أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - زهير الخويلدي - تصفية حتر محاولة لإسكات صوت مناهض














المزيد.....

تصفية حتر محاولة لإسكات صوت مناهض


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 5296 - 2016 / 9 / 26 - 21:02
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


لقد توقع المفكر النبيل والمثقف الصادق ناهض حتر في كلماته الأخيرة المصير الذي انتظره في زمن تعلوم الاضطراب والجهل المقدس ولقد وقع بقرارة نفسه حدث الشهادة الذي يداهم كل ذات ثورية. وعلى الرغم من حملات المساندة والدعم التي قام بها المثقفون العرب لشخصه ومناداتهم بالكف عن مضايقته والعزوف عن تهديده حصل المكروه وأزهقت روحه وأريق دمه في وضح النهار وأمام الملأ. لقد كشفت هذه الواقعة الأليمة المخاطر الجسيمة التي تهدد الكتاب والمثقفين وجنون السلطة وعبثية العالم وعار البشرية وفضيحتها الكبرى وعدم قدرة الإنسان بمفرده تامين وجوده في الفضاء القانوني للدولة الرخوة.
بهذا المعنى لا يملك المثقف العضوي من عتاد غير فكره الملتزم وضميره الساهر ولا يحوز إلا على هشاشته التكوينية ومحدوديته الأنطولوجية في معركته القاسية من أجل الدفاع عن بقائه ولا يستعمل في مواجهته لطبقات الميراث سوى أسلحة الكلام وفضائل الشجاعة والجرأة والإقدام والجسارة والحرية.
لقد آمن ناهض حتر بالأمة العربية قلبا وقالبا في كيانه ووجدانه وحمل عمومها وقضاياها بمشاعره ووعيه الشقي وعقله المتيقظ ودفع ضريبة الانتماء إلى جبهة الممانعة وتيار التصدي للرداءة والارتداد. لكن ماهي الدوافع الخفية والأسباب الحقيقية التي حفت بالاغتيال؟ وهل يتعلق الأمر بثأر شخصي أم بالنظام العام؟
لقد وجد ناهض حتر المسيحي نفسه في تناقض مع الاتجاه المحافظ في الإسلام وبان الاختلاف بين توجهه الوحدوي المقاوم والمنزع القطري والعشائري الذي ظهر على الثقافة في أشكالها المحلية والخصوصية. أضف إلى ذلك دفعته قناعاته اليسارية إلى مجابهة النزاعات الليبرالية والرد على أمواج التطبيع مع الكيان الغاصب والانتصار إلى جبهة الممانعة وسعى حثيثا إلى إحداث التغيير الديمقراطي في الأنظمة التقليدية.
في هذا السياق تكاثر حوله الأعداء واتهمه البعض بالإساءة إلى الذات الإلهية وازدراء الأديان واعتبره البعض مزعجا للسلطة القائمة وتمثل كلماته تقويضا للاستقرار والتعايش بين الطوائف والمذاهب وانتهى الأمر إلى منعه من الكتابة والنشر في بلده ومقاضاته ومحاكمته وبعد ذلك تصفيته بعد الجولة الأولى.
في الواقع تحاول الديماغوجيا السوقية للسلطة وحراس التاريخ التذكاري أن يخمدوا النفوس التائقة إلى الإنعتاق والاستفاقة وأن يمنعوا الناس من التمتع بالأنوار الكونية والحرية الفكرية ولكنهم يجهلوا العاقبة المنجرة عن ذلك الصد والاستبعاد والنتائج الكارثية عن تصفية واغتيال القامات المعرفية وأنهم بصنعهم بأنفسهم قد أسقطوا من رصيد الأمة في الارتقاء والسؤدد وقللوا من حسابها في الاستئناف والاسترجاع.
إن التحريض على المتنورين من الكتاب والعلماء وتتبعهم بالمحاكمات في قضايا حول الحرية الفكرية هي إجراءات ردعية من السلطة القائمة للدفاع عن نفسها تتنصل فيه من مسؤولية حمايتهم وضمان أمنهم وتوقيع على صك من بياض للقوى الشعوبية المغالية ليتم ملاحقتهم ونبذهم وتهميشهم والقضاء عليهم.
من حيث المبدأ ومن جهة الممارسة ليس الاختلاف في التفكير والرأي المضاد والاجتهاد الشخصي والخروج عن المألوف وعدم الاتفاق مع الرأي العام جريمة يعاقب عليها القانون وإنما حرية الضمير تكفلها الأديان وتنص عليها الدساتير ولكن غياب الديمقراطية وعدم احترام حقوق الإنسان وانتشار ذهنية التحريم وثقافة الإقصاء وتبييض الإرهاب وتعويل النظم السياسية على طاعة الجمهور ورضاهم وبالتالي استمالتهم بإعادة إنتاج التراث هي من الأمور المؤدية إلى تفشي الغلو والتشدد والتفكير والعنف والتسلط.
لقد خسرت الحركة الديمقراطية العربية كاتبا ملتزما حاول تغيير شروط اللعبة وناقدا لاذعا للتيارات الدينية المتشددة ودارسا لحركات التحرر الوطني ومناصرا للمقاومة ومناهضا للمشروع الليبرالي الجديد وباحثا عن الوئام بين الطوائف والأديان والمذاهب وعن التعايش السلمي والتنوع الثقافي والاجتماعي.
كما فقدت القضية الفلسطينية أحد فرسانها الذين ناصبوا العداء للحركة الصهيونية ودافعوا على الهوية الوطنية للقدس وعروبة الأرض وآمن بخيار الكفاح والتحرير الاجتماعي من نير الاستيطان الإسرائيلي.
جملة القول أن ما حصل هو اغتيال جبان ومدان وأن مصير الظالم والمستبد والمستعمر والمستوطن هو الزوال وأن نور المدنية سيشع على العرب وأن صوت العقل الحر لن يسكت عن النطق بالكلمة الحرة. أليست الأصوات الناطقة بلسان الحقيقة تظل مسموعة مهما تعاظمت محاولات الإسكات وأشكال التعتيم؟
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زهير الخويلدي - كاتب فلسفي - في حوار مفتوح مع القارئات والقر ...
- طيبولوجيا الأخطاء السياسية
- علاقة الإدراك الحسي بحركة الأجسام عند توماس هوبز
- عناصر الذهن البشري عند جون لوك
- همجية العنف وحضارة امتصاص الغضب
- الفطري والمكتسب بين ديكارت وهيوم
- نقد فكرة السببية عند دافيد هيوم
- معنى الحقيقة لِمَا يُقاَلُ في حد ذاته
- المنطق الجديد عند فرنسيس بيكون
- ما شرط إمكان قيام علم الطبيعة ؟
- التعقيد والتكامل بين النظام والفوضى عند أدغار موران
- نظام الكون وماهية الكائن بين أفلاطون وأرسطو
- قواعد التعلم الأربعون
- إعادة النظر في أنماط البناء عند ممارسة الحكم
- المنهج الفلسفي من الظن إلى اليقين
- ومضات مضطرمة من تاريخ الفنومينولوجيا
- إنبناء مطاع صفدي للمغيوب زمن القطيعة الكارثية
- مشروطية الحكم على فضيلة الحذر
- منطق المقدس في العقلانية الدينية
- مفارقات المعرفة الفلسفية


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - زهير الخويلدي - تصفية حتر محاولة لإسكات صوت مناهض