أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الخامس2














المزيد.....

بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الخامس2


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5240 - 2016 / 7 / 31 - 16:10
المحور: الادب والفن
    


عاد أبو المشارق من جولة "التنظيف". عندما رأى التبغ بأيدينا غضب وصادره. أتى شباب ليقولوا له إن صاحبًا في نوبة سُعْر، يطالب بجرعة مخدر، فطردهم.
- كان يلزم إعطاؤه جرعته، قال القيادي الفلسطيني لأبي المشارق.
- هذا المخيم عرين أسد، هذا المخيم عرين أسد، ولبس ماخور خراء! صاح.
- لو كنت أعطيته جرعته، رد عبد السلام، لتكلف بمتراس وحده. تظن أنك ستغيرهم بين ليلة وضحاها؟
- أظن، نعم أظن! ومن لا يريد أن يتغير، ليس له مكان في المخيم.
اشتعل. كان عبد السلام يعرف أن لا فائدة من معارضته في تلك اللحظة.
- المخيم عرين أبي المشارق، صاح بأعلى صوته. أي نعم، عريني، أنا الأسد، يا "أَحْبِةْ" الخراء!
كم كان يُخَرِّي عندما يلح، هذا الممحون الثوري!
عاد الشباب راكضين. كانوا يبكون. أعلموا القائد الفلسطيني أن صاحبهم مات. حقن نفسه بالجير، فانسدت عروقه. لتأثير هذا الموت الغبي فيه، عزم عبد السلام على طرد أبي المشارق إلى حيث كان في معمل البسكوت. رفض أبو المشارق في البداية، وهدد بترك كل شيء، بالابتعاد عن هذه المخرأة. لم يكن ذلك من مصلحتنا. لكن لما تلاقت عيناه بعيني أم الأبيض، ظن أنه أمام العمة مريم، فأطاع.
جذب بكاء الشباب ابنة أبي فريد الثانية، فاطمة، فنظر إليها أباها كما ينظر إلى شبح.
- لا، ليست هي، لا، ليست هي، تلعثم. الثانية في أبعد مكان في الدنيا.
كان يظن أنه فريسة الهذيان.
- الثانية، تابع، لا تعرف ما تريد. تتردد بين الحلم السهل والحلم الصعب.
- عمن تتكلم؟ سأل عبد السلام.
- لا، لا شيء، أجاب، أنا أُخَرِّف قليلاً.
عندما تأكد من أنها بالفعل فاطمة، طلب كأس ماء، وعاد إلى حفر الخندق بصمت.
سقط عبد السلام بين براثن سحر فاطمة عليه، التهمها بعينيه، قامتها الرشيقة، وجهها الآشوري، عينا الحورية. كان يبدو عليه كل استعداد لمشاركتها حلمها الصعب.
أخبرت أباها أن الشاب المدمن الذي مات كان مثل أخيها، وكانت تريد الصعود إلى الأحراش لتجمع أكواز الصنوبر التي ستحرقها لأجل أن ترقد روحه المعذبة في سلام. نصحها أبوها بصوت مثقل بالمُضْمَرات أن تأخذ حذرها من بنادق أبي أرز، فطمأنته، غير أن الشك كان قد نبت في نفس عبد السلام. وإذا ما كانت لعبة جديدة من أبي أرز؟ فاطمة بعد برناديت! فاطمة بأمره جاءت لتغريه، لتدمره؟ رمته بابتسامة قبل أن تصعد. ربما كان مخطئًا. كان عليه أن يصعد معها ليحميها من رجال أبي أرز. هكذا في حالة إذا ما لم يستطع الدفاع عنها، سيمكنه على الأقٌل إثبات أنها لم تنتحر، وسيشن الحرب دون أن يكون مضطرًا إلى إخطار أبي أرز. لكن مغادرة أبي المشارق جعلت الأمور تجري بشكل آخر. رافقه عبد السلام إلى معمل البسكوت. في المرسيدس طبعًا. وكانت المفاجأة الكبرى، عندما تشق القيادي اليساروي سطرًا من الكوكايين قبل أن يرتمي بين أذرع العمال. ليهبط عليه الوحي، قال. كان يريد الغناء ورفع معنوياتهم. معنويات من؟ معنوياتهم أم معنوياته؟ حك جيتاره، وانطلق في تحليق غنائي:

في نهر الشمس اغتسلي
من عفن الأشواق المنتظرة
بالريح اتشحي بالزمن الأحمر
امتشقي سيف الثورة

أخبر العمال عبد السلام أن خسارة رب العمل كبيرة، وأنه هدد باستعمال القوة لفك الإضراب. رغم ذلك، لم يكونوا خائفين. كانوا مستعدين. أروه التحصينات. رددوا بلا كلل أنهم جوعى.
ذهب عبد السلام ليرى أبا الدميم، قائد القادة. كان يريده أن يعوض خسارة رب عمل معمل البسكوت.
- ريثما نستلم شحنة الأسلحة الألمانية، أوضح. نحن لا نريد أن يلجأ رب العمل إلى القوة ضد المضربين الآن. سيعني ذلك أن الحرب بدأت، ونحن لسنا بعد مستعدين لها.
- بنقودي، سلام سَلِّم، سلام سَلِّم، أستطيع إخضاع كل قوى العالم، تبجح أبو الدميم بصوته المبحوح.
ومشى الأمر. توقف رب العمل عن التهديد، لكن ذلك لم يكن يلائم أبا أرز. أخبرنا تقي الدين وكمال الدرزي أن رئيس الكتائب قد عاد يلوح بمسألة الأمن كجواب لمسألة الجوع، حتى أنه ذهب إلى قول إن العمة مريم تؤيده. كنا نعلم أنه يكذب، إلا أن العمة مريم لم تفتح فمها، ولم تتفضل بالمجيء عندنا لتفند ادعاءاته أو لتؤكد أنها تلعب فقط دور "المسيحية" معه، وأن ذلك لن يذهب إلى أبعد، فواصل الرئيس الكتائبي حملته حول مسألة الخراء الأمني. لم يكن ذلك سوى غطاء يخفي تحته دوره في الحل الأمريكي: ضرب حركة المقاومة بيد الكتائب فيكون إنقاذ نظام الامتيازات.
- اتركوا لي أبا أرز، قال عبد السلام لحلفائه.
رد الدرزي:
- يجب التحرك بسرعة. أبو أرز لا يحلم فقط بمد سوره وسط حيه، لكن أيضًا حول كل لبنان.
- الأمر عاجل جدًا، قال تقي الدين.
- لا، ليس عاجلاً إلى هذه الدرجة، قال القيادي الفلسطيني دون أن يأبه بهم.
- تقول ليس عاجلاً إلى هذه الدرجة! طَنَّ تقي الدين.
- أقول ليس عاجلاً إلى هذه الدرجة، اكتفى بالإعادة. برهاني على ذلك العمة مريم التي لم تظهر. إذن فلنترك أبا أرز وَأَحْبِةْ حَجَرِ شطرنجِهِ يحلمان ما شاء لهما. لنتركهما ينبحان ما رغبا.
ذهبوا عند أبي الدميم بصحبة بعضنا. "الأحسن"، حدد عبد السلام. أخذ كل واحد منا عاهرة ونارجيلة، وانعزلنا واحدًا أو أكثر في غرفة من غرف حريم "السلطان" الثوري.

يتبع الفصل السادس...



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الخامس1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الرابع2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الرابع1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثالث2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثالث1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثاني2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثاني1
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الأول3
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الأول2
- بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الأول1
- بيروت تل أبيب كلمة الغلاف
- المؤتمر العربي العالمي فرنسا هذا لا يعنيك!
- المؤتمر العربي العالمي فرنسا سرقت فكرتي
- المؤتمر العربي العالمي إلى الحمير من المحيط إلى الخليج
- المؤتمر العربي العالمي المكتوب واليوتيوب
- المؤتمر العربي العالمي يا كتاب -الحوار- أين أنتم؟
- المؤتمر العربي العالمي انعقاده في 5 حزيران
- المؤتمر العربي العالمي
- النظام العالمي
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني النص الكامل


المزيد.....




- راغب علامة يسعى لاحتواء أزمة منعه من الغناء في مصر
- تهم بالاعتداءات الجنسية.. فنانة أميركية تكشف: طالبت بأن يُحق ...
- حمامات عكاشة.. تاريخ النوبة وأسرار الشفاء في ينابيع السودان ...
- مؤلَّف جديد يناقش عوائق الديمقراطية في القارة السمراء
- الأكاديمية المتوسطية للشباب تتوج أشغالها بـ-نداء أصيلة 2025- ...
- 5 منتجات تقنية موجودة فعلًا لكنها تبدو كأنها من أفلام الخيال ...
- مع استمرار الحرب في أوكرانيا... هل تكسر روسيا الجليد مع أورو ...
- فرقة موسيقية بريطانية تقود حملة تضامن مع الفنانين المناهضين ...
- مسرح تمارا السعدي يسلّط الضوء على أطفال الرعاية الاجتماعية ف ...
- الأكاديمي العراقي عبد الصاحب مهدي علي: ترجمة الشعر إبداع يوط ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الخامس2