أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - لا أحد يقرع الباب














المزيد.....

لا أحد يقرع الباب


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 5350 - 2016 / 11 / 23 - 09:54
المحور: الادب والفن
    


سلسلة يوميات أنثى عازبة

لا أحد يقرع الباب
دينا سـَليم حـَنحن - كاتبة فلسطينية تقيم في استراليا

غسلت عنها أحلامها... نفضت فستان السهرة بعد أن خلعته وألقته على كتف أريكة قريبة، حرّكت الكلوت الأحمر حتى يستقيم فتعقّد أكثر، نفضته بعصبية، نفضته بإهانة، لم يستقم فرمته في الحاوية فاستراحت.
صباحا، وصلها كلوت جديد بلون آخر ورسالة صوتية بكلمتين (هذا للغد)، مغلفا بكيس مع صورة فتاة يسيل لعابها من لسانها المتدلي. راقبت الحيوان الذي تكوّر داخل القفص، أكلت الأرنبة كل الجزر الذي أحضرته لها، (هذه الأرنبة تلتهم كل شيء...ستلتهمني في يوم ما)، قالت، ورمت لها المزيد!
ليل البارحة كان مختلفا، على الأقل احتفظ بها مالكها ثلاثة أشهر قبل أن يتركها فريسة رجل آخر، لقد رحل دون أن يترك عنوانه، جملة وحيدة تركها لها على الماسينجر، (أنا مسافر إلى وطني والدي ينتظرني، أنا مشغول جدا)، ماذا تفهم من هذه الجملة؟ وطن، والد، عن أي وطن يتحدث وهل والده ما يزال على قيد الحياة، وكم سيكون عمره إن كان هو قد بلغ الستين؟ ولماذا لا يخبرها صراحة أنه سيفترق عنها دون أن يؤلف لها حججا واهية، ثم لماذا الرجل هو الذي يقرر دائما، لم لا تستطيع أن تتركه هي ضائعا بين الشكوك والأوهام، لسان حالها... هل أحبته؟
يا لها من فتاة بائسة، لقد أحبته فعلا ولأول مرة تشعر أنها إنسان مهم وهي بين أحضانه، تركت جسدها عاريا ملتصقا بجسده العاري طوال الليلة الفائتة ومنعت نفسها من النوم، أرادت أن تفرح بكل لحظة وهي معه، ألصقت مؤخرتها بمؤخرته متعمدة، تبتسم سعيدة لكل ثانية من ساعات الليل الطويل، فرحها يهمس لها بأذنيها ويوشوش مثل ملاك (لا تفكري كثيرا واستمتعي بكل دقيقة لأنه سيختفي عاجلا من حياتك)، تسترجع كل خطوة من البداية وحتى النهاية، تمتعت بأدائه وطريقته بالمعاشرة، ابتسمت حتى احتلت ابتسامتها كل سنوات الحزن التي عاشتها، وملأ الحبور وجنتيها، ابتسمت للفضاء، لليل، لعطره ورائحة جسده، لصوت شخيره، ابتسمت فرحة لأنها علمت مسبقا أنها ليلة الوداع، وإن حصل الوداع يجب أن تقتنع بانتهاء العلاقة بترو وحكمة وعدم الانهيار أو الشعور بالخيبة، لتتذكر الاتفاق الذي تمّ بينهما، عندما أخبرها أنه لا حب وأن هذه العلاقة مكرسة فقط لممارسة الجنس!
ماذا تفعل بالكيلوت الجديد، هل ترتديه استعدادا لمعاشرة جديدة تستمر أو لا تستمر، أم تلقيه في الحاوية وتهرب وتتخلص من حياتها المزرية المخزية، ماذا تفعل وهي التي اختارت هذا الطريق عندما وجدت نفسها وحيدة تماما دون معيل، ولولا ابن عمها (مغدور) لبقيت تتوسل لقمة في الطرقات، فالحرب السائبة لم تترك لها خيارات أخرى، حرب مستمرة لم تبق شريفا إلا وأحرقته بنارها، حتى عندما توسلت (مغدور) أن يستر عليها متعهدة أن تبقى خادمة له مدى الحياة، رفض ولكمها واعتاد على لكمها كلما اعترضت، ثم ما بوسع متسول أن يفعل غير أن يبحث عن لقمة رخيصه يسد بها جوعه تؤمنها هي له!
ليلة ثالثة تمر حتى نفذ صبر (مغدور) الذي بدأ يهددها بالقتل إن لم ترتدي الكلوت الجديد وتذهب إلى الزبون الجديد لتمكث معه ساعة، بما أنه مسافر، طلبت المزيد من الكالوتات تظلل بها عيبها المكشوف، بما أنها ستمكث مع إثنين إضافيين ذات الليلة، وهددته بالتخلف عن المواعيد، استغرب (مغدور) قوة نبضها ورمى إليها نظرات الشك بعينين حادتين تشبهان السيف، صارخا في وجهها (ستبقين داخل القفص مثل هذه الأرنبة إن تخلفت عن موعدك)! ثم رمى ما بيده للأرنبة الجائعة وخرج.
أتت بسكين حادة وهيأت نفسها للذبح، سوف تتخلص منها ومن كل شيء يشبه الأنثى الخاضعة الخانعة المستسلمة، ستفعلها، ذبحت الأرنبة وقطعتها إربا ووضعها داخل درجها المليء بالكالوتات، شهقت الأرنبة قبل أن تلفظ أنفاسها، شهقة كهزيم الرعد في ليلة عاصفة، اختلط الليل بالنهار ولم يعد بيدها سوى السكين التي أزهقت روح الحيوان المسكين الخاضع.
صوت ما أخذها إلى النافذة فإذ بها تسقط على حقيقة أخرى وهي أن (مغدور) عاد إليها بأرنبة ثانية، أحست بالإهانة والقهر والخوف، بدأت تبحث عن طريقة ما تمسح الدماء التي لوثت الأرض، لكن صرير الباب أسرع من أي تدبير يمكن أن تتخذه، تركت المكان يعج بالدماء واختبأت داخل خزانتها، اختفت خلف فساتينها المشنوقة داخله، هكذا فقط استطاعت التخلص منه عندما ظن أنها قتلت نفسها، لم يبق له سوى خيارا واحدا قبل أن يكتشف أحدا النائبة، فرّ هاربا وهو يلهث فزعا تاركا الأرنبة تتجول في المكان والباب مفتوحا.
هل هربت من بعده واختفت من عينيه؟ هل بقيت؟ وعلق السؤال!




#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصمة على عنق
- ورق سوليفان
- ذكريات - أول قصيدة
- مقعد أنيق
- الخطيئة
- قاطرة الزقاق
- لا يمكن أن تكونَ خائنا
- ضمائر
- رقم البيت ...صفر
- إمرأة... والتنانير فضفاضة
- سباعية المستحيل
- عروس بدون زواج
- يا بو الشويرة الحمرا – تي رشرش
- نقوش على الرمال
- نظرات الانتظار
- شبشب أمي
- اشترينا تلفزيون جديد
- تحت العشرين
- ريشة الفرح
- من مكيدة الشيخوخة إلى جحر الرومانسية


المزيد.....




- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - لا أحد يقرع الباب