أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي ثابت - علامات - مقاربة رمزية














المزيد.....

علامات - مقاربة رمزية


محمد علي ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 5376 - 2016 / 12 / 19 - 19:34
المحور: الادب والفن
    


كثيرة هي العلامات التي تنبت على وجوه البشر. بعضها ينبت طبيعيا؛ مع التقدُّم في السن مثلا، أو من عبوسٍ مستديم. وبعضها عارض ينتج عن صروف الدهر؛ حادث ما، أو مشاجرة. هذان النوعان، الطبيعي والعارض، لا أعنيهما ههنا، بل أعني نوعا ثالثا أشد عمقا. أعني العلامات التي نستحدثها نحن بأنفسنا على وجوهنا بينما نحن مستمتعون، أو التي يستحدثها المشتهون ذوو الذائقة الرائقة على وجوهنا برضا منا نغلفه أحيانا بصبغة التمنُّع. بالقلم، أو بأحمر الشفاه، أو بسائل الحياة. إنها هي علامات غير طبيعية؛ لم تنتجها الطبيعة بمعناها الأدق. علامات مستحدثة، أكثر شبها بالوسوم والبصمات والتغريدات منها بالوصمات. قد تكون شعارات، وقد تكون نصوصا أدبية موجزة ينقشها ذكرٌ مبدعٌ على جلد أنثوي له غمّازتان وبياض فيكتوري، وقد تكون قصصا قصيرة تحكي تجارب مختلفة مع الفواكه، وقد تكون مصائر. قد تكون ذلك كله، وفي كل حالاتها لا تفقد تلك العلامات/الوسوم صفة واحدة ثابتة هي أنها بمثابة المحددات لطرفين.. محددات لمناطق النفوذ، كأننا النمور ترتدي ملابس البشر وتستخدم حاجياتهم؛ ومحددات لمحطات الذاكرة والتذكير، كأننا نحاول بديمومة عنيدة أن نستخلص عظة أحد أهم دروس الحضارة الانسانية القائل بأن تطوير وتحسين العَجَلة شيء ذكي طبعا لكن إعادة اختراعها شيء مستحيل وغبي؛ ومحددات وممهدات للقادم الفعلي على طريق العلاقات والتبادلات؛ وأخيرا فإنها محددات للتوقع والنبؤات التي قد يفرزها تدريب اضطراري ما. إنها أبدا ليست ألعابا ولا اختبارات. لو كانت الوسوم والبصمات على الوجوه ألعابا خاوية المضمون لوجدتَ العوام والسخفاء وعديمي الثقافة والعمق والذاكرة يلعبونها بعد كل وصال، ولما وجدتَ رجالا يعيشون بلغة الأرقام والبراجماتية يحبون استحداثها على وجوه الكاتبات والأكاديميات والسيدات المخملية متعددات الأدوار والحيوات. ولو كانت اختباراتٍ، لما وجدتَها تنتهي عند الاتساق وتتجدد عند التأرجح وترتبط باللقاءات ارتباطا لا هو شرطي فيكون سخيفا وتحكُّميا ولا هو ضمني فيكون قابلا للتجاوز والمناورة بلا تعزيز لاحق. تلك العلامات هي منتهى الجَد، لا اللعب، ومنتهى الأداء الفعلي، لا الاختبار والمحاكاة. إنها التجلِّي البارز لـ ما بعد الحداثة حين يختلط بأجسادنا ويندمج فيها حتى يصير في النهاية محفورا عليها بشكل داخلي innate لصيق لا يحتاج بعده إلى إظهار ولا تظهير ولا أدوات. فإذا كان ما بعد الحداثة في سياقه التقني يَعدنا بإدماج التكنولوجيا في أجسادنا في نقطة ما قادمة في التاريخ البشري حتى نصير أشبه بالانساليات الجامدة العبقرية، فإنه في سياقه الأدبي/المعرفي/الجنسي يأبى أن يحرم الأجساد من اندماجات تقليدية سحيقة لا دخل للتقنية المتقدمة بها ولا تستخدم سوى تقنيات عصر كليوباترا. وهكذا نستطيع السير على خطين متوازيين.



#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عَن الأميبا الثورية
- حلمها المجنون
- مصر والمعركة المِظَلَّة
- جداول
- هل مات الحُلم الاخواني؟؟
- القصيدة
- ثورة يناير والصندوق الأسود - الجزء 1 من 2
- ثورة يناير والصندوق الأسود - الجزء 2 من 2
- في متعةِ الحيرة
- الوشاح - في رثاء بطلٍ ما
- الطريق إلى ثورة يناير - الجزء 1 من 2
- زحام
- مشوار
- السعادة بإيحاء من مندليف
- مساراتٌ شتى - قصة قصيرة
- حكايات النظريات: ماكيافيللي والمتنبي، بين الغاية والوسيلة
- حكايات النظريات: سبينوزا وشمول الألوهية
- قبل أن تضع حرب البسوس 2009 أوزارها
- من دفتر يومياتٍ معتاد
- حكايات النظريات: رفاعة الطهطاوي، والتنوير عبر بوابة الاستغرا ...


المزيد.....




- إسرائيل تحتفي بـ-إنجازات- الدفاع الجوي في وجه إيران.. وتقاري ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- المقاطعة، من ردّة الفعل إلى ثقافة التعوّد، سلاحنا الشعبي في ...
- لوحة فنية قابلة للأكل...زائر يتناول -الموزة المليونية- للفنا ...
- إيشيتا تشاكرابورتي: من قيود الطفولة في الهند إلى الريادة الف ...
- فرقة موسيقية بريطانية تؤسس شبكة تضامن للفنانين الداعمين لغزة ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...
- -بعد 28 عاما-.. عودة سينمائية مختلفة إلى عالم الزومبي


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي ثابت - علامات - مقاربة رمزية