أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - ليبرمان ينظّر ودحلان ينفّذ















المزيد.....

ليبرمان ينظّر ودحلان ينفّذ


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 5326 - 2016 / 10 / 28 - 14:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أثارت المقابلة التي اجرتها صحيفة "القدس" المقدسية مع وزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان ضجة اعلامية كبيرة داخل المناطق المحتلة وفي اسرائيل. الفلسطينيون انتقدوا الصحيفة لمجرد اجراء مقابلة مع مسؤول اسرائيلي وتحديدا مع شخصية متطرفة وعنصرية، بإعتبار ليبرمان مستوطنا يسكن في احدى المستوطنات جنوب الضفة الغربية. اما وفي اسرائيل عبرت شخصيات من المعارضة عن إنتقادها الشديد لمضمون المقابلة نفسها التي استخدمت من قبل ليبرمان لرمي سهم ذو رأسين باتجاه رام الله وغزة بشكل متزامن. ما اثار غضب اليسار الصهيوني كان موقف ليبرمان السلبي من ابو مازن من ناحية وإستعداده للمساومة مع حماس من ناحية أخرى. ففي الوقت الذي شطب دور ابو مازن كشريك للعملية السلمية فهو يقترح على حماس الميناء والتعاون الاقتصادي في حال وقفت المقاومة المسلحة.
ورغم المواقف المتباينة حول مشروعية اجراء المقابلة مع شخصية مثل ليبرمان الا ان مضمونها يحمل قيمة صحافية من الدرجة الاولى لأنها تكشف وبشكل واضح نية وزارة الدفاع الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية وقطاع غزة، فالموقف الذي عبرت عنه المقابلة يمثل موقف الحكومة الإسرائيلية الرسمي سوى في الأجوبة التي عمّد ليبرمان على توضيحها بانها رأيه الشخصي فقط مثل موضوع نقل مدينة أم الفحم الى السلطة الفلسطينية. ولم يكن ما يقوله ليبرمان مجرد "بروباغندا" بل سياسة رسمية يتم تطبيقها على ارض الواقع، ففي الوقت الذي يصرح نتانياهو بانه مستعدًا للقاء ابو مازن دون شروط مسبقة فهو يشطبه تماما كشريك للتفاوض بل ويقوم بكل مناسبة بضرب مصداقيته مثل ما عمل في الفترة الاخيرة عندما شارك ابو مازن في مراسم جنازة شمعون بيريز.
اما وفي ما يتعلق حركة حماس فأقوال ليبرمان بانه ليس لإسرائيل أي نية لإعادة إحتلال قطاع غزة بل هي مستعدة للوصول مع حماس الى إتفاق ينص على "الميناء مقابل السلام" اصبحت سياسة مطبقة على الارض الواقع. فمن خلال المصالحة مع الرئيس التركي اردوغان تم التطرق الى حصار غزة وتواصلا الطرفان لاتفاق يسمح بموجبه لتركيا بإدخال مواد غذائية، مفاعل لتحلية المياه وغيرها من المواد لتسهيل حياة المواطن الغزي. ان ممارسة الضغط على غزة من قبل النظام المصري الذي أغلق معبر رفح من ناحية وتحول اردوغان نحو بوتين ونتانياهو من الناحية الاخرى، لم يبق لحماس خيارات كثيرة سوى التأقلم مع الظروف التي تمليها موازين القوى الراهنة. ان الإنقسام بين فتح وحماس كان بلا شك اكبر هدية للاحتلال، فرسخ كيانين سلطويين مستقلين ذوا اهداف مختلفة تماما، فحماس انشأت إمارة إسلامية بينما فتح لا تهدف سوى تقليد النظام العربي ما قبل الربيع العربي، نظام فاسد، ديكتاتوري، يتمتع به المقربين من السلطة بكل شيء وبقية الشعب بلا شيء.
وإذا كان وضع قطاع غزة محسوما بالنسبة لإسرائيل بمعنى ان لا طموح لها في اعادة الحكم عليها، وسلطة حماس محاصرة من كل ناحية فمصر والسلطة في رام الله تضيق الخناق عليها في الوقت الذي تركيا وقطر تتعاونان مع اسرائيل في عملية اعادة بناء ما تم تدميره في الحرب الاخيرة، فالأمر يختلف تماما بنسبة للضفة الغربية. إسرائيل لها طموحات كثيرة بها، فهي تريد ادامة استيطانها ولا ترى في المستقبل دولة مستقلة بل شبه حكم ذاتي يعيش بجوارها. ولكن وبعد تجربة طويلة وصلت المؤسسة السياسية الحاكمة في اسرائيل الى الاستنتاج بإن ابو مازن لا يمكن ان يوافق على خطة من هذا القبيل ولسبب واحد وحيد وهو انه ضعيف سياسيا ومصداقيته تدهورت الى أسفل مستوى. واكبر دليل على مكانة فتح المتهاونة هو إلغاء انتخابات البلدية التي كان من المفروض اجرائها هذا الشهر وهذا بعد ان اتضح بان حماس ستشارك فيها وبقوة واحتمال نجاحها بات كبير جدا.
ولم يكتف ليبرمان بشطب ابو مازن بل ودعا في المقابلة نفسها بشكل صريح على استبداله وعندما سُئل عن من يقصد فقال انه يوجد كثير من المثقفين الفلسطينيين الذين تعلموا في امريكا ويفضلون الشراكة مع اسرائيل على الشراكة مع حماس. وبهذا يكشف ليبرمان وبشكل صريح ان على من سيخلف ابو مازن ان يختار بين اسرائيل وبين حماس او بكلمات اخرى عليه ان يكون مستعدًا لإقامة كيان منفصل عن غزة في الضفة الغربية حسب الشروط الاسرائيلية وهي النمو الاقتصادي مقابل التعايش مع الاستيطان. ان ليبرمان لا يتكلم من خياله بل كمسؤول امني ملم فيما يحدث وهو يدرك عمق الإنشقاق بين فتح وحماس ولكن يعرف ايضا ان حركة فتح نفسها تمر ازمة داخلية كبيرة فهي منشقة على اكثر من تيار في ظل الانشقاق الكبير بين ابو مازن والنائب المفصول محمد دحلان.
وقد وصل هذا الانشقاق بين انصار ابو مازن ودحلان الى حد الاشتباكات مثل ما حدث في مخيم الأمعري للاجئين برام الله على خلفية فصل قيادات في فتح بتهمة ولائهم لمحمد دحلان. ان اقوال ليبرمان مدعومة ليس بمجرد موقعه كالسيد المطلق على ما يحدث في الضفة الغربية بموجب منصبه بل من قوى اقليمية هامة وعلى رأسها مصر، والامارات والاردن التي تتدخل بشكل مباشر ليس لإنهاء الانقسام بين فتح وحماس بل لمعالجة الانقسام داخل فتح نفسها. في هذا الصدد عقد في مدينة "العين السخنة" المصرية على شاطئ البحر الاحمر مؤتمر عقده المركز القومي لدراسات الشرق الاوسط الذي يرأسه اللواء المصري احمد الشربيتي بعنوان "مصر والقضية الفلسطينية وانعكاس المتغيرات الاقليمية على القضية" الامر الذي استقبل بالغضب من قبل فتح التي رفضت المؤتمر وما قد يتمخض عنه. واعتبر المتحدث باسمها أسامة القواسمي «المؤتمر باطلا وغير شرعي وتدخلا مرفوضا في شؤون الحركة» ما يشير إلى أن فتح تخشى أن يكون وراء هذا المؤتمر محمد دحلان عضو اللجنة المركزية لفتح المفصول، مثل ما افاد الخبر.
ان ادانة ابو مازن "للتدخلات الخارجية بشؤون فتح" ليست لها مصداقية كبيرة كونه استقوى بمصر، والاردن وحتى اسرائيل في صراعه مع حماس ويسهم بشكل فعال بتضييق الخناق عليه بكل الوسائل الممكنة. وربما لهذا السبب تفضل ابو مازن عند السلطان التركي، وزار أنقرة قبل أيام في محاولة لتجنيد تركيا لصالحه بعد ان بردت العلاقة مع نظام السيسي الذي يرى الامن المصري مربوطًا بمحمد دحلان. فدحلان نشأ كرئيس الامن الوقائي في غزة وكانت له علاقات وثيقة مع جهاز الامن الاسرائيلي والسيطرة على احتكارات عدة بينها استيراد الوقود الى غزة تحت عين وقبول من قبل الاحتلال. ان ما بدأ كانشقاق بين فتح وحماس تحول الى تمزق يشمل الساحة الفلسطينية برمتها التي تلعب اسرائيل بمشاركة الدول العربية دورها في فرض بديلًا مريحًا لها بعد ان تنتهي حقبة ابو مازن.
من لا يريد ان يقرأ المقابلة مع ليبرمان فهو يدفن رأسه في الرمل ومن يستمر في الدعوة العبثية لإنهاء الانقسام بين حركتي فتح وحماس عليه ان يدرك ان القطار قد ترك المحطة من زمن بعيد. الساحة السياسية الفلسطينية تحطمت الى شظايا، الانقسامات تخترق كل التيارات السياسية والسبب هو فقدان البوصلة والبرنامج. ان الصراع اليوم ليس على مبدأ بل على السلطة، فلا احد يفكر كيف ممكن التخلص من الاحتلال بل كيف ممكن استغلال الوضع الراهن لمصلحته وكل الوسائل لذلك مشروعة. ان المأساة الفلسطينية لا تكمن بفقدان الإستعداد للتضحية – إذ يكشف الشباب الفلسطيني يوميا عن رفضه للوضع القائم ورغبته بنيل الحرية. إن الأزمة تعود اذن الى غياب القيادة الملائمة التي تعرف كيف تجمع كل هذه الطاقة النضالية وتوجهها بشكل صحيح في مواجه ليبرمان وامثاله.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شمعون بيريز ابن الأم العربية
- الأسد يقاوم في الجولان
- سامح شكري في أورشليم
- المثلث المقدس: نتانياهو، اردوغان وبوتين
- عملية تل أبيب وأبطالها الثلاثة
- نتنياهو يغمز يساراً ويتجه إلى اليمين
- حلب تحدد الهوية
- نداء استغاثة أخير
- لو لم تكن داعش موجودة لاخترعوها
- رثاء لحل الدولتين
- ربيع المعلمين الفلسطينيين
- المسافة بين أوسلو وجنيف
- نتنياهو قلق من انهيار السلطة الفلسطينية
- إسرائيل: الحملة ضد -المندسين- في الداخل
- العنصرية في العفولة والعادات والتقاليد
- الإرهاب يرهبنا
- هبّة الأقصى تعمّق الفراغ السياسي
- الأقصى في خطر شعار وبرنامج
- الكارثة السورية سياسية بامتياز
- الحزن يغمر الرياض وتل ابيب


المزيد.....




- رغم الهدنة.. الحوثيون يهددون باستهداف بوارج وسفن أمريكا في ه ...
- الحرب بين إيران وإسرائيل.. هجمات جديدة وتداعيات وردود فعل
- غزة: 12 قتيلا بنيران إسرائيلية معظمهم قرب مراكز توزيع مساعدا ...
- صور للجزيرة تظهر تمركز قاذفات بي-52 في قاعدة دييغو غارسيا
- مختص بالشأن الإسرائيلي: تذمر من الحرب وبوادر مساءلة يتوقع ات ...
- مدير مكتب الجزيرة بطهران: حراك إسطنبول مهم لإيران ويؤسس لمظل ...
- عاجل| المتحدث باسم أنصار الله: في حال تورط أميركا في العدوان ...
- الاحتلال يهدم عشرات المباني بمخيم جنين وتصاعد اعتداءات المست ...
- رئيس وزراء قطر يبحث مع عراقجي العدوان الإسرائيلي ويشدد على ا ...
- زيلينسكي يتهم موسكو بتسليم جثامين 20 جنديا روسيا بدلا من الأ ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - ليبرمان ينظّر ودحلان ينفّذ