أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - تامر البطراوي - نظرية التنمية الإقتصادية - الجزء الأول














المزيد.....

نظرية التنمية الإقتصادية - الجزء الأول


تامر البطراوي

الحوار المتمدن-العدد: 5349 - 2016 / 11 / 22 - 05:15
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


لقد كانت قضية الدخل هي الشغل الشاغل للفكر الإقتصادي بعمقه التاريخي ، وإن كان تبلور ملامحلها النظرية ارتبط بأعمال الكلاسيك والتي مالت إلى التشاؤمية ، ففي ظل إيمانهم بقوى السوق الحر تبقى معالجة ظاهرة أجر الكفاف هي التحدي الأكبر ، ففي ظل أي سوق حُر سيتحدد أجر العمل غير الماهر -أو العمل الذي يمكن اكتساب مهارته بسهولة- بحد الكفاف المجتمعي ، وهو القدر من الدخل الذي يكفي بالكاد لإشباع الحاجات الضرورية والأساسية المتعلقة بذلك المجتمع ، لقد انطلق الكلاسيك في سبيل علاجهم لتلك الإشكالية وتنمية الإنتاجية ورفع الدخل من مدخل عنصر العمل نفسه ، فطالما أن أجر الكفاف يرتبط بالمستوى المهاري المنخفض فإن سبيل رفع الأجر على ذلك الحد هو تنمية مهارة العمل والتي تتم من خلال التخصص وتقسيم العمل ، إلا أن نتائجهم النهائية مالت إلى التشاؤمية ، فمع تحقق الفوائض لدى عنصر العمل وتحسن أحوالهم المعيشية سيزداد حجم العمل مرة أخرى فيزداد العرض الذي ينخفض معه الطلب فتنخفض الأجور مرة أخرى إلى حد الكفاف ، إلى أن طرح شومبيتر مدخل آخر لتنمية الإنتاجية والدخل وهو مدخل التنظيم ، فما الفائدة من عمل ماهر لا يجد الإطار المؤسسي الجيد الذي يمكن من خلاله توظيف مهارته الخاصة على الوجه الأمثل فترتفع الإنتاجية ويرتفع الدخل؟ ، إن عنصر التنظيم وتوفير الإطار المؤسسي الجيد هو العنصر المحوري في توظيف العمل الماهر ورفع مهارة العمل بشكل عام ومن ثم زيادة الإنتاجية والدخل ، وليس الأمر مقتصرًا فقط على توظيف عنصر العمل وحسب وإنما يتعلق بتوظيف كافة عناصر الإنتاج ، إن الأمر يبدوا جيدا على مثل هذا النحو فمع ارتقاء عنصر التنظيم سترتقي مهارة عنصر العمل وترتفع إنتاجيته وإنتاجية سائر عوامل الإنتاج ، إلا أن ذلك لا يفسر إرتفاع إنتاجية عامل على آخر بمنظمتين تتشابه أحوالهم المؤسسية أحدهما يعمل على آلة بالية والآخر على آلة أكثر حداثة وتطورًا ، وهو ما قاد سولو بالخمسينات لإعتبار أن رفع إنتاجية عنصر العمل وسائر عوامل الإنتاج يرتبط بدرجة التكنولوجيا ، ولذلك فوفقًا لنتائج سولو فإن السبيل لرفع إنتاجية الأفراد على المستوى القومي ومتوسط الدخول هو رفع مستوى التكنولوجيا بذلك الإقتصاد ، وخلال تلك الفترة ظهر تيار سيكولوجي شكله مجموعة من العلماء أبرزهم بارسونز وماكليلاند وهايجن وليرنر ، اعتبر ذلك التيار أن رفع الإنتاجية ومتوسطات الدخول لا يتوقف على التنظيم الجيد والمستوى التكنولوجي وحسب ، وإنما يرتبط وبشكل أكثر تأكيدًا بالعنصر البشري نفسه ، فما الفائدة من إطار مؤسسي منظم بدرجة جيدة بينما عنصر العمل نفسه يتضمن قيم لا تدفعه ناحية الإنتاجية وإنما تدفعه تجاه الكسل والإحتيال والمحاكاة والعزو؟ ، إن المستوى التنظيمي الجيد أو المستوى التكنولوجي المرتفع لن يتمكن من الإرتقاء بإنتاجية العمل ومتوسط الدخل طالما كان مستوى القيم والثقافة العامة منخفض ، إن ما يُفسر بشكل أساسي التفاوت في الإنتاجية ما بين مؤسستين تتشابه بينهما الظروف الرأسمالية والتنظيمية والتكنولوجية بينما تتفاوت بينهما الإنتاجية هو عنصر القيم أو الثقافة المجتمعية كعامل إنتاج مستقل ، لقد كانت نظرية القيم حلاً أكثر إبداعية للإقتصاد السياسي وبنفس الوقت أكثر تحديًا ، فإذا أردنا رفع متوسطات الدخول على المستوى القومي فلعينا وبشكل أساسي رفع مستوى القيم والمستوى الثقافي على المستوى القومي وهو أمرًا ليس من السهولة بمكان ولا يُمكن إعمال فيه الحلول الإقتصادية التقليدية كالقروض والسياسات المالية والنقدية وإنما يرتبط عادة بفترات طويلة من التنشئة ، ومع أواخر الخمسينات ظهر اتجاه جديد مع ليبست أضاف إلى العوامل السابقة عامل الدولة ، فما الذي يؤدي إلى تفاوت التنمية ما بين منطقتين متجاورتين تتشابه القيم المجتمعية لسكانهما إلى حد التماثل إحداهما تقل داخل حدود دولة والأخرى تقع داخل حدود دولة أخرى غير عنصر الدولة أو الحكومة؟ لقد اعتبر ليبست أن عنصر الحكومة عنصر إنتاج لا يقل أهمية عن العناصر الكلاسيكة أو التكنولوجية أو القيم إن لم يكن الأهم ، فمع الدولة الجيدة أو الحكم الجيد تُصبح تلك العوامل أكثر كفاءة وفاعلية وترتفع إنتاجيتها ودخولها ، بينما نفس العوامل في ظل دولة أخرى يعمل إطارها السياسي والتشريعي والإداري على تثبيط وإحباط الإنتاجية ستنخفض إنتاجيتها ودخولها بقدر تدهور مستوى الحكم.
وبناءً عليه فلقد أضاف شومبيتر إلى الثالوث المقدس عنصر التنظيم وأضافت نظرية الخمسينات ثلاثة عوامل جديدة وهي التكنولوجيا والقيم والحكومة ، ليصبح الإنتاج دالة لسبعة عوامل ، ومع ذلك فإن هذه النظرية تتحدث عن النمو القومي بعمومه ، كيف يمكن أن يحدث نمو لمتوسط الدخل القومي بشكل عام -وبغير الإلتفات لطريقة توزيع الدخل- وليس نمو لمتوسط الدخل القومي الذي يحدث من خلال نمو دخول الطبقات الفقيرة والمتوسطة ، فمع تحسين المستوى التكنولوجي وجودة الحكم وارتقاء الثقافة من الممكن أن يحدث النمو القومي ولكن من خلال نمو الطبقات الأكثر ثراءً ، وتظل دخول الطبقات الفقيرة تتحدد مع المستوى الجديد للكفاف وإن ارتفع دخلها الحقيقي أو تتسرب فوائضها بشكل أو بآخر إلى الرأسمالية المحلية أو الأجنبية وهو مالم تقصده نظرية التنمية ببحثها عوامل النمو ، فهي تبحث بالأساس النمو الإقتصادي الذي يتحقق من خلال نمو الطبقات الفقيرة والمتوسطة لمحاكاة الأوضاع المعيشية بالدول المتقدمة وتحقيق الرفاهية المجتمعية وهو ما ستعود لتأكيده والنص عليه بالستينات.. ترى كيف ستتغلب نظرية التنمية على تلك الإشكالية؟ هذا ما سوف نتناوله بالجزء القادم .

البطراوي، تامر (2016). أبحاث في الإقتصاد السياسي، مطبعة دار السلام: الطبعة الأولى، الأسكندرية.

Facebook: Tamer Elbatrawy
Email: [email protected]



#تامر_البطراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية الثورة على التبعية للرأسمالية الإمبريالية: الإرهاصات ا ...
- قراءة أكرونولوجية للتحولات المفاهيمية للسببة التراكمية والدا ...
- روشتة مختصرة للخروج من الأزمة الإقتصادية المصرية الحالية
- ماكليلاند والدافعية للإنجاز.. دفع الهمم نحو التميز والتفوق و ...
- هايجن ورؤية ثقافية لتغيير المجتمعات النامية..
- الدرجة التحصيلية والإضافة العلمية ما بين النظرية والتطبيق وع ...
- ذِكرياتٍ فاحشة وآمالٍ لامُوحِشة
- السائحة (لا عفيف)..
- عاهرةٌ في حَيِّنا
- مقاربة أبستمولوجية
- الأصول النظرية لمفهوم العلم
- النظرية الإقتصادية الكلية مُقاربة تأصيلية
- المدرسة الإقتصادية للإسلاميون الجُدد
- مناقشة لبعض مواد الدستور المصري
- دستورية موضوع الهوية (دراسة مقارنة)
- الحُقبة الماركنتيلية الجذور السياسية والثقافية وانعكاساتها ع ...
- البكيني والحرب المُقدسة
- مقاربة أنطولوجية
- متى ظهر مصطلح الإقتصاد ومتى ظهر مصطلح الإقتصاد الإسلامي؟
- ثورة على أصنام المعبد


المزيد.....




- اضطرابات الطيران في إسرائيل تؤجّل التعافي وتؤثر على خطط -عيد ...
- أغذية الإماراتية توافق على توزيع أرباح نقدية.. بهذه القيمة
- النفط يصعد 1% مع هبوط الدولار وتحول التركيز لبيانات اقتصادية ...
- بنك UBS السويسري يحصل على موافقة لتأسيس فرع له في السعودية
- بعد 200 يوم من العدوان على غزة الإحتلال يتكبد خسائر اقتصادية ...
- الولايات المتحدة تعتزم مواصلة فرض العقوبات على مشاريع الطاقة ...
- تباين في أداء أسواق المنطقة.. وبورصة قطر باللون الأخضر
- نشاط الأعمال الأميركي عند أدنى مستوى في 4 أشهر خلال أبريل
- -تسلا- تعتزم تسريح نحو 2700 موظف من مصنعها.. بهذه الدولة
- وزير ليبي: نستهدف زيادة إنتاج النفط إلى مليوني برميل يوميا


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - تامر البطراوي - نظرية التنمية الإقتصادية - الجزء الأول