|
ثقافة مشاعر الآخر
حكمة اقبال
الحوار المتمدن-العدد: 5334 - 2016 / 11 / 5 - 20:54
المحور:
المجتمع المدني
تفترض ثقافة الشعوب المتمدنة توفير الحقوق والحريات الاساسية بشكل متساوٍ للجميع ، بغض النظر عن انتمائاتهم الفكرية والمذهبية والاجتماعية ، وتفترض ثقافة هذه الشعوب التزام المواطنين بهذه الحقوق والحريات ، وعدم التجاوز عليها ، وبذلك يتم ضمان استقرار هذه المجتمعات ، وبالتالي تمتعها بمسارات الحياة اليومية الجميلة . وفي المجتمعات غير المتوازنة تختفي هذه الحقوق والحريات لفئات من المواطنين ، وتزداد للفئة الأكبر أو صاحبة السلطة ، وهذا الأمر ينطبق على العراق ، الذي تحول بعد 2003 الى نظام سياسي مشوّه ، تقوده أحزاب دينية تستمد قوتها من ميليشيات غير شرعية ، تمارس العنف ، بدون تحفظ ، ضد من يخالفها الرأي والممارسة ، والأمثلة كثيرة ومعروفة ، خاصة في مناطق وسط وجنوب العراق حيث السلطة لأحزاب طائفة رؤوساء الوزراء بعد انتخابات 2005 .
بالغت ، وتبالغ هذه الأحزاب في ممارسة شعائرها الدينية ، وتزداد سنة بعد اخرى ، أشكال وأوقات هذه الشعائر ، وتكون لها الأولوية عن العمل أو الدراسة في اثناء ممارستها . الخلل في الموضوع ان أتباع الديانات الأخرى ، باتوا مضطرين ، تحت طائلة الخوف من العواقب ، مجاراة هذه الشعائر في محافظات الجنوب التي تضم من بين ابنائها المسيحيين والصابئة ، وهذا الأمر ليس الهدف من هذه الكلمات ، بل هو ان الكثير ممن لايمارسون هذه الشعائر ، وهم مسجلين كمسلمين في اوراقهم الثبوتية باتوا ، وربما من خوفهم أيضاً ، يمارسون تحت الضغط الجمعي هذه الشعائر ، وربما دون التفكير ، بما تعنيه هذه المبالغة ، في ممارسة شعائر غريبة ، رفض قسم من مراجع دينهم ممارستها .
قد أتفهم ، انه يمكن تأجيل حفل فني ما في محافظة جنوبية ، يدعو رجال الدين فيها الى تحريم الفن عموماً ، خشية من ردود فعل هذه الميليشيات ، ولكن ما لا استطيع تفهمه ، هو نفس التخوف موجود في أذهان زملائهم ، مرة اخرى الذين لايمارسون الشعائر الدينية ، الذين يعيشون في اوربا ، البعيدة عن ميليشيات العراق ، تحت واجهة مراعاة مشاعر الآخر .
سبب هذه الكلمات ، ان احدى منظمات المجتمع المدني ، في دولة اوربية ، اعلنت عن اقامة حفل فني بمناسبة انتصارات الجيش العراق والمتطوعين في معارك الموصل ودعمهم لتحرير كامل المناطق التي تحت سيطرة داعش . وفجأة تنبأت الهيئة التي قررت تنظيم الحفل انها تتوافق مع ذكرى زيارة الأربعين في العراق ، واعلنت الغاء الموعد .
لماذا يجب أن نربط نشاطاتنا مع روزنامة آخرين ؟ لاتوجد في شوارع هذه الدولة مظاهر زيارة الاربعين ، بل موجودة في مساجد وحسينيات هذه المجموعة ، فما شأن الآخرين بهم ؟ وماهو الموعد المناسب ، طالما ان هذه الشعائر على مدار العام ؟ لقد وجدت في احدى المواقع روزنامة لبعض هذه المناسبات وفيها 23 مناسبة وفاة في سنة 2016 فقط . وهي 10 نيسان وفاة علي الهادي ، 22 نيسان وفاة زينب ، 2 آيار وفاة الكاظم ، 12 حزيران وفاة ابو طالب عم محمد ، 15 حزيران وفاة خديجة ، 24 حزيران جرح علي ، 26 حزيران وفاة علي ، 19 تموز وفاة الحمزة ، 29 تموز وفاة جعفر الصادق ، 2 آب وفاة ابراهيم بن محمد ، 1 ايلول وفاة محمد الجواد ، 8 ايلول وفاة محمد الباقر ، 11 اكتوبر وفاة الحسين وصحبه ، 3 نوفمبر وفاة زيد بن زين العابدين ، 7 نوفمبر وفاة الحسن ، 17 نوفمبر وفاة علي الرضا ، 20 نوفمبر اربعينية الحسين ، 28 نوفمبر وفاة محمد ، 4 ديسمبر وفاة سكينة ، 7 ديسمبر وفاة الحسن العسكري . أضع هذه القائمة التي ينقصها تواريخ اخرى ، امام الهيئة التي اتخذت قرار اللاغاء لتذكيرهم عندما يقررون موعد قادم .
- هل يحترمون هم مشاعرنا وفي مناسباتنا الحزينة ، مثلا هم احتفلوا في 14 شباط بيوم ميلاد زينب ، وهو يوم الشهيد الشيوعي السنوي ؟؟؟؟ - ماذا سنحقق من ابراز تعاطفنا معهم ؟ وكيف سيستقبلون هذا التعاطف ؟؟ - وماهي الخطوة القادمة ، هل سنشارك معهم في شعائرهم ؟؟
أخيراً ، من المؤسف ان بعضنا يفكر بهذه الطريقة ، والتي هي لن تقدم أو تنفع في شيئ ، سوى تكريس مفاهيم مصادرة حريات الآخرين .
#حكمة_اقبال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بغداد ليست قندهار
-
يوميات دنماركية 85
-
يوميات دنماركية 83
-
لنُعلِمُهم اننا معهم
-
يوميات دنماركية 82
-
يوميات دنماركية 81
-
يوميات دنماركية 80
-
من ننتخب لعضوية البرلمان الدنماركي ؟ يلدز أكدوكان
-
يوميات دنماركية 79
-
يوميات دنماركية 78
-
يوميات دنماركية 77
-
يوميات دنماركية 76
-
يوميات دنماركية 75
-
يوميات دنماركية 74
-
يوميات دنماركية 73
-
يوميات دنماركية 72
-
يوميات دنماركية 71
-
يوميات دنماركية 70
-
يوميات دنماركية 69
-
يوميات دنماركية 68
المزيد.....
-
الأمم المتحدة تطالب بإيصال المساعدات برّاً لأكثر من مليون شخ
...
-
-الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل
...
-
اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي
...
-
الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا
...
-
-الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا
...
-
آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال
...
-
مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة
...
-
محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم
...
-
انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها
...
-
محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|