أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - وهم المصمم العاقل..كون بلا عقل















المزيد.....



وهم المصمم العاقل..كون بلا عقل


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 5261 - 2016 / 8 / 21 - 18:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- التصميم والنظام والعشوائية – جزء ثان
- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان (53) .
- تأملات وخواطر إلحادية – جزء ثانى عشر .

فى الجزء الأول من ملف ( وهم المصمم العاقل..التصميم فاعل طبيعى) تناولت عدم منطقية إنساب الوجود والحياة لصانع عاقل متكئاً على المنطق كأداة عقلية نتعاطى بها مع المسائل الفكرية , ولكن يبدو أننا لا نميل إلا تجريد الأفكار ومنطقيتها , ليطلب الحوار على لسان الزميل نعيم إيليا إثبات أن الكون لا عقل له , لأعلن عن إستعدادى تقديم عشرات ومئات الأمثلة التى تثبت ذلك بل لن نجد مشهد وجودى واحد إلا ويثبت أن الحياة والوجود لا عقل يديره ويخططه وينظمه فهو فعل طبيعى بلا عقل .
كنت أنوى تدوين هذا المقال فى مفاهيم مجردة عن النظام والعشوائية ولكن سأصيغها من خلال طرح مشاهد وإلقاء أسئلة لأحث العقول المُفكرة على البحث لتستنتج بذاتها المفاهيم من خلال جدالها وبحثها فى بعض الصور الوجودية لتراجع مفاهيمها القديمة وتضعها على المحك .
سنعتنى فى هذا الجزء بمفهوم الغائية المرادف لفكرة المصمم العاقل , فالمُصمم لابد أن يكون صاحب غاية وإفتقاده للغاية يفقده فرضية المُصمم العاقل ويدخل به إلى العبثية واللامعنى , لذا عندما ننفى غائية الحياة والوجود فإننا ننفى وجود مُصمم عاقل يُخطط ويُنظم ويُدير الكون , وسنثبت هذا من خلال عرض بعض المشاهد من ملايين المشاهد الوجودية .

- أرى أن الفهم المغلوط للحياة والوجود هو تعاطينا مع فكرة الغائية لتكون منهجية تفكير رافقت الإنسان القديم حتى المعاصر . لذا فتبديد وهم الغائية سيُجهز على فكرة الآلهة والأديان ويدق المسمار الأخير فى نعشها , فمن فكرة ومنهجية الغائية خلقنا الإله وتسربت رؤى ومصالح الأقوياء والنخب فى السيادة والهيمنة من خلال المعتقدات والأديان فهكذا رسمنا غايات الآلهة .
لقد حولنا مظاهر الحياة الطبيعية إلى غايات الآلهة ومراميها فى سياق إسقاط الإنسان ذاته على الطبيعة مما أدى إلى مفاهيم مغلوطة فى التعاطى مع الحياة والوجود مازالت سائدة فى الفكر العربى حتى الآن للأسف .
لن يكون مدخلنا لتبديد وهم الغائية أن نخترقها من قلعتها المتهالكة بالقول أن وجود الغاية لدى الإله يعنى وقوعه تحت الحاجة والرغبة مما يبدد كماله وألوهيته المُفترضة , علاوة أن كثير من الغايات الإلهية تُنبئ أنه شرير أو ذو أفعال تبدو متناقضة عبثية لننصرف عن هذا ليكون تبديدنا لوهم الغاية بالتناول العقلى العلمى المنطقى .

- من العبث أن نقيم للحياة غرضاً وهدفاً بالمعنى الإنساني لهذه الكلمة , لأن كل من يقول بوجود هدف معين فهو إنما يفكر في وجود نموذج سابق يستقى منه رؤيته ويطلب تحقيقه بينما تكوينات النموذج السابق واللاحق هو فكر بشرى فى النهاية .

- الغاية من المفاهيم التى إختلقها الإنسان ثم نسى أنه من خلقها فلا وجود يحتوى على غاية بل نحن من نمنحه الغاية فهو بدون غاية فى ذاته .. نتوهم أن الاشياء ذات غاية , فالشجرة تقدم لنا الغذاء فتصبح ذات معنى بالنسبة لنا ثم نقفز لنتوهم أن ورائها صاحب غاية يتولى إطعامنا لنخلق الجدوى .. الشجرة متواجدة قبل حضور الإنسان بملايين السنين تنتج ثمارها , فكون حيوان أو إنسان يتطفل عليها ويقتات منها فى وقت لاحق فلا ترتيب ولا غاية فى ذلك . الإنسان جرب أن يأكل تحت رغبة الحاجة فإستحسن طعامها فإعتبر بتعسف وغرور إنها تواجدت خصيصاً من أجله ولم يلحظ انها كانت قبل وجوده .

- الفرق الجوهرى بين تفكيرنا والحالة الوجودية للجماد والكائنات الحية الأخرى إننا نفكر ونتعامل مع الوجود بطريقة مختلفة عن باقي الموجودات كوننا نستخدم البنيات الفكرية السببية والتنبؤية , كما نستبق المستقبل في التعامل مع الخيارات فمن هذا التمايز نتميز عن باقي البنيات الوجودية الأخرى, لنتعامل مع الخيارات في زمن ماض و حاضر ومستقبل , أما باقي البنيات الجامدة والحية فهى تحت الطبيعية المتاحة فى إنعدام إدراكها بالزمن أو كجزء من زمن ماضي مع لحظة آنية فقط , فلا تستطيع القفز من الحاضر إلى المستقبل في تعاملها مع الخيارات لتعيش فى إطار حالتها المادية والبيولوجية .

* دعونا نلقى الضوء على بعض التصورات لمفهومنا المغلوط عن الوجود والذى تسوقه دائما رغبة نفسية عميقة بأن الوجود تواجد من أجل الإنسان ففى آية " وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ "سنعتنى بفكرة أن النجوم هى مصابيح للزينة وسننصرف عن كونها رجوم للشياطين فهى من التهافت واللامعقولية لنتناولها .
عندما نسأل عن الغاية فى وجود النجوم تجد الإجابة الساذجة بأنها بمثابة مصابيح للزينة فى ليل سمائنا .. نجوم كمواقد نووية متأججة تعادل شمسنا أى أكبر بمليون مرة من حجم الأرض لتظهر فى سمائنا كنقط باهتة وُجدت كمصابيح !!
لو تسايرنا مع هذا التصور الإنسانى القديم لغائية وجود النجوم , فكم نجم يتراءى لنا فى السماء عندما تكون صافية لتكون كمصابيح , ألف .. عشرة آلاف .. مليون , ولكن الكون يحوى أكثر من 200 مليار نجم فى كل مجرة من ال225 مليار مجرة , فما الغاية من وجود هذه المليارات من النجوم إذا كانت لن تتراءى لنا كمصابيح .؟!

* للأرض قمر واحد يضئ ليله بالرغم من عدم حاجتنا لضوء القمر فى عصرنا الراهن , ولكن كوكب المشترى له 64 يدرون حوله , فما الغاية والتصميم والحكمة أن يحوى كوكب مهجور كالمشترى على كل هذه الأقمار بينما الكوكب الآهل بالحياة لا يملك إلا قمراً واحداً , فهل هذا فعل مصمم عاقل ذو حكمة أم فعل الطبيعة التى لا تبحث عن غاية أو حكمة لتخضع فقط للقانون المادى الذى منح المشترى 64 قمرا وبخل على الأرض بقمر واحد .

* مازلنا نقول الشمس تشرق وتغرب بالرغم علمنا أن الشمس لا تتحرك حول الأرض , بل الأرض تدور حول نفسها لنحظى على ما يسمى الشروق والغروب ورغماً عن ذلك تظل اللغة القديمة للبشر سائدة , فما سبب سريانها على الالسن حتى الآن ؟.. هذا يرجع فى تصورى إلى الإعتياد على الإجابات السهلة , فالشمس نراها تشرق علاوة على أن حركة الشمس حول الارض تعطينا إحساس بالأهمية والمحورية . تعبير الشمس تشرق وتغرب يعطينا رؤية فكرية بأنه ليس إجماع البشر على فكرة وسيادتها يعنى صحة هذه الفكرة .

* دعونا من أقوالنا المغلوطة تلك , لنجد الشمس تحقق الشروق والغروب منذ أربعة بلايين عام , وستظل تفعل ذلك بوجود البشر أو بدونهم إلى أن ينتهي وقودها بعد 4 بلايين عام أخرى وهذا يعنى أنها لم تتواجد من أجل البشر، كذا تفعل ذات الشيء على المريخ والكواكب الأخرى بدون معنى , كذلك مليارات النجوم في هذا الكون الشاسع لها كواكب تدور حول نفسها لتشرق شموسها عليها سواء كانت عليها حياة أو لم يكن .!
سؤالنا : ما الغاية من شروق الشمس على الأرض قبل وجود الإنسان بملايين السنين ؟, وما الغاية وما الجدوى من شروق الشمس على بقية كواكب المجموعة الشمسية الخربة ؟ , وما الغاية والتصميم من شروق ال200 مليار نجم فى كل مجرة على ما يتبعها من كواكب وأجرام .

* دوران الارض حول محورها أمام الشمس كسبب لحدوث النهار والليل..هذا المشهد ليس ذو إعتناء وترتيب من الأرض أو الشمس أو من إله يمد يده ليحركها حول محورها , فحركة الأرض حول محورها هو لإتزان الأرض ذاتها وكون هذه الحركة واجهت الشمس لتنتج الشروق والغروب على وجهى الكرة فهو أتى هكذا فلو لم تدور الارض بحثاً عن توازنها فلن تكون مكاناً يستقبل الحياة ولن يأتى من يقول : أنظر إنها تدور حتى تنتج لنا النهار والليل .. الغريب أنه لم يسأل ذاته لماذا كانت تدور قبل وجود الحياة على الأرض ؟! . دوران الارض هى حركة المادة فكونك إستفدت منها وخلقت لها معنى فليس هناك إعتناء بمعناك فأنت تواجدت فى المشهد فقط وكونت إنطباعك .

* على نفس المنوال نسأل ما الغاية والتصميم والحكمة فى وجود الزلازل والبراكين والأعاصير قبل وجود الإنسان على الأرض , فإذا كانت عقاب للكفرة وإبتلاء , فماجدواها قبل وجود الإنسان ؟! . وبالمثل فلنسأل ما جدوى وجود الزلزال والبراكين على الكواكب الأخرى المهجورة ؟! فهل نحن أمام صانع عاقل يفتقد الحكمة والتدبير أم فاعل طبيعى لكون بلا عقل وبلا غاية .

* منتجات الطبيعة وراءها صانع عاقل أم فعل الطبيعة ؟.
دعونا نتأمل هذه الصور :
جبل صخرى على شكل فيل
http://www.hawaway.net/media/images/70ad0e531e.jpg
جبل على شكل جمل
http://elgornalimages.elgornal.net:45680/images/news/thumb/2015/2/4/635586246966564702_656.jpg_q_1.jpg
جبل على شكل بروفيل لرأس انسان
http://www.kinggawy.com/media/k2/items/cache/04af3f34de2f909b68ae5d07ed6ca171_XL.jpg
جبل على شكل جماجم
http://vb.jro7i.net/img/girls-top.net_1356196230_900.jpg
صخرة شاطئية على شكل تمساح
http://www.sarkosa.com/vb/imgcache/46819.imgcache.jpg
جبل على شكل رأس سلحفاة
http://vb.elmstba.com/imgcache/almstba.com_1340760589_340.jpg
جبل على شكل غزال ورل
http://www.hawaway.net/media/images/c0e3908b21.jpg
إله الجبال
http://vb.elmstba.com/imgcache/almstba.com_1340760586_188.jpg
هذه مجموعة من الصور لأشكال صخرية على هيئة فيل وجمل وورل وتمساح ورأس إنسان ولنبدأ أسئلتنا بعد أن نتمتع بطرافتها .
- السؤال الأول : من هو مُنتج هذه الأشكال أى ما سببها وسببيتها وما الغاية ؟ وهل هى مصممة أم فعل الطبيعة العشوائى ؟! أمامك إختياران لا ثالث لهما إما أن تعزى تلك الأشكال إلى صانع عاقل أو كفعل عشوائى من منتجات الطبيعة ؟ فهل هناك نحات إستحضر إزميل وشاكوش لتشكيلهم أم جاءت من عوامل التعرية والنحر على مدار ملايين السنين ؟.
- السؤال الثانى : كيف إستقبلت هذه الصور لتراها تتشابه مع مخزوتك المعرفى عن حيوانات , فهل يمكن ان تتصور الجبل على شكل فيل بدون أن تدرك شكل الفيل فى وعيك أم لا ؟. ألا يعنى ذلك أن الوجود المادى هو الذى يحدد ويشكل آفاق وحدود وعينا ومعارفنا وأنه لا وعى مستقل وسابق للوجود المادى ؟.
- السؤال الثالث : هل هذه الأشكال الصخرية كانت بهذا الشكل الموحى بفيل أو تمساح منذ آلاف السنين وهل ستستمر بنفس هذا الشكل الموحى بعد آلاف من السنين الأخرى أم ستتغير؟ و لنسأل عن نظرية النحات وفعل الطبيعة , فوفقا لنظرية النحات فهو فى عمل دؤوب منذ آلاف السنين ماسكاً أزميله وشاكوشه للتشكيل وما أن إنتهى من عمله وتشكلت الصورة أمامنا فسيستمر أيضاً فى النحت والحفر حتى تضيع ملامح التمثال الصخرى , أما وفق نظرية الطبيعة فهى تبنى أشكال وفق قوانين الطبيعة الحاكمة لها بدون وعى , فلا يعنيها أن تكون أشياء جميلة أو قبيحة , طريفة أو غبية , متقنة أم ساذجة , فستستمر فى إنتاج أشكال بلا تخطيط أو تدبير كونها غير عاقلة ولا مُريدة ولا صاحبة تصميم أو غاية وهذا ما يطلقون عليه العشوائية , فأى الرؤيتين منطقية وعقلانية ؟.
- السؤال الرابع : طالما تطرقنا للصانع والمصمم العاقل فهل من المنطقى القول أن مصدر كل النيران عود كبريت ؟ًَ! .

allah-fish_1358440i.jpg*
هذه الصورة تعطينا إيحاء برسم إسم الله ولو دققنا سنجد أنها غير واضحة ولكننا عصرنا ذهننا لنجعل الرابط يتواجد بالرغم من عدم وضوحه .. ليس معنى ذلك أن الطبيعة عاجزة أن تعطى ترسيمات لإسم الله أكثر وضوحاً فليس هذا بالشئ المستحيل فمن وسط تريليونات المليارات من المشاهد الطبيعية يمكن أن نجد رسم إسم الله بالعربية أو الإنجليزية أو أى اسم لأى أحد منا بصورة أكثر وضوحاً ,ولن نحتاج لجهد كبير فى التبيان, فالأمور مُمكنة الإحتمال أن تحدث ولكن نظراً لندرتها فنحن نسميها صدفة ويُسميها المؤمنين معجزة .
ليس غريباً أن نجد هذا المشهد الذى نراه نادر ومدهش وطريف وشاذ عما نألفه ولكنها لن تُثير إنتباه طفل صغير ولن تحرك فيه الدهشة والغرابة لعدم وجود أى صور مسبقة فى عقله الأخضر لهذه المشاهد .
هذا يقودنا بأننا من خلال الصور المختزنة فى أرشيف دماغنا نُكون وعينا وأفكارنا وفق ما منحتنا الطبيعة إياه .. لتتأكد الرؤية الفلسفية بأسبقية المادة على الوعى و تقوض فى طريقها كل الأفكار المثالية والواهمة والمتصورة بأن الوعى يسبق المادة .. فالمادة هى التى تتقدم على الوعى وتُشكل ملامح الفكرة وأبعادها وآفاقها , ومع وجود صور مكتسبة من الطبيعة تتكون الافكار لدينا ليتم إستنفارها عندما نشاهد صور من الطبيعة تقترب مع ما تَكون لدينا من صور سابقة بينما الطفل لم يحظى بهذه الرؤية لعدم وجود مشاهد سابقة فى مخيلته .
من السخف القول أن الإله المفترض يعلن عن ذاته وإعجازه بكتابة إسمه على ظهر سمكة .. نحن نعيش وجود طبيعى لا يرسم الأشياء بإرادته وغير عاقل ولا مَعنى ولا مُهتم بتصدير رسالة لنا أو حكمة ما للإقتداء , فنحن من نحاول أن نجمع المشاهد المتواجدة لنلصقها مع بعضها لنكون فكرة هى نتاج ماهو موجود فكل محتواها وجذورها من واقع مادى , ثم نتخيل وهماً بأن هناك رسالة ما ورائها.!
لا يعرف العقل الواعى العيش فى الحياة بدون أن يخلق روابط بين الأشياء , فالحياة بالنسبة لنا ليست صور منفصلة بل هى قدرتنا على تجميع الصور بصورة منطقية أو خيالية لخلق مفهوم نتعاطى به .. ومن هنا نحن لصقنا صور الطبيعة مع بعضها وأسقطناها على كيان يشبهنا وجعلناه قادر على تشكيل وتكوين الصور وإرسال الرسائل .

* الحجر يقع من فوق الجبل بسبب الريح ولكن هل هناك غاية للريح بإيقاع الحجر!!.. كذلك هناك سبب لإستدارة الصخور والأحجار على الشاطيء نتيجة ضرب الأمواج المستمر لها , ولكن هل غاية الأمواج جعل الأحجار تبدو كروية؟! .. من هنا يتضح أن كل مشاهد الوجود تنتج ذاتها بدون غاية بل تحت الظروف المادية العشوائية التى أنتجتها لتبقى الغائية فى الإنسان كعادة ذهنية باحثه عن المعنى والجدوى ليقاوم فى داخله صدمته من وجود مادى لا يقدم معنى ولا غاية .

* عند الذهاب إلي الشاطئ نجد أحجاراً متناثرة ليست بعبثيّة الترتيب بل تتدرج فى حلقات من الأكبر إلي الاصغر كلما بعدت عن الشاطئ , ليقول اصحاب الفكر الميتافزيقى أن هذا الترتيب المُنظم لايمكن أن يكون حدث بدون تدخل أحدهم , فلا يمكن أن يحدث الأمر بلا نظام ولا غاية .!
الذي يتسائل عن ترتيب الاحجار يعتقد أن هناك من رتّب تلك الاحجار رافضاً كل محاولة للشرح أن الأمواج العبثيّة هي التي نظمت كل هذا ! فالأحجار الكبيرة نسبياً تسقط قريبةَ من الشاطئ بينما تذهب الاصغر إلي مكان أبعد ! هذا كافٍ لمن يسأل عن ترتيب الاحجار فهى نتاج قوة دفع الأمواج كفاعل طبيعى ولا يوجد فاعل عاقل قام بذلك .

* نستطيع تفسير سقوط الأجسام نحو الأرض , وتفسير كيف يشكل النهر مجراه وكيف ينحت موج البحر والرياح الجبال ألخ , دون ان نعتمد على تخطيط فكري غائى مُسبق وذلك بالإعتماد فقط على العناصر الموجودة والآليات الفيزيائية والكيميائية التي تؤثر وتتفاعل , أما فى حالة الجهل وتصاعد الأنا والنزعة النرجسية والإغتراب الفكرى فستنطلق ميتافزيقا الغاية لتدلو بدلوها وتسرد لنا قصص طريفة ساذجة .

* نفرح بوجود الذهب والماس على أرضنا ونتخذ من هذه المعادن النادرة وسيلة للتمايز الطبقى , ولنسأل : ما المعنى , وما الجدوى , وما الغاية من وجود تلك المعادن النفيسة بوفرة فى كويكبات وكواكب مهجورة فى الفضاء . ؟!

* لو نظرنا إلى مجرى ماء يسقي حقلا وفجاءة تنهار احد الحواف ويبدأ الماء يتسرب منه وبعد قليل تصبح الفتحة من الكبر بحيث أن كل الماء يخرج منها ويغير اتجاهه وليجف الاتجاه السابق للمياه لنضوب الموارد. هل كان ذلك ذو خطة وغاية ؟ بالتأكيد اللاخطة , وهذا بالذات الذي يقرر مصير الموارد الكونية ايضا ومن اين سينبع فرع جديد واين سيموت فرع قديم بدون غاية أو هدف .
الاهدارات الكبيرة في عدد مرات التكرار تبرهن على ان العملية برمتها عبثية بلا خطة ، وهذا بالذات مصدر قوتها , فالذي يدفع الأشياء لمزيد من الحراك يتوقف على المورد الاصيل المتمثل فى الطاقة التى لم يجري استنضابها وستبقى العملية مستمرة مابقي هناك طاقة غير مستقرة , فالعملية سعي الطاقة الى التوازن ولاشئ اخر .

* من أنتج هذه الصور السافلة وما غايته : الطبيعة أم الإله
هذا المشهد يعتنى بالعشوائية والنظام , والغاية واللاغاية , والمعنى والحكمة واللا معنى , والمادة التى تسبق الوعى أم الوعى الذى يسبق المادة .
فلنشاهد هذا الفيديو أولا الذى يصور ثمار من الطبيعة تشبه الاعضاء الجنسية للرجل والمرأة .
http://www.youtube.com/watch?v=nO-GsDwYwtI
هذه الصور طريفة وغريبة بالفعل , وقد يراها البعض سافلة فاضحة خادشة للحياء , لنسأل من أنتج هذه الصور الطبيعية ؟ فإما وراءها مُصمم عاقل لديه حكمة وغاية , وإما فعل الطبيعة العشوائى الغير عاقل المتحرر من الغاية والمعنى , فأيهما تُرجح ؟
سنسأل بداية من أنتج وكَون وشَكل هذه المنتجات لتجد حضور فى ذهننا بهذه الإيحاءات .. هل هى الطبيعة المصمتة الغير واعية أم إله قدير حكيم .؟! . الإعتقاد بأن هذه المشاهد الطبيعية إنتاج إلهى بإعتبار عدم وجود مُنتج فى الوجود خارج عن خلقه وإبداعه وترتيبه ومشيئته ستضع هذه الإجابة فكرة الإله فى مأزق وحرج شديد .. فهل الله الداعى للحشمة والعفه وغض النظر والبعد عن المثيرات والشهوات يُرسل لنا إيحاءات ومدلولات جنسية فاضحة تُثير الإنتباه وتستدعى مشاهد وخيالات مختزنة وتدفع إنسان شبق كالرجل الشرقى للإثارة ؟!.. هل من اللائق أن تكون هذه التكوينات الفاضحة منتجات إلهية فيها تصميم وغاية وحكمة ؟ أم انها منتجات عشوائية من الطبيعة جاءت من وسط مليارات المشاهد العشوائية فى الطبيعة لتنتج مشاهد كتلك الصور , فمن المنطقى أن نحظى وسط هذا الإنتاج الهائل من الطبيعة على تكوينات تقترب من صور نعهدها تستدعى صور مختزنة فى ذاكرتنا ومعارفنا السابقة لندرك طرافتها وغرابتها بدون أن يكون وراء ذلك تصدير غاية أو معنى أو حكمة .. أى أننا أمام منتجات أنتجتها الطبيعة الغير واعية ولا المُدركة ولا المُنظمة بشكل عشوائى غير مَعنية ولا مُعتنية ولا بذات قصد أوغاية أو نية .. فأيهما تختار ؟.
هل يمكن ان تكون لهذه الصورة معنى وتلميح بدون آن ندرك صور قديمة للآعضاء الجنسية أى هل وعينا مستقل عن الوجود المادى أم وعينا جاء من مفردات الوجود المادى ؟
سؤال آخر بخصوص السفالة فعندما رأينا هذه المشاهد قلنا عنها قبيحة سافلة كونها تعلن بشكل فاضح عن أعضائنا الجنسية فمن أنتج كلمة السفالة ؟ فهل جاءت كلمة السفالة أو الجمال أو القبح أو الحب من إنطباع الإنسان أم جاءت لديه من إيحاء خارجى .. من إجابة هذا السؤال سندرك من ينتج المعنى والأخلاق والخير والشر .

* الأرض تكونت من الفوضى التى تمثلت فى الإنفجار العظيم لتنطلق كالشظية الساخنه لتبرد وتتهيأ على مدار ملايين السنين لإستقبال الحياة بينما لم تُسعف أى شظية من مليارات الشظايا أن تتهيأ عليها فرص الحياة .. أليست نظام جاء من رحم العشوائية أم غاية وتدبير وحكمة من إله قدير فشل فى تكرار تجربة إقامة حياة !!.
نعتقد إننا تواجدنا لغاية إلهية على سطح الشظية وتوهمنا أن القنبلة خُلقت من أجلنا لكن الوجود غير مَعنى بأوهامنا ولن يحاسبنا على سوء فهمنا وغرورنا فالوجود غير عاقل ولا مُدرك وليس له أى خطة أو غاية .

* تأمل مشهد كوكب الأرض عندما كان يحفل بالحياة منذ مئات الملايين من السنين قبل وجود الإنسان , فكائنات تعيش وتنمو وتتكاثر وتتطاحن وتموت وتندثر , وشمس تشرق وتغرب , وأمطار غزيرة تسقط على الوديان والبوادى بلا تمييز , ونباتات تنمو وتموت , وغابات ثرية بالنباتات والحشرات والحيوانات , وحياة حبلى بالصراع بين الكائنات التى تعيش عليه , وأمواج بحر رائعة لا تكف عن المد والجزر بلا مصطافين , ومحيطات هائلة تحفل بتريليونات الأسماك يأكل بعضها بعض .. كل هذه المشاهد وأكثر دارت على مدار مئات الملايين من السنين قبل حضور الباشا الإنسان فلمن كانت الحياة ؟ وما معناها حينها؟ لمن يتوهم أن الموجودات سُخرت للإنسان ؟! .. لقد كانت حياة فقط .

* كل صراعنا الشرس وحروبنا وأحلامنا وأمانينا وحضارتنا وخططنا المستقبلية ستتبدد مع فناء الأرض لحظة إرتطام نيزك ضخم بها ليضيع كل شئ .. نحن نعيش اللحظة ونتصور أنها النظام ونتوهم أن كل هذا الوجود جاء من أجل سواد عيوننا مستقراً آمناً مرتباً بينما نحن لحظة هدوء فى عشوائية الوجود الغير مَعنى ولا مُعتنى ولا مُهتم .. فكوكبنا تعرض لمآسى فى بداية تشكيله ولكن إستطاع الصمود فهل سيقدر على البقاء .. بقاءه مرهون بحظه من الكوارث وقدرته على تحملها وستندثر الأرض فى يوما ما ويظل الكون والوجود دون أن يكترث أو يهتم بما آلت له الأرض كما كان هناك وجود قائماً قبل أن تظهر الأرض .

* أعشق البحر وأراه الحياة والجمال ويزداد إحساسى به عندما أسير وحيداً على الساحل الشمالى بالأسكندرية لأقضى الساعات مع البحر أتأمله فهو لا يكل ولا يمل عن الحركة لأتذكر أصحاب الإيمان عندما يقولون أن الله خلق الجمال والطبيعة لنا ليمتد تأملى بمشهد البحر قبل وجود الإنسان , فلمن أنتج هذه الحركة الدؤوبة الرائعة من الأمواج التى تفتنى منذ مئات الملايين من السنين , فلمن كانت تنتج مشاهدها الرائعة ؟!.. هى تنتج مشاهدها بلا روعة ولا تقدمها لأحد .. نحن من تواجدنا أمام مشهدها فلنتوهم ونحلم كما نشاء أنها لنا , فالبحر لا يقدم شئ وعقلنا هو الذى يقدم الإنطباع والمشاعر والأحاسيس الجميلة .

* نحن نتكون من تخصيب بويضة أنثوية بواسطة حيوان منوى واحد من ملايين الحيوانات المنوية كحالة من الصدفة والعشوائية البحتة , فإذا تبدل الحيوان المخصب بحيوان منوى أخر من هذه الملايين , فإننا أمام صور أخرى من أنفسنا غيرالصورة الحالية . عندما نضع عملية التخصيب فى وضعية زمانية مكانية ستعطينا ملايين الحالات المختلفة بمعنى أن وجودى من عملية التخصيب تلك سيأتى بنتائج مختلفة حسب الجغرافيا والمكان الذى إحتضن التخصيب , فمثلا فى الهند غير مصر غير رواندا غير كولومبيا , كذلك لو حدث التخصيب فى زمن الأغريق غير حدوثه فى عصر حجرى أو عصر بابلى أو عصر حديث , ففى كل حالة سنحمل موروث جينى ثقافى إجتماعى قيمى شديد الإختلاف والتباين حسب حظ عملية التخصيب وزمانها ومكانها من الجغرافيا .. سنحمل موروثات ومعتقدات ورؤى وأمزجة شديدة التباين حسب عشوائية عملية التخصيب .. لى مقولة قد تفيد فى هذا المقام " الإيمان هو نتاج عملية تخصيب بويضة ما بحيوان منوى ما .. تم فى زمان ما .. فى مكان ما ".

* طالما يريدونها نظام وتصميم فلنتأمل مشاهد الوجود وفق هذا المشهد ولنلغى فكرة العشوائية واللاغاية .. أسير بجوار جبل عال فيسقط حجر على رأسى فلا يكون هذا المشهد عشوائياً بلا غاية بل هناك إله مُفترض يجلس فى غرفة عمليات يحسب المسافة بين رأسى وبين الحجر ومعدل سيرى , إلى أن اقترب من مرمى إطلاق الحجر فيضغط على زر التحلل أى إنفصال الحجر عن الجبل ثم يضغط على زر الجاذبية حاسباً المسافة وسرعة سقوط الحجر وزمن السقوط لتتوجه نحو رأسى .

* إنسان يصاب بفيروس المرض فلا يكون لمروره على مكان ملوث بالفيروس مثل أدوات مريض بل هناك إله جالس فى غرفة عملياته يأمر الفيروسات بالإنتقال عند لمس أدوات المريض بل الإنسان يتوجه رغماً عن أنفه إلى مكان الفيروسات لينطلق الأمر الإلهى فهكذا يؤمنون بالقدر والمشيئة .!
أيهما نتقبله عقلاً ومنطقاً أن الحجر سقط بشكل عشوائى بلا غاية ولا ترتيب أم هناك من يجلس فى غرفة العمليات لقذف الحجر ؟! فيروس إخترق الإنسان عندما أتيحت الظروف المادية الغير مرتبة لذلك أم إله يوجه ويقود الفيروس ؟!
فكرة الغاية والترتيب والقدر الإلهى جاءت من جهل الإنسان بالمسببات وليقوى هذا الوهم الأنا التى لا تطيق أن تكون تحت رحمة طبيعة مادية صامتة لا تعقل , لا تطيق أن تكون بلا إعتناء وبلا مصور فيديو يصور أحداثها السعيدة والمؤلمة .!

* عندما نستعرض حياتنا المعيشية التى نراها منظمة فإننا نكون واهمون أيضا فمهما تشابه نظام يومنا الإعتيادى فلن يتطابق مع يوم الأمس أو يوم الغد لأننا ببساطة نكون مررنا على الزمن والمكان بكل تغيراتهما وتبادلاتهما ..فالماء لا يمر فى النهر مرتين .الأدهى أن الحدث الذى نراه نظامى كذهابنا للعمل كل يوم هو حدث واحد من آلاف الإحتمالات المَفتوحة والمُفترضة ولا يوجد أى فرضية فيها مستحيلة .
بداية لن يكون ذهابنا للعمل بشكل نظامى متطابق دوماً فى كل مرة فسنقابل وجوه مختلفة فى كل مرة وظروف مناخية مختلفة أيضا وأشياء كثيرة وعلى مقولة أبى : عليك أن تحمد الله أنك تذهب إلى كليتك فلا يسقط حجراً على رأسك أو سيارة تصعد الرصيف لتدهسك أو ...أو .. بالفعل أبى محق فى فكرة الإحتمالات المفتوحة التى ممكن أن تواجه المرء وغير محق فى فكرة إلهه الأسطوري الحامى .. مُحق لأننى لو تركت لعقلى بعض الحرية فى تصور سيناريوهات ممكن أن تواجهنى فى مسيرة يومى المعتادة سأجد أننى أعيش حالة متفردة وسط مئات الإحتمالات المفتوحة والتى من الممكن أن تتحقق بسهولة لتحيل يومى ألم وشقاء .

* الحياة كلها عبارة عن لحظات غير متكررة وعشوائية وكل حدث فيها جاء بإعتباطية شديدة من بطن حبلى بمئات وآلاف وملايين الإحتمالات لا تستوقفنا إلا إذا أصابتنا بالألم والحيرة .. نحاول بلع الحياة وعيشها من خلال تصور علاقات منظمة نخلقها ونسير فيها حتى لا تصاب أدمغتنا بالدوار .. نحاول أن تتوافق رغباتنا مع قوانين المادة .. نحاول أن نفهم ماهى المادة حتى يكون تصرفنا متماشيا مع نسقها العام فلا نتألم أو نتوه كثيرا .

* نحن نتاج لحظة ما فى الزمان والمكان تحدث بدون وجود مقياس يقيسها أو نظام تستشف منه قانون محدد التوقع لأننا فى كل النماذج التى طرحتها لا يوجد قدرة على التوقع سوى فى سياق الظرف الزمانى والمكانى , بمعنى آخر أننا يمكنا أن نحكم حكم نظامى أو بخطوط عريضة على لحظة عشوائية وفوضوية كأن نتوقع أن عملية التخصيب الناتجة ستعطينا إنسان أسمر البشرة وسنسميه محمد وسيدين بدين الإسلام ويتكلم العربية ويتحلى بصفات وسمات شرقية المزاج والهوى .. النظام لدينا تكون من فكرة التخصيب فى الإجمال ولكن سنجد ان كل المنتجات الناتجة عن التخصيب متباينة وغير متكررة .

- نستطيع أن نفهم لماذا لجأ الإنسان منذ أن وطأت قدمه الأرض إلى فكرة الغائية كمنهج تفكير , فالإنسان كائن نفعى يبحث عن منفعته الخاصة للحفاظ على وجوده وهو فى هذا لا يختلف عن أى كائن بيولوجى لتتخلق فى داخله غايات تبحث عن التحقيق فى ظل غموض الوجود وقسوة الحياة إضافة إلى جهله بالعلاقات بين الأشياء مع إدراكه أن هناك لحظة مستقبلية قادمة تحمل الغموض والتوجس والأمل ليبحث فى ظل هذا الخضم عن علل ومخططات مأمولة ومن هنا جاءت الغاية , ولكن هذا الفهم عندما يتناول الطبيعة يكون خاطئاً كونه يفسر الظواهر الطبيعية حسب منفعة وإنفعالات ورؤية إنسانية بينما المادة لا تستجيب لرؤى آملة متوهمة أو إنفعالات أو حالة نفسية مزاجية .

- الغاية نتاج وعى أدرك الوجود واللحظة الماضية والمستقبلية فإدراكنا الواعى باللحظات التى مرت بنا ويقيننا أن هناك لحظات مستقبلية سنمر بها خلق فكرة الغاية فى الداخل الإنسانى لنسبب الأسباب وخلق المُسببات حتى ولو بتهور لتأتى إشكالية فهمنا للوجود من كوننا نقحم عليه غاية ليست منه ومن هنا أنتجنا أفكار ومعتقدات وخرافات فى ظل هذه المنهجية الباحثة عن غاية فى وجود بلا غاية .

- الطبيعة لاتبحث عن غاية ومعنى , فالغاية والمعنى مفهوم واعي لكيان واع ضمن منظومة ثقافية انسانية عاقلة بينما الطبيعة وجود مادى نبحث له نحن عن معنى يتوافق مع أسقف وآفاق إحساسنا ومشاعرنا وإنطباعاتنا لينتج تساؤلات ومعرفة .. الطبيعة ليست لديها تساؤلات وبالتالي لاتحتاج الى غايات .

- العلة الغائية حالة من الإغتراب الفكرى عن الوجود المادى يحركها البحث عن المنفعة , فالإغتراب الفكرى نتاج عجز وفهم خاطئ للعلل والوجود لتنتج حالة اغترابية تؤدي إلى قلب علاقات الأشياء حتى أن الإنسان يضع كثيراً العلة مكان النتيجة والفرضية مكان السبب .!
عندما يغترب الإنسان أي عندما يبحث عن العلل بدون أن ينجح في بحثه نتيجة إفتقاره للمعرفة مع تشبثه بمحاولة فهم الوجود بمنظور الأنا الذاتية سينتهي به الحال إلى تفسير الظواهر الطبيعية التي تخضع للحتمية بتفسيرها إنطباعياً حسب ما يشعر به ووفق ما يريد فهمه ليسقط هذا النهج الفكرى المقلوب على الظواهر الطبيعية فيقول أن الأشياء تواجدت وخلقت لهذه الغاية والوظيفة فينزلق في التفسير الغائي بشكل لا شعوري ويصل به الحال إلى النرجسية متوهماً أن وجود الكائنات الحية جاءت من أجل سواد عيونه , وليبلغ به الشطط والتخريف حداً ليتوهم أن غاية الكائنات والوجود المادى الجامد هو السجود والتمجيد والتسبيح للإله , وبالطبع لن ننحدر فى بحثنا الذى يبغى تفنيد وهم الغائية بتناول هكذا صور خرافية وهلوسات .

- لا يجرؤ دعاة الغائية الإعلان عن فكرة الغاية عند التعاطى مع الوجود الفيزيائى بالقول مثلاً أن غاية الاكسجين هو صدأ الحديد كذا غاية الرياح إسقاط الأمطار فسيكون كلامهم مهترئ عابث , فالوعى السائد عن المادة أنها غير واعية بينما السلوك الهادف صفة الوعى وبالتالى لا يمكن أن تكون الطبيعة هادفة علاوة أن المادة ذات سلوك حتمى لا يحيد عن الخط الحتمى المعروف إلا تحت تأثير سبب خارجى مادى طبيعى أيضاً .

- العقل أدرك القوانين العلمية من رصد لسلوك المادة بعد وعيه بشكل قوى الطبيعة المحركة للظواهر والمتحكمة فيها فلا شيء يستطيع أن يخرج عنها , كما أن المستقبل كما الماضي كما الحاضر في عيون العلم والوجود المادى , وعليه لا يكون أى معنى للغاية فى ظل حتمية مادية , فالأمور تسير فى إتجاه علاقات مادية فحسب , فحالة تفاعل حامض مع قلوى سينتج ملح حتماً ليصبح من العبث القول أن الحامض يتحد بمركب قلوى من أجل تكوين ملح أو أن الشمس تسقط أشعتها على الأرض لتجلب الدفء أو لتكوين فيتامين d فى أجسادنا وهذا يقربنا من مفهوم العشوائية التى تعنى فى رؤيتى إنعدام الغاية المُوجهة , فسقوط الشمس على الأرض جلب الحرارة كحالة مادية وجودية غير هادفة .

- عندما يقال أن وظيفة الكلوروفيل فى النبات تصنيع النشا يكون هذا القول قولاً غائياً يمنح الكلورفيل فعلا إرادياً وظيفياً بينما القول أن النشا يتكون حال وجود الكلوروفيل قول حتمى يرصد الحالة بدون إدخال فرضيات لسنا فى حاجة إليها كقولنا السابق أنه في حالة تفاعل حامض مع قلوى ينتج ملح وليس القول أن الحامض يتحد بمركب قلوى من أجل تكوين ملح فكلمة (من أجل)هذه تفتح الباب أمام الغائية بينما الأمور بالنسبة للكلورفيل والملح غير موجهة بل تفاعلات طبيعية أنتجت مواد إستطعنا أن نميزها ونعطى لها معنى .

- القانون العلمى ذو صياغة حتمية لا يحشر وجهة نظر خاصة فى المشهد الطبيعى , فالقانون الذى يتناول الغازات القائل "عند ثبوت درجة الحرارة يزداد الضغط بصغر الحجم بحيث يكون حاصل ضربهما ثابت ". لا يصح صياغته بشكل غائى بالقول "يحاول الغاز زيادة ضغطه إذا قل حجمه والعكس من أجل إبقاء حاصل ضربهما ثابتاً عند ثبوت درجة الحرارة فهنا تم وضع فعل إرادى اختيارى ذو غاية للغاز بينما الغاز مادة غير واعية تسلك وفق سلوكها المادى فحسب .

- إعتبار الظواهر الطبيعية واقعة تحت تأثير غائية يأخذنا الى فرض غير مقبول عقلياً أن الوظيفة سبقت الماهية , وأن التفاعلات الكيميائية العضوية هى تفاعلات تمت بقوى غائية وهذا ما يرفضه العلم والعلماء , فقد يبدو لنا أن حركة يد الحيوان فى إتجاه الغذاء فعلاً هادفاً للحصول على الغذاء من أجل توفير الطاقة الكيميائية الضرورية للحياة , ولكن التفاعلات التى إنتهت إلى تخليق السعرات اللازمة لهذه الحركة هى تفاعلات عمياء غير هادفة كونها حتمية مادية , أما مشكلة التناقض بين مظهر الظواهر الحية الغائى وجوهرها غير الغائى فيمكن تبديدها بتجنب صياغة الظواهر البيولوجية صياغة غائية والاكتفاء بوضعها فى صيغة حتمية كمنهجية تفكير وبحث ومعاينة مثلما تعاملنا مع القوانين الفزيائية .

- المرتع الخصب لأدعياء الغائية تكون فى البيولوجيا ولا يكون هذا إتكاءاً على منطق أو علم يقدمونه بل لكون البيولوجيا شديدة التعقيد والغموض وعصية على الفهم وتحتاج لجهد جهيد وأبحاث كثيفة عميقة لإدراك عمق وجذور الظواهر البيولوجية , لذا تجد الأسئلة تندفع فى السؤال عن كيفية تكوين الخلية الحية والعين والبروتين وهكذا .
يظهر بعض اللاهوتيون بثوب يتمسح بالعلم كأصحاب نظرية التصميم الذكى الذين لا يقدمون أى رؤية علمية بل أسئلة ودهشة وغموض وأفواه مفتوحة بنثر ملاحظات كثيرة عن التعقيد فى الحياة لنقول كان حرىّ لهؤلاء الذين يسألون أسئلة حائرة أن يقدموا نظريتهم وفهمهم ويشرحوا لنا شرحاً دقيقاً بخطوات كيف تكون البروتين والخلية الحية والعين بواسطة فاعل غائى , ولكن ستجد بالفعل إفلاس وفشل تام فثقافتهم لا تعدو قصة الخلق الطينية الخرافية لتكون وسيلتهم اللعب على جهل الإنسان وإبهاره بالتعقيد .

- سبب وعينا المغلوط بالنظام والغاية هو أننا نعيش لحظة نظامية متوهمة فأسقطنا هذا الوعى على الوجود بينما الحياة على الأرض حالة إستثنائية لم تتكرر ومسيرها للفناء بنيزك طائش وقد تجد مصيرها فى ثقب أسود .. فنحن لا نستطيع العيش مهددين بهكذا إحتمال .. نحن نخلق لحظة نظامية وسط وجود غير منظم ليس له خطة ولا غاية .. لا نعرف العيش أمام سيناريوهات مفتوحة ولا نتحمل الحياة وسط صور ومشاهد ليس بينها رابط فنحن من نخلق الرابط والسببية أو نقرأه بطريقتنا .

- نرى المشاهد فى الطبيعة فنتصور ان هناك من يرسل لنا برسالة خاصة أو يريد أن يمتع عيوننا بطبيعة ساحرة ليرتب مثل هكذا أمور بينما هو إنتاج عشوائى من الطبيعة ليس مَعنياً ولا مُهتماً بل نحن من نحاول أن نخلق من العبث معنى وقيمة وجمال .
نحن نعيش وجود غير مَعنى ولا مُعتنى يمارس حركته وثورته بعشوائية شديدة لينتج مشاهده بلا قصد ولا غاية ولا حكمة .. بوعينا الذى إنفصلنا به عن الطبيعة إمتلكنا القدرة على مراقبتها ورصدها .. ولكننا لا نستطيع العيش وسط سيناريوهات مفتوحة راصدة فى كل لحظة لعشرات ومئات الإحتمالات فهذا هو الوسواس القهرى الذى عندما تنطلق آفاقه سنقترب من الجنون .. وسط هذه الحيرة وفى ظل قصور معرفى غير مدرك لأغوار العالم المادى مع تواجد حالة نرجسية للذات ترى تمايزها عن كل الموجودات تتسرب فكرة صاحب العلة والغاية والمعتنى والمهتم ...يغذيها فكرة أننا أدركنا الألم وإختزنا ذكرياته الأليمة فليتواجد صاحب العلة ليوفر لحظة أمان من لحظة مستقبلية خائفة وقلقة وليجعل من هذه العبثية والعشوائية معنى وقيمة .

- مشكلتنا فى فهم الوجود أننا نبحث عن الغائية والترتيب قبل التعاطى مع المشهد الوجودى .. نسعى لخلق غاية أولا فى الأشياء لنحاول أن نستخلص من المشهد غاية ومعنى .. هذا ليس عيب فى ذاته فنحن لن نعيش الحياة بإستقبالها كصور فقط بلا معنى ولكن الإشكالية هى توهم غاية وتثبيتها وتصور أنها مرتبة وذات ترتيب لتغمرنا خصيصاً , فعسل النحل لم يأتى إلا من وجود زهور النباتات لينتج النحل العسل كمخزون غذائى له منذ 150 مليون سنه قبل وجود الإنسان لنأتى نحن فى نهاية التاريخ لنتطفل ونسطو عليه لنتصور أن هناك غاية ذات ترتيب أنتجت العسل لنحظى عليه فى فطورنا .

- نحن نعيش وجود طبيعى لا يرسم الأشياء بإرادته غير عاقل ولا مَعنى ولا مُهتم بتصدير رسالة لنا أو حكمة ما للإقتداء , فنحن من نحاول أن نجمع المشاهد المتواجدة لنلصقها مع بعضها لنكون فكرة هى نتاج ماهو موجود فكل محتواها وجذورها من واقع مادى , ثم نتخيل وهماً بأن هناك رسالة ما ورائها .
لا يعرف العقل الواعى العيش فى الحياة بدون أن يخلق روابط بين الأشياء , فالحياة بالنسبة لنا ليست صور منفصلة بل هى قدرتنا على تجميع الصور بصورة منطقية أو خيالية لخلق مفهوم نتعاطى به .. ومن هنا نحن لصقنا صورالطبيعة مع بعضها وأسقطناها على كيان يشبهنا وجعلناه قادر على تشكيل وتكوين الصور وإرسال الرسائل .

- من الأهمية بمكان أن ندرك فلسفة الحياة والوجود كما هى , فالحياة ليست لها خطة أو تصميم ولا هدف أو معنى متأصل فلن تجد مشهد وجودى يحتوى على معنى أو غاية فى ذاته لنتغاضي عن هذه الحقيقة برؤيتنا المغلوطة عن الطبيعة لنتشبع بفهم ميتافزيقى يمتد فى فهم الوجود المادى وحتى عباراتنا العلمية فعندما نقول بأن الطبيعة تمارس الإنتخاب الطبيعى لنتصور أن الطبيعة تمارس عملية فرز وإنتقاء للموجودات الحية لتنتخب الصالح والقوى .
الطبيعة ليست لها عقل أو تحكم فى العمليات الحيوية لتنتخب هذا وتترك ذاك بل هى قدرة الكائنات التوافق مع مادية الطبيعة , فمن توفر له الظروف المادية للتواجد والإعاشة إستمر وبقى ومن لم ينسجم مع مادية الطبيعة ليعيش ويتكاثر اندثر . الطبيعة لا تعتنى ولا تعى لمن بقى ولمن إندثر فالآلية العشوائية للاختيار الطبيعي تحول دون أي احتمالية للتخطيط والتصميم , لذا فإن فكرة الهدف والتخطيط تصبح شئ زائد عن الطبيعة فلا قيمة لها ولا معنى , فهو عالم بلا غاية وبلا تخطيط وبلا هدف فلا يمكن أن تكون هناك تساؤلات عن المعنى , فالسؤال "لماذا" ليس صحيحاً عندما يستلزم الجواب المُراد منه غايةً أو هدفاً .

- الوجود والحياة مشهد عفوى عشوائى لا يحتوى على نظام وغاية , فالنظام محاولتنا لإيجاد علاقة مع الوجود .. النظام محاولة للتأقلم مع وجود ينتج مشاهده بلا إكتراث يمكن تشبيه علاقتنا مع الوجود بالمقولة الشعبية المصرية الذى يقول ان المصرى يصنع من الفسيخ شربات كناية عن قدرة المصرى على التأقلم مع الظروف وتطويعها والتعايش معها .. كذا الإنسان منذ البدء لا تكون صراعه مع الطبيعة والوجود المادى فقط بل القدرة على التأقلم وخلق صيغ يمكن أن تكون مفهومة تجعل للحياة معنى .. النظام صيغة للتأقلم مع ما تقذفه الطبيعة من صور عشوائية بحثا عن صيغة لفهم الحياة وإيجاد معنى لها ولمشاهدها .. لقد تماهينا فى التأقلم حدا أننا انتجنا منها الغاية فالكون وجد من أجلنا والنجوم مصابيح للزينه فى سقف سمائنا .!

- الإنسان خالق الأفكار والفكرة هى العلاقة الجدلية بين المادة والإنسان , فلا وجود لفكرة إلا وتستمد معطياتها ومحدداتها وآفاقها من العلاقة مع المادة حصراً , ومن هنا علينا إدرك أن الآلهة ماهى إلا فكرة خيالية مكوناتها صور مادية تكونت فى مخيلة الإنسان من خلال إستعارته لمفردات مادية فى واقعه ليلصقها بطريقة خاصة ويجعل منها وجود يعينه على تجاوز إشكاليات نفسية وذهنية عميقة .

دمتم بخير .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهم المصمم العاقل..التصميم فاعل طبيعى
- لغز داعش ؟ ابحث عن المستفيد .
- تأملات شيوعية .
- تحريف القرآن من المنطق ومن شهادة الصحابة
- التحريف فى الكتب المقدسة-تحريف الكتاب المقدس
- آيات ونصوص يجب مصادرتها وحظرها
- قضية للنقاش : هل هو إرهابى أم إستشهادى ؟
- تأملات لادينية فى الإيمان والأديان السبب والأثر
- خربشات ومشاغبات ومشاكسات-الأديان بشرية
- إنهم متبجحون-مائة خرافة مقدسة(من70إل85)
- أقوى تأمل وفكرة راودتنى
- السببية تنفى وجود وفعل الإله !-تأملات إلحادية(9)
- مغالطات بالجملة فى مفهوم السببية-خواطر إلحادية(8)
- تنبيط (4)-سخرية عقل على جدران الخرافة والوهم
- أيهما منطقى - تأملات إلحادية (7)
- منطق إله أم فكر بشرى عدائى إقصائى
- تأملات لادينية-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- إنها فكرة ومنظومة ضارة-تأملات إلحادية
- شيزوفرانيا على زهايمر-تناقضات فى الكتابات المقدسة
- وهم الخلق والخالق (2)- تأملات إلحادية


المزيد.....




- نتنياهو لعائلات رهائن: وحده الضغط العسكري سيُعيدهم.. وسندخل ...
- مصر.. الحكومة تعتمد أضخم مشروع موازنة للسنة المالية المقبلة. ...
- تأكيد جزائري.. قرار مجلس الأمن بوقف إسرائيل للنار بغزة ملزم ...
- شاهد: ميقاتي يخلط بين نظيرته الإيطالية ومساعدة لها.. نزلت من ...
- روسيا تعثر على أدلة تورّط -قوميين أوكرانيين- في هجوم موسكو و ...
- روسيا: منفذو هجوم موسكو كانت لهم -صلات مع القوميين الأوكراني ...
- ترحيب روسي بعرض مستشار ألمانيا الأسبق لحل تفاوضي في أوكرانيا ...
- نيبينزيا ينتقد عسكرة شبه الجزيرة الكورية بمشاركة مباشرة من و ...
- لليوم السادس .. الناس يتوافدون إلى كروكوس للصلاة على أرواح ض ...
- الجيش الاسرائيلي يتخذ من شابين فلسطينيين -دروعا بشرية- قرب إ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - وهم المصمم العاقل..كون بلا عقل