أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الخزرجي - عصر ما بعد المعلومات(الحلقة الثانية)















المزيد.....


عصر ما بعد المعلومات(الحلقة الثانية)


عزيز الخزرجي

الحوار المتمدن-العدد: 5314 - 2016 / 10 / 14 - 21:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عصر ما بعد المعلومات(الحلقة الثانية)
رغم آلامي و حيرتي الشديدة و المستمرة في كيفيّة تقديم آلجواب الشّافي للسّؤآل المصيريّ(1) و كما قلتُ في الحلقة الأولى؛ إلا أنني بدأت بطرح مقدّمةً وافية عن حقيقة الحياة المعاصرة التي خُليتْ من الأدب و العرفان و الصّداقة و المحبة و المعنى و العشق و الرّحمة و السعادة, و لم يَعُدْ فيه همّ العلماء و المتعلمين سوى جمع بعض المال و الحصول على موقع و شهرة و شهوة و آلغالبية من الناس بات همّهم الحصول على لقمة خبز لدرأ الموت!

و سأقدم تمهيدأً عن العصور التأريخية مراعاةً لأصول البحث العلمي و الاكاديمي لتكون مدخلاً آمناً لتفاصيل الجواب عن السؤآل المطروح.

و عزائي .. هو أنني لا أستطيع أن أقرّر الصلاح في هذا العصر بدل الناس بما فيهم الفقهاء و المفكرين و المثقفين الذين يعتقدون بأنّ مواقفهم و ذنوبهم تخصّهم و لا علاقة لها بآلآخرين, و أحسّ أيضاً في المقابل بأنّ الله تعالى ساكتٌ عنهم!

كما يُرافق حيرتي .. ألتّحجيم و التّكتم الشّديد من قبل أصحاب هذا العصر(عصر ما بعد المعلومات) على حقيقته بألوان الطيف الكاذبة؛ بجانب إنشغالي في العلاج الخاص الذي يأخذ مني وقتاً طويلاً كلّ يوم, يُضاف لذلك مراسيم شهر (محرم الحرام) الذي سيكون فلسفتهُ بآلمناسبة فصل الختام لحلقاتنا الجوابية التي نعرضها في حلقات إن شاء الله, لذلك أعتذر عن التقصير و آلتأخير!

و سأبذل ما أمكنني من البحث و الجّهد للجواب على السؤآل المصيري الذي عجز عن جوابه الأكاديميّون و المثقفون و الكتاب و العلماء خصوصا المراجع التقليديون لصعوبة الحصول على المصادر و الحقائق و آلوقائع, و أنْ كانَ جوابهُ قد يُكلّفني حياتي و تأريخي مع عائلتي المنكوبة .. فلم يعد يطيب لي العيش وسط المعذبين الذين يجهلون الحقيقة لغفلتهم عن الحقيقة التي لا يعلمها سواي!

إنّ عصرنا هذا .. هو (عصر ما بعد المعلومات)(2) و قد بيّن (الأستبيان) العلميّ الذي أجريناهُ بطرح السؤآل المصيري(3) من خلال (كَوكَل) و معظم المواقع و الرّوابط المعروفة بجانب الرّسائل الخاصة على أمتداد شهرين متوالين و لأكثر من 10000 آلاف عالم و مثقف و أعلامي و رئيس و وزير؛ بَيّنَ للأسف أنّ معظمهم – إن لم أقل جميعهم – مع كل المثقفين و المفكرين و الأكاديميين و العلماء و مراجع الدِّين في العالم يجهلون حتى (إسمهُ) و حقيقته, و ما تمّ التخطيط لهُ من قِبَلِ رُوّاده في المنظمة الأقتصادية العالمية, الذين تسلّطوا على النّاس بآلمال و الأقتصاد و الشركات الكبرى و البنوك و بورصات المال و الذهب و الطاقة بغطاء و نهج (الديمقراطية المستهدفة) التي خذلت و إستحمرت الناس بشكل رهيب و سلبتْ حقوقهم و سعادتهم كصفحة ربما هي الأخيرة من صفحات آلظلم والتسلط و المحنة التي مرّتْ على البشرية خلال العصور التأريخية المختلفة!

بل و أصبح الجميع يتقدمهم للأسف (المفكرون و العلماء و من حولهم)؛ جزءا ًمن المحنة التي المحنا لمخاطرها في الحلقة الأولى(4) لفقدانهم إلى حلقة الأتصال بهذا آلزمن المعنيّ الذي سبقهم بأكثر من جيل بسبب التشويش و الأعلام الموجّه الذي يقلب الحقائق و الوقائع .. فَشَلّتْ مسعاهم و حركتهم و تشوّهت أفكارهم و لم تًعُدْ كلماتهم و كتاباتهم تُؤثّر في النّاس لفقدان المصداقيّة و إختلاط القيم و تشوّه ولايتهم و توجهاتهم و الحقائق و المسائل في تفكيرهم و رؤيتهم للواقع فتعاظمت مقابلها أنّيتهم معلنين إستسلامهم بشكل طبيعي لأصحاب (عصر ما بعد المعلومات) مقهورين لا حول و لا قوة لهم إلا بهم, مع سباق مفرط للأحزاب و الجماعات و الحكومات بمعيّة النُّخبة لقبولهم كخدم و عملاء للبقاء و العيش يوم آخر في نعيمهم, و تجنب الموت الأصفر الذي أحاط بهم و بآلناس و هم يستشعرونهُ من قرب بعد ما صار منهم قاب قوسين أو ادنى!

و عين المأساة تكمن .. حين تصبح النّخبة و (دّعاة الحقّ) مُزيّفيين و منافقين و كاذبين و مصدراً للفساد و المحن؛
فماذا يُمكن أن يكون عليه حال و وضع الناس و مستقبلهم مع هذا الوضع!؟

هذه هي النقطة الجوهرية التي بدأت تشغل بالي منذ أحساسي الذي راودني قبل أكثر من ربع قرن, حتى أتعبني و بتُّ عليلاً ساهراً الليالي, فاقداً للأمن و الراحة, ينتابني أحياناً القلق مما خطط له أسياد هذا العصر, لذلك ضعفت و أُرهقت و لم أزل في سن الشباب, و أُصبْتُ بمرضٍ عضال بل أمراضٌ ما زلتُ أعاني منها!

و آلمُؤسف ألأليم أنّ مُدّعي ألأصلاح و آلفكر و حتّى الدِّين؛ هو أنّهم مع كلّ هذا الزيف و آلفساد و آلعمالة و آلأرهاب ما زالوا يلهثون على المواقع و الشهوات لتأمين مستقبل عوائلهم؛ و يَحسبون أنّهم يُحسنون صنعاً!؟
بل بعضهم لجأ إلى أحضان أصحاب عصر (ما بعد المعلومات), طالباً العون و اللجوء منهم في مراكزهم بلندن و لوس أنجلس و سنتياكَو و غيرها!

و الأسوء .. الأسوء المخيف الذي لاحظته في هذا الوضع الخطير, هو؛

أن ساداتهم و "مراجعهم" مع دُعاة "الثقافة و الفكر" أنفسهم ليسوا فقط يتكلمون و يتباكون على الحسين(ع) و على المظلومين, بل باتوا جزءاً من هذه المحنة الكبيرة و سبباً في تعميق الجراح؛ هذا على الرغم من إنتقادات جزئية من بعضهم لذلك الوضع أحياناً بإستحياء و خجل لوجود بقايا ومضة وعي في وجدانهم!

من جانب آخر تشوّه الدّين و فلسفة (العدالة) رغم بيانها من قبل الله سبحانه و تعالى في الكتب السماوية و على لسان 124 ألف نبي و بقدرهم من الأوصياء مع ملايين الشهداء, بعد ما تحجّمَ بسببهم دعوة السماء لتحقيق أهداف محدودة و مصالح آنية, حتى برزت في مجتمعاتنا أزمات و معوقات قاهرة و أوضاع مأساوية يصعب حلّها أو الخروج عنها .. لأنّ الفاعل سرعان ما يخسر تأريخه و قد يتعرّض للموت بتهمة الكفر و الزندقة و محاربة الله, تلك السننن التقليدية و الأعتبارات التي يحميها (الدِّين) التقليدي أحالت الناس إلى مجتمعات مستهلكة؛ مستعمرة؛ تعاني الأمراض البايلوجية و السّايكلوجية؛ و كأنهم (يعيشون مع الأموات) كما عبّر عنه الصّدر الأول(5), و ربّما الفرق الوحيد بينهم و بين الأموات هو أنهم ما زالوا يتحركون فوق الأرض و لم يُدفنوا مع الموتى!

ثُمَّ .. ماذا يُمكن أن ينتج تمسّكهم بظواهر آلآيات و كلّ قديم و سُنّة من دون معرفة أسباب و فلسفة نزولها و حدوثها و جوهرها و غايتها خصوصا في الجانب الحقوقيّ و العدالة الأجتماعية .. و كذلك تحقيقها عمليّاًّ على صعيد الحكم بين الناس من قبل المدّعين للفقه و الفكر و هو آلأهمّ الذي بدونه تفقد ألرّؤى و النّظريات معانيها, و لا تَعُدْ سِوى موضوعات و مجالس للعزاء و للترفيه الفكري, و كما هو حال جميع مجالس الأمام الحسين(ع) اليوم في بلادنا المنكوبة!؟

كما لا جدوى من التأكيد على الفروع من دون الأصل؛ و التأكيد على الظاهر من دون الجّوهر؛ و على الشكل من دون المضمون؛ و إحياء المناسبات خصوصاً المفصلية منها كثورة الأمام الحسين(ع) و وليدتها الثورة الأسلامية المعاصرة من دون وعي و دراية بأهدافها و فلسفتها و قوانينها و أبعادها و حتى أساليبها و وسائلها الشرعية!؟

فما أسهل مع ذلك التسطح الفكري المخيف المحكوم بدين شكلي تقليدي مزوّر؛ جعل الناس قطيعاً من الأغنام المسلوبي الأرادة, فاقدين للوعي و العقل و لـ (جوهر) الوجود و المعتقد ألسّماوي في وجودهم!

ذلك (الجّوهر) النفيس الذي يُؤكّد فطريّاً على المحبة بين الناس و العدالة في تقسيم الثروات و الخيرات و العلوم أولاً و قبل كلّ شيئ مع التواضع, آلذي بعكسهِ يسبّب إشاعة الأرهاب و الفساد و الظلم و العنف!؟

ذلك (الجوهر) العظيم الذي أراده الله تعالى أنْ يكون محوراً للدِّين لتقويم حركة المجتمعات و حضارتهم و سعادتهم في الدارين!؟

فآلعقل الفقهي التقليديّ ألمُجرّد الذي بدى منذ قرون يستمدُّ حيويتهُ في البحث لِكلّ فرعٍ عن أصلٍ لكلّ جديد عن قديمٍ يُقاسُ عليه بآلأعتماد على النّصوص؛ قد فَشَلَ في آلخلاص للأستمرار و مواكبة الزمان و المكان إعتماداً على القديم غير المؤصّل أصلاً, ناهيك عن أسانيدهِ و مدى صحتهِ و توافقهِ مع القرآن الذي هو الأساس و الأصل المكنون الذي ما زال غامضاً على عقولهم, هذا إن لم يكن مُحرّفاً!

و ذاكَ شيئٌ طبيعيّ حينَ لا يعرف الفقهاء إلى الآن الفرق بين التفسير (الموضوعيّ) و التّفسير (التجزيئيّ) رغم آلتفصيلات الكثيرة التي عرضها الفلاسفة الكبار أمثال (محمد باقر الصدر)(6), الذي كلّفته تلك البيانات حياته و تأريخه حين صدر أمر إعدامه من قبل الفقهاء التقليديون قبل آلطغاة الحاكمين.

لأنّ الفقهاء لو كانوا يدركون معاني ربع مفاهيم القرآن بجانب الأصل الذي يتحرك مع كلّ آية من آياته و هو (التوحيد)؛
لما كان وصل حالهم إلى ما هُم عليه الآن, حين لم يُفسروا سوى (500) آية منه فقط , تختصّ بآيات الأحكام المعروفة!

و هكذا فأنّهم .. بَدَلَ التّقدم ؛ تأخروا؛ بَدَلَ مواكبة الحقّ؛ واكبوا الباطل و وقفوا ضدّ الحقّ؛ بَدَلَ توحيد الله جعلوا لأنفسهم عدّة آلهة في الواقع العلمي رغم تكرار قولهم في الصلاة (أشهد أن لا إله إلا الله)؛ بَدَلَ تحقيق العدالة كرّسوا الباطل, ليكونوا في النهاية جزءاً من المشكلة بَدَلَ الحلّ!

أما الخلاص ..
من هذا الوضع و آلشفاء من العقد و الأوبئة و المصير الأسود الذي حدّدهُ رواد عصر ما بعد المعلومات؛ فأنّهُ مرهون بوعي الطبقة المثقفة و العلماء و الدّعاة المتطلعين و السّعي لغرس أسس و جذور العدالة الأنسانيّة و التي تنبذ و تنفي أوّل ما تنفي (الطبقيّة) التي بُنيتْ على أساس آلظلم و الفروق الأجتماعيّة و تحدّدت من خلال (السّلطة) و مقدار (المال) و نقاط ألـ (الكريدت) الأعتبار على أساس نظام رأسمالي مقيت, باتَ يُهدّد مصير الأكثريّة المحكومة بآلمنظمة الأستكباريّة الأقتصاديّة التي أوجدتْ تلك الفوارق اللاإنسانيّة بعد ما سيطرت بـ (الدّيمقراطية المستهدفة) الموجّهة بمال و بنوك و إقتصاد العالم و بحماية الجيوش و الصّواريخ و الطائرات و الأحلاف الدّولية و العالمية!

و ذاك الأصل و الهدف الأكبر لا يتحقق بالأنقياد خلف سياسات تلك (المنظمة الأستكبارية)؛ كما لا يتحقق بآلأنقياد للفقهاء التقليدين؛ و لا الأكاديمين الفاقدين في فلسفتهم للأصل – العدالة – و التي كانت مفقودة على مدار الأزمنة و المراحل التي مرت على البشرية, و التي عدّها المؤرخون بسلسلة التطورات الطبيعية و آلأنسانية التأريخية, بل يتحقق من خلال التواضع للناس .. كل الناس و الأرتباط بحب الولاية التي يمثلها أهلها.

و إن تلك التطورات الطبيعية و الأنسانية و التأريخية بدأت بحسب أعتقاد العلماء الكونيين من زمن آدم(ع), ثمّ توالت التطورات شيئا فشيئا حتى وصل الحال إلى يومنا هذا.

و هناك أربعة تقاسيم إجمالية عامّة للعصور التأريخية, و هي:
ألعصور الماقبل التأريخية,
ألعصور القديمة.
العصور الوسطى.
العصور الحديثة.

و آلعصور (ألما قبل التأريخية)؛ هي سلسلة عهود مرّت على البشرية, بدءاً بالعصور الجليدية ألأولى ثمّ الثانية : و تمتد إلى مليارات السنين الضوئية و يُقدرها العلماء بأربعة عشر مليار و نصف المليار سنة ضوئية, أي عند بدء الأنفجار الكبير أو ما سمي بـ (البك بن).

و هو بداية عمر الكون, و ظهور المجرات و منها مَجرّة درب التبانة التي تضم كوكب الأرض, بحسب نظرية البك بن(7).
و قد سبقت التاريخ المسجل و المدوّن، و يقسّم العلماء هذه الفترة في تاريخ الإنسان إلى 3 عصور رئيسة تحمل أسماء المواد الحديثة المستخدمة و المشتهرة خلالها، وهي:
العصر الحجري,
والعصر البرونزي,
والعصر الحديدي.

وهذا النظام يُسمّى نظام العصور الثلاثة, و يستخدمه علماء الحفريات و الإنسان في تسجيل و تأريخ آثار أبكر حضارات مشت على سطح الأرض، و معرفة التفاصيل عن أنظمة هذه العصور أصعب ممّا يبدو .. لعدم وجود تسجيلات أو مدوّنات في تلك الفترة التاريخية.
العصر الحجري:
العصر الحجريّ؛ هو فترة من عصور (ما قبل التاريخ) استخدم فيها الإنسان أدوات حجرية للصيد و لأوّل مرّة في تاريخه، و لم يستعمل اجدادنا حينئذ الحجارة في صنع الأدوات فحسب، بل استعمل أيضاً في صنع الأسلحة و أنظمة الدّفاع، و رغم الاستفادة من العظام (عضام الحيوانات) في وقت متزامن، إلا أنّ الغالبية العظمى من آلآثار و التحف المكتشفة من هذا العصر مصنوعة من الحجارة، و ذلك بسبب حدّتها و صلابتها و مقاومتها، و لم يعلموا عن الفلزات شيئاً في ذلك العصر الذي إستمر حوالي2 إلى 5 مليون سنة، و ينقسم إلى ثلاث أقسام رئيسية:
العصر الحجري القديم؛ الذي بدأ مع ظهور الإنسان على سطح الأرض واستمر حتى 10000 عام ق.م، و كان يعتمد الإنسان في هذا العصر على التنقل من مكان إلى مكان آخر من أجل العيش و الصيد، و تعلم و قتئذ إشعال النار.

العصر الحجري الحديث؛ الذي بدأ قبل 10000عام و استمر حتى 4000 عام ق.م، و ظهرت خلال هذه القترة أعمال الخزف والنجارة والنسيج.

عصر المعادن؛ الذي بدأ قبل 4000ق.م، و هو الفترة الانتقالية ما بين العصر الحجري و العصر البرونزي عندما تعرّف الإنسان على المعادن.

العصر البرونزي؛
العصر البرونزي هو عصر ظهور علم الفلزات و صهر المعادن خصوصا النحاس لأول مرة في تاريخ الإنسان، و بدأ هذا العصر أولا في الشرق الأدنى حوالي 3000 عام ق.م, و انتقلت المعرفة إلي أوروبا بعد ذلك بقرنين. في الواقع لم تشهد مناطق إفريقيا الجنوبية عصر برونزي وقفزت المجتمعات هناك من العصر الحجري إلى العصر الحديدي، واستمر العصر البرونزي حتى القرن التاسع قبل الميلاد، وتعلم البشر خلال هذه الحقبة كيفية صهر أملاح النحاس مع الفحم النباتي ليصنع البرونز، ثم إعادة تشكيل المعدن الجديد ليصنع الأدوات والأسلحة. وبالإضافة إلى تحسين التكنولوجيا الجديدة خلال العصر البرونزي ظهر لأول مرة أنظمة الكتابة في كثير من أقاليم الأرض.

العصر الحديدي؛
العصر الحديدي هو الفترة في العصور التاريخية برز فيها استعمال الحديد في صناعة الأدوات والأسلحة وآخر العصور الرئيسية في نظام الحقب الثلاث. وبالرغم من اختلاف بداية العصر الحديدي من منطقة إلى منطقة عموما يعتبر أنه بدأ في القرن الثاني عشرة قبل الميلاد، واستمر حتى ظهور السجلات المكتوبة. وجاءت مع بداية العصر الحديدي جرار وسيوف وزخارف شخصية على كل أنواعها، وكانت أكثر تزيينا وزخرفة مما كانت خلال العصور السابقة، وذلك بسبب المهارات الجديدة عند عمال صهر المعادن. وازدهرت خلال هذه الفترة حضارات عظيمة وإمبراطوريات فاتحة مثل الإغريق والرومان بفضل التكنولوجيا الجديدة ووجود أبرز علماء العالم وقتئذ داخل حدود هذه الحضارات العظيمة، واستمر العصر الحديدي في بعض أنحاء العالم حتى عام 500 بعد الميلاد وبداية العصور الوسطى.

أما بداية ظهور الأنسان الحالي الذي تمّ تدوين تأريخه, فيقدر بحدود عشرة آلاف سنة(8)؛
و هو العصر الذي ظهر فيه الأنسان(8000 ق.م) و يتناسب مع بداية هبوط أبينا آدم(ع) إلى الأرض, بعد حوادث مؤلمة صاحبت خلقه و إعتراض الشيطان على ذلك, مع بعض الممارسات التي حدّدت مصير البشرية و التي نتجت عن هبوط آدم للأرض, و يصنف تلك الفترة ضمن (حضارة الأنسان البدائي), أو ما سمي بـ (أولدون).

و عموماً يُصنّف المراحل الكلية التي مرّت بها تأريخ البشرية من زمن آدم(ع) و إلى الآن إلى:
العصر الحجري الحديث (3500 ق.م إلى 8000ق.م), و إشتهرت بعصر الرّعي, مع بدايات لعصر الزراعة.
التأريخ القديم (3500ق.م 476م), و هو عصر الثورة الزراعية بجانب الحيوانية, مع بروز حضارات عديدة بدأت بوادي (الرافدين) و (فارس) و(مصر) و (الأغريق) في فترات متقاربة نسبياً, ثم الحضارة (الفينيقية) و (الرومانية) و (الصينية) و (الهندية).
التأريخ الوسيط (476م 1492م), و خلالها بدأت الحضارة الأسلامية مع بعثة الرسول(ص).
التأريخ الحديث (1492م 1789م). ظهور الحضارة الغربية و العثمانية و بدء النهضة الأوربية و الأكتشافات الجغرافية, حتى الثورة الصناعية.
التأريخ المعاصر, من (1789م إلى الآن)؛ بدأت فيها الثورة الفرنسية؛ الحروب الأمبريالية و الصليبية بجانب جائزة نوبل كرد على أكتشاف مادة التي إن تي الشديدة الأنفجار و التي أستخدمت لصنع الأسلحة المدمرة؛ ثم بدء الحرب العالمية الأولى و الثانية؛ الحروب العربية و الأسرائلية؛ الثورة الأسلامية؛ رافقتها الحرب الباردة بين المعسكرين؛ غزو الفضاء و بدء عصر الأقمار الصناعية و الصواريخ العابرة للقارات؛ ثم عصر (كوكل) و (الفيس بوك) و (تويتر) و (آلأينستوكرام) و (وكبيديا), و التي سبّبتْ دخولنا في (عصر المعلومات), خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي(العشرون)!

لكن الذي ظهر .. أو كان موجوداً بآلأحرى بدون علمنا .. قبيل دخولنا الألفية الثالثة مع بدايتها التي نعيش نهاية عقدها الثاني الآن؛ هو زمن جديد سُميّ بـ (عصر ما بعد المعلومات)!
و هناك سببٌ رئيسي لهذه التسمية سنُبيّن تفاصيلها في الحلقات القادمة إن شاء الله.

العصر الحديث:
و يُمكننا تقسيم العصر الحديث نسبياً مع المعاصر؛ إلى مراحل أكثر تفصيلاً, نسبةً إلى أهمّ و أكبر إكتشاف علميّ برز فيه خلال حقبة زمنية أو أقل من ذلك, و يمتد من عصر النهضة عام 1789م, ثم الفترات اللاحقة التي صادفت توسع العلوم و الأكتشافات بشكل كبير و سريع و ملفت للنظر و هي:
عصر النهضة.
عصر التنوير.
عصر الثورة الصناعية.
عصر البخار
عصر الذرة
عصر الأقمار الصناعية.
عصر السرعة.
عصر الكومبيوتر.
عصر المعلومات.
و أخيراً .. عصر ما بعد المعلومات, و هو العصر الذي بدأ قبل ثلاثة عقود تقريباً, و لكنه كان خافياً لأسباب إقتصادية ؛ إستعمارية, سنشير لها لاحقا.

الملاحظة الأساسية في كلّ العصور المذكورة أعلاه, و آلتي يُفصّلها البعض إلى عصور أدق و أكثر تفصيلاً؛ هي أنّها تميّزتْ بوجود فواصل زمنية كانت تقصر و تدغم كلما إمتد الزمن أكثر و تطورت العلوم و تداخلت النظريات مع بعضها, ففي العصور الأولى الماقبل التأريخ, يُلاحظ أنّ كلّ فترة زمنية(عصر) إمتدت إلى آلاف الملايين بل المليارات من السنين الضوئية, و لكن مع بدء العصور البدائية تقلصت الأزمنة .. لتتحدد بآلاف السنين و هكذا .. كآلعصور التي نزلت فيها الرسالات(الأديان) السماوية خصوصا الرسالات الأساسية الثلاثة, أمّا العصور الما قبل الحديثة و التي بدأت بآلتنوير و النهضة ثم البخار و غيرها؛ فقد إمتدّت لقرن أو حتى أقل!

أما العصور الحديثة و التي بدأت بعصر النهضة, فقد تحدّدت الفواصل الزمنية فيها بعدّة عقود فقط لكلّ مرحلة, ممّا يُدلّل على الأنفجار العلمي و الصّناعي و التكنولوجي و الأحصائي و المعلوماتي الهائل و اللامحدود الذي كان له دوراً بارزاً في تحديد و تقليص ذلك!

فكلما إمتد الزمن و تطور عقل الأنسان و زاد سعيه و تداخلت العلوم مع بعضها؛ زادت الأختراعات و الأكتشافات و هي تدعم بعضها بعضاً .. فسببت إختزال الفواصل الزمنية بشكل كبير و سريع و شبه سنوي أو حتى شهري و إسبوعي و يوميّ!

أمّا (عصر ما بعد المعلومات) فهو اصل مبحثنا و سنزكز الحديث عنه بشكل مكثف جهد الأمكان في الحلقة القادمة, لكون مراحله تختلف عن العصور السّابقة كمْاً و كيفياً و إتّجاهاً, و حتى من ناحية المرتكزات و الوسائل و آلأهداف السّتراتيجية المنظورة, و سنتحدث عنها لاحقاً إن شاء الله, رغم ندرة المعلومات, مع إنه موضوع واسع و متشعب و خطير في نفس الوقت, و تحتاج لكتابة صفحة واحدة عنه مراجعة و قراءة أكثر من ألف كتاب و مصدر و بحث و تحقيق, مع إمكانية تعرضنا للخطر.
و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم.
عزيز آلخزرجي / تورنتو كندا
5/10/ 2016م. المصادف لـ 1 محرم 1438هـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كان السؤآل عن إسم هذا العصر و ما تمّ التخطيط له من قبل المستكبرين في العالم حول مصير البشرية, للتفاصيل عبر:
https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2016/10/01/417563.html
Postmodernism (2) تقول الدكتورة (ماري كلاجس) عن :
[Postmodernism is a complicated term,´-or-set of ideas, one that has only emerged as an area of academic study since the mid-1980s. Postmodernism is hard to define, because it is a concept that appears in a wide variety of disciplines´-or-areas of study, including art, architecture, music, film, literature, sociology, communications, fashion, and technology. It s hard to locate it temporally´-or-historically, because it s not clear exactly when postmodernism begins.].
للمزيد من التفاصيل عبر: http://www.bdavetian.com/Postmodernism.html
Dr. Mary Klages, Associate Professor, English Department, University of Colorado, Boulder
http: http://www.colorado.edu/English/ENGL2012Klagespomo.html https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2016/10/01/417563.html(3) للتفاصيل عبر:
http://www.nasiriyah.org/ara/post/73072(4) للتفاصيل عبر:
(5) راجع كتاب (المحنة) المحاضرة الثانية التي ألقاها الفيلسوف على طلبة البحث الخارج في سبعينيات القرن الماضي .
(6) راجع كتاب (التفسير التجزيئي و الموضوعي للقرآن الكريم) للفيلسوف الفقيه محمد باقر الصدر.
(7) راجع مؤلفنا؛(أسفارٌ في أسرار الوجود),4 أجزاء.
(8) للمزيد من التفاصيل؛ راجع نفس المصدر السابق.



#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأساة الحسين(ع) بين جفاء الشيعة و جهل السنة
- السعودية تعيش أنفاسها الأخيرة
- همسات فكر(102)
- أين الحقّ
- همسات فكر(100) تعريف الثقافة
- الديمقراطية وهم إعلامي
- همسات فكر(87)
- الشعوب و القصور في الألفية الثالثة
- الطاقة النووية العراقية
- لماذا لا يستقر العراق؟
- الصدر و دعاة اليوم(10)
- الصدر و دعاة اليوم(6)
- الصدر و دعاة اليوم(5)
- الصدر و دعاة اليوم(3)
- هل بقيت شرعية لمجلس النواب!؟
- هل بقيت شرعية للبرلمان العراقي؟
- همسات فكر(70)
- أصول التكنوقراطية الأسلامية
- مؤشرات التناحر بين الفاسدين
- همسات فكر(60)


المزيد.....




- بيسكوف: نرفض أي مفاوضات مشروطة لحل أزمة أوكرانيا
- في حرب غزة .. كلا الطرفين خاسر - التايمز
- ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم -كروكوس- الإرهابي إلى 144
- عالم فلك: مذنب قد تكون به براكين جليدية يتجه نحو الأرض بعد 7 ...
- خبراء البرلمان الألماني: -الناتو- لن يتدخل لحماية قوات فرنسا ...
- وكالة ناسا تعد خريطة تظهر مسار الكسوف الشمسي الكلي في 8 أبري ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 795 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 17 ...
- الأمن الروسي يصطحب الإرهابي فريد شمس الدين إلى شقة سكنها قبل ...
- بروفيسورة هولندية تنظم -وقفة صيام من أجل غزة-
- الخارجية السورية: تزامن العدوان الإسرائيلي وهجوم الإرهابيين ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز الخزرجي - عصر ما بعد المعلومات(الحلقة الثانية)