أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - الشدادي عزالدين - الديمقراطية ومأزق الممارسة














المزيد.....

الديمقراطية ومأزق الممارسة


الشدادي عزالدين

الحوار المتمدن-العدد: 5340 - 2016 / 11 / 11 - 21:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


الديمقراطية ، ومأزق الممارسة



ارتبطت هذه اللفظة اليونانية الأصل بدلالة تشير من الناحية الاشتقاقية إلى " سيادة الشعب " أي حكم الشعب نفسه بنفسه ، وهي لفظة مكونة من نصفين ، ديموس (Démos) ، وتعني عامة الناس ، وكراتيا (Kratia ) ، وتعني حكم ، ومن حيث جمع النصفين نجد أن المعنى هو " حكم الشعب " ، وظهور هذه اللفظة جاء في خضم تحولات عاشتها المدينة اليونانية خصوصا بعد أن تحولث أثينا إلى عاصمة للفكر والثقافة ، ويحكي Jean Pierre" Vernant"، في حديثه عن الأسطورة (Mythos) في المجتمع الإغريقي أن المدينة ظلت على الدوام تربة صالحة لبزوغ عقلية متفتحة ، وأن هذه المدينة ارتبطت عند اليونانيين بالمدينة/ الدولة (Polis) التي كانت حاضرة لكل المواطنين بدون فوارق بين المجالين القروي والحضري ، وبتمتع متساوي في كل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، أمر كهذا جسدته طبيعة المناقشات الفكرية داخل الأغورا (Agora) الساحة العامة التي كانت تناقش بداخلها مختلف القضايا التي تهم مواطني المدينة ، وبناءً على هذه المكانة التي احتلتها المدينة داخل اليونان ظهرت الديمقراطية كنمط تسيير وتدبير لشؤون المواطنين (الشأن العام ) ، وقد ظهرت الديمقراطية بالمدينة من خلال إزالة الفوارق بين مختلف المواطنين مع إشاعة للفكر والثقافة ، وكذا السلطة التي لم تعد حكرا على بعض العائلات والأعيان .
إذن المدينة الاغريقية انتقلت من حكم الأقلية (الأوليغارشية) إلى حكم الديمقراطية ، وبعدها ستتحول وتنتقل عبر موجات تاريخية إلى باقي دول أوروبا وحتى إلى دولنا العربية والإفريقية ، التي غالبا ما اتسمت خطاباتها خصوصا في مطلع القرن العشرين بمفاهيم ومصطلحات من قبيل ( حقوق الإنسان / المواطنة / الديمقراطية / العدالة ،،) ، وهي مفاهيم تم استيرادها بشكل نصي وفق ما عاشته أوروبا من تحولاث على مختلف المستويات في لحظات نهضتها وأثناء زمن تنويرها وخروجها من حالة الوصاية ،،
لكن بأي معنى حضرت الديمقراطية كممارسة داخل مجالنا العربي والإفريقي ؟
إن مجتمعاتنا ومذ حصولها على استقلالها ظلت تعيش ذلك الفصام على مستوى ممارستها لسياساتها الاقتصادية والاجتماعية ، ولم تكن الديمقراطية حاضرة كنمط تدبير وتسيير ، وإنما كنمط سياسة خارجية وكواجهة داخل الدساتير والقوانين المؤطرة لهذه المجتمعات ، ودليل كلامنا ما تعيشه هذه المجتمعات (تونس ، ليبيا ، مصر ، المغرب ،،) من احتجاجات جل مطالبها تتلخص في ديمقراطية سياسية واجتماعية وثقافية تلغي وتزيل وجود فوارق قاتلة بين فئات المواطنين ، وفي كل يوم نجد مطالب هؤلاء المواطنين متحدة شكلا ومضمونا في مطالبتها بكرامة وعدل وحرية وعيش كريم ، وهي مطالب يجسدها الخطاب الديمقراطي هذا ما إذا كان مجسدا على مستوى الممارسة ، وليس فقط على مستوى الخطاب.
حضور الديمقراطية بهذا الشكل الممسوخ يعيدنا إلى فترة ظهورها وما رافقه من تشوهات على مستوى الممارسة ، وهنا وجب أن نميز بين الديمقراطية كنمط عادل ، والديمقراطية كحكم للأغلبية و الأكثرية ، وهنا نتساءل :
هل انتقلنا من حكم أقلية إلى حكم أغلبية ؟ أم من حكم أقلية إلى حكم ديمقراطي ؟
الجواب تجسده العديد من محطات التاريخ السياسي والفكري لمجتمعات النشأة (أي نشأة المفهوم ) مثل اليونان ، فسقراط أعدم نتيجة حكم الأغلبية الذي كان يسمى ديمقراطية ، والعراق تم غزوها باسم الديمقراطية ، وفلسطين لا زالت الحرب دائرة بين أراضيها باسم الحق والديمقراطية ، وسوريا ومصر ،،، ورئيس أقوى دولة في العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية مثل ترامب يصل إلى الحكم باسم الديمقراطية حتى وإن كان يعارض وصوله جزء كبير من الشعب الأمريكي ، وهكذا دواليك ،،،
أمور كهذه تضعنا أمام حقيقة مفادها أننا لسنا أمام ديمقراطية واحدة ، بل أمام ديمقراطيات متعددة الأشكال ، فديمقراطية الشعب تختلف عن ديمقراطية الحاكم ، وديمقراطية الرئيس تختلف عن ديمقراطية المرؤوس ، وديمقراطية الجنوب تختلف عن ديمقراطية الشمال ، بل حتى ديمقراطية جنوب/جنوب تختلف عن بعضها البعض ، وبهذا الشكل غدت الديمقراطية نوع من أنواع الاستبداد الناعم أو الهيمنة الناعمة التي تتغنى في مظهرها بحقوق الإنسان وكرامته وحريته ، وباطنا تحوله إلى عبد مستهلك ووسيلة لبلوغ أهداف سياسية وحزبية ضيقة ، وتحول قيمته من قيمة مطلقة إلى قيمة مبتذلة ومشروطة مرهونة بخدماتها المادية والملموسة ، ووضع كهذا يجعل الانتخابات والاستفتاءات التي هي مظهر من مظاهر الديمقراطية لا تعبر بشكل جلي عن طموح الشعوب والمواطنين ودليل ذلك عزوف الأفراد عنها ومقاطعتها بشكل جذري ، وفقدان الثقة حتى في طعم السياسة بشكل عام .
إن الديمقراطية اليوم تأتي كحروب حضارية الهدف منها إخضاع الشعوب وإذلالها باسم الكرامة والحريات الأساسية ، والسيطرة عليها باسم " الذلقراطية " التي هي نظام يهدف إلى نهب خيرات هذه الشعوب باسم الديمقراطية ، ومن بعد ذلك إذلالها ورهن مصيرها بسياسات معينة ومحددة تخرب تعليمها وصحتها واقتصادها ، ومن ثم جعلها تحت وقع مديونيات لا حد لتسلطها وقهرها.
إن مقاربتنا للديمقراطية هي مقاربة توضيحية أكثر منها تحليلة ، الهدف منها الوقوف عند ذلك الحد الصارخ بين ممارستها كنمط عقلاني يهدف إلى الحفاظ على مصالح الشأن العام ، وبين استخدامها كوسيلة لتدمير الحضارات وطمس معالمها .



#الشدادي_عزالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة والنشأة
- - الطقس والمعتقد -
- ~ تفكير في التفكير ~
- ملف الأساتذة المتدربين ...إلى أين ؟
- خميس أسود بوزرة بيضاء
- - كاد المعلم أن يكون مقتولا -
- بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة
- الفلسفة ومعيقات التفلسف
- على خطى زرادشت
- ضرورة الفلسفة
- محنة إبن رشد
- نيتشه وتلميذته
- نيتشه مرحا...
- الفلسفة درس في الوجود


المزيد.....




- تحذير سوري من انهيار سد تشرين في ريف منبج بعد استهدافه خلال ...
- أولمرت: لم ألتزم قط قبل المفاوضات بالانسحاب من الجولان وعلين ...
- الإعلام العبري يطرح سيناريوهين -مثيرين- لمستقبل سوريا لما بع ...
- فلكي يلتقط مشاهد فريدة تُظهر -كرات نارية- تسقط على سطح القمر ...
- بلينكن يعلن عن حزمة مساعدات عسكرية أمريكية جديدة بقيمة 500 م ...
- السفارة الروسية لدى اليونان: الغرب يشهد مرة أخرى ولادة الفاش ...
- إعلامي مصري: إذا سقطت دمشق فعلى القاهرة أن تستعد لمعركة المص ...
- خبيرة روسية: سيكون هناك حوالي 41 مليون متقاعد عام 2025
- سوريا : صرافة العملات الأجنبية من السر إلى العلن وتخبط التجا ...
- ترامب يفوز بلقب شخصية العام 2024 من مجلة -تايم-


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - الشدادي عزالدين - الديمقراطية ومأزق الممارسة