أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - العهر السياسي و ثقافة المدن الفارهه















المزيد.....

العهر السياسي و ثقافة المدن الفارهه


حسام جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5268 - 2016 / 8 / 28 - 18:50
المحور: الادب والفن
    


رأيته فجأه أمام باب البيت !!!
وجهه كما هو و جسده كما كان
عيونه خفت بريقها و لم تعد تجذبني كالسابق
ابتسم في عيوني و احتضنني لم أعرف ماذا أفعل لازالت الصدمة تطرق متاهات الماضي
تجمدت أصبح الباب يشبهني في جحوده .
رفض الدخول فشحوب وجهي وضح له الأمر
بقى ينظر لعيوني بصمت مرت دقائق ثقيلة قبل أن يقول :
تعال معي فأنا عدت مجددا !!!
هل تتذكر كيف كنا ؟ سترجع تلك الأيام .
مسك يدي و ركض وسط الشارع عبرت بيتي لبعض الأمتار تناغمت أفكاري القديمه و عدت طفلا كما كنت ارقص و اضحك و العب و وسط تلك الذكريات ظهرت إشارة المرور لمنع السيارات من العبور تلك الأصوات التي تخرج من سائقين متذمرين إعادتني إلى الجمود الذي اغتصب كياني منذ خمس سنوات
خمس سنوات مرت و انا على هذا الجمود .
لماذا عاد !!!؟
هل لكسر الحصار عن نفسي بعد أن تركها !!!!
عاد و كأن شيئا لم يكن !!!!
عاد ولكني لست بخير أن أراه مجددا .
أصبح صوته يأتي من أوكار كابوس سحيق و أبتسامته لن يعد لها ذاك الذوق و ذاك الإحساس .
هل فعلا تغير ؟
هل تخلص من عقده التحدي التي بسببها سحب ورقة الامتحان و مزقها لانها تحمل علامه كامله أعلى منه !!؟
هل ترك كرة القدم التي كنت احاربه لكي يتركها !!!
سمعت بأنه انشىء نادي كامل و أصبح كابتن هههه
قالوا لي قبل أن يرحل : ستفشل أن عشت بدونه فأنتم تكملون بعضكم و انت أكثر إحساس منه لذلك ستفشل !!!!
صوت المحلات ليلا و حركه الناس تجعلني أشعر بالوحدة لم يعني لي الصوت و الحركه بالامان فكتاب واحد من مكتبة ابي تجعلني أكثر أمان و استقرار !
سألته عن الدراسه فقال أنها بخير و أنه أحرز المركز الأول .
قلت له : مبروك (بدون نكهات أو عطور تلمق )
عيونه ترسل إشارات مشتتة لم تدخل إلى أعماقي !
طلب مني أن ازوره بالبيت القديم الذي اشيح بنظري عنه لمده خمس سنوات و لم أمر بذلك الزقاق منذ رحيله لمدينه أخرى
انتقل لتكون له مكانه ثقافيه و شعبيه فالثقافة لا تخرج من أزقة عشوائيات و مدن مقهورة بالكبت و النفايات تنتشر على أركان مدارسها و مستشفياتها !!!
الثقافه أصبحت حكرا للاغنياء و الإبداع و النجاح الزاهر لتجار الشركات الاستثماريه و بيوت فارهة تطل على منتجع سياحي و مطاعم لا يدخلها إلا من يطلب اكلات مميزة و مستورده من الخارج !!!
يغدقون علينا بأفكار التحرر و القيم الإنسانية و هم لم يزوروا الشارع المطحون بالفقر و الكبت الاقتصادي و الديني و السياسي !!!
يتكلمون عن الحب و هم ياخذون حصص النفط كلما زادت قيمه قلة الوعي تزداد سرقه النفط فلا حب و لا عشق في زمن السرقات و عدم المساواة !!!
فكيف إذا بكاتب مستقل يسكن في الإيجار و في مدينه مغلقه وجوه أطفالها سمراء و شبابها المبدع يسكن في غرفه واحده يتكدس مع أهله فيها كما تتكدس الأموال في جيب كاتب أصبح مثقفا لأنه يملك المال و طبع كتبه في لبنان أو الإمارات !!!!
كتب عن الفقر و الحب و الأمل و الحرية و هو لم يشعر بها لم يعيش لا فقر و لا حب و لا يعرف أمل أو حرية ولكن مجرد انتماءه لحزب مسيس و تبعي أصبح اسمه يكتب أمام واجهة المكتبات و المؤتمرات و الندوات و يلقي محاضرة في الابداع و غيره من الكتاب الشجعان يموتون على رصيف الأسواق الحره لكنهم أحياء في مواجهة التحديات و الإقبال على المخاطرة من أجل قلمهم الحر الذي لا ينتمي لحزب أو جماعه بل ينتمي إلى الوجوه السمراء الضاحكة و ازدحامات مواصلات الطرق و تراب الزقاق الحر الذي اكتسب كرامه و لم يتملق كي يصعد و يسيس قلمه من أجل شهرة أو مال .
أصبح العهر السياسي مرتبط بثقافة المدن الفارهة !!!!

المثقف من وجهة نظره هو من يسكن في مدينته الجديده و يمسك في يديه سياره غربيه بشكل مميز و يرتدي ساعه من ماركة عالميه و ملابسه تتجدد كل أسبوع و يلدغ بلسانه بحرف الغين !!!!
لم أعرف أنه مثقف إلا عند لدغه حرف الغين ههههههه !!!!
وضع هذه الصفات امامي و هو يشير بيده إلى اطفال يتعاركون باسلحه بلاستيك .
- كيف تعيش هنا يا حسام فأنت تختلف عنهم !!!؟
- انا منهم اختلف معهم لكني لا زلت منهم .
- لم أعد افهمك لست انت الذي كان يركض بساحة المدرسة و الطلاب وراءك لأنك انتقدت الأستاذ و قلدت عليه !!!!
- انا كما انا و لحد الآن انقد الشرق و الغرب و أعارض الأستاذ .
لكن لم يختفي بريق عيوني كعيونك التي اختلفت منذ أن تعلمت اللذغ بحرف الغين !!!
ضحك ضحكة مدويه جعلتني أصاب بالعدوى و اضحك معه .
طلبت منه أن يكون سعيد و صادق بحياته و سلمت عليه كي إذهب للبيت .
مسك يدي و أخرج من جيبه كارت اصفر يحوي كل أرقام هواتفه وضعه بين اصابعي و ضغط عليها و قال :
- انا بانتظارك .
-لا تنتظر فلقد نسيت عنوانك و نسيت الخمس سنوات !!!!
- انا .......
- انت الان يجب أن تذهب إلى الدفء في بيتكم و دعني ارسم لك ذكرى طفوله كما كانت قبل 5 سنوات !!
إذهب و لا تحاور .
تسمر في مكانه و لم ينطق تركته في دوامة و عبرت الشارع نحو العوده .
بقى الكارت الأصفر يعكس ألوان مميزه كلما عبرت من مصدر إنارة .
رجعت للبيت و استلقيت على السرير انظر للسقف و بيدي لا زال الكارت يضغط
جلبت هاتفي لإتصل به لكنني تذكرت أن الامتحان غدا سيكون صعب في مدرسة الحسين أطلق على مدرستي تيمنا بالحسين لتكون رمزا للتعليم و القيم ضد الظلم ولكن نفس الاشخاص الذين أطلقوا عليها الاسم اختلسوا أموالها و هربوا !!!!!!
نمت و نسيت أن اراجع الكارت و اطلب الرقم مرت أشهر و سنوات و أصبحت كبير بما يكفي لمحو الماضي .

بعد لقاءنا مرت أربع سنوات أخرى لتتجدد الذكرى من جديد
عندما رأيت ابن عمه الصغير في السوق ألقى التحيه و قال هل تعرف ماذا حدث لصديقك ؟!!!
- لا أعرف فأنا لم أراه منذ أربع سنوات .
- لقد أصبح مجنونا و ترك دراسته لم يتحمل تلك الحياه و ذاك العيش .
- كيف ذلك و متى حدث ؟؟؟
- منذ سنتين فهو لم يتاقلم مع أصدقائه الجدد و شعر بالوحدة و لا أعرف كيف أصيب بالاكتئاب المهم هو مجنون الآن و في مصحه للأمراض العقليه .

أصابني الذهول لم أعد اسمع صوت السوق و صراخ البائعين مشيت دون وداع مخترق الصفوف و التدافع من بين أجساد الناس أصبح التنفس غايه في الصمت و الانحدار .
وصلت بصعوبة للبيت ألقيت ملابسي و فتحت الماء ليسقط على جسدي تداخلت الأفكار أصبحت أعمى من شدة الصابون اهتز جسدي بشيء من الخوف و الخدر .
هل كان أكثر إحساسا مني لكي يفشل !!!!
هل بريق عينيه أصبح من المستحيل أن يعود إليه إلا بالجنون !!!
هل ابتعاده عن وجوه الزقاق القديم افقده التركيز و سحب عقله !!!
أخرجت من خزانتي قطعه ذهبيه أنها هديه منه أعطاها لي قبل أن يغادر الزقاق .
ضغطت عليها مطولا لعلي أرى فيها بريق لكنها رفضت أن تعطيني اياه .
فلقد رحل البريق بين عينيه و فارق الحياة .



#حسام_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عناق محرم
- ادب ام قلة ادب
- استحمام متحرر
- انتحار المعارضين داخل قلمي
- على قارعة الطريق
- خانة الذكريات تنتظر ديسمبر ( الجزء الثالث )
- خانة الذكريات تنتظر ديسمبر ( الجزء الثاني )
- خانة الذكريات تنتظر ديسمبر ( الجزء الاول )
- الإعلام العالمي الجديد في أوطاننا العربية
- حوار مع دول الجوار
- الحداد على الضمائر
- اجنحه هائمه في الكراده
- ماء مقطر
- مذكراتي مع وزير
- يجب ان يمحى
- محرومات و محرمات
- محاربة الاحساس
- لا تتحرر الا بنفسك
- حتى تموت النداهه
- جذور من الخوف


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام جاسم - العهر السياسي و ثقافة المدن الفارهه