أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الطيب بدور - عذرا أبي / قصة قصيرة














المزيد.....

عذرا أبي / قصة قصيرة


محمد الطيب بدور

الحوار المتمدن-العدد: 5361 - 2016 / 12 / 4 - 23:44
المحور: الادب والفن
    


...بغرفة المستشفى المطلة على البحر...و بالطابق الرابع ...تمطى صابر في فراشه ...ينظر الى النافذة منتظرا فجرا جديدا ...المكان هادىء الا من وقع أقدام الممرضات و الأطباء ...
أطلت سامية الممرضة مبتسمة و ألقت تحية الصباح ...قالت ...هل أنت مستعد للخروج عم صابر ؟
قال ...نعم ...و كلي شوق لرؤية عالم غبت عنه ستة أشهر...هل وصل أبنائي ؟ قالت...لا ...و لكن الوقت مبكر ...سيأتون ....ستغادرنا أيها الرجل الطيب ...
وصل الطبيب ...قال...جئت لأطمئن على صحتك قبل الخروج ...انتظر...قليلا....التفت الى الممرضة و قال ...هذا الرجل يتقد أملا ....انظري اليه كيف يرتدي معطفه ...كأنه يستعد لمقابلة شركائه ...لا شك أن ابنه و ابنته في الطريق...خذي حقيبته و رافقيه الى الأسفل لاتمام الاجراءات و لينتظر حتى يأتي
أفراد عائلته ...
جلس صابر بقاعة الانتظار ...و عيناه لا تفارقان باب الدخول الى المستشفى....و مرت ساعة ...نظر بعينين مغرورقتين بالدموع الى عون الاستقبال دون أن ينطق ...ثم تمشى ...و لم تهدأ حركته بين الكرسي الذي كان يجلس عليه و حقيبته الجاهزة للخروج ...جاءته سامية الممرضة و قد أدركت تغير ملامح الرجل ...و قرأت بفراستها أسئلته التي لم ينطق بها ....قالت سأتصل بهم ...و أسرعت الى الهاتف ...و الرجل واقف و كلماتها تشق صدره و تعجز خطواته عن التحرك ...قالت ان والدكم ينتظر
منذ ساعة ...هل ستأتون أم نتصرف ؟ ...عادت اليه ...و أمسكت بذراعه و أجلسته و قالت....هم آتون اطمئن...
امتقع وجهه ...و طأطأ متنهدا دون أن تغادر عيناه مدخل المستشفى...حتى رأى ابنته و زوجها مقبلين
عليه ...مكث جالسا ....و استمع اليهما و كأنه لم يدرك شيئا مما كان حوله ....وقف ....و سار في طريق الخروج بينما أخذ زوج ابنته الحقيبة و توجه الجميع الى سيارة فاخرة تربض قريبا ...جلس في المقعد الخلفي صامتا ...لا يرد على الترحاب و تمنيات السلامة...لكنه سأل عن غياب ابنه مراد ...لماذا لم يأت ؟
تحركت السيارة ...و نشب في الطريق جدال بين ابنته و زوجها ...و كان واضحا أن ترتيبا في انتظار الرجل...هو موضع النقاش بينهما ....قالت سعاد لزوجها ....لماذا جبنت ؟ ألم نتفق على ابلاغه بالأمر ؟ بينما زوجها يتردد ...ينظر الى صابر الجالس وراءه خائفا ...متحججا بأن الأمر مبكر ....و لننتظر حتى نصل ....
عند الخروج من المدينة ...نظر صابر الى الأشجار و المسلك الذي أخذته السيارة ....فسأل...ليس هذا طريق المنزل ...هل أخطأت الطريق ؟ لم يسمع اجابة ....حتى توقفت السيارة أمام بناية بها عدة طوابق ...و سياج يحيط بها ....نزلت ابنته و تبعها زوجها ...و جاءت لتحادث والدها من نافذة السيارة...قالت ...انزل يا أبي ...لم نشأ اخبارك و أنت تتعافى في المستشفى ...قد رتبنا كل شيء ...كل أغراضك و مكتبتك هي في انتظارك بغرفة تطل على البحر في هذه الدار ...قال و أي دار ؟ حينها نطق
زوجها...انها دار رعاية للمسنين ....و كأنه لم يعد يسمع بقية حديثهما ....استغرق في الصمت ...و مكث جالسا ...جاءت مديرة الدار ...و استمعت الى كل ما يجري ....قالت ألم تقولوا انه موافق ؟
نظر اليها صابر...و أشار الى ابنته فاقتربت ...قال خذيني حالا الى منزلي...ماذا يحدث ؟

كان رفضا قاطعا...استدارت السيارة على اثره نحو طريق و منه الى منزل العائلة ...نزل صابر ضاربا الباب خلفه بقوة ...و أمر ابنته بانزال حقيبته ...و اتجه صوب المنزل....لم تفعل...و تبعته و زوجها
حتى دخلوا بهوا واسعا ...أجال صابر ببصره ...و قال ...أين مكتبتي و صورة أمك يا سعاد...؟
كان مراد ابنه ...يتردد في الاقتراب منه ...تفطن اليه ...فقال....ظننتك ستكون من أول الوافدين على المستشفى لاصطحابي ؟
حينها ابتعد الابن و أسر في أذن زوج أخته ...أنت محامي و كل شيء تم على يديك...ألا تنطق ؟
ثم قال دون أن يرفع رأسه....عذرا أبي ...يبدو أنك نسيت...انك تعرضت لحادث فضيع منذ ستة أشهر
كاد يودي بحياتك....فقدنا الأمل ...كان كل شيء قانوني ...أمضيت عليه ...أنا الآن و زوجتي نسكن
هذا المنزل و استلمت الشركة...أختي سعاد استلمت منزلنا بوسط المدينة و رصيدا من الأموال مقابل تخليها عن منابها في الشركة ...لقد رتبنا كل شيء...سيصلك راتب شهري ...فتحنا حسابا للغرض...
كان المحامي....صهره....يستمع و يشير برأسه ...بينما وقفت سعاد بعيدا كمن ينتظر انفجار بركان ...
لكن ذلك لم يحدث...تمشى صابر ...و صاح أين حقيبتي ؟
قالت سعاد ...سنصحبك الى دار رعاية المسنين ...ألم تر أن هذا المكان لم يعد يتسع لك ؟ هيأنا لك غرفتك هناك ...
أراد مراد الامساك بذراعه ....ابتعد صابر حتى كاد يسقط ...و خرج صوب السيارة ...أنزل حقيبته ...
وجال ببصره نحو المنزل و الحديقة الكبيرة ...و سار مشيا ....حاملا الحقيبة ...لحق به مراد ...و ناوله ورقة نقدية ...و قال لتركب تاكسي ....
وقف صابر و نظر بازدراء الى الواقفين ...و قال ...مصروف جيب ....
اختفى الرجل بين الأشجار....و تسمر الباقون ينتظرون غيابه عن المشهد.....



#محمد_الطيب_بدور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لحظات موجعة / قصة قصيرة
- أمي تتغير / قصة قصيرة
- سيدة النساء / خاطره
- المتمردة / قصة قصيرة
- بطعم الذهول / قصة قصيرة
- لقاء أخير / قصة قصيرة
- تعاف يا وطنا / خاطره
- لم يعد سرا / قصة قصيرة
- هل أدركت الآن ؟ / قصة قصيرة
- في جنح الظلام / قصة قصيرة
- بين الضفتين / قصة قصيرة
- الزقاق / قصة قصيرة
- هل لي بزهرة ؟
- قولي للربيع لا تأت / قصيد
- حنين / خاطره
- نبض الروح / خواطر شعرية
- نهاية السفر / قصة قصيرة
- ليس اختياري
- ابتسامة و انهيار / قصة قصيرة
- المصير / قصة قصيرة


المزيد.....




- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...
- صحف عالمية: إنزال المساعدات جوا مسرحية هزلية وماذا تبقّى من ...
- محللون إسرائيليون: فشلنا بمعركة الرواية وتسونامي قد يجرفنا
- فيديو يوثق اعتداء على فنان سوري.. قصوا شعره وكتبوا على وجهه ...
- فيديو.. تفاصيل -انفجار- حفلة الفنان محمد رمضان
- جواسيس ولغة.. كيف تعيد إسرائيل بناء -الثقافة المخابراتية-؟


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الطيب بدور - عذرا أبي / قصة قصيرة