أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل السابع3















المزيد.....

بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل السابع3


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5244 - 2016 / 8 / 4 - 15:20
المحور: الادب والفن
    


رأينا فاطمة. كانت تهبط الهضبة من سفحٍ توقف القصف فيه. حذرنا أبوها منها لأنها كانت تهوى اللعب بالنار. تحاشت نظرة أبيها، وأوضحت أنها كانت تعرف بعض الأشخاص، فوق، لا شيء غير. كاد أبو فريد يفقد عقله. اغتمت فريدة من الغضب. حدق بطرس فيها شاكًا. أما عبد السلام، فكان يداعب بنظرته قوامها الرشيق، غير مبال بردود فعل الآخرين.
- إنها جاسوسة، جمجم بطرس الأحمر بين أسنانه. خذ حذرك منها!
- لا تكن سخيفًا، استشاط القيادي الفلسطيني. إنها إلهة الحب والجمال.
في الوقت الذي كان فيه يقول ما قال، ارتاب في أمرها. طلب منه أن يراقبها بانتباه، وأن يأتيه بكل المعلومات عنها.
- واحدة مثلها، قال بطرس، من اللازم عليّ بيع أبي الدميم لأجيء بمعلومة عنها.
- بعه، رمى عبد السلام.
رافق فاطمة إلى الملاجئ: كانت تريد أن ترى أمها. لاحظ أنها كانت لا تبالي بما في عيني أختها من علامات الاستنكار، بما في عيني أبيها، بما في عيني بطرس، علامات استنكار كانت تتراقص في عيني الأبيض وأم الأبيض. أبدت اهتمامها به، وصرحت بكونها ضد الحرب. تظاهرت بالتعثر، فأعانها على الوقوف. اعتمدت على ذراعه، تحت ذريعة أن ألمًا كان في قدمها. أحس على جسده بجسدها الرقيق، وصفير الرصاص يرافقهما طوال الطريق. أعادت أنها كانت ضد الحرب لخوفها عليه. اقترحت أن تلعب دور الوسيط ليستطيع التوصل إلى اتفاق مع أبي أرز. كانت إذن جاسوسة بالفعل. وافق تحت ضغط ثديها على ذراعه. طلبت منه أن يوقف القتال وأن ينسحب حتى مواقعه القديمة. لم يوافق. كان يريد من رئيس الكتائب أن يدمر عمارات أكثر في منطقته، أكثر مما يفعل هو في منطقة رئيس الكتائب. نجا بجسده من جسدها. كانا قد وصلا الملاجئ.
في ملجأ تحت أرضي مليء بالأطفال، كانت أم فريد ونفر من النساء يعددن الطعام لنا نحن المقاتلون. حفر طفل حفرة، فنهرته أم فريد. كانت الحفرة تذكرها بالقبر. ذرفت العجوز الجنوبية دمعتين على كتف ابنتها ثم اقتربت من عبد السلام. سألته إن كان أبو المشارق هنا. "أبو المشارق يقاتل في المنطقة الصناعية"، أجاب. عندما عرفت، أعطته حَفنة من التبغ، شرط ألا يقول له شيئًا. شجعت فاطمة على البقاء معهم، على القتال مع أختها. لم تقل نعم ولم تقل لا. وصل الأبيض حاملاً دلوي ماء. رغم القصف الذي كان يزداد احتدادًا، أضاء الماء كل الوجوه.
لم يكن المجيء إلى الملاجئ سوى حجة لفاطمة. كانت تريد أن تجس نبضنا. كيفها معنوياتنا، كيفه صمودنا، وهل سنقاتل قتالاً طويل النَّفَس. كل هذا لتأكيد المعلومات الزائفة التي كان بطرس قد زود أبا أرز بها. سألتْ عبد السلام إذا كنا قد استلمنا الأسلحة الألمانية، فكذب مؤكدًا "استلمناها". تبدل لون وجهها، ورجته أن يتركها مع أمها. طمأن القائد الفلسطيني النساء، غير أنه حثهن على ادخار الطحين والحليب والماء، وعاد مع الأبيض إلى مواقع القتال.
أخذ عبد السلام بطرس الأحمر جانبًا.
- اذهب لرؤية أبي أرز حالاً، قال له. أخبره أننا استلمنا الأسلحة الألمانية.
- لكننا لم نستلم شيئًا، احتج.
- هذا فقط لتأكيد معلومة غير صحيحة ستنقلها فاطمة إليه.
- وما نفعنا من ذلك؟ وما نفعنا من ذلك؟ سأل وهو يلثغ.
- سيثق أبو أرز بك، وهكذا سيمكنك تعميق البحث عن معلومات بخصوصها.
- بخصوص من؟ بخصوص من؟ سأل من جديد وهو يلثغ.
- بخصوص فاتنة.
- بخصوص فاتنة؟
- بخصوص فاطمة، يلعن دين!
تردد بطرس ثم سأل:
- ومتى ستصل، الشحنة الألمانية؟
- الله وحده من يعلم.
عند سقوط الليل، جاء أبو المشارق. أمرته قيادة القوات المشتركة، على رأسها أبو الدميم، بالالتحاق بنا.
- ما هي أخبار أبي الدميم؟ سأله عبد السلام.
- جند "أَحْباته"، أجاب أبو المشارق.
كان عبد السلام يظنه مازحًا، فانفجر ضاحكًا.
- كما أقول لك، جند أَحْباته!
- وكمال الدرزي؟
- يدافع عن منطقته.
- ألم يقدم يد العون لتقي الدين؟
- في البداية قدَّم، ثم صعد إلى جبله ليتمترس فيه.
- وليدْعَمنا من الخلف.
- لصدفة لا لوطنية.
- فلتحيَ الصدفة إذن!
- والاشتراكية! صاح بصوته الغليظ.
- آه! نسيت أنه اشتراكي.
- اشتراكي قفاي!
- ماذا تعني؟
- عندما اندلعت الحرب، كان عليه أن يعد عدته لمواجهتها. لم يعد لدية الوقت لوضع عشرات أطنان الطحين الأمريكي في المخزن، تجارته كل يوم، فتركها للطبقات الفقيرة، بمقتضى مبادئه الاشتراكية!
- مجانًا؟
- هذا الطحين، سيبيعه تقي الدين، لا تقلق لهذا، ليشتري أسلحة يتقاسمها مع كمال الدرزي.
- الأسلحة، أنا من يعطيها للاثنين.
- يقول ليشتري أسلحة، ليلف المسلمين، شيعيين وسنيين، من حوله. وفي الواقع، لتذهب النقود مباشرة إلى جيبه، فلنقل إلى جيبه وإلى جيب القائد الاشتراكي. وليحارب، سيتمترس في الوجه المقابل للجبل الدرزي.
- وسيدْعَمنا من الأمام.
- لصدفة لا لوطنية.
- فلتحيَ الصدفة إذن!
- والإسلام! صاح بصوته الغليظ.
- ما شأن الإسلام في كل هذا، يا كافر؟ هل تعتبر نفسك أنقى الأنقياء؟
- نعم، أنا الأنقى، أنا الأوحد، أنا الأعرق!
راح يغني متغزلاً بفاطمة التي صادفها في الطريق، وهي تصعد جبل الأعداء. إذن لم تبق مع أمها. بدا أبو المشارق مفتتنًا بها. لو لم يكن في مهمة وطنية، لرماها على صخرة، وامتطاها كالفحل.
جاءت فريدة.
- الله! كم تشبه أختها! قال القيادي المتطرف وهو يدور حولها. كم تشبه أختها، أعاد وهو كله اندهاش، كم تشبه أختها! يا لي من أبله، فلم ألاحظ ذلك إلا الآن!
بلع ريقه، ولحس شفتيه، ولمس برعونة بندقيتها. طرده عبد السلام، وطلب من ابنة الجنوب السبب الذي جاء بها.
- ذهب بطرس دون أن يدري أحد إلى أين، قالت، موقعنا صار ضعيفًا، والرجال يحتاجون إليك.
أخذ يقصف باستبسال مواقع الأعداء. دمر مدفعه كل البناية المقابلة تقريبًا. كلما دمر طابقًا، كانت أصابعه ترتعش من الاغتباط. كان يحلم بجبال الإسمنت التي سيبيعها لأبي أرز. كان يريد فك شراكته معه بأي ثمن.
في الصباح الباكر، ونجمة بيروت كانت تنطفئ ببطء، والمقاتلون كانوا يتساقطون من التعب، اقتربت فاطمة من عبد السلام. كانت تريد محادثته. ابتعد معها إلى كوخ محطم، فارتمت بين ذراعيه، وراحت تبكي. أعلمته إلى أي حد كانت به معجبة، وهي تحاول سحب سلاحه منه.
- رآكِ أبو المشارق وأنت تصعدين هضاب العدو، قال لها.
أخبرَتْه عندئذ أن أبا أرز كان مغرمًا بها، لكنها كانت تحبه هو، عبد السلام، ولا أحد سواه. كانت قد ذهبت عند هذا الوحش لتعلمه بقطع كل علاقة لها به. عانقته طويلاً. ومن جديد، أعادت عليه ما قالته عن رعبها من حرب ستفقده فيها. اقترحت الضغط على أبي أرز ليوقف القتال إن أوقفها هو بدوره، وانسحب إلى مواقعه الأولى. كانت ترضيه بالقبل، بالسكر والنار، وكان يقاوم بسلاحها، ليرضيها. لكن المصير الذي كان يربطه بتل الزعتر أقوى بكثير من الكرز والعسل. إضافة إلى ذلك، كان متأكدًا من ضعف أبي أرز، وإلا لِمَ كل هذا الإلحاح على عودته إلى النقطة التي انطلق منها؟

يتبع الفصل الثامن...



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل السابع2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل السابع1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل السادس
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الخامس2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الخامس1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الرابع2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الرابع1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثالث2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثالث1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثاني2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثاني1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الأول3
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الأول2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الأول1
- بيروت تل أبيب كلمة الغلاف
- المؤتمر العربي العالمي فرنسا هذا لا يعنيك!
- المؤتمر العربي العالمي فرنسا سرقت فكرتي
- المؤتمر العربي العالمي إلى الحمير من المحيط إلى الخليج
- المؤتمر العربي العالمي المكتوب واليوتيوب
- المؤتمر العربي العالمي يا كتاب -الحوار- أين أنتم؟


المزيد.....




- -فنان العرب- محمد عبده يعلن إصابته بالسرطان
- ترام الإسكندرية و-أوتوبيس- القاهرة..كيف يستكشف فنان الجمال ا ...
- تردد قناة بطوط كيدز Batoot Kids 2024 بجودة HD وتابع أجدد الأ ...
- مسلسل المتوحش الحلقة 32 على قصة عشق باللغة العربية.. موت روي ...
- اخيرا HD.. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 ( مترجمة للعرب ...
- مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر قناة الفجر الج ...
- -من أعلام الثقافة العربية الأصيلة-.. هكذا وصف تركي الفيصل ال ...
- خطوة جرئية من 50 فناناً امريكياً وبريطانياً لدعم فلسطين!
- الفنان محمد عبده يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان
- مش هتغيرها أبدا.. تردد قناة وان موفيز “one movies” الجديد 20 ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل السابع3