أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - تامر البطراوي - النظرية الإقتصادية الكلية مُقاربة تأصيلية















المزيد.....

النظرية الإقتصادية الكلية مُقاربة تأصيلية


تامر البطراوي

الحوار المتمدن-العدد: 5275 - 2016 / 9 / 4 - 01:10
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تنقسم البيئة الكونية إلى بيئة طبيعية (Natural environment) تتكون من كائنات محسوسة عضوية (كالنبات والحيوان والمترممات) وغير عضوية (كالتربة والصخور والمعادن) ، وبيئة اجتماعية (Social environment) فوق عضوية تتكون من كائنات غير محسوسة (لا يُمكن إدراكها بالحواس الخمسة وإنما يُمكن الإستدلال عليها بمنطق حِسي) مصاحبة للكائنات العضوية (كالشخصية والجماعة) ، والتي تُمثل جسد من من الخصائص المعنوية التابعة للكائن العضوي كالشخصيه المُفردة والتي بإجتماعها مع شخصية أخرى أو اكثر وتحدث بينهما علاقة ينشأ كائن فوق عضوي على درجة أعلى من التعقيد كالجماعة أو المجتمع ، كما يُمكننا تمييز بيئة الكائنات فوق الغير عضوية (كالجاذبية والطرد المركزي والموجات الغير حسية) والتي تترتب على الظواهر الغير عضوية (الطبيعية) الحسية وتصاحب وجودها المادي كما ينشأ عن اجتماعها كائنات فوق غير عضوية على درجة أعلى من التعقيد كالموجات الكهرومغناطيسية التي تنشأ عن تعامد موجات مغناطيسية وموجات كهروبائية ، وأخيراً البيئة الميتافيزيقية (Metaphysical environment) والتي تنطوي على الغيبيات التي يعتقد فيها الإنسان والتي تقوم على دراستها العلوم الإنسانية والتي تشمل دراسة الروحانيات والغيبيات والفلسفة والآداب والفنون.
وإذا كان علم الإقتصاد يهتم بالأموال النافعة (السلع والخدمات القابلة للبيع والشراء) فإنه لا يهتم بها من حيث تكوينها الطبيعي (الفسيولوجي) أو التكوين الطبيعي أو الصناعي للكائن المُوَلد لها في حالة الأموال المعنوية ، وإنما يبحث في العلاقات التي تؤدي إلى نشأتها وتوزيعها بين الأفراد ، وإذا كانت المنافع لا تكتسب صفة المال إلا بتدخل اجتماعي (سواء أكانت موجود طبيعي اكتسب صفة المال لحاجة اجتماعية أو تدخل اجتماعي تحويلي) فإن هذا التدخل الذي تنشأ عنه صفة المال والذي يمثل كائن فوق عضوي موضوع بالبيئة الإجتماعية هو محل البحث بعلم الإقتصاد والذي يكتسب نسبة لموضع عنايته الصفة الإجتماعية ، التدخل الإجتماعي الإقتصادي بتجريد (abstraction) علاقة رغبة إستهلاك أو إنتاج أو حيازة تجاه كائن مادي أو معنوي قابل للبيع والشراء ، ومن ثم فالعلاقات الإقتصادية يُمكن تقسيمها إلى علاقات إنتاج وتوزيع واستهلاك ، وإذا كانت هذه الكائنات فوق العضوية غير حِسية أي لا يُمكن إدراكها بالحواس الخمسة (السمع، البصر، اللمس، التذوق، الإستنشاق) إلا أنه يُمكن الإستدلال عليها بمنطق حِسي ، فالفرد الذي يذهب إلى المصنع لأداء دور إنتاجي يربطه بتلك الوحدة علاقة عمل ، وبتتابع بنفس المنطق الإستدلالي يُمكن تكامل إدراك العلاقة ، أي أن العلاقات الإقتصادية وإن كانت كائنات معنوية (فوق عضوية) غير موصوفة حسياً إلا أنه يُمكن تكوين تصور ذهني لها فيما يُعرف "بالنظرية" (theory) والتي تُقابل في مفهومها الصورة الحِسية الناتجة عن نظرة حسية لكائن مادي.
النظرية كرؤية وصفية تفسيرية لكائن معنوي تقوم على مبدأ السببية تتدرج في ثبوتها ما بين الفرضية (assumption) وما بين القانون (Law) ، فالإفتراضات الوصفية والتفسيرية تُمثل رؤية نظرية منطقية تحت الإثبات ورأي مختلف عليه ، وبإثبات تلك الفرضية بمنطق علمي تأخذ النظرية درجة القبول العلمي الذي يتجه ناحية الثبوت بتتابع الإختبار وتكرار نفس النتائج وحتى تكتسب صفة القانون العلمي النظري ، وهو رؤية ذهنية لكائن معنوي شبه مُتفق على صحتها بين ذوي نفس المناطق العلمية بتغير ثقافاتهم ، ولذلك فالنظرية العلمية ميراث إنساني عام غير مرتبط بمجتمع أو وطن وغير موصوف إلا بالمنهجية العلمية والتخصص نفسه ، ولا يصح نَسْبُه لآيديولوجيه أو فلسفة معينة كان لأحد معتنقيها سبق الكشف فهو وليد المنطق العلمي لا الأيديولوجية أو الثقافة.
النظرية الإقتصادية الكُلية تُمثل بنية فكرية من مجموعة النظريات التي تكشف طبيعة علاقات إنتاج المنافع وتوزيعها لإشباع الحاجات (تعبئة تحويل توزيع تبادل) ، أي أن النظرية الإقتصادية هي كل رؤية معرفية تُجيب على تساؤلات كيف يتم الإنتاج وماهيته؟ وكيف يتم توزيعه وتحقق الإشباع؟ وبمعنىً آخر كيف يتحقق الثراء الذي يؤدي إلى الرفاهية على المستوى الفردي والمجتمعي؟.
وبالرغم من أن العلاقات الإقتصادية قديمة بقدم الإنسان ويرجع ظهورها لأول تدخل بشري للإنتفاع بالموارد إلا أن محاولات نَظر تِلك العلاقات (وصف وتفسير) وتدوينها (تنظيرها) بات مُتأخراً من عُمر البشرية ، وقد اتسمت المحاولات بقدر كبير من البساطة في بدايتها لتبدأ أولى محاولات التنظير المُتعمق مع الفيزوقراط والتي انطلقت من مُسلمة حاولت تأكيدها مفادها أن علاقات عوامل الإنتاج ذات ثبوت قانوني بنفس منطق القوانين التي تحكم الظواهر الطبيعية العضوية وغير العضوية وفوق الغير عضوية ، ومن ثم أدخل الفيزوقراط مفهوم القوانين الإقتصادية أو القوانين التي تحكم العلاقات الإقتصادية والتي تُفسدها التدخلات السياسية ، أكد نفس النظرية تقريباً الكلاسيك بالتأكيد على المبدأ الإستاتيكي الثابت للعلاقات الإقتصادية والتي عملوا على تحليل القوانين التي تحكمها ، أما الماركسية فقد عارضت تلك الأطروحة من مُنطلق أن السياسات والظروف التي تمر بها المجتمعات ليست بساكنة بل متغيرة وعليه فتُصبح القوانين التي تحكم علاقات عوامل الإنتاج متغيرة وذات طبيعة ديناميكية وليست استاتيك ، وهو ما حدث بالفعل مع تغير علاقات الإنتاج مع حلول النصف الثاني من القرن التاسع عشر وظهور فوائض الإنتاج وبالتالي تحول المشكلة من جانب العرض إلى جانب الطلب ، والذي مهد لرؤية أخرى لمارشال من منظور المنفعة ، حيث اعتبر أن خلق الأموال لا يبدأ من علاقات عوامل خلقها وإنما يبدأ من حيث انتهت علاقة المُستهلك أو الطلب على تلك الأموال والحاجة إلى منفعتها ، والتي بدورها تقود التحكم في علاقات الإنتاج لينقل بذلك العلاقات الإقتصادية بنفس البيئة الفوق عضوية من الموضع الإجتماعي للموضع الإنساني السيكولوجي ، أي بدلاً من العلاقات ما بين الأفراد إلى العلاقات ما بين الأفراد والأشياء ، وباستقرار منظومة الإقتصاد بتوافق العرض المُسبق مع الطلب والبدء في الإنتاج من حيث انتهى الإستهلاك تسارعت معدلات حركة الظاهرة إنتاجاً واستهلاكاً مما أدى إلى عودة المُشكلة مرة أخرى إلى جانب العرض ولكن هذه المرة كانت العودة بجانب ندرة العوامل ومواردها ، مما دفع روبنز إلى اعتبار أن العلاقات الإقتصادية ليست علاقات عوامل الإنتاج ولا علاقات الإستهلاك بالأموال والتي تتحكم في علاقات الإنتاج وإنما علاقات الندرة ، فالطلب على الموارد النادرة هو الذي يتحكم في علاقات الإنتاج والتوزيع وبتغير علاقات الندرة يتغير هيكل علاقات الإنتاج والتوزيع ، أما سامويلسون فقد اعتبر أن الكائن الموضوع الأساسي الذي يجب أن يعني به علم الإقتصاد هو كفاءة العلاقة مع الموارد النادرة وكيف يُمكن توجيه علاقات الموارد النادرة نحو الكفاءة.
يتضح مما سبق أن ظاهرة المنافع الإقتصادية إنتاجاً واستهلاكاً متغيرة بتغير متغيرات الندرة والحاجة ، مما يعني أن النظرية الكُلية لا تكتمل إلا بدمج نتائج المناظير المرحلية للظاهرة التي لا تتوقف عن التغير ، إن أقصى ما يمكن إدراكه حيال الظاهرة الإقتصادية مقاربة تنظيرية لتوقع ماضي أو وصف واقع أو التنبؤ بمستقبل في ظل سياسات التدخل وعدم التدخل ، ولذلك فالنظرية التي ستصف واقع ظاهرة ستختلف عن تلك تتنبأ لها في ظل نفس السياسة ، وعن تلك التي تصف واقع أو تتنبأ بمستقبل لنفس الظاهرة في ظل سياسة مُغايرة ، ففي حين أن نظرية ستتنبأ بالتشغيل الكامل للموارد بقوى السوق الحُر لأن كل عرض يخلق طلبه ، فإن نظرية أخرى ستصف واقع بعدم تحقق التشغيل الكامل بقوى السوق الحُر وتتنبأ حدوثه في حالة التدخل وأخرى مع التخطيط ، بينما ستصف نظرية أخرى واقع حدوث توازن مع التدخل أو التخطيط بعدم الكفاءة ، ولذلك فإن متغيرات الزمن والسياسة تُمثل عاملاً أساسياً في تغير وتطور الظاهرة الإقتصادية والنظريات المُفسرة لها.
وبناءاً عليه فالسياسة تختلف عن النظرية التي تميل إلى الضبط ، السياسات تُمثل إجراءات يتخذها الفاعل الرسمي كتوجه اجتماعي وترتبط إلى حد كبير بخلفية فكرية معينة للتأثير في متغيرات الظاهرة كالتغلب على المشكلة الإقتصادية بالمجتمع ، السياسة تُمثل رأي يصح فيه النَسْب المُجتمعي أو غير المجتمعي لكونه اختيار وتوجه اجتماعي ، ويتوقف نجاحه من فشله بشكل كبير على مدى قبوله اجتماعياً.
وكما ترتبط الظاهرة الإقتصادية بسياسات التحكم والحماية الكفؤة بهذا الشكل الوثيق فإن العوامل الإجتماعية والثقافية والعوامل البيئية هي الأخرى ترتبط وبنفس القدر تقريبا بالظاهرة الإقتصادية ، حيث أن تطور عوامل الإنتاج من عمل ورأس مال يرتبط بمنظومة المعرفة والتي تشمل الثقافة والتخصص العلمي والفني ، كما أن التنظيم مرتبط بالعادات والتقاليد التي قد تكون جاذبة أو طاردة للتنظيم ، بالإضافة إلى طبيعة الأرض فالمناخ القاسي أو الملوث يخفض من قدرة العمل ويطرد التنظيم ، كما أن الأرض الجيدة القريبة من الأسواق ترفع القيمة والأرض الرديئة أو البعيدة عن الأسواق تؤثر على الناتج.

البطراوي، تامر (2016). أبحاث في علم الثروة - النظرية الإقتصادية والنظرية الإدارية عرض ومناقشة - "الجزء الأول الإقتصاد السياسي" ، الطبعة الأولى: دار السلام ، الأسكندرية.



#تامر_البطراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدرسة الإقتصادية للإسلاميون الجُدد
- مناقشة لبعض مواد الدستور المصري
- دستورية موضوع الهوية (دراسة مقارنة)
- الحُقبة الماركنتيلية الجذور السياسية والثقافية وانعكاساتها ع ...
- البكيني والحرب المُقدسة
- مقاربة أنطولوجية
- متى ظهر مصطلح الإقتصاد ومتى ظهر مصطلح الإقتصاد الإسلامي؟
- ثورة على أصنام المعبد
- الإقتصاد المصري منذ عصر الفراعنة وحتى حكم محمد علي
- النُظم الهيكلية بالنظام الإقتصادي العالمي الجديد
- النظام الاقتصادي العالمي الجديد
- رسائل إلى الرئيس - الرسالة الرابعة إستراتيجيات الوصول للتمثي ...
- رسائل إلى الرئيس - الرسالة الثالثة الدولة ما بين فلسفة الرؤي ...
- رسائل إلى الرئيس - الرسالة الثانية حدد طبيعة مجتمعك وتوافق م ...
- رسائل إلى الرئيس - الرسالة الأولى جدلية المجتمع والدولة


المزيد.....




- واشنطن تتمسك بالعراق من بوابة الاقتصاد
- محافظ البنك المركزي العراقي يتحدث لـ-الحرة- عن إعادة هيكلة ...
- النفط يغلق على ارتفاع بعد تقليل إيران من شأن هجوم إسرائيلي
- وزير المالية القطري يجتمع مع نائب وزير الخزانة الأمريكية
- هل تكسب روسيا الحرب الاقتصادية؟
- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...
- الأناضول: استثمارات كبيرة بالسعودية بسبب النفط وتسهيلات الإق ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - تامر البطراوي - النظرية الإقتصادية الكلية مُقاربة تأصيلية