أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الخزرجي - عصر ما بعد المعلومات(الحلقة الخامسة)















المزيد.....


عصر ما بعد المعلومات(الحلقة الخامسة)


عزيز الخزرجي

الحوار المتمدن-العدد: 5331 - 2016 / 11 / 2 - 04:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


Post Factual Eraعصر ما بعد المعلومات:
(الحلقة الخامسة)
بيّنا في الحلقة السّابقة كيفيّة التّستُر لإخفاء (الأنجيل) المعجزة من قبل الظّالمين, للتغطية على واحدة من أكبر القضايا التأريخية – ألسّماوية التي تكشف حقيقة الدّيانة المسيحيّة – ألأسلامية .. و التي لو تمّ الأعلان عنها لتغييرت جميع المعادلات في العالم لصالح الأنسانيّة, لأنّ كشفهُ سيُعرّي كذب و نفاق ألرأسماليين في (عصر ما بعد المعلومات) و زيف القصص و الرّوايات و الأحداث و الحروب المُفبركة ضدّ الأديان, و أسباب التمهيدات الجارية لتدمير آلقيم الأنسانية في العالم, و كذلك أسباب الثورة ضدّ الدّين و فصله عن السّياسة و آلأقتصاد ثمّ قضية (أحداث الحادي عشر من سبتمبر), ثم صفحة (داعش) ثم قضية (القواعد العسكرية الرأسماليةالأربعمائة حول العالم), و أخيراً إعلان الحرب ضد الدّولة الأسلاميّة و قبل كلّ هذا (تأسيس الحركة الوهابيّة) من قبل الأنكليز و دوره في تخريب البلاد الأسلامية!

لقد ضمنت المخابرات العالميّة إبقاء الحكومة (العثمانيّة الأوردغانية) في الحكم, مقابل تكفّلها لحمل ألمسؤولية المباشرة للتستر على ذلك (الأنجيل) العظيم .. الأصيل الصّحيح و الوحيد الذي تمّ كشفهُ عام 1999م و الموجود حاليا في المتحف التركيّ بأنقرة, و لذلك لم يسمح لأحد بتصويره أو إستنساخه بأمرٍ من إدارة أوردغان و مخابراته رغم طلب (بابا الفاتيكان) و (زعيم الأمة) الأسلامية و الأنسانية لأستعارته بشروط و عهود مؤثقة عالمياً على أمل ترجمته ثمّ طبعه بآللغات العالمية الحيّة ليطلع الناس على حقيقة الدّين المسيحي و من ثمّ الأسلاميّ و رسالة الوجود, و هكذا حَرَّمَ وَرِيث الطالحين(شيطان تركيا) العالم أجمع من نشر بيان الحقّ في الأرض على لسان النبي عيسى (ع) بحجّة الخوف على الكتاب كأقدم و أغلى و أندر نسخة تأريخية في العالم(1), حيث قدّروا سعره بـ 30 مليون دولار كما قالوا, بينما قيمته و إعتباره الحقيقيّ لا يُقدّر بثمنٍ لأهمّيتهِ العظيمة و مكانته و دوره الخطير في تغيير العالم!

و هكذا أخفى الظالمون صوت الحقّ الذي كان من الممكن أن يُحدث إنقلاباً بين الناس ..
و كذلك كشف و فضح ممارسات (المنظمة الأقتصادية العالمية) التي خططت لتشويه الحقائق و المنطق و الدّين الأسلامي الخاتم الذي بشّر به ذلك (الأنجيل) ..
و كذلك كشف دعمها للجّماعات السّلفيّة المتطرفة(داعش و أخواتها) التي قدّمتْ أسوء صورة عن الأسلام بقيادة وهابيّة السّعودية و آلعثمنة التركية ..
و هذا ما تمّ التخطيط له بإتقان بعد إنتصار الثورة الأسلامية التي أعادت شيئا من الأمل في نفوس الناس المستضعفين لتكون – أي السلفية التكفيرية - نداً و صورة سيئة لمنع الناس من الأيمان بنظامها و إنتشارها!

و هكذا و بسبب جهل أكثر ألسُّنّة كما بعض الشيعة المتطرفين بآلحقيقة فقد سبّبوا خسائر كبيرة في عالمنا الأسلاميّ خصوصاً في اليمن و البحرين و سوريا و العراق و بلاد الشام و معظم الدّول العربيّة و الأسلاميّة التي كان يمكن أن تكون نقطة أنطلاقة كبرى لتحقيق أهداف السّماء في بلاد الله التي تحولت بسببهم من سوء إلى أسوء و جحيم لا يطاق!

من المسائل الهامّة التي تمّ الأطلاع عليها و تسريبها من ذلك الأنجيل المقدس, هو:
دور و قدسية العائلة و مكانة الوالدين و الأخ الأكبر و الأخت الأكبر داخل هذا الكيان الذي يُشكّل الحجر الأساس لبناء المجتمعات السّليمة السّعيدة .. بحيث جعل الله رضاهُ تعالى بمستوى رضا الوالدين لمكانتهما داخل العائلة!

من جانب آخر نَبَذَ و حرّم الباري تعالى القصص الخرافيّة و العلاقات العائلية الشاذة التي إمتلأت بها الأناجيل الأربعة المعروفة و المُحرّفة المنتشرة في عالم اليوم, و كذلك النصوص الأخرى التي أباحت نكاح و مضاجعة بعض الأنبياء (حاشاهم) لبناتهم, أو مضاجعة الأرحام كآلخالات و أمهاتهم و أخواتهم و ما إلى ذلك من أعمالٍ و قصصٍ و علاقاتٍ مشوهةٍ و محرّمةٍ و مرفوضةٍ فطرياً تخدش قدسية العائلة, كشرب الخمر و الزنا و إرتكاب الكبائر مع المحارم!

تلك الأمور بجانب ظلم القساوسة هي التي سبّبتْ الثورة على المقدسات السماوية خلال القرون الوسطى,
لذلك حجبوا الحقيقة عن الناس تماماً بِحُجْبهم لذلك (الأنجيل) و لتعاليم (القرآن) بعد فصلها عن الحياة الأجتماعية و السياسية و الأقتصادية بدعوى (عدم جواز ذلك) و السبب للآن غير معروف سوى تبجحهم بـأسباب (النهضة الأوربية) التي أنتفضت هي الأخرى على التعاليم الخاطئة التي وردت في الأناجيل الأربعة و ما فعله القساوسة بحقّ الناس بسبب سوء تصرفهم و فهمهم و عقائدهم المنحرفة..

و هكذا باتت التعاليم الصّحيحة هي المحجوبة أصلاُ .. و هي آلمُتهمة الآن في أكثر أوساط الناس بسبب الخلط و لحوق صفحات الأرهاب التي فصّلها (أصحاب المنظمة الأقتصادية) لعكس صورة سيئة أظهرها الضّالين المُضلّين في الأمّة من أجل تحطيم قيم الرّوابط الأجتماعية و العائلية التي تشكل حجر الزاوية و عماد الحياة الأنسانية و حتى البشرية .. بل لا أجانب الحقيقة لو قلت حتى (الحيوانية) التي أكثرها هي الأخرى ترفض الظلم و تؤمن بآلوفاء و الألفة لمن يألفها!

الهدف من كلّ ذلك .. تشويه الهوية الأنسانية المعاصرة, و كسر حُجب الحياء و الأحترام بين الوالدين و بين الأبناء و الوالدين و الكبير و الصغير و إفراغ القيم و المقدسات من محتواها و مكانتها في القلوب لتسهل السيطرة على الناس لنهبهم و إستعبادهم!

في هذه الحلقة سنشير أيضا إلى قضية مصيريّة قد تبدو عادية أو ثانوية – أو باتت عادية بحسب الأعلام الغربيّ و حتى الشرقيّ المُوجّه الذي مهّد لها عن طريق أموال و إعلام الحكومات الوضعية, حتى قبلها الناس كحقائق, خصوصا لدى آلمواطنيين الغربيين, بل و لَحَقَ بهم للأسف الكثير من شعوب الشرق أيضا!

تلك آلقضية التي تشوّهت؛ هي إصالة و مكانة (العلاقات الزّوجية) و (العائلية) و دورها الفطري في تحقيق حياة آمنة و سعيدة للأنسان كأفرادٍ و في حياة المجتمعات الأنسانية كَأُممٍ!

لا يُمكن أبداً للرّجل و المرأة اللذان يعملان طول النهار في أعمال متواصلة مرهقة أنْ يحافظا على توازنهم و علاقاتهم الزوجية و عوائلهم, لأنهما حينما يصلان البيت بعد ساعات العمل الطويلة المزدحمة و هما منهكان؛ متعبان؛ مرهقان, فأنهما لا يقويان حتى على الجلوس معاً لتناول وجبه العشاء ناهيك عن التحدث و الكلام بلطف و محبة!

كيف يمكنهما أن ينثرا المحبة و الوئام و الأمان بين أفراد العائلة و نفسيهما مثقلتان و محتاجتان لذلك أشد الحاجة خصوصا إذا علمنا بأنّ علاقات العمال مع أربابهم ليست على ما يرام بسبب فقدان الأخلاق من وجودهم و بإمكان المالك أو الرئيس لكونهما صاحب العمل طرد أي موظف لا يعجبه حتى لو كان لسبب بسيط, و الذي يعيش في الغرب يعلم بأن إنقطاع راتب أي موظف لأسبوعين تسبب له كارثة كبرى في حياته, حيث دللت الأحصاآت بأن 45% من العاملين يضطر إلى الأستدانة في حالة أنقطاع راتبه لأسبوعين فقط, كما إن 95% من الغربيين مدينين للبنوك على الدوام!؟

هذا الأختلال الوظيفي سبّب تشنجات و فواصل بين أفراد العائلة و بين الناس, و إنعكس على سلوكلهم و أثّرَ بشكلٍ كبيرٍ على روحيّة و نفسيّة الأطفال الذين فقدوا المحبة و الحنان و الأحترام من أقرب الأشخاص لهما, لذلك ينشؤون و هم لا يثقون بأية علاقة إنسانية أخرى حتى مع زوجاتهم بعد تلك التجربة المرّة, و هكذا تتعاظم المشاكل كلما تقدم الزمن, بحيث يصل الأمر في المستقبل القريب إلى عدم الزواج الشرعي أو وجود علاقة صداقة حسنة بين إثنين!

من جانب آخر ؛ كيف يمكن للزوج/الزوجة أن يحتفظا بعلاقة شريفة مقدّسة مع بعضهم البعض و قد فقدوا بسبب الأباحية و أحتضان الرجل للمرأة الغريبة و المرأة للرجل الغريب .. بل و حتى النوم في فراش الغرباء بعضهم مع البعض الآخر مع الذين لا تربطهم روابط شرعية مقدسة فيما بينهم!؟

كما لا يمكن للأطفال أن يتذكروا بخير أولياؤهم الذين جفوا بحقّهم و لم يُعاملوهم بآلحسنى, أو ما وقع عليهم من الحرمان لعدم اداء حقّهم من قبل الوالدين بسبب أوضاعهم القاهرة التي لا يمكن تغييرها لقوّة و صرامة القانون الذي يفرض عليهم ذلك الوضع كي يبقوا أحياء يتنفسّون بإجسادهم فقط!؟

لذلك ينشأ الطفل أنانيّاً و هو لا يُفكّر إلّا بحدود نفسه و جسده, و لا يهمّه ما قد يقع لجاره أو صديقه أو حتى لوالديه و أخوته و أقربائه, لأنّهُ تعوّد على العيش لنفسه و لنفسه فقط للبقاء حياً من خلال خدمة النظام القائم الذي لو إنقطع عنه فأن ذلك يعني إنقطاع نفسه و موته المحتم!

و لو تلقى درساً في التعاون مع الآخرين فأن نفعه يعود بآلدرجة الاولى لأصحاب المال و الشركات و البنوك, و ليس لنفسه

كمقدمة هامّة لنقد أو تسليط ضوء ألحقّ على هذه القضية الكبيرة و الخطيرة؛ سوف لن نأتي بآلأدلة القرآنية أو الرّوايات الأسلاميّة لبيان دور و قدسية العلاقات الزوجية و العائلية الطيبة في تحقيق سعادة الأنسان و آلمجتمع؛ كما لن نستدلّ بآلنّصوص السّماوية المقدسة الأخرى حول الموضوع؛ بل سأنقل لكم رأي أحد أكبر أدباء و شعراء و فلاسفة النهضة الغربية حول هذا الموضوع الفطري:
و هو الفيلسوف الأديب "كوتة"(2) الذي قال:
[أسعد آلنّاس .. مَلِكاً كانَ أو فلّاحاً؛ هو ذلكَ آلّذي يَجِد آلسّلام و الأمان في بيته].

في الحقيقة تحقيق الوئام و السّلام القلبي في العائلة, ليست قضية هيّنة كما إنّ نتائجها الأيجابيّة ليست بسيطة أو محدودة أيضا!

و بإختصار شديد ..تُعتبر المحبة و ألأحترام العمود الفقري لتقويم هذه القضية المصيريّة, لكون الطبيعة الأنسانيّة و كما بيّنا في أحد همساتنا الكونية؛ تعتمد عليها في إبداعها و أنتاجها, كما تتكي الأشجار على الأرض لعلوها و ثمارها!

لذلك لا سعادة و لا عطاء و لا مستقبل للعائلة ما لم يتحقق بداخلها هذا الشرط!

و لأن الغربيين و بسبب طبيعة العلاقات المفتوحة لا يوجد حرام بين الرّجال و النّساء و الأباحيّة حلال في اوساطهم؛ لذلك فأنّ المُقدّسات و الحُجب التي تحفظ الحياء و المحبة و الرّحمة و الأحترام تكون معدومة تقريباً و لا توجد خطوط حمراء, كما لم يَعُدْ الحال بأفضل في المجتمعات الشرقية بعدما تشوّهت المفاهيم العقائدية و التفاسير الخاطئة بسبب تنوع مراجع الدِّين الذين لا يفهمون أسرار القرآن و روح الأسلام, حتى باتت أحوالهم خصوصا في المجال السياسي و الأقتصادي و التربوي تُماثل الغربيين في النتيجة رغم إختلاف الأسلوب و طريقة التعامل, من حيث أنّ المسلم الشرقيّ و حتى المسيحي يعيش حالة الأفراط في تطبيق المسائل الشرعية لتحديد العلاقة الزّوجية فيُربيّ أطفالاً متعصبين يميلون للأرهاب بعكس الغربي الذي أفرط بتلك العلاقة ليُربّي أطفالاً فضوليين غير مؤدبين!

مشكلة الشرقيّ, خصوصاً "المؤمن" هو التّعصب بظاهر الآيات من دون الجوهر و التظاهر بآلشكليات التي فسرت تلك العلاقة الحساسة بإسلوب (السّهل المُمتنع), حيث فسّروا أهمّ آية في القرآن في هذا المجال تفسيراً تجزيئياً لصالح الرّجل بآلمقلوب معتقدين بأنّ الشريعة قدّمت و فضّلتْ الرّجل على المرأة: بحسب قوله تعالى:
[الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل بعضهم على بعض ...](3), و الحال أنّ هؤلاء المُفسرين المغرضين ليس فقط إرتكبوا خطأ فادحاً .. بل فسروا الموضوع بآلعكس تماماً, لأنّ الآية تميل بآلأحترام لجانب النساء أكثر من الرّجال, و هكذا كرّروا نفس الخطأ في قوله تعالى :
[... و لهنّ مثل الذي عليهنّ بآلمعروف و للرّجال عليهن درجة و الله عزيز حكيم](4), بدون النظر للآيات ألأخرى المترادفة التي تعطي و تُكمل التفسير الموضوعيّ الأمثل و آلأشمل لمفهوم القضية و العلاقة المطروحة بين الجانبين, و لو جمعنا الآيات ذات العلاقة و رتّبنا المفاهيم لأستخلصنا نتيجة هامّة غابت عن عقول المفسرين سوى إستاذي الكبير فيلسوف العصر (جواد الآملي), الذي فسّرَ موضوع الآيات ذات العلاقة مع هذه الآية الحساسة و محورها .. بقول بسيطٍ حكيمٍ و مُعبّرٍ هو:
[إن الرَّجلَ بمثابة الحامي و المُحافظ و آلخادم للمرأة كما الجُنديّ الأمين الحارس لموضع القائد], و هذا يُدلّل على أنّ أهميّة و قدسيّة المرأة تعلو شانأً و مكانةً على الرّجل, من باب التعظيم و الأحترام و الأهمية و المكانة الأجتماعيّة التي خصّها الله تعالى بها حين يحرس و يسهر الرّجل عليها بكل وجوده من أجل تحقيق سعادتها و أمنها و راحتها و ليس العكس كما إعتقد المُدّعين للدّين و المرجعيّة للأسف, و تعبير (القوامة), هو العلاقة الموجود بين القائد و الحارس الذي يحمي و يخدم قائده في موضعه أو ثكنته العسكرية!

على كلّ حال هناك خلط كبير و سوء فهم للكثير من المبادئ القرآنية الأساسية على الصعيد التربوي و السياسي و الأجتماعي و الأقتصادي و العلمي و الحضاري و التأريخي, و منها بشكل خاص؛ موقع و مكانة و دور و إحترام و قدسية آلمرأة في (الشرق) الذي ظلمها كثيراً, و حتى في الغرب الذي أفرط فيها أيضاً و بشكل أسوء بكثير, بعد ما باتت آلعلاقة بين الرّجل و المرأة تتحدّد للأسف من خلال آلبعد الغريزي الجنسي فقط و لذلك فأنّ الأحترام القانوني لا يحد من العنف و الظلم بحقها, بل قد يسبب مشاكل مضاعفة حين يضمن فقط منع الرّجل ألتّفوه بكلمة ضدّها و من حقّها لكونها – ضعيفة – البدن حسب التفسير الشائع؛ أن تتصل بآلشّرطة فور شعورها بآلغبن أو التهديد من الرّجل, لتنقلب الأوضاع خلال دقائق في ذلك البيت إلى حيث لا رجعة للوئام فيه بعد, ليكون المتضرر الأكبر في هذا الوسط الأطفال عادة, و بذلك سرعان ما تتحطم جميع أسس العلاقات الزوجية و العائلية لأبسط خلاف أو شجار كلامي قد يظهر من الطرفين ليتدخل القانون الذي شجّع المرأة على التّمرد ضدّ زوجها و ضد قدسية البيت(ع) أنى شاءت, و قد إستفاد أصحاب المنظمة الأقتصادية العالمية إستفادة قصوى من هذه الخلافات و آلأنفصال بين المرأة و الرجل و بأسرع وقت و أفضل وجه من خلال تشتيت العائلة بعد إلقاء الذنب عادّة على الرّجل و منعه من التقرّب إلى زوجته و البقاء بعيدأً عنها بضع مئات الآمتار في كلّ الأحوال, و لا يسمح اللقاء بينهما بأيّ حال من الأحوال حتى تتحطم تلك العائلة تماماً إلى حيث لا رجعة!

بجانب هذا يدعم و يُشجّع القانون الغربيّ الأنفصال إلى أبعد الحدود, مادّيا ًو معنويّاً و ذلك بمساندة المرأة بإيوائها مباشرة في بيوت جاهزة على الدّوام لأستقبالها كمساندة لها ضد زوجها بدعوى الوقوف معها في محنتها و ضعفها, و كذلك إبعاد الرَّجل عن بيته و أولاده حتى لو كان على سبب تافه أو خلاف أو شجار بسيط , و الفائدة التي تجنيها عادةً المنظمة الأقتصاديّة عبر منهج (عصر ما بعد المعلومات) من هذا الدّمار العائلي, هي:

أن العائلة التي كانت تُشارك على سبيل المثال؛ هاتفا واحدا أو شبكة إنترنيت واحدة أو فاتورة كهرباء و ماء و غاز واحدة و مصرف يومي مُحدّد و دفع إجار شقّة واحدة أو سلفة مرّة كلّ شهر تُشارك فيها جميع أفراد العائلة, فأنّ نفس هذه العائلة ستنشطر لعدّة مصادر مستهلكة بعد ما كانت واحدة, حيث تتشعب لعدة مصادر و سيصبح كلّ طرف من أطراف العائلة زبوناً يضطر لتكرار تلك الدّفعات على أنفراد بعد أنفصالهم القسري و تشكيل حياة جديدة, حتى الأبناء و البنات عليهم أن يستقلوا بمصادر و وسائل عيشهم و ستكون النتيجة أرباحا مضاعفة لشركات الهاتف و البنوك و الكهرباء والماء و الأملاك العائدة بآلطبع إلى أعضاء (المنظمة الأقتصادية) لتتعدّد مصادر الصّرف و تكثر أرباحها!

و هناك ضرائب جانبية أخرى تتحقق للمستكبرين حين لا يستطيع (الرّجل) كما (المرأة) أو (أبنائهم) بعد الأنفصال من التفكير و التأمل الصحيح و الدقيق في حقوقهم و أوضاعهم و مستقبلهم بسبب الوضع النفسي و الأجتماعي و آلمعاشي المأزوم سوى إتباع الخيارات المحددة في القوانين المدنية الغربية التي تراعي أول ما تُراعي مصالح الطبقة الأقتصادية الحاكمة قبل أيّة مصلحة أخرى, بناءاً على قوانين الضرائب و الأرباح و الفوائد التي تصبّ مباشرة في جيوبهم أضعافا مضاعفة بآلقياس مع آلفوائد التي تصبّ في جيب المستهلك, أي كان!

لقد سعى النظام الغربي إلى تضعيف العلاقات الأسرية و تفكيك الرّوابط الأجتماعية بل عزوب الأبناء عن الزواج, و تشويه المقدسات و معاني القيم و الشرف بين أعضاء العائلة الواحدة, عن طريق فصل الدِّين الذي وحده يُقوّم الأخلاق و يُحدّد و ينمي العلاقات الفطرية السّليمة بين الناس خصوصا الزوجين و الأرحام طبق معايير سماويّة عادلة تحفظ كرامة و حقوق الأطراف جميعاً, و هذا من شأنه تقوية أواصر المحبة و الأحترام .. و بآلتالي تحقيق السّعادة داخل العائلة و شحنهم بآلمزيد من آلقوة و الحيوية للأبداع و الأنتاج, بعكس القوانين الغربية التي تُفكك الرّوابط العائلية بسهولة و لأبسط الأسباب, ممّا يجعل بيوتهم من أوهن البيوت كبيت العنكبوت, بحيث من السّهل جدّاً هدمه حتى بنفخة بسيطة, و كما وصفهم القرآن الكريم(5)!

لذلك علينا أن نتأمل العوامل التي تسبب قوة و تماسك العلاقات الأسرية و المحبة, و بآلمقابل معرفة العوامل التي تؤثر و تهدم هذا العلاقة التي تُحدّد سعادة الأنسان في الدّارين!

فما هو العامل الأقوى الذي يُحصّن و يُقوي الروابط الزوجية و العائلية!؟
يتفق معظم علماء الأجتماع بعدم وجود قوّة في الأرض مهما تسامت أو إمتلكت عناصر القوة و المال و السّلطة أنْ تحفظ و تُحصن العلاقات الزّوجية و العائلية .. كما قوة الغيب التي تحكم القلوب و الوجدان, من خلال مجموعة من المسائل و القوانين الشرعية التي شرّعها الباري تعالى و ضمن بتطبيقها تحقيق سعادة الدنيا و حسن ثواب الآخرة, لكونه تعالى هو الذي صمّمَ و خلق هذا المخلوق, و هو أعلم من غيره به!

لكن فاعليّة و نجاح تطبيق النظام الألهي يكون بشترط التفسير و التطبيق الصحيح, و تكون مدمرة في نفس الوقت في حال فهمها و تطبيقها بآلخطأ و كما هو واقع الحال اليوم للأسف في المجتمعات الأسلامية – الأنسانية .. خصوصا عندما فسروا تلك العلاقات و قوانينها بآلخطأ معتقدين بأنّ الرّجل هو صاحب القوة و القرار و الرئاسة في المقام الأول و ما المرأة سوى مخلوقة ضعيفة لا تعقل و لا تقوى و لا تملك شيئاً مقابل هيمنة و قوة و مال الرّجل!

أصل المفاهيم الخاطئة بدأت و ترسّخت خصوصا في الغرب (المدني) من خلال التنظير السّلبي لنظريات فلاسفة النهضة و تعاطيهم مع المقدسات السّماوية التي هي الأخرى لم تصلهم بشكل صحيح, فآلفلاسفة حين بيّنوا الفواصل و الحدود بين الأصالة (الفردية) و (آلمجتمعية), إنما كانت بحسب تفسيرهم لطبيعة آلأنسان العضوية, و غاب عنهم الجانب الروحي – النفسي, و جهلوا تماماً هذا المخلوق المعقد الذي ما زال مجهولا و سيبقى مجهولاً ربما للأبد, بحسب قول الفيلسوف : ألكسيس كارل , الذي ألّف كتاباً شاملاً بعنوان: [الأنسان ذلك المجهول]!

و إن علوم النفس و حتى الأجتماع لم يتمّ البحث فيها بشكل موسع و علميّ واضح إلا مع بداية القرن الماضي, لهذا عانى و ما زال يعاني الغرب من ضعف معرفي كبير في هذا المجال, فهم للآن يجهلون علاج الكثير من الأمراض البايلوجية الظاهرة الملموسة؛ فكيف يمكنهم تحديد علاج لحالات النفس الغامضة و المعقدة جداً!؟

فحين يكون المطلوب و القضية المطروحة نفسها مجهولة للباحث؛ فكيف يُمكن أن يُحدّد لها قوانين معلومة, و آلأصل مجهول من آلأساس لعدم وجود ظاهر له سوى بعض السلوكيات و التصرفات!؟

لذلك يستحيل معرفة أو تحديد قوانين بشرية لهذه القضية مهما أوتينا من العلم, و لا مناص إلا الرجوع لتعاليم السماء لكن بشرطها و شروطها كما قلنا.

أنها حقاً قضية كبيرة و هامة و خطيرة, لم يجرأ النظر في تعيين قوانينها و أصولها إلّا بعض "الفلاسفة" الشواذ الحمقى الذين إدّعوا العلم بهذا المجهول, و لهذا سبّبوا بقوانينهم الخاطئة تخريب المجتمعات, من خلال تحطيم .. بل و محو الزواج الذي لم يعد الشباب يرغبون به!

لذلك باتت محنتنا كبيرة جداً في هذا العصر المظلم(عصر ما بعد المعلومات) الذي شوّهه أصحاب المال عن طريق الحكومات الوضعية, حين حدّدوا قوانين ناقصة و مبهمة لمركز السّعادة الأنسانيّة للسيطرة على الناس .. كلّ الناس من أجل شهواتهم و نزعاتهم الجنسيّة المريضة!

و لن تسعد البشرية مهما تطورت من الناحية المدنيّة .. ما لم يُعاد النّظر و بجدّ في هذا الأمر الأخطر على حياة و مستقبل و سعادة الأنسان!

و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم الذي بيّن لنا معالم هذه القضية الأكثر أهمية في حياة و مصير الأنسان و ذلك بتحديد القوانين الشرعية التي تضمن (أصالة الفرد) كما تضمن (إصالة المجتمع) بعكس القوانين المتبعة التي لا تؤمن لا بإصالة (الفرد) و لا بإصالة (المجتمع) كأصل في كلّ و كلٌّ في أصل؛ بقدر ما تهتم بمصالح و منافع أصحاب (عصر ما بعد المعلومات), و تلك هي المعادلة التي شوّهها عمداً أصحاب المنظمة الأقتصادية, عن طريق حكومات وضعية لا تفقه شيئا .. و لا حتى جزءاً بسيطاً من هذه الحقائق الكبيرة .. التي إنْ لم تُعالج فأنّ الدّمار و الأحتراق الكامل و الشامل سيصيب آلبشرية شرقاً و غرباً!
عزيز الخزرجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع الحلقة الرابعة من هذا البحث. و كذلك الرابط التالي:
https://drive.google.com/file/d/0B9qM4NOfKt3veHBDVjlmWml2Y1k/view
), ألماني من فلاسفة النهضة الأوربية:28 August 1749 – 22 March 1832 (2) جوهان فون كوته؛(
German poet, playwright, novelist, scientist, statesman, theatre-dir-ector, critic, and amateur artist, considered the greatest German literary figure of the modern era.
Goethe is the only German literary figure whose range and international standing equal those of Germany’s supreme philosophers (who have often drawn on his works and ideas) and composers (who have often set his works to music). In the literary culture of the German-speaking countries, he has had so dominant a position that, since the end of the 18th century, his writings have been described as “classical.” In a European perspective he appears as the central and unsurpassed representative of the Romantic movement, broadly understood. He could be said to stand in the same relation to the culture of the era that began with the Enlightenment and continues to the present day as William Shakespeare does to the culture of the Renaissance and Dante to the culture of the High Middle Ages. His Faust, though eminently stageworthy when suitably edited, is also Europe’s greatest long poem since John Milton’s Paradise Lost, if not since Dante’s The Divine Comedy.
https://www.britannica.com/biography/Johann-Wolfgang-von-Goethe
(3) سورة النساء / 34.
(4) سورة البقرة / 228.
(5) قال تعالى: [مثل الذين إتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت إتّخذت بيتاً و إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون] سورة العنكبوت / 41.



#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصر ما بعد المعلومات(الحلقة الثالث)
- عصر ما بعد المعلومات(الحلقة الثانية)
- مأساة الحسين(ع) بين جفاء الشيعة و جهل السنة
- السعودية تعيش أنفاسها الأخيرة
- همسات فكر(102)
- أين الحقّ
- همسات فكر(100) تعريف الثقافة
- الديمقراطية وهم إعلامي
- همسات فكر(87)
- الشعوب و القصور في الألفية الثالثة
- الطاقة النووية العراقية
- لماذا لا يستقر العراق؟
- الصدر و دعاة اليوم(10)
- الصدر و دعاة اليوم(6)
- الصدر و دعاة اليوم(5)
- الصدر و دعاة اليوم(3)
- هل بقيت شرعية لمجلس النواب!؟
- هل بقيت شرعية للبرلمان العراقي؟
- همسات فكر(70)
- أصول التكنوقراطية الأسلامية


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الخزرجي - عصر ما بعد المعلومات(الحلقة الخامسة)