|
الخيار - عون
حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 5322 - 2016 / 10 / 23 - 21:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خيار العماد عون
لايوجد مشروع وطني واضح في لبنان استطاع أن يحقق الغلبة علي مشروع الطائفية الذي نشأت لبنان علي أساسها كنتيجة لرغبة القوي الإستعمارية في خلق محمية طائفية في العالم العربي كلغم في حالة جاهزية دائمة للتفجر وتمزيق المشرق العربي ، ومن جهة أخري كواقع علي الأرض يحقق معادلاً موضوعياً يبرر وجود الدولة الصهيونية المقامة علي أسس دينية وعنصرية ويشرعن الدعم السياسي واللوجستي الغربي لها
حتي مشروع المقاومة الوطنية في الجنوب فقد رفعت أعلامه قوي مذهبية ممثلة في حزب الله وهذه مقدمة لابد منها دائماً لفهم المعضلة اللبنانية وكذلك فهم أي حدث لبناني ..
الآن في لبنان هناك توجه لحلحلة مشكلة الإستحقاق الرئاسي وسط مناخ سياسي كنتيحة لالتقاء خطوط التقاطع - بين الأطراف الإقليمية والأطراف الدولية المتحالفة والمتضادة وكذلك الهيمنات السياسية التقليدية اللبنانية المتصارعة حول مصالح التحاصص الطائفي والمالي والسياسي - عند نقطة العماد ميشيل عون الذي سيظهر في نسخة جديدة تختلف عن نسختيه السابقتين ...
سيختلف عون عن نسخة بداية التسعينيات التي تمردت علي اتفاق الطائف الذي صاغه التوافق السعودي - السوري وسط توازن دولي سمح بذلك
وكذلك ستختلف النسخة الجديدة للعماد عون عن نسخته التي ظهرت مع بداية القرن الحالي كشريك في تحالف الوفاء للمقاومة الذي كان يضم حزب الله والتيار الحر وتيار المردة وكل القوي التي كانت تدعم خيار المقاومة وتتحالف مع سوريا
هناك أمور كثيرة جرت في لبنان هناك مشاكل تمويلية عند حليف السعودية الرئيسي في لبنان سعد الحريري وهناك ضغوط تجارية يعانيها في المملكة فضلاً عن أن احتمالات اجتياح فتح الشام وداعش إلي لبنان ليست بعيدة وهذا يهدد بمسخ تيار السنة اللبناني سياساً وتحول قواعده إلي أنصار لداعش وهذا سيذهب بالمستقبل السياسي والإقتصادي المحاصصي لأسرة الحريري إلي الأبد بينما يضمن الخيار عون لبنان موحد في مواجهة تلك الأخطار كذلك هناك عصفور باليد خير من مائة علي الشجرة فموقع عائلة الحريري في موقع رئاسة الوزارة أصبح من نافلة القول ضمانه بمجرد انتخابات الجنرال عون رئيساً للبنان
سمير جعجع لديه حسابات واقعية تري أن وقوفه بعيداً عن فريق عون أدي إلي إضعاف التحاصص المسيحي في ظل تغير ديمجرافي هام في لبنان هو ارتفاع تعداد سكان الطوائف الإسلامية بشقيها السني والشيعي في السنوات الأخيرة لتصبح غالبية التعداد للطوائف الإسلامية
ملحوظة : ( ملعون أبو فكرة الطوائف وكل الطائفيين العرب بلا استثناء بما اراقته تلك الطائفية البغيضة من دماء وما ارتكبت من آثام في حق منطقة الشرق الأوسط بالكامل)
لكن الأهم بالنسبة لكل من فريقي جعجع وعون أنهما وجدا فريقيهما أمام ضرورة تجاوز التناقضات الحالية لأن هناك تناقض رئيسي عاصف يدق علي أبواب لبنان وهو خطر احتمال اجتياح العصابات الفاشية الإرهابية للبنان في حال هزيمتهم في سوريا وهم يعرفون أن هؤلاء لن يرحموا كامل الطوائف المسيحية اللبنانية علي مختلف تنوعاتها فكان لقاء جعجع المأزوم وعون المأزوم ضرورة يفرضها الواقع قبل أن يلتقي عون بالحريري الأكثر تأزماً مؤخراً
الأحداث في سوريا والمصاعب التي يواجهها حلفاء فريق عون في سوريا وحزب الله الذي يقاتل في سوريا أعطت قدراً من مساحات التحرك البرجماتي للعماد عون ووسعت لديه عنصر المناورة وتنويع التحالفات ليقطع الخطي في طريق تحقيق حلمه الرئاسي الذي يشكل أحد ثوابته التي تربط بين نسختيه السابقتين ويقترب منه عبر نسخته التوافقية الجديدة
الحال لن يختلف كثيراً حين سنطل علي مواقف الآخرين من الفرقاء جنبلاط - بري - فرنجيه ومايمثلون من حصص طائفية أو مذهبية فكلهم مأزومون وعلي حال من القلق إذاء مستقبل طوائفهم ثم مستقبل لبنان حزب الله يوجه صعوبات وتحديات قد تغل يده بعض الشئ عن الإمساك ببعض أوراق اللعب في الاستحقاق الرئاسي وقد يكتفي - علي مضض - بموقفه السابق ( دعم خيار العماد عون)
هذه هي الأطراف اللبنانية البارزة التي تبدو كلاعب ( لبناني) في الشأن اللبناني والتي تنطلق في رؤيتها لأمن لبنان من رؤيتها لأمن الطائفة وهي في سبيل ذلك سلمت بكونها أدوات لتنفيذ استراتيجيات الداعم الإقليمي والراعي الدولي للطائفة التي يدافعون عن مصالحها المالية والسياسية
إذن فلنذهب إلي التقاطعات الإقليمية والدولية التي التقت في لبنان
المملكة السعودية تعرف أن المزيد من الإنغماس في لبنان والمزيد من التورط في حرب أهلية لبنانية جديدة قد تشتعل علي خلفية العبث الملكي السعودي في الشأن اللبناني في نفس الوقت الذي تعاني فيه من توحلها في المستنقع اليمني الدامي الذي دخلته بإرادتها الحمقاء كذلك معاناتها الإقتصادية من جراء تداعيات انغماسها في إشعال الصراعات المذهبية والطائفية في المنطقة منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتي تاريخه وبذوغ بدايات زمن دفع فواتير مشروع تزعم مايسمي بالعالم السني ودعم الأفكار الجهادية والعصابات الإرهابية التي ظهرت في هذا العالم حتي من قبل أمريكا مديرها العام الذي أخلصت في آداء دورها الوظيفي في خدمته منذ خمسينيات القرن الماضي مروراً بستينياته وسبعينياته وثمانينياته وتسعينياته اللواتي شهدت صعود هذا الدور في العالم العربي بشكل واضح وإلي يومنا هذا وهو ماتمثل في صدور قانون ( جاستيا) الذي أصدره الكونجرس الأمريكي بتداعياته المتوقعة علي المملكة
إذن الأفضل للمملكة أن تصل إلي نقطة لالتقاط الأنفاس في لبنان مع الغريم الإيراني
إيران لاترغب هي الأخري في فتح المزيد من جبهات الصراع ولديها من المكاسب الإستراتيجية علي الأرض في لبنان بحيث تحرص علي ألا تفقدها ولديها حليف لبناني هو حزب الله يمر بفترة صعبة ولايرغب في استدراجه ليتم تقزيمه عبر جعله مجرد طرف في حرب أهلية داخلية تستهلك قدراته وتهدر قيمته التي اكتسبها والتي يقدم بها نفسه للقاصي والداني كقوات مقاومة وطنية لبنانية تحمي لبنان من محاولات اجتياح الدولة الصهيونية له من الجنوب
والمؤكد أن هناك إشارات وصلت للدولة الصهيونية من لبنان معناها أن رئيس للبنان الجارة المتعبة أفضل من لبنان الجارة بلارئيس وأن حرب أهلية في لبنان في ظل ظروف الشرق الأوسط المعقدة لاتضمن أمناً في جهة الشمال وربما كانت التوافقات التي وصلت إليها تلك الخطوط المتقاطعة قد رتبت ضمن مارتبت مشروعاً كابحاً لحزب الله
أمريكا وأوربا لاتريد تحمل تبعات إرباك جديد في الشرق الأوسط عبر لبنان التي تتعقد فيها الحسابات وموازين القوي لدرجة عدم ضمان نتائج أي تعاط مع أي نيران تخرج من هذا الموضع المعقد والأكثر تعقيداً وسط هذا التعقد الشرق أوسطي الذي لم تكن تداعياته علي البال والخاطر الأمريكي والغربي منذ عامين فقط
إذن تلاقت خطوط الجميع عند نقطة الاستحقاق الرئاسي اللبناني فهل نسطيع الإعلان من الآن أن العماد عون هو الرئيس اللبناني الذي سيتم إعلانه علي العالم في الحادي والثلاثين من الشهر الجاري ربما ، والأمر الغالب كذلك
ولكن في لبنان بالتحديد لايجب أن نتسرع فربما يعصف حادث أمني مدبر بذلك الاستحقاق كما عصف بغيره من قبل في حالتي بشير الجميل و رنيه معوض... فأنت في لبنان إذن أنت في الأمعاء الملتهبة للشرق الأوسط بجوار أعصاب مخابرات العالم المتوترة بداع وبغير داع
حمدي عبدالعزيز 21 أكتوبر 2016
#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من هذا المنطلق
-
أحد تلاميذ مدرسة التكيف الهيكلي
-
متلازمات الأزمة
-
أولاند والإرث الإستعماري
-
أياد ملطخة بدماء ناهض حتر
-
الغرقي الذين لم تمتد إليهم يد الدولة
-
آنين مسكوت عنه
-
مرجيحة ويكا
-
ورشة واشنطن لاتصنع البديل
-
ويكا
-
احترموا هذا الشعب.. احتراماً لأنفسكم
-
أزمة النادي الأهلي
-
إنه شرق قناة السويس ياعزيزي
-
حسين عبد ربه
-
خميس والبقرى 2016
-
الإصلاح الإقتصادي.. كلاكيت 3
-
جديد الشرق الأوسط
-
ذاكرة الضعف .. أم ضعف الذاكرة ؟
-
إذا أردت أن تتاجر بقضية ... إعطها بعداً دينياً
-
ندبة في يدي
المزيد.....
-
مصادر في الخليج توضح لـCNN موقفها بشأن وقف إطلاق النار بين إ
...
-
الحرب الكورية التي لم تنتهِ، كيف بدأت؟
-
ثماني طرق تساعدك على التخلص من -المماطلة-
-
هل تستفيد غزة من نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران؟
-
الموت بحثا عن الطعام في غزة.. استخدام الغذاء سلاحا في غزة جر
...
-
سوريا: توقيف عدد من المتورطين بتفجير كنيسة مار إلياس بدمشق ا
...
-
مسلسل موبلاند: حين تحاصر المخاطر أكبر عائلة مافيا في لندن
-
عبر الخريطة التفاعلية نتعرف على أبرز الهجمات الإيرانية على إ
...
-
رئيس الوزراء القطري: نؤثر دوما الدبلوماسية والحكمة على أي شي
...
-
دراسة: التفاؤل يقلل من فقدان الذاكرة
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|