بطعم الذهول / قصة قصيرة

محمد الطيب بدور

الحوار المتمدن-العدد: 5354 - 2016 / 11 / 27 - 15:57
المحور: الادب والفن
    

أذهلني حضورها و كدت لا أصدق أن محدثتي كانت طفلة عرفتها أيام الدراسة الابتدائية ...جلست مضطربة تنظر الى ساعتها ...أدركت أنه علي أن أوجز اللقاء ...بحثت في حقيبة يدها ...سقطت صورة ...التقطتها و وضعتها بين يدي ...و قالت : أليست هذه
الطفلة المشاغبة التي عرفتها ؟ أنا أيضا لا أصدق أني كنت طفلة ...
جاء النادل بطلبنا ....لم تهتم بتعليقاتي كثيرا ...و انسابت كخرير مياه تقطعه من حين لآخر بصمت بألف معنى ...تحاول مغالبة الزفرات التي تأبى الخروج...
قالت : أحن الى تلك الطفلة ...الى عينين تتقدان بشرارة الحياة ..الى أحلام قبرتها منذ أن
أصبحت يافعة ...و لم تنصفني دراستي و لا شغلي ...كنت تعلم أني متفوقة ...تفتحت براعمي على المزيد من الحياة ...لكنها قطفت يوم قيل لأهلي تزويج البنت سترة ...يوم تقاطرت التهاني ...و استكمل والداي مهمتهما ...قالوا لهما....البنت زوجها أولى بها ...
لم اعش أيام خطوبة ...انتقلت الى بيت الزوجية ....و بدأت شجرة عذاباتي تكبر ....و كان علي أن أستجدي رضا الزوج و الجيران و أقاربه ...أويت الحزن بين ضلوعي ...
و شعرت أن أشياء كثيرة بدأت في التلاشي و انحصر وجودي في مرجل ما يحبه سي السيد ...و ما يريده الناس ...ابتلعت الأسى و أضمرت الشر...مزقت براءتي و رميت بها في صحراء النسيان ....كذبت....نعم كذبت اتقاء شره ...احتميت بالتحايل و أوهمت نفسي بالحياة ...أخرست نبض الحب و استبدلته بالخضوع و الاستسلام...نسيت كل ما تعلمته ...لا حياة مع الصراحة و الحب و الصداقة ...أقدم جسدي على فراش الشرعية بطعم الأنين و وخز المغلوب على أمره ...
ألا تبتسم أيها الجاني ؟ ابتسمت ..و قالت معذرة ...طبعا لا اقصدك ....هيا و ماذا عنك ؟
أذهلتني بأسلوبها ....قلت ....و هل بعد هذا ما يحكى ؟
ودعتني ...فقلت و أنا أتابع اختفاءها تدريجيا...سي السيد.؟..الجاني.... ؟ و كم عددنا ؟
و كم طفلة مثلها ؟ لست أدري لماذا تملكني شعور بأنها سخرت مني ....لعله الشيء الوحيد الذي لم يتغير في حياتها ....

#محمد_الطيب_بدور (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل