أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الرفيق طه - ترامب ،كلينتون ، فوز و خسارة و وهم















المزيد.....


ترامب ،كلينتون ، فوز و خسارة و وهم


الرفيق طه

الحوار المتمدن-العدد: 5341 - 2016 / 11 / 12 - 03:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترامب ، كلينتون ، فوزو خسارة الوهم

فوز الفيل على الحمار او فوز الحمار على الفيل امر عادي في بلاد العم سام . فقط لان اهل هذه الارض يتقنون اللعب و يفصلون العاطفي عن الموضوعي كما يغلبون البراغماتية في الحياة اليومية .
اعتادت الانتخابات الامريكية على التناوب بين الحزبين التاريخيين لكل منهما دورتين ليتحمل الاخر نصيبه من المسؤولية في القيادة . و الواقع ان السلطة محتكرة في الولايات المتحدة الامريكية من طرف كبريات الشركات و التروستات الصناعية و المالية . اي ان الاختلاف بين حاكم فيل و حاكم حمار لا معنى له الا بشكل طفيف ، بمعنى ان الاستراتيجيات العامة في هذا البلد مرسومة على المدى البعيد الذي يتجاوز المدة الزمنية التي يمكن لاحد الحزبين فيها احتلال البيت الابيض . و هذا يعني ان الرآسة تلعب ضمن إطار محدد سلفا سواء محليا او دوليا . و تبقى الاختلافات الطفيفة بين الحزبين اختلافات ضمن الاستراتيجية الواحدة . كما ان شخصية الرئيس تبقى جزءا من الاختلافات التي لا يظهر آثارها الا في تدبير القضايا لتخدم الاستراتيجية المرسومة .
من هنا يبقى فوز دونالد ترامب على هيلاري كلينتون في انتخابات الثامن من نونبر 2016 ليس الا فوزا نسبيا . فهذا الفوز للحزب الجمهوري بقيادة ترامب على الحزب الدمقراطي بقيادة هيلاري كلينتون لن يكون له اي اثر جدري على الولايات المتحدة الامريكية داخليا ، و لكن سيكون له اثر مهم في اختياراتها خارجيا ، في اداة الازمات و صناعتها و توجيهها. خاصة على مستوى الشرق الاوسط و العلاقة مع روسيا .
اذا كان الحزب الجمهوري منذ عهد الرئيس رونالد ريغان قد صنع الازمات للتدخل المباشر عسكريا لاخضاع الدول كما كان الحال في ليبيا تحت ذريعة دعم معمر القدافي للارهاب الدولي ثم قضية لوكيربي الشهيرة و التي على اثرها فرض حصار جائر على ليبيا . و و اذا كان هذا الحزب نفسه من شن الحرب الاولى على العراق تحت ذريعة تحرير الكويت برئاسة جورج بوش الاب . كما اختار الحرب الناعمة في عز الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفياتي ، بالدفع بقيادته للمهادنة و الخضوع و القزمية تحت مبرر الحفاظ على السلم العالميين. و طرده من افغانستان ، حيث انهى الوجود العسكري و الاقتصادي الروسي بكل المناطق الحيوية له باسلحة و جماعات تتستر خلف الجهاد الاسلامي، بصناعة ما سمي انذاك بالمجاهدين الافغان ، بتمويل من دول اقطاعيات الخليج و تاطير ايديولوجي لجماعة الاخوان المسلمين بكل تفرعاتها و تحت رعاية الادارة الامريكية و مؤسساتها الاستخباراتية ، و زرع البذور الاولى لتأسيس منظمة القاعدة و حركة طالبان . فإن تولي بيل كلينتون الرئاسة عن الحزب الدمقراطي لم يغير من السياسة العامة للولايات المتحدة الامريكية شيئا .
في عهده بيل كلينتون كان التدخل في يوغوزلافيا و اسقاط نظامها ، و تفتيتها الى دويلات ميكروسكوبية من قبيل كوسوفو و البوسنة و الهرسك ، تحت زريعة الدفاع عن الاقليات المسلمة هناك ، و كانت تلك ذريعة كافية لجلب التمويل الخليجي للحرب على دولة مستقلة . كما كانت ذريعة كافية لتجييش العواطف لدى البسطاء من المسلمين ليرحلوا لنصرة الجهاد في البلقان ضد العدو الصليبي الصربي . هنا وجدت الجماعات الاسلامية التي تنتمي للخط الاخواني تحت مسميات مختلفة الفرصة لتقديم الخدمات الجليلة للادارة الامريكية التي لها استراتيجية حل آخر قلاع فكر القطب الشرقي باروبا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي و هرولة الانظمة العميلة للالتحاق بالناتو و السوق الاروبية المشتركة . هذه السوق التي كانت تتحين الفرص للتوسع شرقا خدمة لرأسماليتها و مؤسساتها المالية المحتاجة لكل مؤهلات اروبا الشرقية . في حين تستهدف فيه الولايات المتحدة الامريكية القضاء على اي اثر للاتحاد السوفياتي و لاي عراقيل ممكن ان تحول دون فرضها لسياسة القطب الوحيد و الهيمنة الامريكية التامة على القرار الدولي . هذا طبعا لن يتم الا بتقليم اظافر روسيا و تجفيف كل مجالها الحيوي لمنعها من العودة للنهوض مجددا و لو باديولوجية رأسمالية . هكذا كان تتصدير الاموال و البشر من الدول الاسلامية و العربية لتفتيت يوغوزلافيا تحت مبرر تحرير البوسنة و الهرسك و كوسوفو بعدها ، و لكن الاهداف الخفية لاستراتيجية الولايات المتحدة و حلفائها الاروبيين ابعد من كل ذلك و ضمن استراتيجية ابعد ما تكون عن الدفاع عن اقلية دينية او عرقية . هذا الفخ المنصوب للمسلمين و العرب بتغطية اعلامية لكل الانظمة العميلة للولايات المتحدة الامريكية على المستوى الدولي لعب دورا مهما في اعادة نسج علاقة ثقة بين حركة الاخوان المسلمين بكل تمفصلاتها التكفيرية و السلفية و المعتدلة و الادارة الامريكية و خاصة صقور الحزب الدمقراطي .

و كان لفوز جورج بوش الابن و احتلاله لسدة الحكم بالبيت الابيض صدى كبيرا في كل العالم ، خاصة انه ابن قائد الحرب المدمرة للعراق و سليل عائلة آل بوش التي لها باع في عالم الاعمال في البترول و ارتباط وثيق بلوبيات السلاح داخل الولايات المتحدة الامريكية ، اضافة الى عقيدته اليمينية المتطرفة داخل المحافل الكنسية للمسيحيين المتطرفين .
الا ان شعاراته الرنانة حول الصراع الجوهري بالشرق الاوسط بدعوته لتنفيذ وعد حل الدولتين و قيام دولة فلسطينية مستقلة . شعارات جلب بها كل الاصوات المعارضة لسياسة بيل كلينتون التي سارت على نهج المفاوضات الماراطونية بين السلطة الفلسطينية و حكومة الكيان الصهيوني ، و التي انتهت بلاشيء . لان المفاوضات في ظله كانت عبارة عن املاءات من الاسرائيلي عبر الراعي الامريكي لياسر عرفات . هذا الذي كان عناده اقوى من لي ذراعه بالرغم من التزامه الدولي و قوة معارضيه من سلالة الاخوان المسلمين مجسدين في حماس و الذين يجعلون موقفه التفاوضي اضعف .
فشل بيل كلينتون في الملف الفلسطيني و حصاره القاتل للشعب العراقي بقانون البترول مقابل الغذاء لتجويع الشعب و خنق النظام العراقي و الليبي ،اضافة الى تدخلاته المباشرة عسكريا ضد بغداد و فرض مناطق حظر جوي جنوبا و شمالا لدعم تمرد الشيعة و الاكراد على الحم في بغداد ، جعل جورج بوش يكسب تأييدا عربيا ينضاف الى تأييد حكومات و اطراف اخرى تؤيد الاطاحة بالنظام في العراق .
جورج بوش الابن الذيرفع شعار الحرب على الارهاب بصنع عدو موحد للعالم مجسد في تنظيم القاعدة خريج المدرسة الامريكية بامتياز و بتأطير من الفكر الاخواني و الوهابي التكفيري . و قد دشن حربه تلك بمقولة "اما معنا او ضدنا" ، التي صنع بها حلفا موحدا ضد طالبان .
طالبان التي تأسست على يد المخارات الامريكية و حليفتها الباكستانية بجوار افغانستان لتقود حربا على امراء الحرب الافغان و تسيطر على الحكم في هذا البلد و عاصمته كابل و بتحالفها مع تنظيم القاعدة يجد جورج بوش الابن و صقور الحزب الجمهوري مبرر التدخل بحرب مدمرة و احتلال افغانستان سنة 2001 .
بعد هذه الحرب التي افتتح بها القرن الواحد و العشرون و على ارض كانت في الامس القريب حديقة خلفية للاتحاد السوفياتي و وريثه الاتحاد الروسي دون ان تلقى اي مقاومة تذكر من الروس ، شجع الجمهوريين على استكمال الاجندة المرسومة سلفا بالاطاحة بماسمي انذاك بالانظمة المارقة ابتداء من نظام صدام حسين بالعراق و النظام الاراني و بعده السوري و الليبي ...
هكذا كانت الحرب الامريكية بقيادة جورج بوش الابن ضد العراق و اسقاط نظامه السياسي سنة 2003 و حل جيشه و فتح البلد على ابواب جهنم بترسيخ الحرب الطائفية .
الحرب الطائفية الاهلية التي كانت هي الواقي الوحيد الذي خفف عن الجيش الامريكي مقاومة الشعب العراقي ضد الاحتلال السافر بانخراط اجزاء مهمة منه في صرعات طائفية عقيمة . حرب دعمتها دول الخليج و العديد من الدول الحليفة لسياسات امريكا و دعمها للقطبية الوحيدة التي اصبحت تجسدها الولايات المتحدة الامريكية و كرست عنصرية احزاب يمينية مبنية على الكراهية و الميل للماضي الامبريالي البئيس .
الا ان غرق امريكا في الوحل العراقي جعل اصواتا متعددة ترتفع في الداخل الامريكي و على المستوى الدولي ضد الاحتلال خاصة و ان احتلال العراق و الحرب عليه كان خارج مظلة مجلس الامن الدولي و خسائر امريكا الدولة ماديا و بشريا في حرب عبثية ، اضافة الى ان المبررات التي اعتمدها الصقور الجمهوريون و من ايدوهم من الدمقراطيين اصبحت عارية عن الصحة . فلا العراق يملك اسلحة نووية و لا قوته العسكرية شكلت خطرا على السلم العالمي و لا على الامن القومي الامريكي .
هذا الوضع جعل النسخة الثانية من الدبلوماسية الامريكية ، في عهد بوش الابن ، لكونداليزا رايس ، بعدما انكشفت النسخة الاولى بقيادة كولين باول ، التي اوهمت العالم و الشعب الامريكي بوجود اسلحة دمار شامل لدى نظام صدام حسين ، تعيد النظر في التدخل السافر و تتبنى سياسة ما يسمى بالفوضى الخلاقة .
الفوضى الخلاقة او الحرب الناعمة التي تتضمن جمع المتناقضات . الفوضى و الاخلاق و الحرب و النعومة . و و التكتيك الجديد ضمن الاستراتيجية الواحدة المجسدة في اسقاط الانظمة المارقة بنشر الفوضى الداخلية عبر دعم حركات طائفية او اقليمية لتقسيم الدول الكبرى و تفتيتها الى دويلات تتناحر في ما بينها لتنشغل بحروبها البينية و تترك العدو المشترك للشعوب في مأمن ، ليرسخ استغلاله الثابت لخيرات الشعوب .
هذه التجربة ابتدأت بحرب التمرد بالصومال و بالسودان الجنوب و الغرب ، ثم بفصل غزة و توفير الدعم لعصابة حماس عبر ايهام الشعب الفلسطيني و الشعوب الداعمة للقضية الفلسطينة بانها حركة مقاومة ، لتسيطر على القطاع و فرض الامر الواقع على السلطة الفلسطينية و على منظمة التحرير الفلسطينية، التي اصبحت بلا اساس شعبي و لا رؤية واقعية لاستراتيجية الحل السلمي للقضية الفلسطينية امام تغول العدو الاسرائيلي و تطرفه و انحيازه لليمين العنصري الدعم المطلق للصهاينة ضمن استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية بالمنطقة . اضافة الى انعدام قوة دولية قادرة على دعم حق الشعب الفلسطيني المشروع .
منذ طرد السلطة الفلسطينية من القطاع و سيطرة حماس عليه تمكنت اسرائيل من شن حروب متتالية على الشعب الفلسطيني و توسيع المستوطنات في الضفة و اضعاف عدد الدول التي تدعم فلسطين و تجعل من قضيتها قضية مركزية او من اولوياتها . كما فك الحصار على اسرائيل و التطبيع يزيد تسارعا .
بالفوضى الخلاقة التي تمكن الامريكي من تنفيذ مخططات اضعاف الدول الكبرى و تفتيتها و افشالها . هكذا كان الحال بتقسيم السودان باستقلال الجنوب عن الشمال ، فلا الشمال عاش السلم بعد انفصال الجنوب حيث تحركت النعرات الانفصالية و تم تدويلها بالغرب ، و لا السودان الجنوبي استقرت اوضاعه و انتهت حروبه ، حيث بعد شهر العسل على الاستقلال انفجرت الصراعات بين المليشيات العسكرية المتحالفة في الجنوب ليبقى البلد في وضع اشد مما كان عليه ايام التمرد بقيادة جون غارانغ المغتال .
الفوضى الخلاقة استغلت الازمات السياسية و الاجتماعية و انغلاق الافق امام شعوب المنطقة في ظل الانظمة الاستبدادية و انتشار الهشاشة السياسية و الفكرية و الثقافية لتدعم التنظيمات اليمينية المتطرفة المجسدة في حركة الاخوان المسلمين بنسخها الدولية و المحلية بتحالف مع الحركات السلفية الوهابية التكفيرية و توفر كل وسائل السطو على مدخرات الشعوب النضالية بتوفير اللوجستيك و وسائل الاتصال و التغطية الاعلامية و صناعة الوجوه بالطريقة الهليودية لانجاز ما سمي بالربيع العربي .
فكانت اهم منجزات الحزب الدمقراطي بقيادة باراك اوباما الذي تسلم البيت الابيض من جورج بوش الابن و وزيرته في الخارجية هيلاري كلنتون هو حسن تنفيذ مخطط الفوضى الخلاقة .
اوباما الذي التزم امام الشعب الامريكي بعدم التدخل في الدول و اسقاط انظمتها بالحروب العسكرية و الانسحاب من العراق و التخفيض التدريجي من افغانستان لينال دعمه للوصول الى البيت الابيض حقق وعده الداخلي و لكنه لم يتخلى مطلقا على تنفيذ استراتيجية الادارة الامريكية .
هيلاري كلينتون التي ترأست الدبلوماسية الامريكية في عهد اباما اتقنت لعبة العمل مع الانظمة الرجعية المتعفنة بالمنطقة و ربط العلاقات مع الحركات الاسلاموية البغيضة مستفيدة من تجربة زوجها مع الحركات الاخوانية ايام حكمه ، بتعاون مع انظمة الخليج الاجرامية . فقد تمكنت كلينتون من التحكم في هذه الحركات لتخدم الاجندة الامريكية المبنية على الفوضى الخلاقة خدمة للاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة الامريكية . و في هذا الصدد ضحت الادارة الامريكية برأسين مهمين للانظمة الحليفة لها في المنطقة ، هما بن علي في تونس و الدفع بحركة النهضة و حلفائها للتحكم في مستقبل البلاد ، ثم حسني مبارك بمصر ليتربع الاخوان المسلمون على السلطة في بلاد الكنانة . و من هنا انطلق التنفيذ الفعلي لمخطط الفوضى الخلاقة بحرب مدمرة في ليبيا و سوريا و اليمن و البقية آتية .
بليبيا تم اغتيال معمر القذافي بطريقة وحشية تمكنت فيها دول الناتو من تدمير البنيات التحتية للبلاد و تسليمها لامراء الحرب و حركة الاخوان المسلمين و الدفع بالصراع نحو تقسيم البلاد الى كيانات تتقاتل على السلطة و البترول .
اليمن التي غرقت في حرب الصراعات آلت الى حرب تقودها السعودية تحت مسمى الحلف العربي ذو الصفة السنية ضد حليفها علي عبد الله صالح و حركة الحوتيين الشيعة .
عبد الله صالح الذي الذي كان خادما وفيا للسعودية تخلت عنه خدمة للاجندة الامريكية لافشال الدولة اليمنية و فك وحدتها .
سوريا البلد الذي تحالف عليه كل دول العالم و صنع معارضة يقودها الاخوان المسلمون الذين استوردوا كل انواع الاسلحة و العتاد الذي يحصلون عليه بسخاء من كل اصقاع العالم ، كما يحصلون على الاموال من دول الخليج و التغطية الاعلامية من الامبراطوريات الرائدة في الاعلام الدولي . و بنفس القدر استوردوا الجثث البشرية لتكوين جيش من المرتزقة من كل انحاء العالم تحت مسميات متعدد منها الجيش الحر و احرار الشام و ...
و في الوقت الذي انكشفت فيه مخططات امريكا بادارتها للربيع العربي و دفع حركة الاخوان المسلمين في مصر و حركة النهضة و العدالة و التنمية و العدل و الاحسان في المغرب و كل فصائل و توابع الحركة الاخوانية و السلفية و الوهابية لنشر التناحر الطائفي في المنطقة ، و انفضاح التحالف المكشوف للتعاون الاسلاموي الامريكي مع اسرائيل للقضاء على اي تلاحم للنسيج الاجتماعي لهذه الدول المستهدفة آنيا او آجلا . كما تبين بالوضوح ان من بين الاهداف الواضحة للتحالف الامريكي الاخواني التركي بدعم اسرائيلي وخليجي القضاء على الدولة الوطنية في المنطقة بترسيخ سياسة الفوضى الخلاقة و انتشارها و ابتزاز الانظمة بها و ترهيب الشعوب بمخططات الانظمة الاقطاعية لدويلات الخليج او بنشر اللا أمن و الحروب الاهلية .
الا ان المقاومة الغير مسبوقة التي ابان عنها النظام السوري بوحدة جيشه و تلاحم نخبته السياسية و مثقفيه و تشبع جزء مهم من ابنائه بالوطنية البناءة ، و اليقظة التي ابداها الجيش المصري المغوار لاخراج مصر من فكي الكماشة الذي وضعت فيه تحت حكم الاخوان المسلمين بدعم من قاعدة شعبية مهمة ، رغم ما حمل ذلك من مخاطر جمة على مصر الدولة و على المؤسسة العسكرية المصرية و آثار فشلها على المنطقة عامة .
لكن تجربة الجيش المصري و عقيدته الوطنية و نباهة الطبقة السياسية المصرية فوتت الفرصة على التحالف الاخواني مع الصهيونية و المخطط الامريكي للنيل من مصر و الشعب المصري رغم الترويض البليد الذي قادته السعودية للنخبة الحاكمة بعد التخلص من مورسي . لكن مصر ابتدأت في التخلص من عباءة السعودية باتجاهها للحلف البديل لروسيا و الحضن القومي لسوريا .
كما ان اليمن التي انتفضت ضد عملاء السعودية و تجاوزت المطبات الطائفية التي اشعلتها مخططاتها في البلد و مقاومتها للحرب الجائرة لآل سعود و حلفاؤهم على هذا الشعب المسالم جعلت الولايات المتحدة تصنع عدوا جديدا تلف على حربه اجماعا جديدا يعوض الاجماع الذي صنعه سلف اوباما قبل حرب احتلال افغانستان المجسد في القاعدة و استبداله بكيان آخر يسمى الدولة الاسلامية في العراق و الشام (داعش ) بقيادة احد الذين تلقوا تكوينهم في السجون الامريكية اواسط العقد الاول من القرن الواحد و العشرين يسمى بابو بكر البغدادي .داعش ، هذا الكيان الوهمي المرعب بجرائمه التي اصبحت نسخة متطورة لنهج تنظيم القاعدة الارهابي .
فاذا كانت القاعدة تضرب بشكل عشوائي تجمعات بشرية في مناطق متعددة جغرافيا فان الدرس الذي استوعبته المخابرات الامريكية من فرع القاعدة بالعراق ايام الاحتلال المباشر بقيادة الزرقاوي هو تطوير عمل نهج القاعدة لاحتلال الارض و السيطرة على وسائل التمويل الذاتي و تأهيل القيادة للسيطرة على مجال جغرافي يصبح فيه جزء من الشعب تحت امرتها و ترسيخ فكرها المتطرف و الطائفي فيه . و تنفيذ احكامه المبنية على الكراهية على من يختاره عدوا له ، سواء طائفيا دينيا او مذهبيا او قوميا او عرقيا .....
كيان داعش صنع على مقاس مضبوط لصنع اجماع عام و شعبي على ادانته و بعده شرعنة التدخل العسكري المباشر ضده و من ثمة تكوين تحالف عسكري قادر على التدخل على ارض الدول التي يظهر بها هذا الورم السرطاني الخبيث .
هكذا تمكنت امريكا اوباما من التدخل في العراق و سوريا و ليبيا و اليمن عسكريا دون ان يكون قد اخلف وعده مع الناخب الامريكي بالتدخل المباشر ضد الدول عسكريا . و من ثمة تنفيذ المخططات الامريكية المباشرة عسكريا دون اعلان حرب على البلد . و ما الضربات التي تعرض لها الجيش السوري على يد المقاتلات الامريكية لصالح داعش و المسلحون الاخوانيون الا دليلا مفضوحا على ذلك .
.
خسارة هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية خسارة لاطراف متعددة ، من بينها الانظمة التي راهنت عليها في اعادة رسم خريطة العالم سواء عبر تقسيم مجموعة من الدول الشرق اوسطية و جعلها اضعف مما عليه حتى تصبح لقمة سائغة لاسرائيل التي تعيد صياغة حلفائها عبر جر بعض الانظمة لاستبدال عدوها الحقيقي بعدو مصطنع . افشال دول العراق و سوريا و ليبيا و اليمن و بعدها الجزائر و يوما ما المغرب و الاردن و سياتي يوما دور السعودية و لما لا تركيا و ايران لن يكون الا في مصلحة اسرائيل . لانها الدولة الوحيدة العقيمة . عقيمة لانها غير قادرة على مقاومة القوة الدمغرافية للشعوب الاخرى لا آنيا و لا على المدى البعيد رغم قوتها العسكرية و الدبلوماسية و العسكرية . ذلك انها آهلة للفناء مهما طال الزمن . ليس فقط امام الشعب الفلسطيني و لكن امام الشعوب الولادة و المتفاعلة مع قومياتها و طوائفها المتعددة و هو العنصر المفقود في الكيان الاسرائيلي و هو العامل الاساس في نهايته مهما تقوى و استقوى .
الاتحاد الاروبي و حربه الخفية ضد روسيا مدفوعا من الولايات المتحدة الامريكية وفق مخططات استراتيجية اوباما كلينتون يجعله احد الخاسرين بفوز ترامب .
الخاسرون على الهوامش هم الحركات الاخوانية و السلفية و التكفيرية التي راهنت و تراهن على الدعم الامريكي من خلال مخططات الفوضى الخلاقة و النسخة الدمقراطية منها التي تقودها هيلاري كلينتون في منطقة الشرق الاوسط . حركة الاخوان المسلمون العالمية تعتقد انها الفاعل في الفوضى الخلاقة لكنها تجد نفسها ليست الا عاملا مكملا لتنفيذ الاستراتيجية الكبرى للبيت الابيض . كما تشاركها في ذلك الانظمة الاقطاعية التي تهدف للتخلص من انظمة تحرجها في علاقاتها مع الكيان الصهيوني و مع الدول الاستعمارية .
و لابد من الاشارة هنا ان المؤسسات الاعلامية و مراكز استقراء الرأي الدولية و الامريكية من حيث المظهر قد خسرت رهانها في الدفع بهيلاري كلينتون للفوز لكنها خابت في اهدافها بفوز ترامب ، لكن الواقع ان اغلب تلك المؤسسات ما كانت الا متاجرة بالانتخابات و بحملاتها الاعلامية .
تلك المؤسسات انبطحت امام العروض المالية السخية الي قدمتها دول الخليج و صناديق سوداء في دول اخرى تخوفت من تولي ترامب لسدة الحكم في البيت الابيض ، فدفعت بالحملة لدعم هيلاري كلينتون و الخدمة لاستمالة و ترهيب الرأي العام الامريكي . بل ان اموال دعم كلينتون تجاوزت كل الحدود طالت بعض الصقور من الجمهوريين . لكن اللعبة الانتخابية الامريكية تتجاوز رهانات دول و كيانات هجينة من قبيل انظمة دول الخليج .
ترامب فاز على هيلاري كلينتون لكن فوزه ليس فوزا لمن يعارضون نهج كلينتون و لكنه فوز لنهج جديد لادارة الفوضى الخلاقة ضمن الاستراتيجية الامريكية الكبرى المبنية على التحكم في مقدورات الشعوب .
فاذا كانت هيلاري كلينتون مبدعة ما سمي بالربيع العربي و ادارته بحنكة مستعملة تنظيمات يسيل لعابها على السلطة و خادمة طيعة لكل المخططات الامبريالية و الصهيونية ،كما انها متحمسة لاحكام الخناق على روسيا عبر محاصرتها اقتصاديا و دبلوماسيا و حتى عسكريا ، فان دونالد ترامب ليست له القدرة على الخروج من جبة الاستراتيجية الامريكية المبنية على فرض قوتها عبر اضعاف المنافسين و تقوية الحلفاء عبر خنق المناوئين . كما ان الاستراتيجية تتضمن استعمال بعض الحلفاء و التضحية بهم لبلوغ الاستراتيجية الجوهرية المجسدة في التفوق الامريكي .
الفيل و الحمار يمشيان معا على اربع ، و لا فرق بين النهيم و النهيق النهيق على اشجار الغابة ، و ما في القنافذ من املس .
سي محمد طه
الدار البيضاء المغرب 11/11/2016



#الرفيق_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل للماركسية راهنية ام ماتت بموت معلميها ؟
- .ستالين يدحر النازية و يؤسس لاخلاق الشيوعية -2- جزء من رد
- ستالين يتحدى المقصلة الخروشتشوفية -1- جزء من رد
- ستالين اكبر من النعيق و تقية اعداء اللينينية - ما قبل الرد -
- ستالين اكبر من زعيق الببغاوات -رد على رشيد حمداوي
- حب بطعم التحدي -الجزء الاول -
- غابة خلف شجرة بانكيمون . او مسيرة الرباط تحجب البحر الخفي
- سوريا ... الحرب القذرة
- مقدمة في نقد النقد السياسي او مواجهة العطالة السياسية
- جنيف 3 و نهاية السعودية اقليميا
- الحلف العسكري الاسلامي مذهبي ام توسيع للناتو
- النفط سوري و السارق داعش و المستفيد اردوغان
- راوية ... حلم شباب الهزيمة
- حوار العيون ---الحلقة العاشرة
- حرية و سعيد -الجزء الاول
- بكارة شرف و انوثة عائشة الجزء الرابع
- بكارة شرف و انوثة عائشة ( الجزء الثالث )
- بكارة شرف و انوثة عائشة ( الجزء الثاني )
- بكارة شرف و انوثة عائشة
- التالية ...


المزيد.....




- Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
- خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت ...
- رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد ...
- مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
- عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة ...
- وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب ...
- مخاطر تقلبات الضغط الجوي
- -حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف ...
- محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته ...
- -شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الرفيق طه - ترامب ،كلينتون ، فوز و خسارة و وهم