أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الطيب بدور - بيت الضفتين / قصة قصيرة














المزيد.....

بيت الضفتين / قصة قصيرة


محمد الطيب بدور

الحوار المتمدن-العدد: 5362 - 2016 / 12 / 5 - 15:48
المحور: الادب والفن
    


جلس مهدودا يكابد تعب أيام صعبة لا يعرف متى تنتهي ...على هذا الضفاف من البحيرة و حوله من جلسوا بالمقهى بصخبهم و حكايات يومهم ...ينظر في حسرة الى الضفة المقابلة للبحيرة ...أنوار يتلون بها سواد الليل كأنها النجوم في كبد السماء ...تلك المدينة الحديثة التي وطأتها قدماه مرة واحدة ... وراءه حيه ذي الأزقة و الأنهج الضيقة و حكايات الفقر في كل منعرج و زاوية ...
عبد الملك ...الرجل الخمسيني النازح منذ سنوات يجلس هذا المساء ليتخذ قرارا ليغير مجرى حياته ..
فكثيرا ما يقتنص الفرصة الأخيرة و ان خاب ...
استغرق في التفكير...و لم ينتبه أن بجانب المقهى يقام حفل ...و لم يعد يعرف كيف تحول المقهى الى جزء من الحفل ...تداخل المحتفلون برواد المقهى ...منبهات السيارات و صخب الغناء و ايقاع الأنغام
و توافد المتطفلين و سكان الحي ...أوحى اليه بوحشة اجتاحت صدره ...هو الذي لم تغمره الفرحة منذ
أن نزح ...
في خضم طقوس الحفل ...جنح فكره و تلاشت بين ملامح الفرح صور أفراد عائلته ...وراءه ...في ما يشبه المنزل ...زوجته التي نجت من الموت ذات يوم ...حين عجز المستشفى عن استيعابها ...يومها
أشير عليه بعيادة خاصة و هو المعدم ...هناك و هو يحمل طفله و معه ابنته الكبرى ...تذكر كيف كانت
حيرته بالغة برؤية تكاليف العلاج ...كيف تذرع الى خالقه ...و كيف اقترب منه رجل وسيم كان يشاهد
تفاصيل عجزه ...و قدم نفسه مسؤولا عن جمعية تعنى بالفقراء ...هناك انتحى به ركنا من بهو العيادة
و عيناه لا تفارقان البنت المتشبثة بأخيها الصغير..عرض عليه المساعدة في التو ..و دفع معلوم العلاج ...لم يصدق ...ترك البنت و الطفل بين ذراعيها ..أسرع لزوجته ليستقدمها ..أخذت مباشرة الى حجرة العمليات ...في البهو...كان الرجل الوسيم في انتظاره ...أخذه الى خارج العيادة و البنت تتبعهما و الطفل متشبث بها ...هناك أين فتحت سيدة وسيمة هي الأخرى ..باب سيارة ...حيته ...و لم تفارق عيناها
الطفل الوديع الذي امتنع عن الذهاب اليها عندما مدت يدها اليه ...و كان العرض كالصاعقة ...وظيفة للبنت و خروج من الفقر و الحاجة بالتنازل عن الطفل ...أخذ الطفل الى صدره و بيد أخذ يد البنت..ابتعد قليلا و أشبعهما وابلا من السب و الشتم ...أسرع الى موظفة الاستقبال ...و طلب الغاء العملية ...لكن الأمر انتهى ...لا يمكن ايقافها ...
رأى البنت تراقب السيارة و تتحين الفرصة للالتقاء بالرجل ...ذاك الوسيم ...اقتنت منه ورقة صغيرة
و عادت لتلتحق بأبيها على باب غرفة الانعاش ...و منذ ذلك اليوم تداخلت التفاصيل ...لينتبه أن في اليوم الموالي...اختفت ابنته ...ماذا عليه أن يفعل الآن ؟ زوجة ترقد بالعيادة و طفل في حضنه و بنت
اختفت ...أيام عصيبة حتى عادت الزوجة ...و لكنه لم يعد للمنزل ...قصد الضفة المقابلة ...فهو يسمع عن فتيات يشتغلن بالمنازل أو نادلات ببعض الملاهي أو الفضاءات العائلية ....حياة لا تشبه في شيء
تلك التي يعرفها بحيه ...عاد خائبا ...حتى علم عن طريق شاب يعرفه أن ابنته تشتغل نادلة بمقهى
على الضفة المقابلة يؤمه كبار القوم ...لم يهنأ حتى اقترب من المكان ...مكث واقفا حتى بانت تحمل سينية الطلبات ...ترتدي زيا كأخريات و آخرين يتنقلون بين الزبائن ...و قبل أن يجلس أو يتوجه اليها ...نظر الى حذائه الملطخ بغبار ورشة البناء..و يديه الخشنتين ...و هندامه الذي يحكي الحرمان ...و لكنه جلس ...حتى رمقته ...اختفت ...و جاءه نادل...تحدث اليه قليلا ...بعدما وضع فنجان القهوة على
الطاولة ...نشب بينهما خصام ...فجاء آخرون و دفعوه بينما لم تظهر ابنته و لا حتى لحقت به ...غادر
المكان ...و لسان حاله يقول ...هل كان يجب أن تشفي يا زينب لنفقد سعاد ؟ هل كان علي أن أبيع
ابني لينتهي فقري ؟ هو يعرف أن من تبدأ نادلة في تلك المدينة لن تعود و سترتقي حتى تسقط ...
صور مرت ...التفت ...بعض الجالسين فقط في المقهى....انتهى الحفل ...و عيناه تنظران الى الضفة الأخرى .



#محمد_الطيب_بدور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عذرا أبي / قصة قصيرة
- لحظات موجعة / قصة قصيرة
- أمي تتغير / قصة قصيرة
- سيدة النساء / خاطره
- المتمردة / قصة قصيرة
- بطعم الذهول / قصة قصيرة
- لقاء أخير / قصة قصيرة
- تعاف يا وطنا / خاطره
- لم يعد سرا / قصة قصيرة
- هل أدركت الآن ؟ / قصة قصيرة
- في جنح الظلام / قصة قصيرة
- بين الضفتين / قصة قصيرة
- الزقاق / قصة قصيرة
- هل لي بزهرة ؟
- قولي للربيع لا تأت / قصيد
- حنين / خاطره
- نبض الروح / خواطر شعرية
- نهاية السفر / قصة قصيرة
- ليس اختياري
- ابتسامة و انهيار / قصة قصيرة


المزيد.....




- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الطيب بدور - بيت الضفتين / قصة قصيرة