أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد ع محمد - بين ثورة الكوفة وروج آفا















المزيد.....

بين ثورة الكوفة وروج آفا


ماجد ع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 5337 - 2016 / 11 / 8 - 14:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعيداً عن البيانات اليومية للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، نرى بأن تناول المجريات في المناطق الكردية في سوريا بطرق إبداعية قليل جداً مقارنة بكل الذي حصل ويحصل فيها منذ بدء إنطلاق شرارة الثورة السورية، والأقل ربما هي النصوص الأدبية التي تمسك بتلابيب الوقائع أو تشتبك مع القائم فيها، أو تلك التي تتحدث علانية عن الحياة اليومية، ظروف الناس والمضايقات الداخلية والخارجية في تلك المناطق، بدءًا بالضغط الذي يفرضه الآخر إضافةً إلى الضغوط المفروضة من قِبل الذات، بحيث تعبّر النصوص بطرائق فنية عن الواقع المرير بجرأة كجسارة ماردٍ يقف في الميدان شاهراً سيفه، بعيداً عن الاختفاء وراء أقنعة وجدران الغموض المغلّق، الأسلوب الذي عادةً ما يلجأ إليه الكثير من الشعراء عندما يتناولون القضايا الحساسة التي تتطلب الحسم في مجتمعاتهم، وبالتالي تَحَمُّل صاحبها تبعات المجاهرة بتلك المواقف على الملأ، إذ تعودنا أنه بدعوى الحفاظ على الجمالية الشعرية والالتزام بالجوانب الفنية للقصيدة لا يتجرأون على مقاربة الأحداث بطرق إبداعية بسيطة تلامس شغاف قلوب العامة، باعتبار أن في الحروب والظروف الاستثنائية عادةً ما تكون الضحية الأكبر هم العامة وليس النخبة، لذا فالمادة التي ترتجي تحسين ظروف الناس والتخلص من أدران الواقع ينبغي أن تكون مفهومة من قبل العامة، خاصة أولئك الذين لا يزالون يتجرعون مرارتها، وأصلاً ما فائدة نصٍ يخص العامة بينما هم في الحقيقة لا يفهمون شيئاً منها؟ ثم متى كانت النخبة تتألم لمعاناة العامة كما لو أنها هي التي تعيش تلك الظروف؟ إذ قد ترى نصوصاً مكتوبة للناس ولكنها أبعد ما تكون عن لغتهم، بل وكأنها كُتبت لأناسٍ غير المعنيين بها، لذا وكأنهم من خلال ذلك القول يُغلفون الجانب المفتقد للجسارة في بنيانهم ولكن بُحلة فنية جميلة.
عموماً هذا لا يعني البتةً بأن الساحة خالية ممن نتحدث عنهم من أهل الكتابة، والدليل أني ومنذ أيامٍ صادفت نصاً لشاعرٍ كردي وهو يشهر قصيدته بوجه القائم بعلانية، وكانت بعنوان(وطنٌ مُعتّر) وهي للشاعر أدريس سالم فيقول فيها: "نحن مَن نتطرّفُ ضدّ أكبادنا، نعتقلُ الطفلَ بزناجير التجنيد، نحن مَن نتطرّفُ ضدّ شعبنا، نقطعُ عنه الغذاءَ والدواءَ المفيد، نحن مَن نتطرّفُ ضدّ قضيتنا، نبيعُها للجلادِ مقابلَ المال والعتاد، نحن مَن نتطرّفُ ضدّ الأطفال، نقطعُ عنهم الحبّ، ونمنحُهم رعباً من البرد والبارود، نحن مَن نتطرّفُ ضدّ العلم، نؤدلجُه، ليخدمَ مَن لنا بقبضة الحديد، لنكون به ولهم كالعبيد" فالشاعر يُعري كل ما يجري في ظل الإدارة الذاتية المعلنة من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي، بدءًا من التجنيد القسري للبراعم إلى احتكار المواد الغذائية وموارد المال والسير على منوال حزب البعث في الوساطة والمحاباة والتزلف والمحسوبية والإرتشاء، إلى اعتقال النشطاء الكرد في الكانتونات الثلاث، إما بدافع التسلط أو إرضاءً للمناخات التي يستسيغها طاغية دمشق، ومن ثم أدلجة المناهج على غرار منهاج حزب العفالقة، وتغذيتهم البراعمَ بآيات التعظيم للقائد بدلاً من إروائهم من منابع الفكر العالمي السمح، ومبادلة مطالب وشكاوي المواطنين بالاعتقال التعسفي والزج بهم في خندق الكراهية لكل ما له علاقة بالوطن، والخناق على العمل السياسي للأحزاب ومن ثم تطويق الأنشطة والتحركات الفكرية والسياسية والثقافية التي تتعارض مع ثقافة الحزب الجديد وأيديولوجيته.
لأن الغريب في سياسة حزب الاتحاد الديمقراطي المتبعة مع المواطنين الكرد عامة ومع النشطاء وأحزاب المجلس الوطني الكردي بشكلٍ خاص، أنها تتجاوز في صلافة التعامل السلمي حتى بالتي قام بها النظام البعثي الجاثم على صدور السوريين، إذ أغلبنا ربما لمس في بدء الثورة كيف أن أجهزة أمن النظام راحت تغير من اسلوب تعاملها الشرس والأخرق مع الناس، وبدأت في استيعابهم وتقبل من الناس ما لم يكن لتتقبله السلطة من النشطاء والساسة قبل انطلاق الثورة، وطبعاً كل ذلك التغيير الفجائي لسلوك أزلام الدولة كان قبل أن تتسلح الثورة وتنتقل حرارتها إلى عموم سوريا، بينما حزب الاتحاد الديمقراطي فهو بيّن للمراقبين بأن عنجهيته السياسية تكاد تقتفي عنجهية وسطوة حزب البعث الفاشي، إذ أنه لم يقبل حتى بالتظاهر السلمي ضد إدارته، وتعامل بقبضة أمنية منذ بدء تبوئه السلطة في المناطق الكردية، مع أن المواطن الكردي لم يرفع سلاحاً بوجه الإدارة كما فعلها السوريون عامة مع النظام السوري.
أما ما الذي يربط ثورة الكوفة بروج آفا فهو لتوفر وجوه الشبه بين الحالتين ومماثلة الممارسات هنا وهناك، إذ أن السياسة المتبعة من قبل الإدارة الذاتية فيما يخص ملاحقة الكبار والصغار بهدف التجنيد الإجباري، وإرسال الناس للمحاربة في مناطق لا يشعرون بأية واجبات وطنية أو قومية تجاهها بعد أن تمزق الوطن واندحرت معها المشاعر الوطنية، هي التي ذكرتنا بما كان يحدث ابان الفتوحات الاسلامية التي أوصلها حسب المؤرخين بنو حرب وبنو مروان إلى غاية السور الصيني العظيم، واتباعهم آنذاك سياسية التجنيد القسري وإرسال الناس إلى أماكن تبعد عن آهاليهم مئات الكيلومترات ليلقى كل واحدٍ مصيره المحتوم في بقعة ما من العالم، وهو كان أحد الأسباب المهمة لتفجير انتفاضة الكوفة بقيادة زيد بن علي بن ابي طالب عام 122 هجرية ضد الأمويين وحكم هشام بن عبد الملك، والتي انتهت وقتها بالقضاء على ثورة زيد بن علي ومقتله.
وفي هذا الصدد يذكر المفكر العراقي هادي العلوي بأن السياسية الظالمة التي اتبعها المروانيون أثناء الفتوحات الاسلامية كانت السبب في تفجير انتفاضة الكوفة بقيلدة زيد بن علي بوجه سياسة التجمير في الجبهات أي إرسال المجند الى الجبهات وتركه لمصيره حتى يموت وإن لم يمت ففي الحالتين لا يعود، كما حصل بالضبط للكثير من الشباب الكرد الذين راحوا ضحية تفاهمات الحزب مع بعض القوى الدولية في معاركه خارج المناطق الكردية، ومخاوف الناس في أن يلقى من تبقى من أبنائهم نفس المصير في معركة الرقة التي سيزج الحزب المذكور الشباب الكرد بها وفق اتفاقياتٍ وتفاهماتٍ بين الحزب وبين قوىً محلية وأخرى دولية، والتي ينظر إليها أغلب السوريين بالريبة، كما أن تلك المعارك بالنسبة للكردي لم تعد تحمل أي طابعٍ وطني ولا حتى تحمل طابعاً قومياً، إنما بنظر غالبية السوريين أنها أشبه ما تكون بمعارك ميليشيات الحشد الشعبي في مناطق السنة.
ولا شك بأننا لا نقوم بدورٍ تأجيجي هنا إنما نقرأ الواقع ووقائعه مع قراءة أحداث تاريخية مماثلة جرت في الماضي، ثم نقارنها بما يجري في مناطقنا في الوقت الراهن، نعيد ونؤكد لسنا بصدد تحريض الناس على محاكاة انتفاضة الكوفيين أو أية انتفاضة أخرى في العالم، بما أن لكل انتفاضةٍ ظروفها الخاصة، ولكل إنتفاضةٍ عشرات الأسباب لانطلاق شرارتها، ولكن بالنسبة لمناطقنا فمَن ذا الذي يضمن بأن تبعات الضغط المتواصل على الناس لن يدفعهم إلى الإيمان الجزئي أو المطلق بفكرة جواز الخروج على الحاكم الظالم، أو الاستعانة بفحوى منهج الكواكبي بخصوص الاستبداد والمستبدين وطرق التعامل معهم، وذلك بقوله: "لو رأى الظالم على جنب المظلوم سيفا لما أقدم على الظلم".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ الموسوعة الحرة، ثورة زيد بن علي في الكوفة.
ـ ديوان الوجد، هادي العلوي، دار المدى، الطبعة الثانية، 1998.



#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كانتون عفرين والحصار المزدوج
- عمر كوجري: نحن كنقابة ممنوعون من العمل والتحرك بحرية في بلدن ...
- احتفاءً بعمالة البارزانيين
- الإبداع وعبثية القتال في سوريا
- قميء الصفات
- من الحزام العربي إلى الحزام التركماني
- عبد العزيز التمو: الاتحاد الديمقراطي حزب شمولي أوليغارشي لا ...
- الحقيقة ما بين شهادتي العروس والمصوِّر
- حساسية الكرد الايزيديين والشعور القومي لديهم
- ما بين أسايش أربيل وأسايش الكانتونات
- صبيحة خليل: المجتمع الدولي يحاول تصوير المرأة على أنها لا تح ...
- هل سيكون تحرير الموصل شبيهاً بسقوط نينوى؟
- المُغيثُ الأعور
- كيف تواجه مَن تراهُ عدواً؟( الأوجلانية نموذجاً)
- حواس محمود: الكرد في سوريا يفتقدون لخارطة الطريق وبخاصة P Y ...
- الرزية
- الشمال السوري والدّعاء المستجاب
- هل ستكون الرقة محرقة الكرد بعد منبج؟
- عبدالرحمن آبو: سأستمر في نضالي حتى الرمق الأخير ولن أغادر من ...
- هل سيكون صالح مسلم قربانَ الأسدِ أم الأمريكان؟


المزيد.....




- دينيس فيلنوف يقود أولى مغامرات جيمس بوند تحت راية أمازون
- لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
- انقسام في الكونغرس بعد أول إفادة بشأن ضرب إيران
- البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-
- اثنتا عشر قنبلة على فوردو : كيف أنقذت إيران 400 كغ من اليورا ...
- بعد -نصر- ترامب في الناتو: أي مكانة لأوروبا في ميزان القوى ا ...
- الاتحاد الأوروبي يدعو لـ-وقف فوري- لإطلاق النار في غزة وإسبا ...
- كريستيانو رونالدو يواصل اللعب في النصر حتى 2027
- -نرفض حصول إيران على سلاح نووي-.. القمة الأوروبية: ندعو لفرض ...
- البيت الأبيض يتّهم خامنئي بمحاولة -حفظ ماء الوجه-


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد ع محمد - بين ثورة الكوفة وروج آفا