أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - شتّان ما بين الإيبولا وداعش















المزيد.....

شتّان ما بين الإيبولا وداعش


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 4611 - 2014 / 10 / 22 - 18:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمّة موضوعان أساسيّان يشغلان الإدارة الأمريكيّة في هذه الأيّام: تفشّي ڤ-;-يروس الإيبولا وتفشّي مرض من نوع آخر وهو دولة الإسلام في العراق والشام. إلاّ أنّ ڤ-;-يروس الإيبولا ينحصر في دول غرب أفريقية، بينما الإسلام المتطرّف توسّع حتّى طال أغلب الدول العربيّة من اليمن جنوبًا وحتّى سورية شمالاً وصولاً إلى خطوط التماس مع الڤ-;-يروس الفتّاك في شمال نيجيرية، حيث ينشط تنظيم بوكو حرام الذي أعلن أيضًا الخلافة الإسلاميّة في المناطق التي يسيطر عليها. ڤ-;-يروس الإيبولا ليس جديدًا وعمره عمر تنظيم القاعدة؛ فالأوّل نشأ في زائير والثاني في السعوديّة دون أن يهتمّ أحد بإيجاد تطعيم ملائم لمكافحته. تحوّل تنظيم القاعدة إلى أداة في يد الأمريكان في صراعهم ضدّ السوڤ-;-ييت ومن بعده أصبح يعمل مرتزقة عند أكثر من جهة، منها إيران وسورية لضرب الوجود الأمريكي في العراق، ومن ثمّ مع الأسد والمالكي لضرب المعارضة السوريّة، ثمّ مع السعوديّة وقطر وبقايا حزب البعث العراقيّ لضرب المالكي حتّى استطاع أن يؤسّس الخلافة المشهورة وعاصمتها الرقّة في شمال شرق سورية.
لم يعر أوباما اهتمامًا كبيرًا لمرض الإيبولا حين كان مقصورًا على أفريقية، ورغم كونه من أصل أفريقيّ وعائلته تعيش حتّى اليوم في بيت من الصفيح في كينيا، إلاّ أنّه لم يصل إلى السلطة لخدمة المواطنين السود، بل من أجل أصحاب البنوك والشركات الكبيرة. ولم يكن في مصلحة شركات الأدوية تطوير الدواء لمرض الإيبولا لعدم وجود سوق له ومن يعاني منه هم السود الأفارقة فقط ويبقى المحيط الأطلسيّ بعيدًا عن المرض. وحلّ الأفارقة هو حلّ العرب أيضًا، فلا أحد يكترث بمصير ملايين اليمنيين، العراقيين، السوريين الذين يذبحون يوميًّا على أيدي حكوماتهم المستبدّة من جهة والمتطرّفين الإسلاميّين من جهة أخرى. إلاّ أنّ الحدود في العالم الجديد قد تبدّدت واختلط الناس وصارت المعلومات تنتقل بسهولة وسرعة فائقة إلى حدّ لا يمكن فيه حصر المرض في قارّة واحدة دون أن يتفشّى إلى العالم بأسره. وعندما أصاب مرض الإيبولا أوّل إنسان أبيض وهو خوري إسبانيّ، هبّ العالم كلّه وأصبح المرض يحتلّ عناوين الإعلام العالميّ، ونشهد اليوم شركات الدواء تتنافس على تطوير تطعيم له، ومن المحتمل أن يتمّ القضاء على المرض في غضون أشهر وليس سنين.
يختلف الوضع بكلّ ما يتعلّق بداعش، فانتشاره في سورية لم يلفت اهتمام أوباما. تقع الرقّة في منطقة نائية لا أهميّة لها، فحتّى النظام السوريّ نفسه استغنى عنها. والجرائم التي اقترفها النظام وتهجير ملايين من السوريين لم يحرّكا ضمير أوباما لأنّه لا قيمة لهم بعينيه، وتجاهل ذلك كما تجاهل ما حدث في إيران وفي العراق بحقّ القبائل السنّيّة التي جُرِّدت من كلّ حقوق المواطنة، إلى أن جاء تنظيم داعش في الموصل وهدّد بغداد من ناحية وأربيل من ناحية أخرى. وفي هذه اللحظة تحوّل داعش مثل الإيبولا إلى خطر استراتيجيّ على الأمن القوميّ الأمريكيّ. أمّا الصور الوحشيّة لقطع رؤوس المواطنين الأمريكان والبريطانيّين فقد منحت للغرب تبريرًا لتجنيد العالم لمكافحة داعش. أمّا المجاهدون الأجانب فهم كمرض الإيبولا المتفشّي؛ فهم يعودون إلى الغرب بجوازات سفر بلادهم الأصليّة ويشكّلون خطرًا مباشرًا على المجتمعات في دول الأصل.
لكن شتّان ما بين الإيبولا وداعش؛ ففي حين أنّه يمكن إيجاد تطعيم ملائم للمرض من عيّنات من الڤ-;-يروس نفسه، لا يوجد تطعيم مماثل لعلاج خطر الإسلام المتطرّف. صحيح أنّ القاسم المشترك لأسباب مرض الإيبولا وتفشّي الإسلام السياسيّ هو الفقر والتخلّف، وصحيح أيضًا أنّ المسؤول المباشر عن تفشّي الفقر والتخلّف هو النظام الرأسماليّ بقيادة الغرب وعلى رأسه أمريكا، إلاّ أنّ الإيبولا يمكن شفاؤه، والفقر سيبقى إلى أن يظهر طاعون من نوع آخر في المستقبل. أمّا بالنسبة للإسلام السياسيّ ، فالدواء الوحيد والتطعيم الوحيد هو تجفيف مستنقع الفقر والفساد والاستبداد المسيطر على المنطقة العربيّة. إنّ تفشّي داعش هو نتيجة لإخفاق الربيع العربيّ في تجفيف المستنقع، فلا مكان للإسلام الوهابيّ الأصوليّ إذا تحقّقت مطالب الجماهير الثائرة في العيش بحرّيّة وعدالة اجتماعيّة. غير أنّ الربيع العربيّ استنفر أعداءً كثيرين وفي مقدّمتهم دول الخليج مثل السعوديّة وقطر، ومن ثمّ إسرائيل وإيران وروسية. وقد جرّب الإخوان المسلمون الاستفادة من هذه الثورة الشعبيّة والخروج منها إلى نظام إسلاميّ بعيد عن القيم الليبراليّة التي باسمها ثار الشباب العرب وكانت النتيجة حرب الاهلية مثل ما حدث في مصر، الأمر الذي ترك فراغًا كبيرًا استغلّه تنظيم داعش في كلّ من العراق وسورية.
وبعد أن ساهم أوباما بتخاذله وعدم اكتراثه بمصير ملايين أبناء البشر في تفشّي ونموّ داعش، يحاول أن يكافح هذا الداء كما يكافحون الإيبولا في أفريقية. إنّ استراتيجيّة أوباما مبنيّة على عزل ظاهرة داعش عن الأسباب السياسيّة والاجتماعيّة التي أدّت إلى ظهوره. كلّ ما يهمّه أن لا يصل مرض الإسلام السياسيّ إلى بلاده، ولذلك نراه يجنّد العالم كلّه من أجل القضاء على "دولة الإسلام" بمعزل عن مصير الشعب السوريّ والعراقيّ. وما يثير الاستغراب هو محاولة عزل سورية عن العراق، فما يريده أوباما هو القضاء على داعش بدون القضاء على الأسد، فالمهمّ بالنسبة لأمريكا هو مصير العراق وليس مصير سورية. هذه المحاولة المصطنعة للفصل بين سورية والعراق وبين مكافحة داعش وإسقاط نظام الأسد سوف تبوء بالفشل بل وستزيد من عزم داعش الذي يستفيد من استياء الشعب السوريّ والشعب العراقيّ اللذين يتعرّضان لجميع أنواع البطش والقتل من قبل النظامين في سورية والعراق. لا مصلحة للقبائل السنّيّة لإنقاذ أمريكا التي خدعتها عندما سلّمت العراق لإيران، ولا مصلحة للسوريّين لإنقاذ أمريكا، الذين تمّ جرّهم إلى مؤتمر جنيف ومن ثمّ تخلّت عنهم ليفتك بهم النظام بمساعدة حزب الله كما يشاء.
يدفع الغرب الرأسماليّ اليوم ثمن سياسته تجاه أفريقية وتجاه الشرق الأوسط، وإذا اعتقد أوباما بأنّ بإمكانه ترك العراق بعد عن عبث فيه ومزّقه وأوجد صراعات بين القبائل والطوائف دون أن يأخذ أيّة مسؤوليّة على ما يحدث، فإنّه سيعلم اليوم بأنّ هذا الأمر مستحيل. إنّ مشكلة العراق مرتبطة ارتباطًا عضويًّا بالمشكلة السوريّة، ولا حلّ للعراق دون أن يكون حلّ عادل لسورية، بل وأكثر من ذلك لا حلّ للعراق دون أن يكون حلّ للشعب الإيراني وليس من حلّ للعرب دون هزيمة الأنظمة الخليجيّة التي تموّل وتشجّع الفتنة والحروب الأهليّة في كلّ المنطقة العربيّة من ليبيا إلى مصر واليمن والعراق وسورية. إنّنا أمام معادلة صعبة جدًّا، ولكنّ حلّها واضح؛ وهو إسقاط الأنظمة الحاكمة التي تحارب الشعوب العربيّة من أجل الحفاظ على سلطتها. إنّ الانتفاضة الخضراء في ايران في سنة 2008 التي سابقت الربيع العربيّ، ومن ثمّ ثورة 25 يناير في مصر قد زعزعت النظام العربيّ ككلّ. داعش ليس سوى إفراز من إفرازات الثورة المضادّة، واختفاؤه منوط بسقوط الأنظمة العربيّة برمّتها. قبل الربيع العربيّ، كان هذا الطموح يعتبر وهمًا، لكنّه اليوم أصبح واقعًا لا مفرّ منه إذا أرادت البشريّة أن تعيش في رفاهيّة وأن تنعم بالأمن الاجتماعيّ. الديمقراطيّة والعدالة لا تتجزّآن، ومَن يعتقد بأنّهما حِكر على الغرب، فإنّه يفتح المجال لتفشّي بل وتعميق نفوذ داعش ليصبح خطرًا داهمًا على المجتمع البشريّ بأسره.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب دعم العمالي - وثيقة سياسية: الحرب على غزة وتفكك النظام ا ...
- غزة تعمّق الانقسام في اسرائيل وفلسطين
- نتانياهو يغرق في بحر غزة
- -داعش- والفوضى المدمرة
- قدسية التنسيق الامني
- 95% للدكتاتور
- دولة إسرائيلية أم يهودية؟
- المصالحة مناورة فاشلة
- مهزلة التفاوض حول الأسرى الفلسطينيين
- ما سر حب نتانياهو لبوتين؟
- سوريا، أوكرانيا ومصير الأسد
- كيري يتلاعب بمصير سورية وفلسطين
- يهودية الدولة والسلام عليكم
- نعم للثورة - لا للدستور
- امريكا تتراجع وإسرائيل تنعزل
- الانتخابات المحلية تكشف عمق الكارثة في المجتمع العربي
- أوباما تائه والأسد ضائع
- على الأسد الرحيل!
- عباس يقود الفلسطينيين الى الجحيم
- انقلاب بغطاء ليبرالي


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - شتّان ما بين الإيبولا وداعش