أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - زهير الخويلدي - حضور الفلسفة في الزمن التاريخي














المزيد.....

حضور الفلسفة في الزمن التاريخي


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 5362 - 2016 / 12 / 5 - 18:39
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


" كل نقد حقيقي وثاقب يعطي هو في حد ذاته ، من هنا فصاعدا، وسائل التقدم ويؤشر بصورة نموذجية الطريق نحو غايات ووسائل حقيقية، وبالتالي، نحو علم صالح بصورة موضوعية"1

قد يؤدي اختلاف الأنساق الفلسفية من حيث المصدر والمنهج والوظيفة وتنافسها حول خدمة الأوضاع البشرية واستحواذها على منطق المعنى وتكلمها بلسان الحقيقة ودفاعها عن الديمقراطية وصراعها الدائم على المشروعية إلى إعادة الاعتبار للفلسفة ولا يمثل حجة ضد التفلسف ولا يمكن اعتباره أحد الأسباب المقنعة لكي يتم تغييب الفيلسوف عن الشأن العام.
الفلسفة لا تظهر في الحياة الروحية لشعب معين بصورة فجئية ولا تطلع من باطن الأرض طلوع الفطر وإنما موجودة في التاريخ الحي للناس ومتغلغلة في تصوراتهم للوجود ومختلطة بتراثهم المادي وتقاليدهم الأدبية وكل ما تحتاجه لكي تتدخل في شؤونهم وتفرض عليهم توجيهاتها هو أن تحظى بالاحترام والتقدير من طرف الأصدقاء والأعداء على السواء وأن يوجه لها الدعوة وتجد من ينصت إلى خطابها ويفهم قولها.
لا تنتج الفلسفة معرفة ذاتية بالأحداث التاريخية وتنظر إلى الواقع الاجتماعي من زاوية النسق المعرفي وإنما تدفع بالفيلسوف إلى قلب الصراع الاجتماعي من أجل العدالة وتسمح له بالاستعمال العمومي لملكة العقل في التاريخ الحي بطريقة منهجية وحرة من أجل الاشتراك في نقد الأوضاع المادية المزرية التي يمر بها الإنسان والسعي نحو تغييرها الى مرتبة أرقى.
لا تريد الفلسفة من أصدقاء المفاهيم التدرب على إتقان لغتها والإبحار في دروبها الوعرة والانتصار إلى المعقولية المنطقية في الخصومات المعرفية مع الواقع المعقد وإنما تطلب منهم التدرب على فن التفلسف والتربية على التفكير والنقد والحرية والاستزادة في العلم.
لا تهتم الفلسفة من حيث المبدأ بالجوهر والماهية والوجود والذات والمثال والكل والمطلق والأبدية فحسب وإنما تحرص من جهة الواقع على انتشال المنسي والتقاط المهمل وإيقاظ الوعي وإحداث الصدمة وتحريك السواكن ورسم الحدود التي تفصل بين مجالات الظن والكذب والقبح ومجالات الصدق والحق والجمال.
في هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن "الحكيم هو الإنسان القادر على الإجابة بطريقة مفهومة، وحتى مطمئنة، على كل الأسئلة التي يمكن للمرء أن يطرحها عليه حول موضوع أفعاله، ويجيب بالكيفية التي تشكل مجموع إجاباته خطابا منسجما... إن الحكيم هو الإنسان الواعي بذاته بصورة ممتلئة وتامة..."2
يفترض أن ينخرط الفيلسوف في تجربة فهم الإنسان من جهة وجوده في العالم وأن يهتم بوصف التجارب المعيشة التي يمكن للمرء أن يشترك فيها مع غيره خارج إطار الروابط الواحدية والأساليب الميكانيكية. كما يطلب من الحكيم النزول من جدل الصعود الى مسطح المحايثة والاهتداء بذبالة النور المنبعث من ضياء فانوسه وسط النهار بغية تحديد البوصلة.
لا يقدر الفيلسوف أن ينفصل عن زمانه ولا يمكنه أن يتنصل من مجتمعه على الرغم من دعاوي الكونية التي تراوده وبالتالي يظل يتحرك ضمن مطلبية قطاعه وخصوصية ثقافته ويحضر بغيابه في فكر لغته. من المعلوم أنه يحبذ الفيلسوف الظهور المسالم ضمن إطار الممارسة في أزمنة الحروب وحقبة الصراع العادل من أجل الحرية وينتصر إلى النصوص البركانية والخطاب الناري في عصور التعايش السلمي وأوقات الاستقرار الاجتماعي.
من هذا المنطلق لم تبارح الفلسفة مجالها الجوي بعد ولم تتصالح مع عصرها ولم تتحالف مع مجتمعها ولم تقم بماهو مطلوب منها من عقلنة وأنسنة وتمدين وظلت تنظر إلى قوانين الفكر ومبادئ العمل وتؤجل بصورة غريبة المبادأة ولا تهتم بقضايا الالتزام والتنوير العمومي.
لكن إذا كانت السيطرة متأكدة للرداءة والخرافة والجهل والتقليد والتعصب، فكيف يجعل الحكيم في الحضارة السائلة من الفلسفة أمرا راهنا؟ هل يرغب في الاعتراف باللامحتمل؟
المراجع:
1- Husserl (Edmond), la philosophie comme science rigoureuse, 1910, traduit par Q. Lauer, édition PUF, Epiméthée , Paris,1954, §11.
2 - Kojève ( Alexandre), introduction à la lecture de Hegel, édition Gallimard, Paris, 1947,p271.

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم يودع أمميته برحيل كاسترو المضاد لعولمته
- تحيين المشروع الفلسفي عند طيب تيزيني وسط عنف التحولات المجتم ...
- التزام الفلسفة في عيدها العالمي
- صنعة السياسي في سياق غير مُعرّف
- التباسات فلسفة الطبيعة
- جائزة نوبل للمؤلف الموسيقي بوب ديلان:هل هي نهاية الأديب أم ت ...
- ركائز المشروع الفلسفي
- تصفية حتر محاولة لإسكات صوت مناهض
- زهير الخويلدي - كاتب فلسفي - في حوار مفتوح مع القارئات والقر ...
- طيبولوجيا الأخطاء السياسية
- علاقة الإدراك الحسي بحركة الأجسام عند توماس هوبز
- عناصر الذهن البشري عند جون لوك
- همجية العنف وحضارة امتصاص الغضب
- الفطري والمكتسب بين ديكارت وهيوم
- نقد فكرة السببية عند دافيد هيوم
- معنى الحقيقة لِمَا يُقاَلُ في حد ذاته
- المنطق الجديد عند فرنسيس بيكون
- ما شرط إمكان قيام علم الطبيعة ؟
- التعقيد والتكامل بين النظام والفوضى عند أدغار موران
- نظام الكون وماهية الكائن بين أفلاطون وأرسطو


المزيد.....




- فرنسا: الجمعية الوطنية تصادق على قانون يمنع التمييز على أساس ...
- مقتل 45 شخصا على الأقل في سقوط حافلة من على جسر في جنوب إفري ...
- جنرال أمريكي يوضح سبب عدم تزويد إسرائيل بكل الأسلحة التي طلب ...
- شاهد: إفطار مجاني للصائمين في طهران خلال شهر رمضان
- لافروف عن سيناريو -بوليتيكو- لعزل روسيا.. -ليحلموا.. ليس في ...
- روسيا تصنع غواصات نووية من جيل جديد
- الدفاع الأمريكية تكشف عن محادثات أولية بشأن تمويل -قوة لحفظ ...
- الجزائر تعلن إجلاء 45 طفلا فلسطينيا و6 جزائريين جرحى عبر مطا ...
- لافروف: الغرب يحاول إقناعنا بعدم ضلوع أوكرانيا في هجوم -كروك ...
- Vivo تكشف عن أحد أفضل الهواتف القابلة للطي (فيديو)


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - زهير الخويلدي - حضور الفلسفة في الزمن التاريخي