أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - إبراهيم ابراش - أصوليات زمن العولمة














المزيد.....

أصوليات زمن العولمة


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 5287 - 2016 / 9 / 17 - 13:42
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


بالرغم من التعارض والتضاد ما بين مصطلحي العولمة والأصولية من حيث إن العولمة تتطلع للانفتاح الاقتصادي والثقافي والتقارب بين الشعوب والثقافات والوصول للمواطنة العالمية ، بينما الأصولية تُحيل للتطرف والانغلاق ورفض الآخر ، إلا أن المشهد العالمي اليوم يشير إلى التلازم بينهما أو صوغ علاقة سبب ونتيجة أو ولادة الشيء من نقيضه .
فمنذ أن تم التبشير بزمن العولمة في العقد الأخير من القرن الماضي ، كان من المأمول أن تؤدي العولمة ، بما هي إزالة الحدود والحواجز بين الدول والشعوب ثقافيا وسياسيا واقتصاديا ، إلى وضع حد للشعوبية والتطرف والانغلاق على الذات وأن يتحقق الحلم الرومانسي بتحويل العالم إلى قرية كونية يعمها السلام والهدوء ، إلا أن ما جرى أن العولمة انقلبت على أصولها ، والعالم تسوده حالة من الشك والقلق وألا يقين ليس فقط في الحاضر بل بالمستقبل أيضا ، حيث الإرهاب يتمدد ويضرب في كل مكان وترد الدولة بمزيد من التضييق على الحريات والانغلاق على الذات ،وتتراجع اهمية ودور المؤسسات الدولية ، هذه الأخيرة التي تحولت لشاهد زور على ما يجري في العالم من فوضى وإرهاب ومجازر .
لقد أنتجت العولمة نقيضها ، من شعوبية وطائفية وعنصرية وإثنية ويمين متطرف والأصولية بكل أشكالها ، بل عادات القبلية والعشائرية إلى المجتمعات العربية والإسلامية بشكل غير مسبوق بحيث بدت هذه الشعوب وكأنها لم تعرف الدولة من قبل ! .
قد يكون صحيحا أن العولمة الاقتصادية قطعت اشواطا مهما فيما يتعلق بالتجارة والاستثمارات أو حركة رؤوس الاموال و ثورة المعلوماتية خصوصا الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي ، إلا أن العولمة فشلت في التماهي مع أصولها دون ذلك من الأمور ، حتى على المستوى الأول فلم يخلُ هذا المُنجز من أصولية ، فقد ظهر ما يسمى (أصولية رأس المال) كما قال بعض المفكرين . كل ذلك يستدعي إعادة النظر في صحة ودقة الحديث عن زمن العولمة ، أو على الأقل إعادة النظر في غالبية التعريفات التي أعطيت للعولمة والتي حاولت أن تضفي عليها طابعا اخلاقيا وانسانويا ، بل وصل الأمر ببعض المفكرين الغربيين – فرنسيس فوكوياما - لنعي زمن الأيديولوجيا والصراعات الدولية .
بدل توحيد العالم وتقارب الثقافات انفجر العالم في حروب وصراعات : تفكيك الاتحاد السوفيتي ، تفكيك تشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا واندلاع حروب وصراعات البلقان وشبه جزيرة القرم على أسس طائفية وعرقية ، الحرب الأهلية في السودان وتفكيكه ، حروب الخليج الثلاثة واحتلال العراق وتدميره وتفكيكه ، تفشي الصراع المذهبي بين الشيعة والسنة ، انتشار الجماعات الدينية الإسلامية المتطرفة والتي كان للغرب يد في تأسيسها بداية مع تنظيم القاعدة ثم لاحقا مع تنظيم الدولة (داعش) ، وأخيرا وليس آخرا صناعة فوضى (الربيع العربي) وتدمير واحتلال دول ومجتمعات كالعراق وليبيا واليمن وسوريا ، وخلق فتنة في أخرى كالعربية السعودية ومصر وتونس الخ.
لم تقتصر مفاعيل العولمة المتعارضة مع منطقها الأول على دول الجنوب بل توغلت في بلدان الغرب ، ولم يكن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي بعد الاستفتاء الذي جرى يوم 23 يونيو 2016 ، بسبب ضغط اليمين المتطرف والنزعة الشوفينية ، الحالة الوحيدة لارتكاسة العولمة في العالم الغربي بل ستمتد الظاهرة لبقية دول أوروبا ، حيث كتبت جان ماري لوبان رئيسة الجبهة الوطنية لأقصى اليمين في فرنسا على حسابها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر بعد الاستفتاء مباشرة " لقد حان الوقت لإجراء استفتاء في فرنسا وغيرها من دول أوروبا."
إذن ما جرى في بريطانيا جزء من ظاهرة صعود اليمين المتطرف وهو شكل من الأصولية والشعوبية التي لها نضير في كثير من دول أوروبا ، كحزب " الجبهة الوطنية " في فرنسا الذي تتزعمه جان ماري لوبان ، وحزب " الحرية " في النمسا ، وفي الدنمرك "حزب الشعب الدنماركي " بزعامة بيا كيارسغارد ، وفي السويد حزب " الديمقراطيين " ، وحزب " البديل " في المانيا ، وحزب " التقدم " في النرويج الخ ، وفي الولايات المتحدة الامريكية فإن اليمين المحافظ واليمينيين الجدد صعدوا إلى مواقع قيادية في الإدارة الأمريكية منذ الثمانينيات ، ونموذجهم الأكثر تطرفا اليوم المرشح الرئاسي دونالد ترامب ، وفي إسرائيل حيث التوجه نحو اليمين غير مسبوق .
ومع ذلك فهناك فرق بين ما يجري في الغرب بشكل عام وخصوصا صعود الاصوليات أو اليمين المتطرف أو المحافظين الجدد ، وما يجري في العالم العربي والإسلامي مع ظاهرة الأصولية الإسلامية . صعود اليمين المتطرف وظاهرة الأصولية في الغرب غالبا ما تعزز الدولة القومية وتحافظ على الهوية القومية وتحقق أهدافها غالبا بوسائل ديمقراطية وحضارية ، بينما اصولياتنا فإنها مفَتِتة ومُذَرِرة لوحدة الشعب والهوية ومُدمرة للدولة الوطنية وتستعمل العنف لفرض تصوراتها كما تثار شكوك حول علاقاتها مع قوى أجنبية .
مع أن بعض الكُتاب حذروا مبكرا من أن تؤدي العولمة لأمركة العالم على حساب المجتمعات والدول الضعيفة ، إلا أن ما لم يُنَظِر له الكُتاب والمفكرون أن يستعمل الغرب وخصوصا واشنطن ورقة الإرهاب والتطرف الديني وسياسة (الفوضى الخلاقة) بالتعبير الامريكي لتدمير الدول والمجتمعات التي تعادي المصالح الغربية . فهل سيدرك العرب والمسلمون أن ما تمارسه التنظيمات الإسلامية المتطرفة كتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة (داعش) في سوريا والعراق وليبيا وغيرها من الدول ، ليس صحوة إسلامية بل جزءا من سياسة (الفوضى الخلاقة) الأمريكية والتي تصب في خدمة الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل ، حيث تعيش هاتان الدولتان عصرهما الذهبي فيما تعيش الأمتين العربية والإسلامية عصر الانحطاط ؟ .
[email protected]



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس خوفا من هزيمة حركة فتح بل خوفا على الوطن
- ما وراء ، ومَن وراء تضخيم الخلاف بين الرئيس ومحمد دحلان ؟
- شكرا شعب فلسطين
- هل تعي الاحزاب الفلسطينية ما هي مُقدمة عليه ؟
- أين فصائل العمل الوطني والإسلامي مما يجري في الضفة الفلسطيني ...
- حركة فتح والانتخابات والمسؤولية الوطنية
- البرنامج الوطني الاستراتيجي للوحدة الوطنية
- الانتخابات المحلية مغامرة سياسية وعوار دستوري
- حتى تكون الانتخابات استحقاقا وطنيا وديمقراطيا
- فشل الانقلاب في تركيا نصر للعرب وفلسطين
- أزمة الاتحاد الأوروبي وفشل رهانات العولمة الثقافية
- الجامعات الفلسطينية : ما لها وما عليها
- االمصالحة بين تركيا وإسرائيل تستنزف رصيد حركة حماس
- ما وراء إثارة مسألة خلافة الرئيس أبو مازن
- في ذكرى الانقسام : مقاربة مغايرة
- الوجه الآخر من الصراع
- لماذا يتعثر المشروع الوطني الفلسطيني ويتقدم المشروع الصهيوني ...
- الشعب الفلسطيني يفتخر بتاريخه ورموزه الوطنية
- في قطاع غزة حالة غضب على الجميع
- في ذكرى النكبة نستحضر تاريخنا الوطني


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - إبراهيم ابراش - أصوليات زمن العولمة