أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد العالم - عبدت نفسي














المزيد.....

عبدت نفسي


رشيد العالم

الحوار المتمدن-العدد: 5307 - 2016 / 10 / 7 - 10:35
المحور: الادب والفن
    


عبدت نفسي
أهيم في أغوَار نفسِي، أنظر إلى زجاجها فأراني ولا أرى نفسي. عبثا أحَاولُ اخترَاقِي دُونَ تحْطِيمِي.. أصيخُ إلى بآذان رُوحي، إلى صَوتِ ذاتِي الأخرى التِي تنظرُ إليَّ من وَرَاء الفضَاء، وتنظرُ إلى ظلمتِي الدَّامسة من ورَاءِ حُجبِ الأنوَار الأزليَّــة، عَلي أسمع صَوتهَا العُلوي، وأرَى لمحَتهَا الخَفية، فأعرفَ طريقـِي إلى نفسِي التي أشتاق إلى مُعَانقتهَا قدرَ شغفِي ببُلوغ مَعرفتِهَا، مَعرفة تصُوننِي مِن شرَاكِ نفسِي التي تعكسُ ألوَانـًا قزحيَّة ثم تختفِي في لونِهَا الأصليَّ اللامرئِي، الذِي لا تبصرهُ عُين مُبصِر، ولا يكتبهُ قلــمُ شَاعِر، ولا ترسمُهُ ريشــة فنـَّـان، ولا تجلـِّـيه عَصَى سَاحِر..

أخلعُ جلبابَ زُهدِ ظلالي القدِيــم الذي لم يَكن سِوَى تعلق بظاهِر النفس، وانغماسًا حَدَّ الجنون في عِبَادَتِهَا..أي نعَم !! كنتُ أعبُدُ نفسِي، حينمَا جَهلتُ خَـالقهَا..كنتُ أعبدُ نفسِي حينمَا تعلقتُ بأذيَالهَا وهي ترشدنِي إلى غياهب الكهوف الدامِسَة، بَدَل التعلق بسلمِ الضيَاءِ السَّمَاوي وهو يَمتد نحوي ليُرشِدَنِي إلى خالــقِ النـَّـفس والمَعرفة.

كنت أصلــِّي لهَا.. ولا أغفلُ عَن ذكر أورَادِهَا بالليل والنهَار.. حَتى كدتُ أنصبنِي إلهَا عَلى نفسِي.. بل نصَّبتنِي إلهَا عَلى نفسِي، حينمَا قلت لنفسي: أنا رَبُّكِ الأعلــَى، ولم أقل لأمَّارتِهَا اخلعِي نعْلـَـيْكِ واسجُدِي..
عَبدتُ نفسِي حَتى صِرتُ أشبَهَ بصَنمٍ مُتحجِّر..
عبدت نفسي حتى كفرت وجَحَدتُ ألوهِيَّــتِي..
فهَا أنا ذا أصيحُ: مَاتَ إلهـِي..مَاتَ إلهـِي..الذِي لم يَكنْ غيري.. اندثرَتْ ألوهِيَّـتِي فعدتُ إلى إنسَانيَّتِي من جَدِيد..

أنزعُ عني الألبسةِ التي كانت تلفُّ نفسِي كل بألوان قزحية خفيَّة وأخرى ظاهرة، من خلال تلك الأغطية الثقيلـَة التِي كانـَتْ تحجُبُ نفسِي عَن نفسِي..أدرَكتُ أنَّ نـَفسِي مُغلـَّـفة ٌ..بأغلفـَـةٍ مُتعدِّدة بتعدُّد أحوال النفس وصِفاتهَا وخصَالها.. وَكلمَا أفلحَ سَالك المَعرفة في نزع أغلفتِهَا، تجلتْ لهُ حَقائقهَا..وكلمَا نزَعَ عَن حَقائقهَا أوهَام الخيَال وخوَاطِر الأفكـَار.. التي تنفثُ الظـَّلامَ بدَلَ الضِّيَاء، كلمَا زاد تعمقهُ في فهم حَقيقةِ ذاتِــه..

الإنسان جاهلٌ بنفسِهِ، وسيظلُ كذلكَ مَا لم يَخُض تجربَةِ السَّفر الطويل المُضنِي في سبيل هَذِهِ المَعرفةِ التِي لا يتأتـَى تحْصِيلهَا إلا بالمُجَاهَدَةِ الرياضيَةِ و إزدراء النـَّـفس و جَلدِ طغيَانِهَا وكسر أنفتهَا.. لأن النَّـفس فِي لبِّ الإنسان عَينٌ مُغمَضَة، وحَقيقة مَطمُورَة فِي بوتقة الأنـَا، وفي كيَان الذات التي تشتاقُ إلى مُعَانقةِ المَعَانِي الرُّوحيَّة، غير أن الاتصَالَ بهَذِهِ المَعَانِي والتحلي بها لا يتمُّ إلا بالبحث عن قنديــل منير، مُشع، تهتك له براقع الغياهب وأستارها، فيَرتقِي فيهَا الإنسان مَرَاتبَ البحث إلى مَقامَاتِ المَعرفــَةِ.

فمَعرفة النفس رحْلة والرِّحلة مَعرفة، ومَن فشلَ فِي الرِّحلةِ ولم يُتمُّ أطوَارَهَا، فشلَ فِي تحصِيل المَعرفة، أو حصَّل مَعرفة مُشوَّهَة، قد تضللهُ بدَل أنْ تقيهِ أخطارَ الطريق.
إنهَا مَعرفة جَليلة القدر..رَفيعَة المقام، غاليَة المَهْر، ثمينة الدُّرَر، عَزيزة المَطلب.. وَمن طلب هَذِهِ المَعرفة التِي لا تقرأ ولا تكتبُ ولا تسمع..فقد طلب السُمو الرُّوحِي..ومن مَات دُون أن يَعرُج في مدارجها العَــالية ويشاهد شمُوسَهَا المُشعشِعَة، فقد مَاتَ ميتة حيوَانية.. لأن قيمَة الإنسان هو مَا حصَّله من مَعَارف ترتقِي به فِي مدارج الجَمَال والحِكمَةِ والكمَال.
[email protected]



#رشيد_العالم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تحلموا ببناء الحضارة
- المعرفة الالهية
- حِوَار مَع (شرين خَاكَان) أوَّل إمَامَة مَسْجد بكوبنهَاكن ب( ...
- النموذج العلماني الذي تحتاجه الدول العربية
- السَّعَادة المُؤلمة والألَمُ المُسعِد
- العارف بالله الذي نحتاج إليه
- طرق صوفية أم حركات سياسية؟
- أيتها الكأس
- ويسألونك عن الروح
- ما عاد يحلو لقلبي التمني
- صوفية الوصل
- حوار الفنان الكاريكاتوري نزار عطاف
- كأسٌ أنا بَيْنَ يَديك
- سكرة الوصل
- حوار مع الشاعر والفنان التشكيلي نورالدين برحمة، حاوره الشاعر ...
- كرسي الإعتراف (5)
- كرسي الإعتراف (4)
- كرسي الإعتراف (3) - هايكو -
- كرسي الإعتراف (2)
- كرسي الإعتراف (1)


المزيد.....




- إقبال على الكتاب الفلسطيني في المعرض الدولي للكتاب بالرباط
- قضية اتهام جديدة لحسين الجسمي في مصر
- ساندرا بولوك ونيكول كيدمان مجددًا في فيلم -Practical Magic 2 ...
- -الذراري الحمر- للطفي عاشور: فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية هزت وج ...
- الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة بوليتزر للتعليق الصحفي ع ...
- رسوم ترامب على الأفلام -غير الأميركية-.. هل تكتب نهاية هوليو ...
- السفير الفلسطيني.. بين التمثيل الرسمي وحمل الذاكرة الوطنية
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...
- أكثر 70 فنانا يوقعون على عريضة تدعو لإقصاء إسرائيل من مسابقة ...
- -الديمومة-.. كيف تصمد القضية الفلسطينية أمام النكبات؟


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشيد العالم - عبدت نفسي