لأني لم أتفقده أو أذهب له بطعام .
الحالة 3 : صديق يسكن بأطراف المدينة ويخشى من الأطفال أو اللصوص تسلق سياج الدار لسرقة أي شئ من حاجيات المنزل ، جلب كلب صغير وضعه بشرفة الدار المطلة على الحديقة ، كبر الكلب وأصبح وسيلة تنبيه للرجل ، وفعلا كان الرجل يميز نباح الكلب أن كان لمن يمر عابر سبيل ، أو لمن يحاول تسلق سياج الدار ، أحد أصدقاء الرجل قال له أن كلبك ليس من فصيلة جيدة وسأعطيك كلبا من عندي وهو كلب يسمى ( Wolf dog ) ، وقبل أن يجلب الكلب الجديد أخذ الكلب القديم بسيارته ورماه بمكان بعيد جدا عن بيته ، عاد الرجل لبيته فوجد الكلب القديم قد وصل للبيت قبله ، فقال لنفسه ليبقى خارج الشارع ، وكان الكلب مرابطا بباب الدار ويأكل مما يرميه له أصحاب الدار ، جلب صديقي الكلب الجديد ووضعه بنفس الشرفة فأنتبه الكلب القديم أن كلبا جديدا حل مكانه ، رمق لصديقي بعينيه ورفع رأسه للشرفة وغادر المرابطة بباب الدار ولم يعد لها وليومنا هذا .
بعد التغيير وسقوط صنم الدكتاتورية البغيضة كتبت بيتين من الشعر الشعبي تلخص ما أريد قوله في هذه الموضوعة ، ( عجيبه عالجلاب التنبح بهل اليوم / نزع ثوب الجلاب وصاير بريكي / ربيت الجلب يحرسني .. ملخني! / وبثوبه يهز لو شاف أمريكي ) ، - بريكي ملابس شبابية يمتاز بلبسها بعض الشباب عديمي الذوق والأخلاق – والعاقل يفتهم .






#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( صافيتا )
- هزت مريم جذع النخلة
- ( خصائصُ الأسلوب والجهد الجزائري ) / حامد كعيد الجبوري
- قراءةٌ وعرض كتاب ( لدمشق هذا الياسمين )
- حكاية دارمي : ( متكشف ومنضاك جدري أعله غلكه )
- من التراث الشعبي ... حكاية ( دارمي ) !!!
- عرض كتاب : ( معجم الشعراء الشعبيين في الحلة )
- مقطعان صغيران وقصيدة للعيد 82 للحزب الشيوعي العراقي
- ( هيهات المذلة ) / قصيدة شعبية ألقيت في تظاهرة يوم الجمعة 26 ...
- ( حرامية الخضرة ) / قصيدة شعبيه / ( الخضره ) أعني بها الخضرا ...
- ( يهتز العرش ) / قصيدة شعبية
- إضاءة / إصلاحٌ أم ضحك على ذقون البلهاء ؟ / القراءة الاولى
- تاريخ العزاء الحسيني / الحلة أنموذجا
- ( الفرق بين الهوسة والعكيلية )
- سدها بابك !!!
- مزاد الساسة الجوي في العراق / العميد الطيار الركن المتقاعد ر ...
- إضاءة / ( بين الموصل والجولان )
- إضاءة / ( الحب زمن الفيس بوك )
- إضاءة / ( سياسة التسويف والمماطلة سببت إعتداءا على المتظاهري ...
- إضاءة / من يشتري !!!


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد كعيد الجبوري - ( أنت كالكلب ، وإياك أعني )