أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الطيب بدور - هل أدركت الآن ؟ / قصة قصيرة














المزيد.....

هل أدركت الآن ؟ / قصة قصيرة


محمد الطيب بدور

الحوار المتمدن-العدد: 5353 - 2016 / 11 / 26 - 02:50
المحور: الادب والفن
    




كان بالغرفة المجاورة عندما رن هاتفه دون انقطاع ...تناوله و استمع الى المتصل ...لم ينتبه الى الرقم الذي كاد يندثر...فصديقه منذ عشرين عاما كان قليل الاتصال ...ظل ساهما لا يكاد يصدق ...
أعلمه بوفاة عزيزة عليه كانت يوما ستكون زوجته لولا تصاريف القدر ...لم ينطق بكلمات ذي معنى
و خير الخروج ليتمشى و يفكر...أعاد الاتصال بصديقه و طلب المزيد من التفاصيل ...عرف أنها توفيت منذ يومين و أنها دفنت و أنه لم يتمكن من الاتصال قبل اليوم ...قال .الصديق ..أبلغتك ان كنت تريد
المجيء الى أهلها للتعزية ...لم ينطق بوعد . ...قادته خطواته المضطربة الى شارع طويل وسط
الزحام ... يبحث في ملامح المارين عن ذكرى لم تغادر مخزون الأيام ...و قبل العودة الى المنزل

جلس منفردا بالمقهى غير مهتم بجلبة و سمر الجالسين ...ناوله النادل فنجانه المعهود ...حرك القهوة
و بصره لا يغادر البخار الصاعد ...فصعد معه الى عشرين سنة مضت ...أين عرف سعاد...و عائلتها
...تعمل سعاد باحدى ورشات الخياطة ...و تعيل عائلتها و تحرص على توفير حاجياتها...تحظى بكثير من التقدير ...وسط حيها بالمدينة ...فائقة الحيوية ...رائعة الجمال و الحديث ..أخذت بلب قلبه ...و لم يكن من السهل عليه غزو قلبها ...أغذق عليها الهذايا و تواعدا على الاقتران
و كان واضحا منذ البداية أن اقترانهما سيسعد العائلة عدا أخوها الأكبر الذي
كان يخبىء شيئا ما ...و لكن قبل موعد الخطوبة بشهر...لاحظ عمر...على ملامح سعاد ذبولا ...و صمتا ...و شعر أنها لم تعد تهتم كثيرا بكل كلمة يقولها ...تنظر اليه في صمت ...و بعينين تخبئان رجاء لا تفصح عنه ...و في ذات صباح باكر...سمع طرقا عنيفا على باب شقته الصغيرة التي يسكنها صحبة صديقه الذي اتصل به ...فتح الباب جزعا ...كانت أختها على الباب ....تعلمه باختفاء سعاد ...
قصد الجميع منزلها ...كل العائلة على قدم و ساق ...عدا أخوها و أمها ...لم تبد عليهما علامات الحيرة و الخوف ...بقية أفراد العائلة يبحثون عنها عند صديقاتها و معارفهم ...و ظل عمر صحبة صديقه ينتظران فرجا لا يأتي حتى جاء الليل ....و جاء الخبر اليقين ....قال أخوها سعاد تزوجت
و قد هربت من موقف محرج لك ...و لأهلك ...و يقصد عمر بكلامه ...
كان هذا آخر كلام سمعه قبل أن يغادر منزلهم منذ عشرين سنة ...تحامل على نفسه ...غادر المقهى
ليعد ليوم سفر لم يحدد وجهته بعد...و لكنه سيذهب اليها ...
ساعات قليلة خلال السفر فتحت بذاكرته الكثير من التفاصيل ...ساعات الصفا ...و ضحكتها و شعرها
الفاحم و عطرها و لمسة يدها و انشغالها ...و مشاكساتها ....عظم حزنه ...و هو يدخل الى سور المقبرة ...بحث عن قبر جديد ...هناك غير بعيد ...تراءى له القبر...قرأ الاسم ...وقف كالمتجمد
صامتا ...و تذكر أن عليه قراءة الفاتحة...ففعل ...و لم يغادر القبر فأخذ يحيط به مشيا ...متوقفا
أحيانا ..دون أن يشعر بأن المكان يقصده زوار آخرون ...أخوها و بنت لم يتعدى سنها العشرين سنة..
شعر بحرج ...فغادر ليجلس تحت شجرة ...تبعه أخوها و قد تعرف عليه ...جلس الى جانبه ...و تبادلا
التحية و العزاء ...و اختصر أخوها أجوبة ظلت أسئلة عالقة في ذهن عمر...قال...أرأيت تلك البنت ؟
انها منى ...ابنة المرحومة ......تزوجت سعاد صاحب الورشة بعدما هددها بطردها ان لم تقبل به .زوجا ...أنا من ساعدته ليوفر لي عملا كسائق لترويج بضاعته ...توفي قبلها بسنتين ...في حادث مرور ...جراء السكر...مات هو و أسعفني القدر...كنا في نفس السيارة ...انهارت قواها بعد موته
و عجزت عن تسيير الورشة ...هدها المرض الخبيث ...و تهاوت ...لتترك البنت وحيدة ...
نظر عمر الى القبر الساكن...و كأنه يراها مبتسمة ...هل أدركت الآن ؟



#محمد_الطيب_بدور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في جنح الظلام / قصة قصيرة
- بين الضفتين / قصة قصيرة
- الزقاق / قصة قصيرة
- هل لي بزهرة ؟
- قولي للربيع لا تأت / قصيد
- حنين / خاطره
- نبض الروح / خواطر شعرية
- نهاية السفر / قصة قصيرة
- ليس اختياري
- ابتسامة و انهيار / قصة قصيرة
- المصير / قصة قصيرة
- رصيد معطلة عن العمل
- قبل النهاية / قصة قصيرة
- أجنحة لا تطير / قصة قصيرة
- أين أنت ؟
- المدرسة : قاطرة أم مقطورة ؟ أداة للرقي الاجتماعي أم عامل مسا ...
- الأماكن
- الاصلاح التربوي بين الفشل و رهانات النجاح
- أماه
- واحدة بواحدة قصة قصيرة


المزيد.....




- توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف ...
- كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟ ...
- شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي ...
- رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس ...
- أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما ...
- فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن ...
- بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل ...
- “حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال ...
- جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
- التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!


المزيد.....

- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الطيب بدور - هل أدركت الآن ؟ / قصة قصيرة