أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي سالم أبوزخار - لكي لا ننسى الجماهيرية .. وعاهاتنا النفسية















المزيد.....

لكي لا ننسى الجماهيرية .. وعاهاتنا النفسية


فتحي سالم أبوزخار

الحوار المتمدن-العدد: 5256 - 2016 / 8 / 16 - 17:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



جعل الدكتاتور معمر من السلب والغنيمة أسلوب حياة في الجماهيرية فاقتحمت البيوت وانتهكت حرماتها بحجة البيت لساكنه وجرمت ملكية أكثر من منزل.. اغتصبت الأراضي بحجة الأرض ليست ملكا لأحد .. وسلبت الشاحنات والسيارات بحجة السيارة لمن يقودها .. وبحجة الثروة للشعب فتحت أبواب خزينة الدولة على مصراعيها لسراقه وزبانيته .. وللإمعان في شريعة الغاب وظفت القبلية أبشع توظيف ودفع بالنعرة العصبية للإستلاء على أراضي وكسب تحالفات لصفه .. وجعل من الخيمة شعارا لجماهيريته.. وهذا توافق تماما مع ذكره الدكتور / مصطفي الحجازي حين يقول : " الإنسان المتخلف كالمجتمع المتخلف سلفي أساساً. يتوجه نحو الماضي ويتمسك بالتقاليد والأعراف بدل التصدي للحاضر والتطلع للمستقبلِ.” نعم الدكتاتور معمر متخلف وسلفي فلم يفكر في بناء دولة مدنية عصرية بل جعل من السلب والسطو النهب منهج وأسلوب للكسب في زربية الجماهيرية!!! بل وحرص على إلا يكون للجماهيرية أي معالم للسلطة وتملص من المسؤولية بترديد ترهاته "السلطة للشعب .. والسلطة الشعبية" وبذلك "حين تغيب السلطة أو يهزل وجودها يتحول المجتمع عندها إلى ساحة قتال وصراع على النهب، ما أمكن وبأكبر كمية متاحة " [3].

لا أدري هل هو النسيان أم التناسي بحكم الانقياد إلى طبيعتنا المادية التي تغفلنا عن الجانب الروحي والنفسي فينا. نعم تتوالى علينا شروخ نفسية خلال رحلة حياتنا إلا أن محطات الوقوف عندها قليلة جدا. بل أحيانا كثيرا لا نرغب في الإفصاح عنها حتى لا نوصم بالجنون. نخاف جدا من التطرق لحالاتنا النفسية حتى لا ننعت "بالبهلول"!!!
الحقيقة المرة هي أن الجميع في ليبيا والعالم يرزح تحت الضغوط النفسية ويبقى القليل هو المبالي بدرجة توازننا النفسي. في العالم المتقدم تجاوز الناس عقدة مراجعة الطبيب النفسي عند بدء الشعور بقلق أو بتصرفات خارجة عن المألوف. أما في ليبيا فمازال الخوف من وصمنا أو ختمنا بدمغة البهلول يطاردنا فهل من لحظة للوقوف للكشف عن حالتنا النفسية. والكاتب سينقل السلوكيات بعد النجاح في العلاج النفسي [1] لمقارنتها مع ما نراه من سلوك عند الكثير من أفراد الشعب الليبي وقد عددها الأستاذ علي عبدالرحمن الغوينم في الأتي:
1- النضوج والمهارة في تكوين علاقات اجتماعية انفعالية.
2- التوافق مع العمل أو المهنة أو ما يسمى الفاعلية في أداء دوره المهني بشكل جيد.
3- التوافق مع الذات من خلال تعلم العديد من الخبرات الجديدة وتوظيف الإمكانيات الفريدة لتحقيق الإشباع المعنوي والجسمي وغيره.
4- قدرة الفرد على أن يتبنى لنفسه فلسفة عامه في الحياة تسمح له بأن يتصرف بكفاءة ونجاح.
بمراجعة النقاط أعلاه سنعرف كم عانى ويعاني الشعب الليبي من خلل نفسي وعلل وعقد نفسية لا يعلمها إلا الله. وربما خلال حياتنا في ليبيا واجه كثر ثلاثة مطارق محطمة للنفس البشرية ولآدمية الإنسان يمكن تلخيصها قي ثلاثة مطارق.

مطارق تحطيم النفس:
عبر التاريخ عانى الشعب الليبي من اضطهاد المستعمر فكان أمام خيارين: أما التأقلم مع نظام حكم المستعمر ودفع الإتاوة بصيغ مختلفة باسم ألإمبراطور أو السلطان أو الخليفة أو الهروب إلى الجبال والصحراء. لقد تفاوتت الحرية خلال جميع العهود الماضية إلى بدأ تشكل الدولة الوطنية مع بروز عصبة الأمم المتحدة. عندها فقط بدأت ترسم بعض ملاحم المدنية المراعية لحرية الإنسان واحترام خياراته والحرص على تعليمه ولو بقدر. لكن استمرت الضغوط النفسية بدرجات متفاوته داخل الأسرة وفي المدرسة إلى أن جاء انقلاب 1969 فعم الظلم والقهر ليدخل تقريبا جميع البيوت الليبية. وكانت مطارق تحطيم النفس الليبية ثلاثة.

المطرقة الأولى: يولد الإنسان وهو يعيش الصراع النفسي من لحظة ولادته. ويبقى الأمان قبل كل شيء ما ينشده قبل الإشباع المادي. والبكاء الوسيلة الأفضل للتعبير عن الخوف من غياب الأمان ومناداة الأم لشم أنفاسها أو تحسس أحد أصابعها من أكبر المحسسات بالأمن والاستقرار النفسي للوليد الجديد قبل أن تباشر بإرضاعه لبن الإشباع المادي. الأم الواقعة تحت ضغط الذكورية من المجتمع والوالد قبل الزوج لا يمكن أن تعطي فرص كافية للطفل بأن يشبع من الحنان وخاصة لو كان أسلوب العقاب يعتمد على الضرب!!! بالطبع الأب هو الفحل الذي يزمجر على الكل ولا يتوانى في ضرب الأم مع الطفل في نفس الوقت. وهذا من أكبر المطارق النفسية التي يتعرض لها بعض الليبيين والليبيات خلال مرحلة الطفولة. وهنا سنجد أن الشعب الليبي في مأزق خطيرا لما تتعرض له المرأة من اضطهاد ذكوري مزدوج يتأرجح بين عنف الأب وتعنيف الزوج. فهكذا بالمجتمع المغبون الذي يرزح تحت دكتاتورية النظام والأب والزوج "يفرض على المرأة أكثر الوضعيات غبنًا في المجتمع المتخلف، انها محط كل إسقاطات الرجل السلبية والإيجابية على حد سواء . وهي تُدفع نتيجة لذلك الى اقصى حالات التخلف . ولكنها من هوة تخلفها وقهرها ترسّخ تخلف البنية الاجتماعية من خلال ما تغرسه في نفوس أطفالها من خرافة وانفعالية ورضوخ" [3].
المطرقة الثانية: ما أن يتحرر الطفل/ة من القمع المنزلي وعقد ذكورية الأب وجبروته ضد الأم إلا ويستلم بالعصا من باب المدرسة. فتمارس كل أنواع القمع النفسي ليضيع اللسان في غياهب أمعاء البطن ويتحول إلى أداة استقبال وتعطل عند الطالب/ة جميع امكانيات الإرسال ويبقى النسخ واللصق هو التعليم والتقييم. نسخ على الأمخاخ الصغيرة وتفريغ ولصق على ورقة الامتحان، ولو اضطرت المدرسة للغش لرفع نسبة النجاح، وتستمر المهزلة في امتهان آدمية الإنسان وحقه في التعبير والإفصاح عن شكوكه ولو كانت الشك في وجود الله!!!

المطرقة الثالثة مع الجماهرية:
الخروج للشارع قبل العمل كان إلى حد ما معقول، قبل عصر الجماهير!!!، فللشارع دور ايجابي في منع الناس من الجهر بالمعصية أو رفع الصوت بالكلام البدئي أو التعرض للناس بالمضايقات والمعاكسات بالشارع. ومع وجود فرصة متاحة للتعرف على أشياء جديدة إلا أنها قد تكون أحيانا خطرة لغياب المصارحة بين الأهل والأبن/ة. أما في دوائر العمل فكانت سمة الانضباط في العمل والتقييد باللوائح هي الغالبة. ولكنها تضاءلت وتلاشت بعد انقلاب العسكر في سبتمبر 1969. وجاء عصر الجماهيرية لتتحول الإدارة إلى إرهاب اللجان الثورية!!! فمورست أبشع أنواع الدكتاتورية الإدارية باسم الثورية والتصعيد الشعبي!!! وتحولت المسؤولية لمن لا يملك المؤهلات العلمية ولا الخبرة العملية والإدارية لكل من عنده تزكية من لجنة ثورية.. ومورس أبشع أنواع الإرهاب النفسي بالشنق في الساحات بل ووصل الانحطاط في ظل جماهيرية معمر لإعدام أساتذة أمام طلابهم وهم أطفال، في مدارس بأجدابيا!!! ومسلسل الرعب والإرهاب في شهر رمضان 1984 بالتأكيد أجهز على جميع التوازنات النفسية للحالة الإنسانية الليبية!!

وبات من أكبر المؤهلات لتولي معظم المناصب في جماهرية معمر هي نفث سموم وعقد الكراهية على الشعب الليبي بممارس الشنق والتعذيب ومداهمة البيوت وتهديم الأملاك والاستيلاء على الشاحنات والأراضي والبيوت والمحلات!!! بحجة السيارة لمن يقودها، والأرض ليست ملكا لأحد، والبيت لساكنه، والتجارة ظاهرة استغلالية.. فانفجرت الحالة النفسية للشعب الليبي بتقرحات وعقد نفسية دامية غاصت في أعماق الروح لتطفح كراهية وانتقام ظهرت مؤشراتها في فبراير ..نسأل الله السلامة..
حرص الدكتاتور معمر على أن يكون للكراهية عنوان .. فحرص على تخوين الأمازيغ الشمال باتهامهم بكراهية الأسلام والعمالة للغرب والدعوة للتقسيم ومنع أمازيغ الجنوب "الطوارق" من أي فرص للتعليم أو العمل إلا الانخراط في لواء المغاوير وأستغل الكثير عدم حيازتهم لأوراق ثبوتية مع أنهم أصولهم في أعماق الأرض الليبية والأنكى من ذلك أستغل جهل الكثير منهم في محاربة انتفاضة 17 فبراير! عمق أيضا الفروق الاجتماعية باضطهاد أهلنا التبو في الجنوب الشرقي وعمق الهوة بين الأخوة الأشقاء بمنطقة الجنوب. أستفز شريحة واسعة من المجتمع الليبي بادعاءاته القومية المغمسة بشوفانيه ونرجسية مقيتة. فاستمر الشعار المرفوع في جماهيرية الدكتاتور معمر الكره والحقد والحسد والسلب والغنيمة إلى 17 فبراير . ولكن مازال المثير من العاهات النفسية تلاحقنا وهي تحتاج للعلاج خلال المرحلة الانتقالية. ولكن علينا أن نعترف أنه مرض عضال!

الجماهيرية.. المرض النفسي العضال!!
ذكر الدكتور / مصطفى حجازي بأن "الانسان المقهور يراهن على خلاصه على يد الزعيم المنقذ دون أن يعطي لنفسه دورا في السعي لهذا الخلاص، سوى دور التابع المعجب المؤيد دون تحفظ، والمنتظر للمعجزة" [3]. يخاف الكاتب بأن هذا الأمر يتجلى بوضوح في ليبيا ما بعد جماهيرية القذافي فالجميع سلموا رقابهم لمن قدموا لنا من الخارج وتركناهم يعبثوا بمصائرنا وأموالنا دون حسيب أو رقيب! بل تطور الأمر إلى الاعتقاد في بعض الشخصيات التي راهن عليها كثر بأنها المنقذ لنا من الأزمة الليبية. ويستمر الأمل المظلل لبعض أهلنا في الشرق التمسك بالسيد خليفه حفتر وبعض اللإسلاميين في الغرب يرهنون مستقبل ليبيا في المفتي الدكتور صادق الغرياني. وآخرين يعتقدون في شخصية لا يعرفها الشعب الليبي السيد محمد الرضا كخليفة للملكية التي تبخرت مع انقلاب سبتمر!!!

حقبة الدكتاتور القذافي أذاقت الشعب الليبي جميع أصناف العذاب النفسي وبالتأكيد لم ينجى من ذلك لا الجلاد ولا الضحية! ويستمر معنا الأمل الكاذب في زعيم منقذ!!! وبذلك فالجميع ضحية دكتاتورية معمر التي لم ترقب إلا ولا ذمة في النفس البشرية الليبية فدفعت مريديه لنفث سموم الكراهية بالنهب والسرقة والشنق والقتل!!! فشلت المكامن النفسية لتتلاشى الحقوق الوجدانية في الشعب الليبي ويتحول إلى قطيع ينشد العلفة من الجمعيات الاستهلاكية وبس! لا تنتظر إلا زعيم يرمي لها بما يكفي لتأكل وتنام بداخل الزريبة.. وبصيغة أخرى حياة دودية! لذلك حرص على تعميق مفهوم القبيلة بحيث يستمر كراعي للزريبة فليس لأحد الحق في التفكير إلا هو. فالنمط المعاش للبدوي هو من يسأل عن "بناء العقل" الذي تخلص من تبعة "التفكير" وأحالها إلى "شيخ القبيلة" إذ هو يفكر بالإنابة عن الجميع ويقرر تاليا حتى بمصائر الأفراد في أخص أمورهم" [5]. ولقد رأينا كيف كان الدكتاتور معمر يزوج بعض الضابطات والراهبات الثورية للمسئولين في جماهيريته! ولنتخيل كم من الانكسارات النفسية التي ارتكبها الدكتاتور في حق من فرض عليهم وساخة فحشه وعهر سلوكياته بعد أن أصدر تعليماته للاغتصاب خلال حرب التحرير في فبراير. بل اليوم يتم الترويج لتنصيب شيوخ قبائل، أو ما شابههم، جدد يخلفون الدكتاتور معمر: السيد خليفة حفتر، الدكتور صادق الغرياني، والسيد محمد الرضا السنوسي. فيكفي أنهم جميعا يشتركون في التفكير نيابة عن الجميع!

الجميع ضاق ويلات التعذيب النفسي في ليبيا. بل تستغرب العذابات النفسية التي لاحقت الجميع حتى من ظنوا أنهم هربوا من قمع سجن جماهيرية معمر إلى الخارج! ولكن ظلت المشكلة مستمرة معنا في أننا بشر ولا يكفينا أن نأكل ونشرب وننام لأن عندنا مشاعر وجدانية تبتعد عن التثاقل إلى الأرض وترقى إلى فضاء السماء العلية تنشد الأيمان بالله والتحرر من يقود القمع والدكتاتورية.

القمع والكبت الذي عاشه الشعب الليبي قد يعطي مؤشرات أو ربما يشرح لنا أسباب انتشار أمراض السرطان المنتشرة على كامل الرقعة الجغرافية لليبيا. فقد أظهرت دراسة أمريكية بجامعة هارفارد بأن " 47% من الذين يفشلون في تعبير مشاعرهم عادة ما يموتون بسبب أمراض القلب، وأن ما نسبته 70% يتعرضون للوفاة نتيجة أصابتهم بمرض السرطان " [4]. وتستمر معنا أمراضنا النفسية بعد ليبيا الجماهيرية!

ترميم الانكسار النفسي:
صحيح أنه ومع انتفاضة 17 فبراير بدأ الترميم لبعض الكسور النفسية بإطلاق صحية الرفض والتمرد على القمع الذي مارسته جماهيرية القذافي على الشعب المغلوب على أمره! فأطلق الشعب الليبي العنان لكل وسائل التعبير عن الغبن والضغط النفسي الذي عانى منه وانطلقت الإذاعات المرئية والمسموعة تصدح معبرة عن معاناتها ورغبتها في العيش الكريم. ومع أنه لا توجد نفس ليبية إلا وذاقت ويلات القهر والانكسار النفسي والوجداني إلا أن فبراير فجرت بركان الغضب لتتطاير معه كل حمم وعلل الكبت التي عاشتها النفس الليبية لأربعة عقود. للأسف هذا العلاج الجزئي النفسي، وقبل أن يلملم جراحنا النفسية، صاحبته أعراض جانبية خطيرة فكانت الحرب الأهلية والتقسيم الاجتماعي الجائر للمجتمع الليبي بين ثوار وأزلام ومنتصر ومهزم .. فتفاقمت الأزمات النفسية وزادت طين التهجير بله لحالاتنا النفسية المجروحة!

الحرب الأهلية لها آثار نفسية حادة تنقسم إلى أمراض عصبية تتمثل في: القلق، الفوبيا، الإكتأب، الهستيريا، وعصاب الحرب الذي يعبر عنه بإعياء العركة أو صدمة القنبلة أو تعب العمليات. توجد أيضا أمراض ذهنية يعبر عنها: الفصام أو الشبزوفريليا، فصام الاضطهاد، الجنون الدوري، إضافة إلى الأمراض السيكوسوماتية (النفسية الجسمية) المتبطة بمختلف أجهزة الجسم الهضمية والتنفسية والتناسلية والهرمونات وغيرها. الكثير من الدراسات والبحوث أثبتت بأن "الأمراض العضوية في الكثير من الحالات سببها سببها أمراض نفسية تسمى تسمى في الطب العام "الأمراض النفس جسمية" [4].

فقد أكدت "البحوث التجريبية الطبية بأن الضغوط والشدائد النفسية وصراعات الجنس والقلق المستمر تؤدي إلى تغير في إفراز (الادرينا كورتوزون) والذي له دور في مقاومة جرثومة السل الرئوي" [1]. وما خفي كان أعظم. يعتبر الأطفال والنساء الحلقة الأضعف في حالة الحرب. فالآثار السلبية تتعدد في الانعكاسات النفسية والاجتماعية، والمعرفية وكذلك السلوكية. مما ينتج عنها القلق وأضرابات النوم ، والإكتئاب وقد تتطور إلى العدوانية. مما يتطلب مساندة الأطفال بالحوار والمرونة وتفهم التعامل مع الطفل عند نوبات الغصب، وعند الإنزواء [2].
لقد بات جميع الليبيين والليبيات في حاجة لمتابعة نفسية من قبل الأطباء النفسيين. فبالإضافة إلى العلاج الإكلينيكي والجسمي يحتاج أيضا للإرشاد النفسي والديني. وهنا تلعب الأنشطة الثقافية والبرامج الإعلامية الهادفة

تعميق الأزمة النفسية!
لم تتعظ بعض الأسر بويلات الحرب الأهلية في ليبيا وربما يرجع لبلاهة بعض أفرادها أو بعدهم عن معاناة الحرب ولكن .. الغريب أن ما يسمى "بالألعاب" وهي قنابل صوتية تحدث فرقعة لا تختلف عن القنابل والمدافع الحقيقية .. تدعي بعض الأسر في ليبيا بأن فرحتها في المناسبات الاجتماعية وحتى الوطنية والدينية لا تكتمل إلا بدفع مئات الدينارات بهدف إشعال قنابل صوتية والناس نيام ليتجذر الفزع والخوف في نفوس شيوخنا وأطفالنا وعجائزنا المضطربة والمهجرة!!! تجار كثر تغيب عنهم العملة الأجنبية لاستيراد المواد الغذائية والدوائية وتتوفر للألعاب النارية والقنابل الصوتية! أسر ليبية تشتكي نقص السيولة إلا أن من أن تتحصل على عذر لفرحة ألا وتقلب الحي إلى ساحة حرب بقنابلها الصوتية وشهب ألابها النارية!!!

يحرص بعض العملاء، ولو أدعوا أنهم ثوار أو أوصياء الله، لإحباط انتفاضة 17 فبراير بإعاقة الحياة اليومية عن قصد أو بدونه! الأزمات في ليبيا معظمها مفتعلة فكما أكدنا في مقالات سابقة عندما يكون الشعب الليبي أقل من 6 مليون لا يمكن أن يرقى عن انشغالات رئيس بلدية بأحدى الدول المجاورة لنا!!! فلماذا هذا الغياب المتكرر للخدمات وغلاء المواد الغذائية بالرغم من أن الصرف على الحكومة والسلاح لم يتوقف.

الخلاصة:
لا يدري الكاتب إلى أي حد يمكن أن ينطبق كلام الدكتور مصطفى حجازي [3] على تجار الحرب في ليبيا حين يقول: بأن " لب الشعور الاضطهادي هو التفتيش عن مخطئ يحمل وزر العدوانية المتراكمة داخلياً ، الإنسان الاضطهادي بهذا المعنى، لا يستطيع أن يكتفي بإدانة ذاته، إنه بحاجة لإدانة الآخرين ووضع اللوم عليهم الإنسان الاضطهادي يصاب بذعر لا يمكنه احتماله إزاء إمكانية شعوره بالذنب" [3]. لذلك نرى صناع الحرب في ليبيا يستمرون في قصف المدنيين في درنة وبنغازي، ويرفضون الاتفاق السياسي، ومآزرة البنيان المرصوص في حربهم ضد داعش، ومع ذلك يلومون الجميع ويستبعدون اللوم عن أنفسهم. والكاتب هنا يؤكد بأنه لا يمكننا الركض وراء وهم السيد حفتر بوجود بعض الإسلاميين المتطرفين في بنغازي ويعطي لنفسه المبرر للاستمرار في إلقاء البراميل المتفجرة على رؤوس المدنيين!

فالمسؤولية تقع اليوم على المخلصين من أنباء وبنات ليبيا بالمناداة بوقف الحرب والدعوة لإيقاد شموع العمل بالإخلاص والمثابرة والصبر للتحرر من نفق ظلام الظلم والاضطهاد والقهر النفسي. ولنأخذ في الاعتبار بأن هناك الكثير ممن يحتاجون إلى عون ومساندة وعلاج نفسي كالأطفال والنساء وكل من عاشوا رعب الدواعش في سرت .. علينا جميعا العمل علي توفير بيئة أفضل للأمل ولنبدأ يوقف المفرقعات النارية. ولنعلم أن كل من يقف عقبة في طريق تهدئة الوضع ويؤجج الوضع لاستمرارية الحرب الأهلية بالتأكيد مجرم حرب يعمل على تحطيم الكثير من الأنفس الليبية المتدمرة. تدر ليبيا تادرفت
أ.د. فتحي سالم أبوزخار
المراجع:
[1] علي عبدالرحمن الغوينم، " الحروب وأثارها النفسية على الإنسان"، الواحة - العدد (29)، 15 مارس 2011.
[2] وفاء أبو موسى، "الدعم النفسي للأطفال ضحايا الحروب ::""، الشبكة العربية للصحة النفسية الاجتماعية، مجانيين، 18/01/2009
[3] مصطفى حجازي،” التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور" المركز الثقافي العربي، 2015.
[4] تغريد السعايدة، " كبت المشاعر يؤدي إلى أمراض جسدية ونفسية"، حياتنا، 30 أكتوبر 2013 .
[5] خالد السيف، "بنية العقل البدوي وأغلال القبيلة"، الشروق، 29 مارس 2012.



#فتحي_سالم_أبوزخار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ويستمر كذب الدكتاتور معمر يلاحقنا!!!
- الصراع الثيوقراطي والعسكري في ليبيا
- انتصار اعتدال أحرار ليبيا وهزيمة تطرف فرنسا
- البنيان المرصوص ينتصر على داعش وكوبلر يتقهقر للقبيلة
- سرت بعد انتصار البنيان المرصوص على داعش
- أين نحن من شهادة العالم بانتصارات البنيان المرصوص ضد داعش؟
- ما بعد هزيمة داعش!
- العسكريون والفتوى والمثقفون يصنعون .. داعش
- نازحينا ومهجرينا أحق بمصاريف الحج من خزائن السعودية
- السياسة الليبية ..وعاهاتها اللبرالية والدينية والأمازيغية
- ما بعد النفعية للحرب الأمريكية على داعش
- داعش خارج دائرة المحرمات .. ودرنة الضحية
- السياسيون في ليبيا مع داعش والعالم
- السياسيين في ليبيا مع داعش والعالم
- الأمازيغية وتبادل أدوار الشعوب -الإسلامية- عليها
- لنستبشر بالأمن والسلام مع إطلالة 2016
- هل لعنة معمر القذافي ستلاحقنا بعد توقيع الاتفاق السياسي؟
- قراءة ايجابية لمسودة الاتفاق السياسي الخامسة الصادرة عن بعثة ...
- الأمازيغ وحوار غدامس 2


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي سالم أبوزخار - لكي لا ننسى الجماهيرية .. وعاهاتنا النفسية