أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الرفيق طه - حوار العيون ---الحلقة العاشرة















المزيد.....

حوار العيون ---الحلقة العاشرة


الرفيق طه

الحوار المتمدن-العدد: 4961 - 2015 / 10 / 20 - 17:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حوار العيون الحلقة العاشرة


في الصباح حمله السائق الى المطار و ودعه  بمدخله . ما ان وصل المساء حتى تناقلت وكالات الاخبار سقوط طائرة تربط قبرص بالبلد ، و كل ركابها ليس لهم اثر . انها الرحلة التي حجز بها احمد تذكرة سفره . 

تواثرت الاخبار لحظة بلحظة ، و ذكر احمد باسمين مختلفين و بصورة واحدة ضمن لائحة المفقودين . 

بينما كانت حسناء تتلذذ بطعم الفرح و الارتياح الذي احست به في الحفل ، و شعورها الذي لم تخفيه بانغماسها الكامل في شخصية احمد و ارتباطها به ، كما شعرت بفخر لا يضاهى بالتقدير الذي لمسته من والديها و ابنها لاحمد.  كما ان اعجاب صديقاتها به اعتبر قوة معنوية لها .

 تلقت الخبر الذائع على التلفزيونات عبر اتصال هاتفي من احدى صديقاتها اليونانية الجنسية، كانت حضرت الحفل و عبرت لها بالوضوح الكامل عن اعجابها و تعلقها باحمد . ابلغتها الخبر و هي تواسيها و تواسي نفسها و تبلغها الالم الذي تشعر به . حسناء كانت منقطعة عن العالم لانها في عطلة او لانها تريد لحفل عيد ميلاد ابنها ان يمر بعيدا عن اي تاثير خارجي . كانت كل وسائل اتصالها مغلقة لولا الهاتف الثابت لكانت منعزلة تماما . 

بسرعة جنونية و تحت صدمة الخبر الذي كانت تتمنى في دواخلها ان يكون دعابة من صديقتها ، فتحت التلفزيون لتتعرض للصفع و من على كل القنوات الاخبارية بصورة احمد ضمن الضحايا .  بل ان بعض التحليلات ذهبت الى ان احمد هو المشتبه فيه في الحادث لانه يحمل اسمين مختلفين و ربما ان جواز سفره مزور ، كما ذهبت حد تحليل ارتباطاته باوساط متطرفة دينيا قد يكون اسدى لها هذه الخدمة الجهادية . 

لم تتمالك حسناء نفسها حين صاحت باعلى صوتها و قالت:" انا السبب في ما وقع . انا دفعته ليقتل . انهم يقتلون بلا رحمة دفاعا عن حاجتهم . انانيتي قتلته بريئا . كان عليهم قتلي انا ، هو  بريء . انا اتيت به الى هنا . انا دعوته ليقتلوه . من الان لن اترك لهم حق ابتزازي . من اليوم سأواجههم و سأحرر ولدي باي ثمن . اي ثمن لهم الا حريتي و حرية ابني . الحرية و الحب اغلى ما نملك. فقدت الحب  و لكن الحرية هي الابقى ، لن اتوانى عن تحقيق حريتي و تحرري"  .

 حسناء تولول و تقول:" ضاع مني كل شيء ، ضاع احمد ، ضاع الماضي و الحاضر و المستقبل ، وحدك بني عزائي في الحياة . وحدك لي في هذا الكون ، كيف احرصك من غدرهم ،كيف أوقيك من جهالتهم . كيف ارحل بك الى كوكب او نجم فيه رحمة البشر لا  سفالة ممتهني سفك الدماء البريئة" .

حسناء تندب و تقول :"قتلوا احمد بدم بارد ، قتلوه قبل ان ابلغه رسالتي . لم اخبره اني اسيرتهم ، اغتالوه على ارض معركة لا يعرف المتحاربين فيها و لا علة حربهم . انا يا احمد ، يا حبي المفقود جزء من هذه الحرب ، انا التي وضعت اغلى ما عندي تحت السندان، انت اغلى ما عندي .انا يا حبيبي المذنبة . حبيبي يا احمد . لو وفرت لي فرصة قبل رحيلك ساقول لك انا قتلتك  و انت قتلتني . نعم احمد انا قتلتك حين لم اخبرك انهم يتربصون بي ، بأملاكي و بحريتي . و انت قتلتني باخلاصك لحبي . لماذا لبيت رغبتي في قربك مني ؟ لماذا جئت يومئذ للوكالة ؟ لماذا التفتت الي ؟ منذ ذلك اليوم و انت تذبح في كل لحظة .

منذ ذلك اليوم و جناحي تكبر لاحلق بها عاليا . تحليقي في سماء حبك. منذ ذلك اليوم تذوقت طعم التحليق في سماء الحب ،حبك انت وحدك يا احمد  . اليوم يا حبيبي ،يا احمد ، انكسرت جناحي و سقطت جريحة في بيداء خلاء . اليوم سقطت طائرتك في البحر و جثتك تتغذى عليها الحيتان ، لكنني انا  سقطت في خلاء ، جريحة انا تنهشني الذئاب . ارى اطرافي متناثرة تتقاذفها الضباع و الثعالب. و لا رحيم  . 

      رجال و نساء القصر  اتى بهم الفضول ليطلعوا على ما يجري . من انفعال و ندب حسناء عرفوا ان المصاب جلل . و اخرون تساءلوا عما يجري ، لانهم لا يتقنون اللغة  . اغلب النساء ذرفت الدموع حتى اللواتي لم يعرفن لا احمد و لا مضمون ما تقوله حسناء . فقط اثر عليهم شجى ندب حسناء  . صوت حسنا يحمل صيحة المظلوم و المغبون .لغة المتالم واحدة بكل الالسن ، 

انتشر خبر الوفاة في القصر كالنار في الهشيم ، و اعتقد البعض من الخدم ان الفقيد والد اسعد ، و قال اخرون انه خليل سيدة القصر ، و لكن اغلبهم لم يعرفوه و لم يروه . وحدهم اولاءك الذين اشتغلوا في الحفلة و السواق و منظفات غرفته قالوا انه رجل تفوح الطيبوبة منه و يشيع التواضع و اللطف من نظراته . كل السرور و الفرح الذي ينعم فيه القصر انقلب حزنا و سوادا . و الهاتف لا يتوقف عن الرن ، الكل يتساءل عن المستجدات او يقدم التعازي . الكل يتابع قنوات التلفزيون الاخبارية . قصاصات وكالات الانباء تزيد غزارة و تضاربا عن الحدث المؤلم ، وشخصية احمد هي اللغز في القضية . بعضها البس احمد عباءة الارهابي المتستر خلف اسمين مختلفين . و البعض الاخر انقسم بين من برأه و من ابعد اسمه و شخصه عن ركاب الطائرة المنكوبة . 

بينما التحقيقات متواصلة بين قبرص و مسقط رأس احمد تسرب خبر مفاده ان احمد اسم حقيقي لصاحبه و ان جواز سفره قانوني كما ان الاسم الاخر هو اسم سبق ان حمله احمد لكنه تخلى عنه لاسباب شخصية و خاصة و ليس بدافع التمويه او الارهاب . لكن كل ذلك لم ينف فرضية تورطه في الحادث الاليم . 

حسناء التي واجهت عتابا كثيرا من والدتها على تورطها مع ارهابي تشعر بالفخر حين بزغت اشعة فجر تبرئة حبيبها حتى و ان مات . بدأت تشعر بفخر عظيم امام كل الذين عاتبوها لمزا و غمزا على الارتباط بمجرم قاتل . كانت وحدها تعلم ان خيوط اللعبة لا صلة لاحمد بها ، كانت تؤكد ان احمد ضحية ككل ضحايا الطائرة المنكوبة . رغم انها لا تعرف قصة تغييره لاسمه و لا اسباب ذلك كانت مؤمنة انه معشوقها الصافي البريء . حبها له لا يسمح للشك ان يخالجها في اتزانه شخصية و فكرا و اخلاقا . لم تكن في حاجة لقضاء او تحقيق لتبرئة حبيبها .

ثلاث ايام قضاها منعزلا عن العالم . لم يخرج من فندقه . اغلب الوقت قضاه بغرفته المطلة على النهر . استهواه المنظر الجميل . الهدوء السائد جعله يتلذذ بالغوص في الذات . غرق في احاسيسه و ماضيه و حاضره . انتشى بالحظوة التي حصل عليها من حسناء و والديها و ابنها الذي لم يسبق ان رآه . احس و كانه من فلذة كبده . ما تلقاه من احترام و اعجاب من الحضور رسم لديه صورا يستعيد شريطها في كل لحظة . 

على شرفة غرفته استعاد شريط حياته من ابيه و امه التي افتقدها بعد ان طردته من العائلة وتركته بدون هوية . استعاد اللحظات الجميلة التي عاشها بين اختيه و كيف لم يعد يعرف لهما اثرا . تألم لما عانته امه منذ ان كان نطفة في احشائها الى ان جرمت و سجنت و فقدت العقل و اللسان و الهوية . تألم كثيرا لمعانات امه و هي بعيدة عنه . استعاد اصدقاءه القدامى في الدراسة و ايام الجامعة ، رفاقه و ثوريتهم و حاجتهم و امالهم و احلامهم . اعترف انه سجين في قفص حبه لحسناء . استلذ الوحدة و كانه رفض الرحيل عن قبرص . 

مساء اليوم الثالث جلس في مقهى الفندق و كانه  يعيد العلاقات مع العالم . بعد ان انعزل كلية عن الناس و وسائل اتصالهم . وحدها منظفة الفندق تراه بغرفته و يقدم لها طلبياته على الورق. في المقهى يتابع الاخبار ليصطدم بنفسه لغزا يحير العالم . بعض الناس ينظرون له بتعجب . للشبه الذي يربطه بمن تنشر صوره على القنوات التلفزية . شعر برهبة و خوف ثم ابتسم مستهزءا بهذا العالم . قال في خوالجه : " كم هو جبان هذا العالم ، كيف تهبط البورصات و تقطع الطرقات و تتوقف العلاقات بسبب بسيط . بسيط لانه قرار شخص يعتقد ان لا موقع له في توازن الكون . 

تحت عيون متعجبة و خائفة ركب المصعد نحو الغرفة . لديه رغبة في معرفة حالة والدته . اتصل على الثابت بمنزله لكي يسأل الخادمة عن امه و احوالها . بعد رنين اجابته امه بالسؤال انت يا بني حي ؟ اجابها نعم يا اماه . لم يكن سؤلها الا استكمالا ليقين العاطفة و حاسة الام . قالت نعم انت حي و ستبقى حيا . شعر بفرحة لا قياس لها بعودة امه الى طبيعتها . فكت عقدة لسانها و ذهب البكم بدون رجعة . الخادمة اكدت له ان والدته استعادت عافيتها و لا تنتظر الا عودته . اكدت له انها رفضت ما نقل على القنوات عن خبر وفاته . بعد وداع امه قرر الاتصال بحسناء . 

يتبع  



#الرفيق_طه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرية و سعيد -الجزء الاول
- بكارة شرف و انوثة عائشة الجزء الرابع
- بكارة شرف و انوثة عائشة ( الجزء الثالث )
- بكارة شرف و انوثة عائشة ( الجزء الثاني )
- بكارة شرف و انوثة عائشة
- التالية ...
- الجزيرة تتخلى عن الاخوان و تشفع للشيطان
- خيتي نانا ...
- حادة ...و اخواتها
- - داعش - و - ديفس - وجه البربرية السادية الحديثة
- عايدة ... الظلم ارث
- حوار العيون الحلقة التاسعة
- كارثة بوركون كاشفة عرائنا
- حوار العيون الحلقة الثامنة
- حوار العيون الحلقة السابعة
- اغتيال بنعمار و عبد الوهاب رسالة من يفك شفراتها ؟؟؟؟
- ملاحظات ميدانية في حيثيات اعتقالات 6/4/2014 بالدار البيضاء
- توضيح احتياطي لرفاق النهج الدمقراطي
- حوار العيون الحلقة السادسة
- حوار العيون الحلقة الخامسة


المزيد.....




- ترامب: إيران لا تربح الحرب مع إسرائيل وعليها إبرام اتفاق قبل ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لتدميره مقاتلات إيرانية في مطار ...
- -إيرباص- تفتتح معرض باريس بصفقة ضخمة مع السعودية
- معدلات تخصيب اليورانيوم في إيران: من نسبة 3.67 في المئة إلى ...
- ترسانة إيران الصاروخية: أي منها لم يدخل بعد في المواجهة مع إ ...
- بينهم رضيع.. مقتل 48 فلسطينيًا في قصف إسرائيلي جديد شمال غزة ...
- ترامب في تهديد مُبطّن: على إيران التفاوض قبل فوات الأوان
- العمل لساعات طويلة -يغير من بنية الدماغ-.. فما آثار ذلك؟
- بمسدسات مائية..إسبان يحتجون على -غزو- السياح!
- ألمانياـ فريق الأزمات الحكومي يناقش إجلاء الألمان من إسرائيل ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الرفيق طه - حوار العيون ---الحلقة العاشرة