أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالعزيز عبدالله القناعي - في رثاء وهجاء شيمون بيريز














المزيد.....

في رثاء وهجاء شيمون بيريز


عبدالعزيز عبدالله القناعي

الحوار المتمدن-العدد: 5302 - 2016 / 10 / 2 - 22:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في رثاء وهجاء شيمون بيريز

قد اتفهم موقف الاسلام والعرب والمسلمين من كراهية الآخر المختلف وخصوصا ضد اليهود والنصارى، فهذه أوامر إلهية لا يستطيع المسلم مخالفتها وإلا لاعتبر كافرا يجوز هدر دمه وسرقة امواله.
لكن مالم استطع فهمه ان تستمر الكراهية الي يومنا هذا، دون اي تعامل مباشر بينهم، وخصوصا بعد تغير الظروف الجغرافية والسياسية والاجتماعية لصالح منطق العقل والقوة والمعاهدات الأممية.
قبل أيام توفى رئيس اسرائيل التاسع شيمون بيريز، وكما هي عادتنا في محاكمة الأحياء والأموات، ظهرت فئة من المسلمين لم تتخذ اي موقف واضح بل ظلت صامتة، وظهرت فئة أخرى تلعن وتشتم وتحتقر بل وتفرح بوفاته، وظهرت فئة ثالثة شاركت الشعب الاسرائيلي أحزانه.
بين هذه الحالات، علينا ان نستخلص الدروس والعبر، فما يهمني من وفاة شيمون بيريز اليوم، ليس انه يهودي او محتل او قاتل كما يدعي العرب والمسلمين، ولا يهمني ايضا انه انسان حاصل على جائزة نوبل للسلام بعد ان قدم خدمات كبيرة الي شعبه والي قضية السلام بين اسرائيل والعرب، فهناك الكثير غيره من البشر الذين يرحلون كل يوم الي العدم والفناء وقد قدموا الكثير للبشرية، بل ما يهمني فعلا هو حالنا وذاتنا في مجتمعاتنا العربية والاسلامية، ما يهمني هو كيف نفكر وكيف نطلق الاحكام وكيف نرى الأفراد الأحياء منهم والأموات.
فالغالبية ارتكزت على الدين في تعاطيها مع الكراهية ، فأصبح الانسان ومهما بلغ من الأخلاق والعلم والثقافة صفرا لا يستحق الإشادة أو على الأقل السكوت احتراما لرحيله (فهناك الكثير من الشخصيات العالمية والمؤثرة ممن قدموا اكتشافات وخدمات للبشرية لا يعدهم بعض المسلمين الا كفارا غايتهم في الدنيا خدمة المسلمين وان الله سخرهم لذلك)، كما وأصبحت غالبيتنا ترى الانسان فيما يؤمن ويصلي ويحج ويدفع الزكاة والخمس والصدقات، ولا تراه انسانا في احترامه للقانون والعمل والصدق والإخلاص واحترام المرأة طالما انه غير مسلم.
نحن نفكر تماما عكس القيم والأخلاق والمبادئ، نحن لا نريد ان نحترم أي انسان لمجرد انه انسان، بل نحن نجلب معه كل أخطاءه وعثراته ونكشف ستره فقط حتى نلعنه ونكفره ونحتقره براحة بال وضمير مؤمن تقي بل وندعو الآخرين الي مشاركتنا في حفلة اللعن والشتم والقذف حتى نطمئن ان الجميع قد آمن باللعن المقدس، وكأن لم يكفنا ما تعايشنا معه من كراهية واحتقار لبعضنا البعض منذ 1400 سنة بعد تشتتنا الي سنة وشيعة وأباظية ووهابية وحنبلية .. الخ.
شيمون بيريز يظل مواطن اسرائيلي حكم اسرائيل في فترة معينة وترقى في مناصب الدولة ضمن مناخ سياسي واجتماعي عربي ودولي له استحقاقات وعليه متطلبات، فالمشروع الاسرائيلي في السلام مع الفلسطينيين والعرب لم ينتهي ولن ينتهي إلا بمعاهدات كاملة وعادلة مع العرب ووفق شروط مرضية للطرفين. رحيله كان فرصة حتى نتيقن من أهمية الدور الانساني والسياسي الذي نحتاجه لاستكمال خطوات السلام وإنهاء حالة الصراع والعداء بين الطرفين والتى كلفتنا الكثير وأعاقت الكثير ودمرت الكثير، رحيله في الواقع لم يكشف عن توقنا للسلام بقدر ما كشف عن حالة مازوخية في رغبتنا بالإنتقام من كل من يموت من الطرف الآخر، رحيله كشف عن سلوك بشع وثقافة عدائية وتاريخ كامل من اللاشئ ما عدا ثرثرة دينية وخطب قومية وشعارات وطنية وتعبئة دينية تم بيعها مع اتفاقيات الأسلحة ورفع الحصار الاقتصادي واستمرار بعض الانظمة العربية والحكام الطغاة على سدة الحكم.
نحن شعوب لا تريد ان تفهم الواقع ولا أن تغير وعيها ولا أن تدرك معنى القوة والهزيمة وكيفية النهوض، فطوال سنوات وجود اسرائيل والدول العربية كان التفوق نصيب من يعمل، نصيب من جعل من جامعاته تحتل اعلى المراتب في مؤشر الجامعات العالمية، نصيب من يسعى الي السلام والتعايش وهو يمتلك القوة العلمية والعسكرية والتكنولوجية، بينما كانت الهزيمة من نصيب من يدعو بالموت على أعدائه، من يقتلهم خلسة وليس عبر مواجهات عسكرية، من يلعنهم فوق المنابر بينما يستخدم منتوجاتهم العلمية والتكنولوجية بشراهة، من يظل يجتر تراث الدين وأحاديث الدين وأوهام الدين بينما في واقعه لا يقدم اي اكتشافات علمية أو فلسفية او اخلاقية تعينه على المواجهة وفرض شروط السلام.
يا ترى كم نحتاج ان يموت من اعدائنا الذين صنعناهم نحن بضعفنا وتخلفنا حتى نفهم ان العداء ليس صفة مستمرة، فالسياسة لا عدو دائم فيها، وكم نحتاج ان نلعن ونشتم غيرنا حتى ندرك ان الكراهية لا تؤذي الا صاحبها فقط، وكم قرونا نحتاج حتى نصل الي تعلم مفاهيم ومبادئ الحداثة والتنوير والعلمانية حتى نعرف الفرق بين السياسة والدين، وبين الكراهية الدائمة ومتطلبات السلام، وبين ان نكون بشرا نحمل الانسانية الي العالم وبين بقاؤنا أسرى مخلفات التاريخ الاسلامي.
من يحتاج اليوم الي الرثاء والهجاء، ليس شيمون بيريز، فلن ينفعه اليوم شدة هجاؤنا او طيب رثاؤنا بعد ان رحل عن الحياة، بل نحن من نحتاج الي الرثاء والهجاء طالما بقيت الكراهية عنوانا لنا في كل نظرتنا ورؤيتنا وتعاملنا مع الآخر المختلف.



#عبدالعزيز_عبدالله_القناعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البوركيني والكاوبوي الاسلامي
- مكانة الدين في مجتمعاتنا العربية بعد تطبيق العلمانية
- لماذا يحن العرب الي صدام حسين اليوم؟!!
- لماذا تتجه المجتمعات الخليجية نحو التطرف الإسلامي؟
- العقل العربي وحصار الدين والحاكم العربي
- الأخ رشيد وإخفاق الإسلام والمسلمين
- دونالد ترامب والكراهية الإسلامية
- احداث باريس وشهية المسلمين
- العلمانية مصدر الحياة
- الخوف من نقد المقدسات الدينية
- المواطن الكويتي والإرهاب الإسلامي
- أزمة لا يمثلون الإسلام بالعقل العربي
- دعوة الي التنوير
- بناء الإنسان العربي الحر
- العلمانية .. دليل الثورات العربية التي لم تكتمل
- معلمة كافرة وسيد يغتصب الأطفال
- التعليم المختطف من الدين والقبلية
- الإسلام لن يكون الحل أبدا
- اسلام البحيري والأزهر وأكذوبة الإصلاح الديني
- العلمانية والدين الاسلامي


المزيد.....




- تاريخ اليهود والمسيحيين في مكة والمدينة حتى ظهور الإسلام
- أكسيوس: فوز ممداني جعل نبرة كراهية الإسلام عادية في أميركا و ...
- انتخابات الصوفية بمصر.. تجديد بالقيادة وانتظار لبعث الدور ال ...
- حاخام يهودي دراغ.. صوت يرتفع دفاعا عن الإنسانية
- ثبتها حالاً تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعر ...
- “تحديث ثمين” تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصناعية بإشار ...
- شاهد.. مسيرات حاشدة في محافظات يمنية تبارك انتصار الجمهورية ...
- عيد النائمين السبعة: قصة مسيحية تنبئ الألمان بالطقس
- الاحتلال يعتقل شابا من -الأقصى- ويبعد أحد حراس المسجد
- 45 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالعزيز عبدالله القناعي - في رثاء وهجاء شيمون بيريز