أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - الحزن يغمر الرياض وتل ابيب















المزيد.....

الحزن يغمر الرياض وتل ابيب


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 4868 - 2015 / 7 / 16 - 20:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لاتفاق بين إيران والدول الكبرى حول المسألة النووية الإيرانية يشكل بلا شك أهم وأخطر إنجاز ديبلوماسي للإدارة الأمريكية منذ تولي الرئيس أوباما الحكم قبل ست سنوات ونصف وقد تحتفل كل من واشنطن وطهران في الوقت الذي يغمر الحزن والاحباط كلاً من الرياض وتل ابيب. نعم أمريكا اعترفت بحق إيران في امتلاك مشروع نووي، ونعم القيود على المشروع النووي والتفتيش ستنتهي بعد 15 سنة وفي المقابل سترفع عن إيران العقوبات الاقتصادية التي هددت وجود النظام. والأخطر من ذلك أن هذا الاتفاق لا يذكر لا من قريب أو بعيد التدخل الإيراني الإقليمي الذي يعيث فساداً في الشرق الأوسط من اليمن إلى سوريا ولبنان. والسؤال المهم هنا هو لماذا تخلت أمريكا عن أهم حلفائها في المنطقة، إسرائيل والسعودية لصالح نظام يصفها بالشيطان الأكبر؟ هل ضعف وغباء أوباما هو التفسير لسياسة مبرمجة تم تخطيطها على مدار السنتين الأخيرتين بعد فوز حسن روحاني في الانتخابات؟
كلا، الإدارة الأمريكية غيرت سياستها الخارجية 180 درجة بعد الإفلاس الاقتصادي الذي لحق بها عام 2008 بسبب سياسات الرئيس جورج بوش والتي كان أبرزها تحمّل نفقات الحرب على العراق والتي بلغت قيمتها ألف مليار دولار أمريكي. عام 2009 بدأت ولاية أوباما وفي نفس السنة اندلعت الثورة الخضراء في إيران التي استبقت الربيع العربي بسنة ونصف. وقد تماشى الربيع العربي مع رياح التغيير في السياسة الأمريكية الداخلية التي تبنت شعار "نعم نحن قادرون" على التغيير وانتخاب أول رئيس من أصل أفريقي أمريكي وشجع الإدارة الأمريكية الجديدة على دعم التغيير الديمقراطي اعتقاداً منها أن الأنظمة الديكتاتورية في العالم العربي وصلت إلى نهايتها التاريخية. ومن هنا بدأت الخلافات مع حلفائها في السعودية وإسرائيل اللتين نظرتا إلى الربيع العربي كتهديد استراتيجي لسلامة كيانهما.
لقد وضع أوباما نصب عينيه الوصول إلى أهم إنجاز ديبلوماسي لسياسته الخارجية من خلال التوصل إلى اتفاق سلام نهائي بين إسرائيل والفلسطينيين. وقد استثمرت أمريكا لهذا الغرض جل مجهودها الديبلوماسي تحديداً في الولاية الثانية لأوباما الذي تعهد مراراً وتكراراً بان الدولة الفلسطينية ستقوم خلال سنة. ولكن إسرائيل برئاسة نتانياهو وبدعم حزب العمل رفضت كل الجهود الرامية لإنجاز هذا الاتفاق حتى وصلت الأمور إلى حد إذلال الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته. فقد تم وصف جون كيري بالساذج وبأنه يحب الشهرة على حساب مصالح إسرائيل الأمنية وقد عمدت الحكومة الإسرائيلية إلى الإعلان عن مشروع استيطاني جديد كلما زارها ممثل أمريكي مرموق للبحث في عملية السلام وذلك بهدف إرباكه. وقد أدت هذه السياسة والاستقواء بالحزب الجمهوري المعارض لسياسة أوباما والذي يسيطر على الكونغرس إلى القطيعة شبه المطلقة بين أوباما ونتانياهو. وهكذا شهد أوباما كيف انهرت سياسته الشرق أوسطية و"طلع من المولد بلا حمص".
لم يكن نتانياهو الوحيد الذي عمل على إحباط السياسة الأمريكية بل إنه وجد له حليفاً حميماً في السعودية التي ومنذ اللحظة الأولى بدأت بالتخطيط لإحباط بل وإغراق الربيع العربي وهو ما زال في حالة الجنين. وأصبحت ثورة 25 يناير في مصر هدفاً استراتيجياً وسهلت سياسة الأخوان المسلمين الإنتهازية التي رمت بالقوى الديمقراطية والليبرالية إلى أيدي الجيش والفلول لتخطيط وتنفيذ الانقلاب العسكري الذي أعاد الاستبداد والإرهاب المنظم إلى مصر وقطع العملية الديمقراطية وأطاح بأول رئيس مصري منتخب. ولم تكتف السعودية بدعم هذا الانقلاب الدموي في مصر في تموز 2013 بل تشجعت إثر نجاحها ونقلت نفس التجربة إلى ليبيا مما أدى إلى انقسام إقليمي بين طرابلس وبنغازي حتى تحولت البلاد إلى دولة فاشلة. أما في سورية فقد شكلت السعودي ومعها دول الخليج ميلشيات سلفية جهادية مثل "أحرار الشام" و"لواء التوحيد" وغيرها حتى أنها عملت مؤخراً بالتعاون مع قطر على تبييض وجه "جبهة النصرة" وإقناع الإدارة الأمريكية بأن "الجبهة" تنظيم سوري أصلي معارض وشرعي يجب أن يتم إخراجه من قائمة الإرهاب.
إن سياسة السعودية التي جاءت لإنقاذ النظام الأصولي الفاسد في الرياض على حساب مصير الشعوب العربية قد أثبتت للأمريكان بأن لا حليف حقيقي لهم وبأن دورها مثل دور إسرائيل التي تعمد إلى إدامة الاحتلال وهو دور سلبي ومدمر. وقد بلغ السيل الزبى في العراق عندما دعمت السعودية "العصيان السنّي" ضد نوري المالكي، الأمر الذي كان مقدمة لاحتلال الموصل من قبل داعش وإنشاء "دولة الاسلام" السيئة الصيت. وقد أصبحت "دولة الاسلام" أو ما يعرف بداعش خطراً يهدد الأمن القومي الأمريكي في حين تنظر اليها السعودية بما يشبه التفهّم على أنها قوى موازنة للشيعة في العراق. إسرائيل من جهتها لا تبالي كثيرا بهذه الظاهرة التي تستهدف إيران ولا تهدد كيانها. وفي حين أصبحت داعش تهديداً لأمريكا فإن إيران قد أصبحت هي الخطر الاستراتيجي لكل من السعودية وإسرائيل، هل يوجد تضارب مصالح أكثر من هذا؟ وإذا أصبحت داعش حليفاً بعيداً للسعودية فإن إيران هي حليف بعيد لأمريكا ومن يتحمل المسؤولية عما يحدث هما إسرائيل والسعودية اللتان تمشيان عكس مسار التاريخ وتريدان للثورة الديمقراطية في العالم العربي أن تفشل حتى لو كان الثمن افتعال حروب أهلية في المنطقة كلها.
وإذ يفسر سلوك السعودية وإسرائيل ما قام به أوباما بدعم المؤسسة الأمنية الأمريكية فإن هذا لا يبرر الاتفاق مع طهران لأنه يشكل خطرا كبيرا على الشرق الاوسط وهو بمثابة ضربة قوية للشعب الإيراني نفسه. حيث يدعو للتطبيع مع نظام أصولي قمعي يعمل على بسط أيديولوجيته ونظامه الظلامي على المنطقة ككل عن طريق الحرب والإرهاب. إن هذا الاتفاق لا يشكل خطراً على أمن إسرائيل مثل ما يصوره نتانياهو وقد يعتبره أحد أهم الخبراء الأمنيين إسحاق بن إسرائيل وهو جنرال متقاعد ورئيس وكالة الفضاء الإسرائيلية في مقال له نشر في صحيفة يديعوت أحرونوت "اتفاقاً جيداً". لكن هو دون شك اتفاق سيء بالنسبة لمصير الشعوب العربية والربيع العربي. إن التعاون بين أمريكا وإيران في العراق أدى إلى اشتداد الطائفية وإلى تجذر "الدولة الإسلامية" بسبب الممارسات البربرية التي تقوم بها الميليشيات الشيعية بقيادة الجنرال الإيراني قاسم سليماني الذي تم إخراجه من القائمة السوداء الأمريكية. إن هذا الاتفاق يطلق العنان لنظام الأسد -الذي رحب به- ليستمر في حربه المدمرة على الشعب السوري. ومن خلال هذا الاتفاق تخلى أوباما عن أي التزام أخلاقي، إنساني وسياسي تجاه الشعوب العربية التي تعاني من السياسة الإيرانية في المنطقة.
ومن هذا المنطلق تبقى الفرحة في كل من طهران وواشنطن محدودة بل وعابرة فهي لا تحل المشاكل الأساسية التي تعاني منها المنطقة، فإيران ليست شريكة لحل الحروب الأهلية في كل من اليمن، العراق، سورية ولبنان. ورفع العقوبات لا يسهّل على الشعب الإيراني وطبقاته المسحوقة ولن يمنع هزيمة العقائدية الإيرانية في كل من اليمن، والعراق وسورية. إن إيران غارقة في الحروب الأهلية التي افتعلتها، وقد تكلفها هذه الحروب كثيراً من طاقتها المالية والبشرية وما دام الدم العربي ينزف لن يعرف النظام الإيراني الاستقرار ولا الطمأنينة، وليس في هذا الاتفاق أي قدرة على تغيير الواقع الثوري الذي أحدثه الربيع العربي. إن الأنظمة الاستبدادية كلها من طهران إلى الرياض، من القاهرة إلى دمشق مصيرها واحد وحيد وهو الزوال، التضحيات جسيمة وأليمة لدرجة لا يحتملها العقل الإنساني ولكنها في الوقت نفسه تدل على رغبة كبيرة في الحياة، حياة كريمة حرة بعيدة عن التطرف الديني والاستبداد.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة تودع الضفة الغربية
- فلسطين عالقة بتغيير جذري على الساحة العربية
- اليمن تتمزق بين السعودية وإيران
- نتنياهو يعرّي ابو مازن
- الحرب على الإخوان
- قطر تنضم الى محاصري غزة
- وحدة عربية يهودية لهزيمة العنصرية والتطرف
- انتفاضة الحجارة ردا على إنعاش مخطط الحكم الذاتي
- شتّان ما بين الإيبولا وداعش
- حزب دعم العمالي - وثيقة سياسية: الحرب على غزة وتفكك النظام ا ...
- غزة تعمّق الانقسام في اسرائيل وفلسطين
- نتانياهو يغرق في بحر غزة
- -داعش- والفوضى المدمرة
- قدسية التنسيق الامني
- 95% للدكتاتور
- دولة إسرائيلية أم يهودية؟
- المصالحة مناورة فاشلة
- مهزلة التفاوض حول الأسرى الفلسطينيين
- ما سر حب نتانياهو لبوتين؟
- سوريا، أوكرانيا ومصير الأسد


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - الحزن يغمر الرياض وتل ابيب